عندما نتحدث عن الأفلام المقتبسة عن شكسبير فنحن نتحدث عن قائمة طويلة من الأفلام الجيدة، فشكسبير لم يُغيّر مفهوم المسرح فحسب، لايزال صانعوا الأفلام حتى يومنا هذا يستفيدون من أفكاره ومسرحياته، سواء كانت الأفلام عبارة عن اقتباس مباشر للمسرحية مثل The Merchant Of Venice وHamlet وHenry V، أو اقتباسات غير مباشرة ستتفاجأ أنها مستوحاة من مسرحيات لشكسبير مثل The Lion King وRan وWest Side Story.
يمكننا القول أن أغلب هذه الاقتباسات كانت ناجحة، وآخرها كان فيلم Macbeth الذي حتى لو لم يصل للمستوى المطلوب، استطاع أن يكون اقتباساً مخلصاً للمسرحية.
عدة مخرجين مهمين حاولوا تحويل مسرحية “مكبيث” إلى فيلم منهم أورسن وليز ورومان بولانسكي لكن أفلامهم لم تُحدِث ضجة كبيرة، بينما الفيلم الجديد استطاع المنافسة في مهرجان “كان” ونيل مديح النقاد، لكن مشكلته أنه موجه بشكل أساسي لمن قرأ المسرحية، فلم يتعمق بمشاعر الشخصيات وصراعهم النفسي وترك من قرأ المسرحية متأثراً أكثر ممن لم يقرأها.
لمن لم يقرأ المسرحية: فيلم Macbeth يتحدث عن مكبيث فارس نبيل معروف بقوته وبسالته، وبعد فوزه بمعركة مهمة يقرر الملك مالكولم زيارته لتكريمه على جهوده في الدفاع عن المملكة، لكن مكبيث يُصادف ثلاث ساحرات يقنعنه بفكرة مجنونة أنه سيصبح هو الملك، زوجته الليدي مكبيث تعجبها هذه الفكرة وتبدأ بإقناع مكبيث بتنفيذ خطتها الشريرة التي ستجعل من مكبث ملكاً لاسكتلندا.
الفيلم جيّد لكن مسرحية “مكبيث” ليست مسرحية رائعة، فمن الطبيعي ألّا يكون الفيلم رائعاً.
جاستن كرتزيل المخرج الصاعد الذي أخرج الفيلم، قام بعمل جيد جداً، ومهمة تحويل مسرحية أيقونية مثل “مكبيث” لفيلم ليست بالمهمة السهلة، فأن تقنع ملايين البشر ممن قرأوا المسرحية برؤيتك الخاصة لها أمر يتطلب موهبة عظيمة، وهو لحسن الحظ أمر يمتلكه كرتزيل.
تم تصوير القلاع والجيوش بطريقة جيدة، وإظهار مناظر طبيعية رائعة في الفيلم من غابات وجبال، وأحد أهم التفاصيل التي تميّز الفيلم هي تصميم المعارك، خصوصاً المعركة الأخيرة رغم أنها لم تعتمد على أعداد كبيرة من المؤديين (وذلك غالباً للتخفيف من الميزانية)، احتوى الفيلم على لقطات وتكنيكات إخراجية رائعة، وتم استغلال التصوير بأفضل شكل ممكن.
نصّ الفيلم ليس سيئاً لكن للأسف لم يكن من نقاط قوة الفيلم، اقتباس مسرحية كتبت من حوالي أربعمئة عام ليس أمراً سهلاً، لكن كان يمكن القيام به بشكل أفضل، المسرحية قصيرة ولا تحتوي على الكثير من الأحداث، فكان يمكن إضافة حبكة أو اثنتان للفيلم كي لا يشعر المشاهد بملل خصوصاً لمن لم يقرأ المسرحية، تم تغيير النهاية بعض الشيء بطريقة درامية خدمت الفيلم كثيراً، والمشهد الأخير حمل أبعاداً عميقة لكن بالطبع لن نناقشها كي لا نحرق الأحداث لمن لم يشاهد الفيلم.
الأداء التمثيلي كان خارقاً للعادة، مايكل فاسبندر الذي رغم عدم فوزه بجائزة الأوسكار لأفضل ممثل هذا العام استطاع تقديم ثلاث أدوار رائعة في عام 2015 في فيلم Macbeth وأيضاً في Slow West وSteve Jobs، وأثبت في كل فيلم منهم قدرته على تقديم أدوار متنوعة بشكل مبدع في كل مرة، ولم يشعرنا فقط أنه مناسب ليلعب شخصية أدبية مهمة مثل “مكبيث” بل أشعرنا أنه ولد ليلعب هذا الدور، ولحسن الحظ سنرى الكثير من هذا الممثل في السنوات القادمة، وفي عام 2016 سيقوم بدور البطولة في الفيلم المنتظر The Light Between The Oceans مع صديقته الحائزة على جائزة الأوسكار أليسيا فايكاندر.
ماريون كوتيارد الحائزة على جائزة أوسكار دائماً تختار أعمالها بعناية بالغة، واختيارها المشاركة في هذا الفيلم كان قراراً موفقاً للغاية، علماً أن نتالي بورتمان كانت الخيار الأساسي للدور، لكن أظن أن كوتيارد ناسبها الدور أكثر، لم تظهر كثيراً في الفيلم، لكن في مشهد الاعتراف الذي دام ثلاثة دقائق متواصلة دون توقف قدمت أداءً تمثيلياً مدهشاً، وأثبتت أحقية اختيارها لهذا الدور.
شارك في الفيلم ممثلين بريطانيين مهميين، منهم شون هاريس الذي قدّم دوراً مميزاً واستطاع لفت الأنظار، ولا أعلم صراحة لما ممثل موهوب مثله لا يشارك في أعمال كبيرة ومهمة لكنه لحسن الحظ هذا العام سيتعاون مع فاسبيندر مرة أخرى في فيلم Trespass Against Us.
دافيد ثوليس الذي يعرفه البعض من مشاركته في سلسلة أفلام “هاري بوتر” قدّم رغم وقته القليل على الشاشة أداءً جيداً، وقام بادي كونسيدين بدور “بانكو” الدور الذي تم اختصاره بشكل كبير مما أثر سلباً على الفيلم مع أن كونسيدين استطاع تقديم أداء جيد.
في الواقع أهم ما في الفيلم أنه لمحة عن مستوى الفيلم المنتظر بشدة Assassin’s Creed، المقتبس عن لعبة فيديو بنفس الاسم والذي سيصدر نهاية هذا العام، لأن الفيلم سيضم ثلاثي Macbeth المخرج جاستن كرتزيل، مايكل فاسبيندر وماريون كوتيارد، ونجاحهم في فيلم Macbeth يعطينا الأمل بنجاح Assassin’s Creed.
رغم أن الأفلام المقتبسة عن العاب الفيديو غالباً ما يكون مستواها سيء ومخيّبة للآمال، لكن يبدو أننا سنرى شيئاً مختلفاً هذا العام، وحسب تصريح فاسبيندر الفيلم سيكون فلسفياً ويشبه فيلم Matrix إلى حدٍ ما، والميزانية الكبيرة في الفيلم ستساعد على صنع مؤثرات بصرية جيدة وتصميم معارك أفضل.
سيقوم آدم أركابو مصور فيلم Macbeth بتصوير Assassin’s Creed أيضاً، المصور الذي قام بعمل جيد في تصوير فيلم Macbeth وهو الفائز بجائزتي “ايمي” أحدهما عن تصويره للمسلسل الرائع True Detective.
تريلر فيلم MACBETH
المصدر
www.arageek.com