ختلف عمر العانس من مكان لآخر، ففي حين ترى بعض المجتمعات البدوية وأهالي القرى أن كل فتاة تجاوز عمرها العشرين ولم تتزوج فهي تعتبر عانسا، وفي حين اخر نجد أن مجتمعات المدن تتجاوز ذلك إلى العمر إلي الثلاثين وما بعدها لمن تطلق عليها صفة العانس، وذلك نظرا إلى أن الفتاة يجب أن تتم تعليمها اولا قبل الارتباط والإنجاب، وغالبا ما يتعرضن العوانس للإصابة بأمراض نفسية مثل الكآبة نظرا لفقدان حياة الأسرة وافتقاد الأمومة، ويربط الكثيرين بين العدد الكبير من العوانس وما يقابلهن من العزاب وبين حالة عدم الاستقرار الأمني والسياسي كأحد العوامل الداعمة لهذه الحالة من الاضطراب، وذلك على اعتبار أن العنوسة تؤدي إلى حالة من عدم الاستقرار النفسي على الأقل في أغلب الحالات .
الشهادة الجامعية والوظيفة لقد أثبتت العديد من الدراسات إلى أن العانسات يعانين في الغالب من الإحباط والصراع النفسي والتعقيد الداخلي، والشعور بالتوتر والضعف والإحساس بنظرة الناس لها، وبما يقولوه المحيطين من حولها سواء من صديقاتها المتزوجات، أو من الفضوليات اللاتي يحلو لهن جرح الأخريات بكلامهن الجارح والملئ بالشماتة، وفي اليمن كشفت دراسة حديثة عن وجود أكثر من نصف مليون امرأة تجاوزن أعمارهن سن الثلاثين ولم يتزوجن بعد . علما بأن أكثر العانسات هن ممن يحملن الشهادات الجامعية وممن انخرطن في الحياة العامة والسلك الوظيفي، وخاصة ممن يعشن في المدن لا في القرى والأرياف، والفتاة التي تعمل هي الأخرى لا تستعجل الزواج إما لأنها تريد أن تستفيد باستقلالها المادي ولأطول فترة ممكنة، وبالنسبة إليها فهي تعتقد أنها تستطيع الحصول على الزوج في الوقت الذي تريده نظرا لظروفها المادية التي تجعل منها زوجة مرغوب فيها، وفي كل وقت وأينما تشاء الفتاة الزواج فستجد من يتزوجها ولكن يحدث العكس تماما .البطالة وغلاء المهور في مصرفي المملكة العربية السعودية تشير الأرقام المتاحة إلى وجود ما يزيد على المليون عانس، وفي البحرين خمسين ألف عانس، وتشير التقديرات إلى أن ثلث عدد الفتيات في الدول العربية بلغن سن الثلاثين دون زواج، كما تنتشر ظاهرة العنوسة بدرجة كبيرة في مصر، وحسب الإحصاءات الرسمية فإنه يوجد في مصر نحو 10،5 ملايين فتاة تجاوزت أعمارهم 35 عاما ولم يتزوجوا بعد، ومعدل العنوسة في مصر يمثل سبعة عشر بالمائة من حجم الفتيات اللاتي في عمر الزواج، ولكن هذه النسبة في تزايد مستمر وتختلف من محافظة لأخرى، فأما عن المحافظات الحدودية فالنسبة فيها تبلغ نحو ثلاثين بالمائة .
ذلك لأن تلك المحافظات تحكمها عادات وتقاليد معينة، وأما مجتمع الحضر فالنسبة فيه تبلغ نحو ثمانية وثلاثون بالمائة والوجه البحري 28،7 بالمائة، كما أن نسبة العنوسة في الوجه القبلي هي الأقل حيث تصل إلى خمسة وعشرين بالمائة، ولكن المعدل يتزايد ويرتفع في الحضر بشكل ملحوظ، ومن أهم أسباب انتشار العنوسة في مصر هو ارتفاع معدلات البطالة وغلاء المهور والإسكان علي وجه الخصوص، وارتفاع أسعار تكاليف الزواج الأخرى الناتجة عن العادات والتقاليد المتبعة، وكذلك ارتفاع معدل التعليم بالنسبة للإناث وأيضا تباين الكثافة السكانية من حيث الجنس، حيث أن عدد الإناث أكثر من عدد الرجال، والمعلوم أن ظاهرة العنوسة في مصر أدت لزيادة بعض الظواهر غير المقبولة اجتماعيا ودينيا مثل ظواهر الزواج السري والعرفي بين الشباب .اعتبار الابنة سلعةتعد أهم الأسباب وراء ظاهرة العنوسة في مجتمعاتنا العربية هو دراسة المرأة، فقد استفادت المرأة في كثير من الأحيان من الانفتاح في دفع مسيرتهن العلمية، في حين كانت أعباء كثير من الشباب ثقيلة لم تسمح لهم بمتابعة تعليمهم، الأمر الذي أدى إلى تفاوت كبير في المستوى التعليمي بين كثير من الشاب و الفتاة، مما أدي غلي أحجام الشباب عن الفتاة المتعلمة خوفا من تعاليها عليه نتيجة للتعليم ذي الطابع الذكوري، ورفضت هي الاقتران بمن هو أقل منها خوفا من اضطهاده لها والتعامل معها بعنف ليقتل فيها إحساسها بالتميز والتفوق .
وكذلك المغالاة في المهور والتكاليف المصاحبة للزواج، فقد غالى أولياء الأمور كثيرا في بالمهور وأيضا في التكاليف المصاحبة للزواج والتي لا يقدر عليها الشاب المقبل علي بدء حياته، وهناك من الأسر التي تريد أن تستغل ابنتها ماديا علي سبيل التجارة واعتبارها سلعة رائجة، فتعمد تلك الأسر للأسف الشديد إلى عرقلة الزواج بحجة أو أخرى لأنها ترى في ابنتها المصدر الوحيد لرزقها .ظاهرة الزواج من أجنبياتجاء زواج المواطنين من أجنبيات سبب آخر خطير وراء انتشار العنوسة، وبخاصة في دول الخليج العربي، إضافة إلى ذلك بعض العوامل التي ساعدت على استمرار تفاقم هذه الظاهرة، تحددت في الانتشار الكبير لبدائل غير مشروعة عن الزواج، مثل الزواج العرفي وزياد إقبال الشباب على الإنترنت، والتي تعتبر طرق بديلة وخاطئة، لجأ إليها كثير من الشباب للتخفيف من الشعور بالأزمة والرغبة في الارتباط بالجنس الآخر، وذلك الأمر راجع إلي رواسب مرحلة تاريخية مرت بها كثير من المجتمعات الإسلامية . أعقبها غزو فكري كانت له آثار خطيرة على الأوضاع الاجتماعية في الأمة الإسلامية، مما أفرز عوامل نفسية وثقافية واقتصادية، منها ما يرجع إلى الشباب والفتيات ومنها ما يرجع إلى أولياء الأمور أنفسهم، ومنها ما يعود إلى المجتمع بأسره، فأما عن الشباب والفتيات فبعضهم يتعلق بآمال وأحلام وخيالات وأوهام وطموحات لا تمس الواقع بأية صلات ، فبعضهن يتعلق بحجة إكمال الدراسة، زاعمين من أن الزواج يحول بينهم وبين ما يرومون إليه من مواصلة التحصيل العلمي .