أيدلوجيات الأحزاب السياسيةفي البدأ لابد لنا من مدخل تعريفي وتثقيفي لمعنى الايدلوجيا ليتسنى لنا الخوض في غمارها ..
تناقض في النظريات ... وتشابه في التطبيق!!
========================&&&&&&==================== ==
الإيديولوجيا :- هي علم الأفكار وأصبحت تطلق الآن على علم الاجتماع السياسي تحديدا ومفهوم الإيديولوجيا مفهوم متعدد الاستخدامات والتعريفات؛ فمثلا يعرفه قاموس علم الاجتماع بمفهوم محايد باعتباره نسقا من المعتقدات والمفاهيم (واقعية وعيارية) يسعى إلى تفسير ظواهر اجتماعية معقدة من خلال منطق يوجه ويبسط الاختيارات السياسية / الاجتماعية للأفراد والجماعات وهي من منظار آخر نظام الأفكار المتداخلة كالمعتقدات والأساطير التي تؤمن بها جماعة معينة أو مجتمع ما وتعكس مصالحها واهتماماتها الاجتماعية والأخلاقية والدينية والسياسية والاقتصادية وتبررها في نفس الوقت.
وفي تعريف اخر ..الإيديولوجيا :- هي منظومة من الأفكار المرتبطة اجتماعيا بمجموعة اقتصادية أو سياسية أو عرقية أو غيرها، منظومة تعبر عن المصالح الواعية -بهذا المقدار أو ذاك- لهذه المجموعة، على شكل نزعة مضادة للتاريخ، ومقاومة للتغير، ومفككة للبنيات الكلية. إن الإيديولوجيا تشكل إذن التبلور النظري لشكل من أشكال الوعي الزائف.
وقالوا ايضاً ..ان الايدلوجيا مصطلح لاتيني في الأصل يعني علم الأفكار ، وكشيء مقابل للعالم المحسوس وربما مناقض له ، وعند ماركس يعني مجموعة الأفكار والمعتقدات التي تسود مجتمعا بفعل الظروف الاقتصادية والسياسية القائمة . وفي علم الاجتماع ، عند (مانهايم ) مثلا يعني الأسلوب في التفكير ، وفرق بين الأيديولوجيات (المحددة) لفئات صغيرة معنية ، تعبر عن سعيها وراء مصالحها الضيقة . والأيديولوجيات (الشاملة) التي هي التزام كامل بطريق الحياة .. ومنهم من عرَفها بأنها دين علماني .. ومنهم من عرَفها كنظام لتفسير الظواهر ، كطريقة لتسهيل فهمها للفئات الاجتماعية المعنية . أما الشيوعية المعاصرة فتعرِفها على أنها تعكس الوعي على حقائق الصراع الطبقي .
ويمكن القول أن الأيديولوجية ناتج عملية تكوين نسق فكري عام يفسر الطبيعة والمجتمع والفرد مما يحدد موقفا فكريا و عمليا لمعتنق هذا النسق الذي يربط و يكامل بين الأفكار في مختلف الميادين الفكرية السياسية والأخلاقية والفلسفية ، ولا يعني ذلك اتخاذ موقف مطلق و جامد من الظواهر الاجتماعية التي هي بطبيعتها متحركة و متطورة .
وبأختصار شديد فأن الايدلوجية هي مجموعة الآراء والأفكار والعقائد والفلسفات التي يؤمن بها شعب أو أمّة أو حزب أو جماعة.
وبما اننا نريد الخوض في ايدلوجيات الاحزاب السياسية لابد لنا من تسميات وامثلة لهذه الاحزاب وخصوصاً اننا في العراق قد مرت بنا في تاريخنا الحديث وبالاخص بعد استقلال العراق ولغاية يومنا هذا .. حيث اننا جربنا جميع انواع الاحزاب تقريباً وخصوصاً ما بعد 2003 لحد الان تجلى واضحاً التطبيق العملي لأيدلوجيات الاحزاب السياسية الدينية التي كانت محبوسة في الاوراق والكتب الممنوعة ..!!
لقد مر العراق بعكس دول المنطقة بكل تجارب الاحزاب تقريباً ... وطبق جميع الاحزاب تقريباً نظرياتهم السلطوية حينما وصلت زمامها بايديهم .. ومن المعروف ان الشعب العراقي شعب غير مستقر ولا يقبل المكوث على رأي او فكر واحد ..!! وهذا الامر سلاح ذو حدين (كالدواء) فمن الناحية الايجابية يدل على ان العراقي كثير التفكير والتفكر .. ومن الناحية السلبية يدل ان هذا الشعب (العراقي) مزاجي الاختيار ينصاع بسرعة ويثور ببطئ ..وان ثار فأن ثورته تخفت بسرعة ويمتص غضبه من مناؤيه ..!! وهنا يحضرني المثل الشعبي العراقي (لا يعجبه العجب ولا الصوم برجب) .. وقد ورد في الاخبار عن (نوري السعيد) الوصي في العهد الملكي انه في احد الايام دخل عليه احد اعوانه من موظفيه قائلاً : (سيدي العراقيين طلعوا مظاهرات) !! .. وكان هو ( نوري السعيد) بيده قرص من النوع الفوار( فيتامين سي او فوار للمعدة ) وامامه قدح من الماء فأجبه ببرودة اعصاب : ( العراقين مثل هذا الفوار بسرعة يهيجون وبسرعه يخفتون) ..!!
المهم فان العراق جرب كل انوع الاحزاب الى يومنا هذا .. وكلما انقضت مدة وانقلب عهد جاء اسوء منه فقام العراقيون بالبكاء على العهد السابق فهم بكوا على العهد الملكي ومن بعده على العهد القاسمي وبعده على العهد العارفي واليوم يبكون على العهد البعثي والصدامي ..!! وهذا الامر ومن باب التجارب السابقة والامثلة من الامم الماضية التي عاشت على هذه البقعة من الارض الغير مستقرة التي تسمى العراق نرى كأن الامر من مواريث الاجدد ..!! فهم (العراقيين) من ساعد (النمرود) بتحضير الحطب والنار التي احرقوا بها ابراهيم الخليل عليه السلام ..!! وحتى بعد ان جعلها الله تعالى (برداً وسلاماً) وخرج منها ابراهيم الخليل سالماً لم ينصروه بل تركوا (النمرود) يهجره وينفيه ..!! والا لماذا لم يدعُّ ابراهيم الخليل للعراق وهو ابن العراق بدعاءه الذي دعى به في الحجاز (اللهم اجعل هذا البلد آمناً) ..؟!!! ولماذا يتباهى العراقيون بان ابراهيم الخليل عراقياً وهم الذين حرقوه وهجروه ؟!!! ومن تاريخ هذه الارض (العراق) فأن المتتبع لابد ان يخرج بحصيلة ان ما يجري اليوم هو من الصفات الوراثية او كما يقول علماء الوراثة فهو في الكروموسومات والصبغة الجينية !!! بنظرة خاطفة تجد ان اهل (العراق) اصحاب ردود افعال عشوائية وعاطفية .. وذوو افكار متباينة ومزاجات تتغير بسرعة... ولهم توجهات متناقضة فترى البيت العراقي يحتوي على (المتدين والعلماني والليبرالي ) وكل يوم يتغيرون وتتبدل افكارهم واراءهم في نفس البيت وتتبدل الادوار..!!
لذلك فان هذه الارض (العراق) كانت مرتعاً للتجارب السماوية والدنيوية فأن اكثر الانبياء والاولياء والصالحين واصحاب المذاهب والملل كانوا هنا ..!! وان اهم الافكار والايدلوجيات السياسية والتجارب الحزبية كانت هنا ايضاً ..!!
ففي العراق وبالتحديد في تاريخه المعاصر حصراً بعد الاحتلال البريطاني ونهاية العهد الملكي بدأت تجربة الاحزاب ورغم قصر فترة حكم (الزعيم عبدالكريم قاسم) الا انها كانت فترة تمخضت فيها جميع انواع الايدلوجيات تقريباً فبدأ بالحكم العسكري وجرب العسكر واختلف مع اصحابه من اجل العراقيين .. ثم ركن الى المتدينين ومرجعية النجف واختلف معهم .. ثم سلم السلطة للشيوعيين فكانوا لا يقلوا بطشاً في التعامل مع اعداءهم ومخالفيهم بالرأي.. ثم القوميون فكان(الحرس القومي) لا يقل بطشا ... فالبعثيون و (الجيش الشعبي ) اعتى سطوة ...فالصدامييون و (الفدائيون) وهم اشرس وانجس .. واليوم نعيش في ظل الاحزاب الدينية لتطبق لنا نظريتها الايدلوجية في الحكم واذا بها ظهرت انها اكثر همجية واعظم فساد وبيع للأنسان والوطن ...!!
اثبت العراق انه ارض مختبر للتجارب وان شعبه ادوات تطبق عليها هذه التجارب فقد حمل الانسان العراقي كل انواع الايدلوجيات وسار ولا زال يسير مناصراً لها بل انه لا يستطيع العيش من دونها ...!! والسنوات الاخيرة اكبر دليل على اننا (العراقيون) مازلنا (فئران) لهذه التجارب والايدلوجيات .. فنحن اكثر امة في الارض تشتتاً وتفرقاً وتحزباً و (كل حزب بما لديهم فرحون) قسمونا الى ثلاث ملل (الشيعة والسنة والكرد) وفي كل ملة من هذه الملل والنحل فروع لا تعد ولا تحصى وظاع بيننا الوطن (العراق) .. ولا زالت الايدلوجيات المبتكرة والمستوردة تطبق علينا نظرياتها ولا زلنا ادوات لتجاربها ونحن مستمرين في مناصرتها وكل يوم تظهر لنا (صرعات ايدلوجية ) جديدة ..!!
لذا فعلينا نحن العراقيون بالخصوص ان نعي ونتعلم ونعرف انه لا فرق بين الايدلوجيات الحزبية والسياسية مهما كان نوعها الا في نظرياتها وكتبها وتنظيراتها التي كانت تصورها لنا على انها المنقذ وانها مفتاح سعادة الانسان فكم مسكين ذهب ضحية لهذه النظريات وخسر حياته وكم مغرر به تحمل آهات السجون وذل المطاردة ...!! فالشيوعية تشبه القومية والقومية تشبه البعثية والبعثية تشبه الصدامية والصدامية لا تختلف عن جميع الاحزاب الدينية والاحزاب الدينية اثبتت انها جميعا دون استثناء (داعشية) ..!! وان كانت تتسير في تطبيق نظرياتها بطريقين الاول داعش الارهاب والقتل والاخر داعش الفساد والقتل ايضاً ..!!
==============*************===========
السائح اذار 2016