القلم سفير الضمير الحي
القلم سفير الضمير الحي
بسيط في شكله عظيم في شأنه ..
كم عبرنا به عن مكنونات نفوسنا وخلجات صدونا، وبه تعلمنا وأبصرنا نور العلم
وبه سُطرت حضارات وقامت ممالك وإمبراطوريات
وبه جُمع حصاد العلوم والمعارف والأفكار والأشعار
....إنه «القلم» الذي أقسم الله عز وجل به في كتابه، لعظم قدرة وخطورة أمره
فما أكثر من نشروا بالقلم الخير المديد، وأيضا هناك من تجاوزت أقلامهم الخطوط الحمراء
فعاثوا فساداً في بحور الظلام
يمالئون ظالما ويبررون منكرا ويداهنون فاجرا ويقلبون بمعسول كتاباتهم الحق باطلاً ..
فكم رفع القلم أناسا ووضع آخرين
قال ابن الهيثم: "من جلالة القلم أنه لم يكتب الله كتاباً إلا به
ولذلك أقسم به الأقلام مطايا الفِطن ورسل الكرام"
وقيل: البيان اثنان: بيان لسان، وبيان بَنَان، ومِن فضل بيان البنان أنَّ ما ببيَّنته الأقلام
باق على الأيام، وبيان اللسان تدْرُسه الأعوام".
وقال سهل بن هارون: "القلم أنف الضمير، إذا رعف [نزف] أعلن أسراره، وأبان آثاره"
وقال ابن أبي دؤاد: "القلم سفير العقل، ورسوله الأنبل، ولسانه الأطول وترجمانه الأفضل"
وقالوا: "القلم أصم يسمع النجوى. وأخرس يفصح بالدعوى. وجاهل يعلم الفحوى"
" الكتابة أمانة "
لاشك أن الكتابة مهمة جليل أثرها
وعظيم قدرها فهي قناة لا يستهان بها
في توجيه الرأي العام، والتأثير على العقول والمفاهيم، وهي سلاح ذو حدين ..
الكلمة الطيبة التي ترفع صاحبها
وأيضا الكلمة الخبيثة التي توبق كاتبها
ومع عظم هذه المسؤولية وخطورة هذه القضية إلا أن الكتابة الآن صارت ميدانا لا حمى له
وساحة ينازل فيها من يقدر ومن لا يقدر
وكأن الناس تسوقها أقلامها لحتوفها وهي لا تدري
فسكرة الكتابة تعميها عن مسئوليتها
ونشوة النشر تنسيها يوم وقوفها أمام بارئها، ومتعة الربح ألغت ضمائرها
خاصة وأن الكاتب الفذ المشهور في هذا الزمان لا يحتاج سوى بعض الجرأة على الإسلام
ونبيه وتعاليمه، فهذا كفيل أن تتهافت حوله الفضائيات والمنظمات العالمية المشبوهة
التي لا تألوا جهدا في حمايته وخلعه بأفخم الألقاب والدرجات.
الكتابة في زمن العجب
وإني لأتعجب من أولئك الكُتاب الذين سلم منهم أعداء الأمة المتربصين بها
ولم يسلم منهم أهلُ العلم والدعوة والإصلاح! حتى تاه البسطاء
فلم يجدوا طريقاً لرموز الأمة من أهل الفضل والعدل، وحار الفضلاء من تشويه النجباء
واختلط الحابل بالنابل، والغث بالسمين، ودخلنا طريق التيه الذي لا نجاة منه.