سأل صعصعة الإمام عليا (عليه السلام) قائلا :
يا أمير المؤمنين ! أخبرني أنت أفضل أم آدم (ع) ؟
فقال الإمام (عليه السلام) : يا صعصعة ! تزكية المرء نفسه قبيح ، ولولا قول
الله عز وجل : ( وأما بنعمة ربك فحدث ) ما أجبت .
يا صعصعة ! أنا أفضل من آدم ، لأن الله تعالى أباح لآدم كل الطيبات
المتوفرة في الجنة ونهاه عن أكل الحنطة فحسب ، ولكنه عصى ربه وأكل منها !
وأنا لم يمنعني ربي من الطيبات ، وما نهاني عن أكل الحنطة فأعرضت عنها
رغبة وطوعا .
فقال صعصعة : أنت أفضل أم نوح ؟
فقال عليه السلام : أنا أفضل من نوح ، لأنه تحمل ما تحمل من قومه ، ولما رأى منهم العناد دعا عليهم وما صبر على أذاهم
فقال : ( رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا )
ولكني بعد حبيبي رسول الله (ص) تحملت أذى قومي وعنادهم ، فظلموني كثيرا
فصبرت وما دعوت عليهم.
فقال صعصعة : أنت أفضل أم إبراهيم ؟
فقال عليه السلام : أنا أفضل ، لأن إبراهيم قال : ( رب أرني كيف تحي
الموتى قال أو لم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي ).
ولكني قلت وأقول : لو كشف لي الغطاء ما ازددت يقينا.
قال صعصعة : أنت أفضل أم موسى ؟
قال (ع) : أنا أفضل من موسى لأن الله تعالى لما أمره أن يذهب إلى فرعون ويبلغه رسالته
( قال رب إني قتلت منهم نفسا فأخاف أن يقتلون ).
ولكني حين أمرني حبيبي رسول الله (ص) بأمر الله عز وجل حتى أبلغ أهل مكة
المشركين سورة براءة ، وأنا قاتل كثير من رجالهم وأعيانهم ! مع ذلك أسرعت
غير مكترث ، وذهبت وحدي بلا خوف ولا وجل ، فوقفت في جمعهم رافعا صوتي ،
وتلوت آيات من سورة براءة ، وهم يسمعون !!
قال صعصة : أنت أفضل أم عيسى ؟
قال عليه السلام : أنا أفضل ، لأن مريم بنت عمران لما أرادت أن تضع
عيسى ، كانت في البيت المقدس ، جاءها النداء يا مريم اخرجي من البيت !
هاهنا محل عبادة لا محل ولادة ، فخرجت ( فأجاءها المخاض إلى جذع
النخلة ) .
ولكن أمي فاطمة بنت أسد لما قرب مولدي جاءت إلى بيت الله الحرام والتجأت
إلى الكعبة ، وسألت ربها أن يسهل عليها الولادة ، فانشق لها جدار البيت
الحرام ، وسمعت النداء : يا فاطمة ادخلي ! فدخلت ورد الجدار على حاله
فولدتني في حرم الله وبيته.