25 شعبان مولد نبي الله عيسى بن مريم عليهما السلام
قال تعالى في سورة مريم (( وَاذْكُرْ فِي الكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَاناً شَرْقِياً * فَاتَّخَذَتْ مِن دُونِهِمْ حِجَاباً فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَراً سَوِياًّ * قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنكَ إِن كُنتَ تَقِياًّ * قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لأَهَبَ لَكِ غُلاماً زَكِياًّ * قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِياًّ * قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِّلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِّنَّا وَكَانَ أَمْراً مَّقْضِياًّ * ))
( الكافي ) عن أبي عبدالله عليه السلام قال: يؤتى بالمرأة الحسناء يوم القيامة التي قد افتتنت في حسنها فتقول يا رب حسنت خلقي حتى لقيت ما لقيت , فيجاء بمريم , فيقال: أنت أحسن أم هذه قد حسناها فلم تفتتن .... الحديث.
( الكافي ) عن أبي عبدالله عليه السلام قال: لم يعش مولود قط لستة أشهر غير الحسين (ع) وعيسى بن مريم عليه السلام.
وفيه عن حفص بن غياث قال: رأيت أبا عبدالله عليه السلام يتخلل بساتين الكوفة فانتهى إلى نخلة , فتوضأ عندها ثم ركع وسجد فأحصيت في سجوده خمسمائة تسبيحة ثم استند إلى نخلة فدعا بدعوات ثم قال يا حفص إنها والله النخلة التي قال الله جل ذكره لمريم (ع) (( وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِياًّ ))
( تفسير علي بن إبراهيم ) (( وَاذْكُرْ فِي الكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَاناً شَرْقِياً )) . قال: خرجت إلى النخلة اليابسة (( فَاتَّخَذَتْ مِن دُونِهِمْ حِجَاباً )) قال: في محرابها (( فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا – يعني جبرئيل (ع) - فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَراً سَوِياًّ * قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنكَ إِن كُنتَ تَقِياًّ فقال – جبرئيل - إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لأَهَبَ لَكِ غُلاماً زَكِياًّ )) فأنكرت ذلك , لأنه لم يكن في العادة أن تحمل المرأة من غير فحل , (( قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِياًّ )) ولم يعلم جبرئيل عليه السلام أيضاً كيفية القدرة فقال لها : (( كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيّنٌ )) .
قال: ( فنفخ في جيبها ) فحملت بعيسى في الليل فوضعته في الغداة , وكان حملها تسع ساعات جعل الله لها الشهور ساعات , ثم ناداها جبرئيل عليه السلام : (( وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ )) أي هزي النخلة اليابسة – وكان ذلك اليوم سوقاً فاستقبلها الحاكة , وكانت الحياكة أنيل – أي أنفع – صناعة في ذلك الزمان فأقبلوا على بغال شهب فقالت لهم مريم : أين النخلة اليابسة ؟ فاستهزؤوا بها وزجروها ! فقالت لهم: جعل الله كسبكم نزراً – أي قليل النفع – وجعلكم في الناس عاراً , فاستقبلوها قوم من التجار فدلوها على النخلة اليابسة , فقالت لهم: جعل الله البركة في كسبكم وأحوج الناس إليكم.
فلما بلغت النخلة أخذها المخاض فوضعت بعيسى عليه السلام . فلما نظرت إليه قالت: (( يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنتُ نَسْياً مَّنسِياًّ )) ماذا أقول لحالي وماذا أقول لبني إسرائيل ؟ فناداها عيسى من تحتها : (( فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَا أَلاَّ تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِياًّ – أي نهراً - وحركي النخلة تساقط عليك رطباً جنياً )). وكانت النخلة قد يبست منذ دهر , فمدت يدها إلى النخلة فأورقت وأثمرت وسقط عليها الرطب الطري فطابت نفسها.
وقال لها عيسى (ع) : قمطيني ثم افعلي كذاوكذا , فقمطته وسوته وقال لها عيسى (( فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْناً فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ البَشَرِ أَحَداً فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ اليَوْمَ إِنسِياًّ )) ففقدوها في المحراب , فخرجوا في طلبها , وخرج زكريا فأقبلت وهو في صدرها , وأقبلن مؤمنات بني إسرائيل يبسرن في وجهها , فلم تكلمهن , حتى دخلت محرابها , فجاء إليها بنو إسرائيل وزكريا (( قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً فَرِياًّ * يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِياًّ )) فأشارت إلى عيسى في المهد فقالوا (( كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي المَهْدِ صَبِياًّ )) فأنطق الله عيسى (ع) : (( قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِياًّ ... الآية )
( الأمالي ) بإسناده إلى علي بن الحسين (ع) قال: أن أمير المؤمنين (ع) لما رجع من وقعة الخوارج , اجتاز بالزوراء , فقال للناس : إنها الزوراء فسيروا وجنبوا عنها فإن الخسف أسرع إليها من الوتد في النخالة. فلما أتى يمنة السواد إذا براهب في صومعة له , فقال له الراهب : لا تنزل هذه الأرض بجيشك ! قال ! ولم ؟ قال: لأنها لا ينزلها إلا نبي أو وصي نبي يقال في سبيل الله عز وجل , هكذا نجد في كتبنا , فقال له مير المؤمنين عليه السلام: أنا وصي سيد الأنبياء وسيد الأوصياء , فقال له الراهب : فأنت إذن أصلع قريش ووصي محمد صلى الله عليه وآله وسلم ؟ فقال له أمير المؤمنين : أنا ذلك : فنزل الراهب إليه فقال له: خذ علي شرايع الإسلام إني وجدت في الإنجيل نعتك , وأنك تنزل أرض براثا بيت مريم وأرض عيسى (ع).
فأتى أمير المؤمنين موضعاً , فلكزه برجله فانبجست عين خوارة , فقال: هذه عين مريم التي إنبعثت لها , ثم قال: إكشفوا هاهنا على سبعة عشر ذراعاً فكشف , فإذا هو بصخرة بيضاء , فقال علي عليه السلام : على هذه الصخرة وضعت مريم عيسى من عاتقها , وصلت هاهنا . ثم قال: أرض براثا هذه بيت مريم عليها السلام.
( التهذيب ) عن علي بن الحسين عليه السلام : في قوله تعالى : (( فَانتَبَذَتْ بِهِ مَكَاناً قَصِياًّ )) قال: خرجت من دمشق حتى أتت كربلاء , فوضعته في موضع قبر الحسين (ع) ثم رجعت من ليلتها.
( علل الشرايع ) عن وهب قال: لما جاء المخاض مريم عليها السلام إلى جذع النخلة , إشتد عليها البرد , فعمد يوسف النجار إلى حطب فجعله حولها كالحضيرة ثم أشعل فيه النار , فاصابتها سخونة الوقود من ناحية حتى دفئت وكسر لها سبع جوزات وجدهن في خرجه فأطعمها. فمن أجل ذلك توقد النصارى النار في ليلة الميلاد وتلعب بالجوز.
( وعن ) الباقر (ع) : ان إبليس أتى ليلة ميلاد عيسى (ع) فقيل له قد ولد الليلة ولد لم يبق على وجه الأرض صنم إلا خر لوجهه , وأتى المشرق والمغرب يطلبه فوجده في بيت دير قد حفت به الملائكة , فذهب يدنو ! فصاحت الملائكة: تنح , فقال لهم من أبوه ؟ فقالت الملائكة ! فمثله كمثل آدم , فقال إبليس لأضلن به أربعة أخماس الناس.
( وعنه ) عليه السلام : لما قالت العواتق الفرية على مريم وهن سبعون (( يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً فَرِياًّ )) أنطق الله عيسى عليه السلام عند ذلك فقال لهن: ويلكن تفترين على أمي (( إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الكِتَابَ )) وأقسم بالله لأضربن كل امرأة منكن حداً بافترائكن على أمي.
قال الحكم: فقلت للباقر عليه السلام: أفضربهن عيسى بعد ذلك ؟ نعم ولله الحمد والمنة.
وقيل لعيسى (ع) : ما لك لا تتزوج ؟ قال وما أصنع بالتزويج ؟ قيل يولد لك , قال وما أصنع بأولاد إن عاشوا افتنونا وإن ماتوا أحزنونا ؟.
وقال أمير المؤمنين (ع) : في بعض خطبه: وإن شئت قلت في عيسى بن مريم عليه السلام فلقد كان يتوسد الحجر ويلبس الخشن وكان ادامه الجوع وسراجه بالليل القمر وظلاله في الشتاء مشارق الأرض ومغاربها وفاكهته ريحانة ما أنبتت الأرض للبهائم ولم تكن له زوجة تفتنه ولا ولد يحزنه ولا مال يتلفه ولا طمع يذله ودابته رجلاه وخادمه يداه.
ورى المفضل عن الصادق (ع) : أن بقاع الأرض تفاخرت , ففخرت الكعبة على البقعة بكربلا , فأوحى الله إليها اسكني ولا تفخري عليها , فإنها البقعة المباركة التي نودي منها موسى من الشجرة , وانها الربوة التي اوت إليها مريم والمسيح (ع) وأن الدالية التي غسل فيها رأس الحسين (ع) فيها , وفيها غسلت مريم عيسى واغتسلت لولادتها.
المصدر : http://www.14noor.com