الأم هي رمانة الميزان وأحد أهم دعائم الاسرة في كل زمان. لذلك لم يغفلا السينما والتلفزيون المصريّ ذلك الدور العظيم للأم وتناولته بكل أشكاله، سواءً كان إيجابياً أو سلبياً على حد سواء.
ولنبدٲ عزيزي القارئ باستعراض أهم من جسدن دور الأم وبرعن في تقديمه، تاركات بصمة وأثر في قلب وعقل المشاهد.
أحببت أن أبدأ بنموذج الأم القوية الشخصية، وخير من جسدته على شاشة التليفزيون، كانت الراحلة القديرة “هدى سلطان” في شخصية “فاطمة تعلبة” للكاتب العظيم الراحل “خيري شلبي” والتي كانت شخصية حقيقة عاصرها الكاتب نفسه واحبها وقدمها في روايته التي تحوّلت إلى مسلسل درامي من أنجح ما يمكن “الوتد “.
“فاطمة تعلبة” شخصية لها من الحكمة والقوة ما استطاعت به أن تحافظ على أسرتها وتكسب احترام وهيبة الكبير قبل الصغير.
يبدو أن السيدة “هدى سلطان” برعت في تقديم الشخصية القوية ذات التأثير، فقدّمت لنا نموذج مشابه في مسلسل لا يقل شهرة ونجاح عن “الوتد” وهو مسلسل “ارابيسك” فتٲلقت في دور “ٲم حسن” المُحبّة لأبنائها وتريد لهم زيجات تكون راضية عنها؛ بغض النظر عن رغباتهم، مستخدمة في ذلك كل الحيل الممكنة.



ننتقل لشخصية اخرى وعلامة من علامات السينما المصرية، الأم التي تشبه كثيرات في مجتمعاتنا العربية في فيلم “ٲم العروسة” والتي جسّدتها ببراعة منقطعة النظير الرائعة “تحية كاريوكا” الأم التي تهوى الإنجاب والعزوة.
لديها من الأبناء سبعة أكبرهم عروس، فيضطر الأب لاختلاس مبلغ من عهدته حتى يجهزها كما يليق؛ بضغط من الأم التي تريد أن تأتي لابنتها بأحسن جهاز، غير مُقدّرة لقدرات زوجها المادية البسيطة، ولكن عندما تعرف ما فعله وانه سيتم القبض عليه تنهار باكية غير مصدقة.



كما جسّدت السيدة “تحية كاريوكا” نمطاً آخراً مختلف للأم وذلك في شخصية “نعيمة ٲلمظية” في فيلم خلي بالك من زوزو” تلك الأم التي ترى أن مستقبل ابنتها الوحيدة سيكون في كباريهات شارع الهرم كراقصة محترفة، حيث المجد والشهرة والمال علي عكس ابنتها الطموحة التي تريد أن تنتهي من دراستها بالجامعة وتعمل عملاً يليق بشهادتها.
ولكن يحدث التحول عندما يخذلها حبيبها ابن الطبقة الراقية فتنصاع لرغبة امها ولكن سرعان ما تتحول فكرة الأم بعد حلم قصير رأته، لتصحو منزعجة وتغيّر تفكيرها تماماً خوفاً علي ابنتها من مستقبل غامض مليء بالمخاطر، ويساعدها في تحقيق ذلك حبيب ابنتها المتمسك بحبه لها ضارباً بالتقاليد عرض الحائط.
أما نموذج الأم التي توفي عنها زوجها “الأرملة” وتحملت هي مسؤولية الأسرة والابناء، فلقد قدمته الفنانة الجميلة “عقيلة راتب” أكثر من مرة وبشكل محبب للقلب في أكثر من عمل، نذكر منهم:
فيلم “ليلة الزفاف” وفيه تريد أن تزوج ابنتها من طبيب كوالدها الراحل وتنجح بالفعل في نهاية الأمر بعد الكثير من الحيل، وكذلك في فيلم “لا تطفئ الشمس” ولكن هنا تستعين بشقيقها في مراعاة مصالحها هي وأبنائها.
أخيراً دورها في فيلم “عائلة زيزي” وأيضاً تلعب دور الأرملة التي لديها أربعة من الأبناء ولا يعجبها حالهم جميعاً وتظل طوال الفيلم تردد كم من البلاء تعانيه ولا أحد يشعر بها وينصفها، ولكن بنهاية الفيلم تتحسن الأوضاع وينصلح حال أبناءها بعد أن يمرّ كل واحد منهم بتجربة شخصية تغيره للأفضل.



نأتي الآن لنموذج الأم التي تفسد أبنائها بالدلال الزائد عن الحد وخير من جسدته على المسرح والتليفزيون السيدة “كريمة مختار” فمن منا لا ينسى دورها في مسرحية “العيال كبرت”، ولكن الدور الذي صار علامة في تاريخها هو دور “ماما نونا” في المسلسل التليفزيوني “يتربى في عزو” التي أفسدت “حمادة” ابنها الوحيد، ذو الستين عاماً بتدليلها المفرط له ومعاملتها له وكأنه طفل لا يستغني عنها في كل صغيرة وكبيرة.
فكانت النتيجة أن صار أباً فاشلاً لا يعرف شيئاً عن أبناءه، منساق وراء نزواته العاطفية. لينقلب حمادة رأساً على عقب بوفاتها واحساسه بأنه السبب فيما حدث لها.



نختتم بأجمل وأحن نموذج للأم في السينما المصرية من وجهة نظري المتواضعة التي اعتقد انك عزيزي القارئ ستؤيدني فيها، الراحلة الحنون السيدة “فردوس محمد” التي ما أن تظهر علي الشاشة حتى تشعّ حناناً وحُبّاً يصلك ويدغدغ مشاعرك وتتمنى أن تكون هي أمك في عالم آخر موازٍ.
“فردوس محمد” ولمن لا يعلم كانت يتيمة الأبوين منذ الصغر إذ توفي والديها في حادث وتبرعت إحدى القريبات برعايتها، وحتى عندما تزوجت لم تنجب ومع ذلك أثرت الشاشة بتجسيدها لدور الأم الحنون المعطاءة في أغلب أدوارها السينمائية سواء أكانت أماً أم مربية.



المصدر
www.arageek.com