السلام عليكم ...
إن الزهراء (ع) من نوادر التاريخ التى جمعت فى شخصيتها -رغم قصر عمرها- جهات من الكمال متنوعة، من الصعب أن يحوز أحد على جهة من تلك الجهات من دون مجاهدة وتسديد..
ومن هنا اكتسبت ذلك الموقع المتميز من قلب المصطفى (ع)، حيث عبر عنها تعبيرا لم يعبر به عن أحد من الخلق، حينما قال: فداها أبوها!..
ومن قبل ذلك حازت على رتبة ربانية، يغبطها عليها جميع الخلق، عندما جعل الله تعالى رضاه مطابقا لرضى فاطمة (ع)، وهل هناك دليل على العصمة أعظم من ذلك؟!..
إن من الصفات المتميزة في حياة الزهراء (ع)، حرصها الشديد على أن تكون زوجة مثالية لأمير المؤمنين (ع)، بكل ما في الحياة الزوجية من مكابدة ومعاناة..
فلم تجعل انتسابها للنبي، وللوصي، وللحسنين (عليهم السلام) ذريعة إلى ترك حسن التبعل، وهو جهاد المرأة كما هو معلوم..
فتأمل في هذا النص، تدركك الرقة لما آل إليه أمرها (ع) في منزل علي (ع).. فقد حدث عنها علي (ع) قائلا: (إنها استقت بالقربة، حتى اثرت في صدرها، وطحنت بالرحى حتى مجلت (أي ثخن الجلد من العمل) يداها، وكسحت البيت حتى اغبرت ثيابها، وأوقدت النار تحت القدر حتى دكنت (أي اسودت) ثيابها؛ فاصابها من ذلك ضرر شديد).
ولكن في مقابل ذلك، نرى النساء في هذا اليوم أوكلن الأمور كلها أو جلها إلى الخادمات، حتى تلك الأمور التي تعكس أمومتهن وحنانهن تجاه الطفل..
فصار البعض منهن ينتهي دورها بمجرد الولادة، لتستلم الطفل الأيدي الغريبة إلى حين بلوغه!..
ومن هنا لا يرى الرجل من زوجته جهادا تبعليا؛ يجعله يفكر في رد ذلك الجميل، بشيء من الوفاء والتقدير..
إننا بهذا القول لا نسجل تكليفا فقهيا على المرأة في هذا المجال، ولكن نريد منها أن تتأسى بالزهراء (ع) في تحمل مسؤولية البيت، بحيث تجعل المنزل هي الدائرة الأولى لنشاطها واهتمامها، ومن بعد ذلك الدوائر الأخرى كالمعاهد والوظائف.
الشيخ حبيب الكاظمي