عقلية الفنان.. وتبعيّة الفن!
بدايةً..
فالهدف من هذا المقال تحقيق الجانب البنائي اعتمادًا على بعض الملامح النظرية التي قد تشكل فارقًا في أسلوب الفنان وتعامله مع تصميمه.
ومن أي منطلق سار المصمم وإلى أي وجهة قصد في بناء تصميمه؛ فذاك التصميم لا يحقق مبتغاه إلا بمبادئ أساسية شاملة سُقتها قاصدًا من كلام رسول الله -عليه الصلاة السلام-؛ وهو مناط هذا المقال..
هذه المبادئ المقصودة هي
#الجمال:
قال رسول الله: (إن الله جميل يحب الجمال)!
وهو مبدأ أساسي وشامل يمّكن من تحقيق الإبداع في التصميم
#الإتقان:
قال رسول الله: (إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملًا أن يتقنه)!
وهذا المبدأ تجد أنه يتضمن تحقيق مبادئ التصميم والتقنيات المختلفة واللمسات الاحترافية.
#الرفق:
قال رسول الله: (إن الله يحب الرفق في الأمر كله)!
وهذا المبدأ يفيد المرء في تحليل التصميم وحسن إخراجه وترتيب عمله بتحقيق الرويّة في ذلك كله.
والحظْ معي أن: الرفق أساس يؤدي إلى الإتقان، والإتقان سبيل لتحقيق الجمال!
أمريكا والصين وروسيا أنموذجًا!
بمطالعة الأعمال الأمريكية والأوروبية -ضمنًا-: نجد أن الشخصية الأمريكية تسعى إلى التأني في أعمالها وتحقيق مبدأيْ -الرفق والإتقان- مع إهمال لمبدأ “الجمال” يكاد يكون ملحوظًا عند مقارنة تلك الأعمال بالأعمال الروسية.
ولكن يبقى أن تلمح -برغم هذا النقص النوعي في الإنتاج- أن مختلف الفنون تكون نشأتها أمريكية؛ فضلًا عن نشأة البرامج -المعروفة سلفًا-.
ولذا وقبل الانتقال إلى النقطة الثانية لابد وأن تعلم أن هناك مَن لا يزال -للأسف- رائدًا ومحتفظًا بثقافة مؤثرة على الغير ومشكلةٍ للوعي ومحددةٍ لسير مجالات التصميم!
لمحة: #العقلية_الأمريكية عقلية تسعى إلى نشر هيمنتها وإلى أن تصبح ذات أفضال على غيرها
وبالانتقال إلى النموذج الصيني؛ فإنك تفاجأ بالإنتاج الكبير لهذه الدولة؛ ولعل العدد السكاني يكون ذا تأثير؛ ولكن الأساس الذي أعتقد أنه منبع هذا الانتاج -بعد ثقافة الشعب- هو كثرة المؤسسات التعليمية الراعية للفنون في الصين.
أما من ناحية جودة المنتج فإنك تلمح فيه جمالًا ولكن -يفتقد للاتقان نوعًا ما- وتلمح فيه تغاضيًا كبيرًا لمبدأ الرفق؛ ومثالًا على ذلك فإنك تجد أن درساً بالإنجليزية يكون نحواً من 20 دقيقة يكون مثيله بالصيني في نحو 10 دقائق!
ولعل هذا له علاقة بعقلية الصيني المنتجة؛ والتي تسعي للمزيد والمزيد مما جعل المنتج الصيني يتميز بنمطين رئيسيين (التقليد الجيد للمنتجات الأخرى + ردائة في المنتج “المقلَّد” تجعله لا يصل لمستوى المنتج الأصلي)!
ولعل مما يلفت الانتباه في ذلك أنك قد تجد أن الدروس التعليمية في بعض المواقع الصينية تنقسم إلى (original): وهي الدروس المنقولة من مصادرها الأصلية؛ وإلى (copy): وهي دروس مقلّدة للدروس الأجنبية!
لمحة: #العقلية_الصينية عقلية منفتحة على مثيلاتها، ترضى بالتساوي مع إنتاج غيرها؛ مع وجود انغلاق أو قل: محافظة على الثقافة!
أما بالنسبة للعقلية الروسية؛ فإنك تجد أنها أكثر العقليات هنا تحقيقًا لمبدأ الجمال والإتقان مما جعلهم يتصدرون مجالات تصميم عدة مثل: مجاليْ تصميم الأيقونات والموشن جرافيك؛ ولكن الملمح المهم والنقص الواضح في أعمالهم هو أن منطلقهم وثقافة أعمالهم تابعة لثقافة غيرهم -الأمريكية أقصد- رغم محاولات الاستقلال الواضحة.
ولعل السبب في ذلك أن كثيرًا من المصممين الروس يصلون إلى مستوى عالٍ من الاحتراف يجعلهم يترفعون عن تعليم غيرهم من “الروس”؛ فيلجأون -اضطرارًا- إلى الدروس الإنجليزية ليتعلموا منها!
ولذا تجد النقص الشديد في الدروس التعليمية الروسية وإذا ما لمحت درسًا فإنه لا يكون شرحًا بقدر ما يكون توضيحًا للتصميم؛ بل إذا ما وجدت ما يبلي حاجتك كـ”روسي” فإنه يكون ذا ثمن!
حتى أن مدرسة روسية -لتعليم إحدى مجالات التصميم بشكل احترافي جداً- كانت تبحث عن مصدر لدروس “مبتدئة” باللغة الروسية لكي تقدمها لطلابها المبتدئين حتى يستطيعوا الالتحاق بدوراتهم الاحترافية “مدفوعة الثمن”!
لمحة: #العقلية_الروسية عقلية يبدو عليها طابع الاستئثار مع شعور بالتفرد والعلو على غيرها
الخلاصة والهدف الرئيسي: حدد موقعك من الإعراب!
يحتاج المصمم المسلم والعربي دائمًا إلى تحقيق التوازن بين تلك القواعد الثلاث -التي سُردت أولاً-؛ مع تواجد “وعي دائم” بمكانته الفعلية على أرض مجال التصميم! وأهمية المحافظة على الثقافة الإسلامية والعربية مع الحرص على تحقيق الاستقلال الفني، وتعدِّي النفع حتى يشمل الغير بشكل يحقق الاكتفاء الذاتي في: الصنعة والمصنع والمصنوع!
ودمتم بسلام…
منقول