النتائج 1 إلى 6 من 6
الموضوع:

هل كان الأنگليز وراء إنقلاب 14 تموز؟

الزوار من محركات البحث: 97 المشاهدات : 1365 الردود: 5
جميع روابطنا، مشاركاتنا، صورنا متاحة للزوار دون الحاجة إلى التسجيل ، الابلاغ عن انتهاك - Report a violation
  1. #1
    من أهل الدار
    ام علي
    تاريخ التسجيل: July-2011
    الدولة: العراق
    الجنس: أنثى
    المشاركات: 70,417 المواضيع: 17,968
    صوتيات: 164 سوالف عراقية: 12
    التقييم: 22601
    مزاجي: حسب الزمان والمكان
    المهنة: ربة بيت
    أكلتي المفضلة: المشاوي
    موبايلي: XR
    مقالات المدونة: 92

    هل كان الأنگليز وراء إنقلاب 14 تموز؟

    هل كان الأنگليز وراء إنقلاب 14 تموز؟

    كثير منا يعتقد أن ماحصل في 14 تموز 1958 هو ثورة تحررية لتخليص العراق من الهيمنة الاستعمارية وتحديداً البريطانية، وإعادة العراق إلى حظنه العربي، ولكن هذا الكتاب يعرض وجهة نظر أخرى.
    ، وأتمنى أن لايكون العنوان (استفزازياً)، فأنا لا أعرض وجهة نظري الشخصية، بل أنقل وجهة نظر موثقة وردت في كتاب عنوانه "الإنكليز وإنقلاب 14 تموز 1958وأترك الحكم لكم جميعاً وللتاريخ،وأتمنى أن نتحكم قليلاً بعواطفنا،وأن لا نتعجل بالحكم قبل أن ننتهي من قراءة المقال



    جذور الخلافات العراقية البريطانية:
    العراق يقف ضد مشروع تقسيم فلسطين:


    المرحوم/ نوري السعيد ألأول من اليسار
    في 6/10/1947، ألقى (نوري السعيد) خطاباً أمام اللجنة الخاصة بقضية (فلسطين) في (نيويورك) هاجم فيه تقرير اللجنة لغرابته"، و شدّد على أن الحل الوحيد للقضية الفلسطينية يكمن في استقلال (فلسطين) بعد إخراج "الإرهابيين" (اليهود) منها.
    وبذلت الوفود العربية برئاسة العراق، قصارى جهودها لجعل هذا المشروع مرفوضاُ، ولكن تدخّل الرئيس الأمريكي، هاري ترومان، وضغطه على عدد من الدول الأعضاء في الجمعية ممن كانوا بحاجة إلى الدعم الأمريكي المالي، أدى إلى قبول المشروع.
    وقد علق وزير خارجية العراق، الدكتور فاضل الجمالي، على أن الحكومة العراقية لاتعترف بمشروع القرار، وتحتفظ بحرية العمل لمقاومته، وأنها تلقي المسؤولية على عاتق الذين وقفوا معه ووقعوا عليه. وفي طريق عودة الوفد العراقي من نيويورك، توقّف في لندن، حيث أعلن الجمالي إصراره على ضرورة إقامة دولة عربية في (فلسطين) بجميع أراضيها، تعترف بها حكومات الدول العربية كلها، ويرأسها مفتي القدس، الحاج محمد أمين الحسيني.

    محاولات بريطانية لإقناع العراق بالتفاوض مع اسرائيل:
    في مقابلة مع السفير البريطاني في بغداد خلال شهر كانون الثاني من عام 1949، هدّد رئيس الوزراء نوري السعيد بقيام الحكومة العراقيّة بطرد اليهود العراقيّين إذا ما إستمرّت ("إسرائيل") في تعنّتها في حل قضيّة اللاجئين الفلسطينيّين. وفي الشهر التالي، شباط، طلبت وزارة الخارجيّة البريطانيّة من سفيرها في بغداد هذا تحذير نوري السعيد من أنّ إقدامه على مثل هذا الإجراء قد تكون له عواقب "قاتلة"، لأنّ "إسرائيل" قد تعمد إلى رفض دفع التعويضات عن ممتلكات الأراضي الفلسطينيّة. وفي 18 شباط هذا، وصلت إلى (بغداد) "لجنة التوفيق الدولية" بخصوص قضية (فلسطين). وقد حاول المندوب الأميريكي في هذه اللجنة إقناع نوري السعيد بالموافقة على دخول العراق في مفاوضات مباشرة مع إسرائيل ولكن نوري رفض. وعندها، كلّفت الحكومة البريطانية سفيرها في بغداد أن يحاول تحذير نوري السعيد من أنه، إذا رفض ذلك، فإن القوات اليهودية في فلسطين ستقوم بمهاجمة الجيش العراقي هناك، ولكن نوري كرر رفضه للتفاوض مع اليهود.

    وفي 20/3/1949، صرّح وزير الخارجية الدكتور فاضل الجمالي، إلى الوسيط الدولي حول قضية فلسطين، المستر رالف بانش Ralf Bunch، بأن العراق قد قام بتخويل الأردن بالتفاوض نيابة عنه مع إسرائيل، بعد أن كان العراق سلّم مواقع جيشه في فلسطين إلى الجيش الأردني. كما أوضح د.الجمالي للمستر بانش بأن العراق قرّر الإنسحاب من فلسطين نهائياً شريطة ألا يُطلب منه توقيع هدنة أو التفاوض مع إسرائيل، وأن لاتقوم القوات اليهودية بمهاجمة الجيش العراقي المنسحب، أو بأية حركات استفزازية ضده. وكانت القوات العراقية قد سيطرت على 60 ميلاً على طول خط القتال في فلسطين، ولمدة عشرة أشهر. ولكن إسرائيل أبلغت بنش بأنها تعتبر آستلام الجيش الأردني للمواقع العسكرية العراقية السابقة في فلسطين "انتهاكاً" لاتفاقيات الهدنة بينها وبين الأردن، وأنها ستحتفظ بحق استلام هذه المواقع، فقامت الحكومة الأردنية بالإبراق إلى الحكومتين الأميريكية والبريطانية محتجة بأن إقدام إسرائيل على مثل هذا الأمر يعتبر خرقاً للهدنة. وكان رد الحكومة الأميريكية بأنها لا تتدخل.

    وفي هذه الأثناء، وجه الرئيس الأمريكي ترومان Truman، تحذيراً إلى إسرائيل من القيام بأية عمليّات ضد الجيش العراقي في فلسطين، وأن أي عمل من هذا القبيل يعتبر مخالفاً لإرادة الحكومة الأميريكية، لأن من شأنه أن يؤدي إلى "عواقب وخيمة، ليست من صالح إسرائيل".
    و في نفس الوقت، هددت الحكومة الأميريكية نوري السعيد، بأنه، إذا لم ينسحب الجيش العراقي من فلسطين، فإن الحركة الكردية في شمال (العراق) سوف تعود إلى نشاطها السابق، مدعومة بـ(الإتحاد السوفييتي).

    العراق يرفض توطين الفلسطينيين في العراق:
    في 14/7/1949 قدّر السفير البريطاني في بغداد عدد اللاجئين الفلسطينيّين الذين يمكن توطينهم في العراق خلال السنين العشر القادمة بمائة ألف لاجيء.

    وقد أعرب السفير عن رأيه بأنّ التصلّب الإسرائيلي في قضيّة تعديل الحدود، وفي مسألة السماح بعودة اللاجئين "يجعله من المستحيل إيجاد حل آخر لمشكلة اللاجئين". ولكنّ الحكومة العراقيّة والفلسطينيّين رفضوا هذا الإقتراح. وعندما تزايد عدد اليهود العراقيّين الذين طلبوا الهجرة إلى فلسطين، في خريف عام 1949، عادت الحكومتان البريطانيّة والأميريكيّة لطرح هذه الفكرة على الحكومة العراقيّة والمسؤولين الفلسطينيّين، ولكنّ الطرفين كرّرا رفضهما لها، فتمّ إهمال هذا المشروع.

    تصريحات تشرشل تثير غضب مجلس النواب العراقي:
    في 11/5/1953 ألقى رئيس الوزراء البريطاني وينستون تشرتشل خطاباً في مجلس العموم البريطاني أكد فيه بأنه يفخر بإنه كان "من أشد المؤيدين لقيام الدولة اليهودية في (فلسطين)" وأنه "يتشرف بكونه صهيونيا". كما دعى (تشرتشيل) في خطابه هذا إلى بقاء دولة ("إسرائيل")، مقابل "الصلح مع العرب".
    وقد أثار تصريح تشرتشل هذا استياء واسعاً في العالم العربي، وأثار بصورة خاصة غضب النواب العراقيين، ومن بينهم (برهان الدين باش أعيان)، الذي وصف التصريح المذكور في جلسة المجلس النيابي المنعقدة في اليوم التالي للتصريح (أي يوم 12/5/1953) بأنه "خيبة مرّة للساسة العرب الذين يدافعون عن حسن نيّة تشرتشل وبريطانيا"، واستطرد (باش أعيان) معرباً عن رأيه بأن القواعد العسكرية الأجنبية في الشرق الأوسط غير ضرورية للدفاع عن المنطقة، بقدر ماهي ضرورية للإحتلال وتهديد السلام العالمي.

    وأما دعوة تشرتشل إلى العرب للتصالح مع الكيان الصهيوني، فقد اعتبرها (باش أعيان) "خطوة مخفّفة"، لأنها تستند إلى التهديد، وإلى "حقوق موهومة" يدعيها (تشرتشل)، كونها مناقضة لأبسط قواعد العدالة الإنسانية، ومخالفة لمواثيق هيئة الأمم.

    وزير الخارجيّة العراقيّة بالوكالة يجتمع بالسفير البريطاني ليحذّره من ("إسرائيل") (1/11/1955)
    في الأوّل من شهر تشرين الثاني من عام 1955، آجتمع (برهان الدين باش أعيان) مع سفراء كل من (الولايات المتحدة الأمريكية)، و(بريطانيا) ، و(فرنسا) في (بغداد)، و أوضح لهم بأن المواثيق الأمنية التي تسعى الى عقدها دولة ("إسرائيل") مع دولهم لن تؤدّي الى أي إستقرار في (الشرق الأوسط)، و كرّر نفس هذا التصريح عند اجتماعه بكل من سفير (تركيا) الوزير المفوض البلجيكي لدى (بغداد).


    9/11/1955 رئيس الوزراء البريطاني (آنتوني إيدن) يدعو العرب للصلح مع ("إسرائيل")
    30/3/1956 وزير الخارجيّة العراقيّة بالوكالة يطلب إلى رئيس الوزراء البريطاني عدم آتخاذ قرار بخصوص (فلسطين) بمعزل عن الدول العربية.
    في هذه الفترة، كثرت التساؤلات في أرجاء العالم العربي حول موقف (العراق) من الدول التي تزود ("إسرائيل") بالسلاح، و خاصة (بريطانيا) و (الولايات المتحدة الأميريكية)، واللتين كانتا من أنصار "ميثاق (بغداد)".


    ففي الجلسة المنعقدة لمجلس النواب في 23/5/ 1956، وبعد مداخلة مع بعض النواب عن أهمية الدعاية في نصرة القضية الفلسطينية، أوضح (برهان الدين باش أعيان) بأن وزارة الخارجية العراقية ستتخذ "الإحراءات اللازمة"، وبالتنسيق مع جامعة الدول العربية، لإرسال التعليمات المطلوبة إلى المكتب العربي في (نيويورك) للنهوض بالدعاية لصالح القضية العربية.
    في 6/6/1956، آستدعى (برهان الدين باش أعيان) إلى مكتبه في وزارة الخارجية في (بغداد) سفيري كل من (الولايات المتحدة الأميريكية) و(بريطانيا)، وأبلغهما رفض (العراق) سياسة دولتيهما تزويد ("إسرائيل") بالأسلحة.
    في 3/11/1956 إجتماع الدول الإسلامية الأعضاء في “ميثاق (بغداد)” في (طهران) – الوفد العراقي يحثّ (بريطانيا) و (الولايات المتحدة الأميريكيّة) على حل قضية (فلسطين)
    في مطلع شهر كانون الثاني من العام التالي 1957، عاد (برهان الدين باش أعيان) إلى تذكير رئيس الوزراء السيد (نوري السعيد) بآقتراحه السابق له، بعد العدوان الثلاثي على (السويس)، بخصوص تبنّي أحد ثلاث خيارات حول علاقة (العراق) ب (بريطانيا)، الخيارات الثلاث التي طرحها (برهان الدين باش أعيان) تتلخص في:
    1-آنسحاب (بريطانيا) من "ميثاق (بغداد)"،
    2-آنسحاب (العراق) من "ميثاق (بغداد)"،
    3-قيام كل من (بريطانيا) و (الولايات المتحدة الأميريكية)، و تحت ضغوط الدول الإسلامية الأعضاء في الميثاق، بحل عاجل لقضيتي (فلسطين) و(الجزائر). ومجدداً، كما في المرات السابقة، عاد (نوري السعيد) ووعد (برهان الدين باش أعيان) بالتفكير في الأمر".
    19 /1/1957 عقد في (آسطنبول) آجتماع الدول الإسلامية في "ميثاق (بغداد)"، ترأس الوفد العراقي فيه ولي العهد الأمير (عبدالإله)، وضم رئيس الوزراء السيد (نوري السعيد)، و(برهان الدين باش أعيان). وقد تم خلال المؤتمر بحث الموقف الدولي، كما دعى الإجتماع إلى تسوية عادلة للقضية الفلسطينية. وقد بذل (برهان الدين باش أعيان) جهداً كبيراً لدفع الإجتماع لتبني مقترحه القائم على اعتماد أحد الخيارات الثلاث فيما يتعلق بعضوية (بريطانيا) في الميثاق، وهو المقترح الذي عرضه على (نوري السعيد) في عدة مناسبات، والذي ينص على قيام (بريطانيا) و(الولايات المتحدة) بإيجاد "حل عادل وعاجل" لقضيّة (فلسطين).

    الخلافات العراقية البريطانية خلال العهد الملكي حول قضية السويس
    28/9/1954 وزير الخارجيّة الأسبق (فاضل الجمالي) يطالب الحكومة الأميريكيّة بمساعدة (مصر) في تحقيق جلاء القوّات البريطانيّة عن (السويس) وكانت المفاوضات التي بدأت قبل عام بين (الولايات المتّحدة الأميريكيّة) و (العراق) بشأن قيام الأخيرة بتسليح (العراق) بدون شروط تذكر تقترب من نهايتها، عندما أثارت القوى الصهيونيّة في (الولايات المتّحدة الأميريكيّة) عاصفة حول الموضوع، بحجّة أنّه يستهدف سلامة دولة ("إسرائيل") و يهدّد أمنها. و قد آستغلّت الصهيونيّة قرب الحملة الإنتخابيّة لمجلس الكونغرس للضغط على المرشّحين بإرغام الحكومة الأميريكيّة على إلغاء الإتّفاقيّة. عندها، قطعت الحكومة الأميريكيّة مفاوضاتها مع الحكومة العراقية، فأرسل رئيس الوزراء العراقي الأسبق الدكتور (فاضل الجمالي) برقيّة شخصيّة إلى وزير الخارجيّة الأميريكي المستر (جون فوستر دلس)، و ذلك عن طريق السفارة العراقية في (واشنطن)، يطالبه فيها بمساعدة (مصر) في تحقيق جلاء القوّات البريطانيّة عن قناة (السويس).


    أحمد سعيد يتسلل إلى العراق:
    الإعلامي المصري الناصري (أحمد سعيد) يتسلّل إلى (العراق) متنكّراً ويتّصل بشخصيّات سياسيّة معارضة ويقابل رئيس الوزراء (نوري السعيد) (كانون الأوّل 1954).


    حيث كانت القيادة المصريّة قد تبلغت بأن (نوري السعيد) قد آجتمع برئيس الوزراء التركي السيد (عدنان مندريس)، وأنهما آتفقا مبدئياً على آنضمام (العراق) للمعاهدة التركيّة -الباكستانية، وأن التوقيع على هذا الإتفاق ربما بات وشيكاً.

    لذا، فإن وزير الإرشاد القومي المصري، الصاغ (الرائد صلاح سالم)، أوعز إلى مذيع إذاعة "صوت العرب" المصريّة، السيد (أحمد سعيد)، بالسفر إلى (بيروت) واستخدام علاقاته مع كل من السيد (كامل مروة)، رئيس تحرير جريدة "الحياة" اللبنانيّة المعروفة بميولها الغربية-الليبرالية، والسيد (سليم الدحداح)، السفير اللبناني في (تركيا)، لتعميق دراسته حول هذا الموضوع.
    وكان (مروّة) قد نبّه (أحمد سعيد) أثناء لقائهما السابق في (بيروت)، و الذي تم قبل حوالي الشهر، إلى آحتمال آنضمام (العراق) للمعاهدة التركيّة-الباكستانية، بينما آكتفى (الدحداح)، خلال نفس ذلك اللقاء السابق في (بيروت) إلى الإشارة إلى آحتمال توسيع المعاهدة لتشمل كلاً من (إيران) و(بريطانيا)، دون أن يذكر (العراق).

    وفور وصول (أحمد سعيد) إلى (بيروت)، حاول الحصول على تأشيرة لزيارة (العراق) من القنصلية العراقيّة في (بيروت)، و لكن القنصلية رفضت طلبه، بسبب الإضطرابات السياسيّة و الأمنية السائدة في البلاد في تلك الفترة. و في نفس الوقت، آتصل السفير المصري في بيروت، السيد (عبدالحميد غالب)، (وهو ضابط عسكري)، ب (أحمد سعيد)، ليبلغه بأن التعليمات التي وصلته من القيادة المصريّة في (القاهرة) تقضي بضرورة قيام (أحمد سعيد) بدخول (العراق) في أقرب وقت ممكن، و بأية طريقة كانت، خصوصاً بعد أن تناهى لعلم القيادة المصريّة بأن عدداً من كبار المعارضين السياسيين العراقيين قد بدأوا بإجراء آتصالات بالملحق العسكري المصري في (بغداد)، السيد (كمال الحناوي)، بنيّة الحصول على دعم القيادة المصريّة في معارضتهم لفكرة الميثاق المزمع عقده. عندها، قرّر (أحمد سعيد) أن أفضل وسيلة لدخول (العراق) ربما تكون عن طريق (الكويت)، و آستعان على ذلك بصديقه الصحافي و الشاعر اللبناني السيد (صلاح الأسير)، الذي أبلغه بوجود طائرة خاصة تغادر (بيروت) إلى (الكويت)، و يملكها الشيخ (عبدالله المبارك)، نائب حاكم (الكويت).
    و بعد يومين، سافر الصديقان، (أحمد سعيد) و (صلاح الأسير)،على متن هذه الطائرة الكويتية الخاصة من (بيروت) إلى (الكويت).
    و عند وصولهما إلى (الكويت)، قام (أحمد سعيد) بالإتصال بمدير البعثة التعليمية المصريّة في (الكويت)، السيد (عبدالمجيد مصطفى)، طالباً مساعدته لإتمام مهمته هذه، فقام (عبدالمجيد) بدوره برجاء (عبدالله المبارك الصباح) أن يتوسّط لإقناع حاكم (الكويت) الشيخ (عبدالله السالم الصباح) ليسمح ل (أحمد سعيد) بالسفر من (الكويت) إلى (البصرة)، فوافق (عبدالله السالم) على ذلك. واتفق وجود مجموعة من كبار الإعلاميين المصريين في زيارة ل(الكويت)، و من جملتهم مدير الإذاعة المصريّة السابق السيد (حسين نجيب) وأحد مديري شركة (مصر) للتمثيل والسينما، السيد (محمد رجائي)، فألصق (أحمد سعيد) نفسه بهم، أقنعهم بالسفر معه إلى (البصرة) على أنهم "بعثة ترويجية".
    وعند وصول هذه "البعثة الترويجية" إلى مطار (البصرة)، منعتهم سلطات المطار من متابعة سفرهم إلى (بغداد)، و لكن (أحمد سعيد) أحدث ضجة كبيرة في المطار، مهدّداً برفع الأمر إلى (نوري السعيد) نفسه وطالباً التحدث إلى مدير مخابرات المطار، مما أوحى للمسؤولين العراقيين في مطار (البصرة) بأنه شخصية مهمة، وأنه "صديق" ل (نوري السعيد)، فتراجعوا عن منعهم، وسمحوا للمجموعة بمتابعة سفرها إلى (بغداد).

    وعند وصول "البعثة الترويجية" المصريّة إلى (بغداد)، شعروا بملاحقة أجهزة الأمن العراقيّة لهم ورصد كل تحركاتهم، و لكن (أحمد سعيد) تمكّن، رغم ذلك، من الإتصال بإثني عشر من زعماء المعارضة، كان من بينهم 4 من رؤساء الوزارات السابقين، وحصل منهم على تواقيع على وثيقة كان (أحمد سعيد) قد أعدّها لهذا الغرض، وتنصّ على رفض فكرة آنضمام (العراق) إلى الميثاق التركي-الباكستاني. وقد شعر (أحمد سعيد) بأن جهاز المخابرات العراقي علم بوجود هذه الوثيقة، مما حدا به إلى إيداع نسخة منها لدى الملحق العسكري المصري في بغداد، وآحتفظ معه بالنسخة الأصلية. وقد تمكن (أحمد سعيد) من مقابلة (نوري السعيد) مرتين أثناء زيارته هذه ل(بغداد)، وتحدثا سوية في إحدى هاتين المناسبتين وهما يتجولان في أحد شوارع (بغداد).
    وعندما غادرت "البعثة الترويجية" المصريّة (بغداد) عائدين إلى (القاهرة)، تم إخضاعهم لتفتيش دقيق وشامل في مطار (بغداد)، ولكن سلطات المطار لم تتمكن، مع ذلك، من العثور على الوثيقة التي كان (أحمد سعيد) يحملها.

    في 2/6/1956 توقّف (نوري السعيد) في مطار (روما) في طريقه من (لندن) إلى (بغداد)، حيث آجتمع أثناء توقّفه برئيس وزراء و وزير خارجيّة (العراق) الأسبق، و مندوب (العراق) الدائم الحالي لدى الأمم المتّحدة، الدكتور (فاضل الجمالي)، الذي آضطرّ لقطع إجازته في (النمسا) و الحضور إلى مطار (روما) على عجلة السرعة، بناء على برقيّة مستعجلة كان (نوري) قد ارسلها له عن طريق السفارة العراقيّة في (روما).
    وقد أفصح (نوري) ل (الجمالي) عن تخوّفه من كون (بريطانيا) على وشك الهجوم على (مصر) و ضرب (عبدالناصر) بالقوّة إذا لم تسوّ قضيّة قناة (السويس). و قد طلب (نوري) إلى (الجمالي) الحضور إلى (بغداد) لبحث ما قد يتسبّبه مثل هذا العدوان البريطاني من مشاكل ل (العراق). و قد ردّ (الجمالي) على (نوري) قائلاً:
    "أقترح أن تنصح (بريطانيا) بعدم ركوب مثل هذا المركب الخشن!".
    و في اليوم التالي، الثالث من الشهر، آستدعى (نوري) كلاً من (الجمالي) و (السويدي)، الذي كان في (لندن)، للحضور إلى (بغداد)، حيث آجتمعا به في منزله. و قد آقترح (نوري) تكليف (الجمالي) بالسفر إلى (القاهرة) للتباحث مع الرئيس المصري السيّد (جمال عبدالناصر)، و لكنّ (الجمالي) رفض هذه الفكرة، قائلاً بأنّ على (بريطانيا) العدول عن ضرب (مصر). عندئذ، قام (نوري) بتكليف (السويدي) بالذهاب إلى (مصر) لهذا الغرض، ففعل. و في هذه الأثناء، آجتمع (الجمالي) بالسفير البريطاني في (بغداد)، و بصفة شخصيّة، حيث رجاه أن يبلغ وزير الخارجيّة البريطاني، المستر (سلوين لويد (Mr. Selwyn Lloyd، بأنّه يرى بأن ضرب (مصر) سيعود بالضرر على (بريطانيا)، "لأنّ العرب لن يغفروا هذا العدوان"، كما أنّ كلّ المجموعات الآسيويّة والإفريقيّة و الشيوعيّة تقف مع (مصر). و بعد 3 أيّام، أي في الخامس من الشهر، أصدرت الحكومة العراقيّة بياناً رسمياً أعلنت فيه عن دفاعها عن حق (مصر) و حكومتها، وهو الحق الشرعي التام في تأميم قناة (السويس).

    و في التاسع من الشهر، قام الرئيس المصري (جمال عبدالناصر) بإبلاغ السفير العراقي في (القاهرة)، السيّد (نجيب الراوي)، "آرتياحه هو وسائر أعضاء الحكومة المصريّة من هذا التصريح"، وكلّف الرئيس (عبدالناصر) هذا السفير العراقي أن يقوم بنقل مشاعره هذه "برقياً إلى الحكومة العراقيّة".
    وفي اجتماعه مع وزير الخارجيّة البريطاني (سلوين لويد) وفي خطبه أمام الأمم المتّحدة، مندوب (العراق) لدى الأمم المتّحدة (فاضل الجمالي) يندّد بالعدوان الثلاثي و ب("إسرائيل") ويطالب بحلّ عادل للقضيّة الفلسطينيّة

    موقف الحكومة العراقيّة من (بريطانيا) حيال العدوان الثلاثي على (مصر) (29/10/-3/11/1956)
    بعد إعلان الرئيس المصري جمال عبدالناصر عن تأميم قناة (السويس)، هاجمت ("إسرائيل") و (بريطانيا) و (فرنسا) (مصر) جواً وبحراً و براً في عدوان شهير. و قد بدأ الهجوم العسكري من قبل هذه الدول الثلاث على (مصر) في 29/10/1956 تم خلاله قيام قوات الدول المعتدية بقصف محطة إرسال إذاعة "صوت العرب" في منطقة (أبي زعبل)، مما آستدعى نقل البث إلى الإرسال من محطة لإذاعة المخابرات المصريّة في شارع صغير في (القاهرة)، متفرع من شارع (قصر العدل). ثمّ قامت القوّات الإسرائيليّة" بدخول شبه جزيرة (سيناء) و احتلالها. و قد أصدرت (بريطانيا) و (فرنسا) بياناً ثنائيّاً دعتا فيه قوّات الطرفين، الإسرائيليّ" و المصريّ، إلى البقاء على بعد 10 أميال من القناة. و في طريقه من (بغداد) إلى (نيويورك) لحضور آجتماعات الأمم المتّحدة، توقّف مندوب (العراق) الدائم لدى الأمم المتّحدة، الدكتولر (فاضل الجمالي)، في (لندن)، حيث آجتمع بوزير الخارجيّة البريطاني، المستر (سلوين لويد)، الذي آدّعى بأنّ دور (بريطانيا) و (فرنسا) ينحصر في "منع الإشتباك بين الطرفين". وقد ردّ (الجمالي) على ذلك قائلاً: "إنّ في قولكم هذا و بيانكم الثنائي مع (فرنسا) تأييد صريح للعدوان ال "إسرائيلي"، لأنّ ("إسرائيل") هي المعتدية، فلا يعقل أن يتساوى المعتدي بالمعتدى عليه!. و بعد يومين من بدء العدوان، أي في الحادي والثلاثين من الشهرزز


    وجّه الملك (فيصل الثاني) و خاله ولي العهد الأمير (عبدالإله) دعوة لعدد من المسؤولين السياسيين و العسكريين لحضور اجتماع موسّع في قصر (الرحاب) الملكي في (بغداد) لبحث العدوان الثلاثي على (مصر).
    و قد كان من بين من حضر هذا الإجتماع رئيس الوزراء (نوري السعيد) وأعضاء حكومته، بالإضافة لعدد من رؤساء الوزارات السابقين ورئيسي مجلسي النواب و الأعيان. وقد هاجم رؤساء الوزارات السابقة المجتمعون (نوري السعيد) لكونه لم يتمكّن من منع رئيس الوزراء البريطاني السير (آنتوني إيدن) من شن هذا العدوان على (مصر)، و لكونه أخفق في آتخاذ الإجراءات المناسبة لمعالجة الموقف. وفي ردّه على هذه الإنتقادات، قال السيد (خليل كنّة) لهؤلاء الرؤساء السابقين مدافعاً عن موقف (نوري السعيد):
    "كيف تنتظرون من (إيدن) أن يقبل رأي (نوري السعيد)، وهو الذي أهمل آراء حزب العمّال البريطاني المعارض و لم يحفل برأي (الولايات المتحدة الأميريكيّة) و لا بنصائح دول (الكومونويلث)؟".


    ولم يعجب رد (كنّة) هذا الأمير (عبدالإله)، إذ أبدى آمتعاضه منه. وقد تبنّى المجتمعون آقتراح (برهان الدين باش أعيان)، والمدعوم من قبل (أحمد مختار بابان)، بإبعاد (بريطانيا) من "ميثاق (بغداد)"، و لكن (نوري السعيد) كرّر طلبه إلى الحاضرين بإمهاله إلى ما بعد آنعقاد مؤتمر الدول الإسلامية الأعضاء في الميثاق، والمزمع عقده في (طهران) بعد ثلاثة أيام.
    وبعد هذا الإجتماع الموسّع في القصر الملكي، عقد مجلس الوزراء، في وقت لاحق من نفس اليوم، آجتماعاً لآستعراض أحداث العدوان الثلاثي على (مصر)، و بالتحديد الأعمال العدوانية التي قامت بها ("إسرائيل")، و التي آعتبرتها الحكومة العراقيّة "مخالفة لمباديء الأمم المتحدة". و أثناء الجلسة، قام (برهان الدين باش أعيان) بعرض آخر ما وصله من معلومات متعلّقة بالعدوان الثلاثي على (مصر). و في ختام الجلسة، قرّر مجلس الوزراء الإحتجاج على حكومتي كل من (بريطانيا) و (فرنسا) لما قامتا به من عدوان على (مصر)، و كذلك آستكمال جميع الإستعدادات العسكريّة لمساعدة (الأردن) في حالة طلبت إليه الحكومة الأردنيّة ذلك، و إعلان الأحكام العرفية في (العراق).
    و في نفس هذا اليوم، دعا رئيس الوزراء الباكستاني إلى إدراج قضية العدوان الثلاثي ضمن موادّ آجتماع الدول الإسلامية الأعضاء في الميثاق، الذي سيعقد في (طهران) بعد ثلاثة أيام. و قد كانت ردود فعل الحكومة العراقيّة الرسمية تجاه العدوان الثلاثي على قناة (السويس) في (مصر) تتلخص فيما يلي:
    -إصدار بيان أدانت فيه هذا العدوان
    -المطالبة بسحب كل القوات الأجنبية من الأراضي المصريّة
    -قطع العلاقات مع (فرنسا)
    -طرح آقتراح على مجلس “ميثاق (بغداد)” بمنع (بريطانيا) من المشاركة في آجتماعات الميثاق ما لم تسحب قواتها كاملة من الأراضي المصريّة.
    -إعلان الأحكام العرفية (و التي آستمرت حتى شهر أيار (مايو) من العام التالي 1957) في أرجاء البلاد تحسّباً لردود فعل عنيفة و غوغائية من الشارع العراقي بتحريض من الأحزاب اليسارية و الثورية.

    وفي 2/11/1956 قرّرت الحكومة قطع علاقات (العراق) الدبلوماسية مع (فرنسا)، و تجميد عضوية (بريطانيا) في "ميثاق (بغداد)". و في اليوم التالي، عقد في (طهران) آجتماع الدول الإسلامية الإعضاء في "ميثاق (بغداد)"، و قد ترأّس الوفد العراقي رئيس الوزراء السيد (نوري السعيد)، و ضم (برهان الدين باش أعيان). و قد تم بحث العدوان الثلاثي على (مصر)، و آثاره على الوضع في الشرق الأوسط، فوجّه المؤتمر نداء إلى كل من (بريطانيا) و (فرنسا) بإيقاف العدوان فوراً و سحب قواتهما من الأراضي المصريّة آنسحاباً كاملاً، و إلا، فإنه سيتم منع (بريطانيا) من المشاركة في آجتماعات الميثاق. كما تقرّر الضغط على كل من (بريطانيا) و (الولايات المتحدة ألأميريكيّة) لحملهما على حل قضيتي (فلسطين) و (الجزائر)، كما تقرّر الضغط على (بريطانيا) لحملها على إيقاف عدوانها على (مصر)، و إزالة آثاره فوراً. و قد تم إبعاد (بريطانيا) من آجتماعات "ميثاق (بغداد)" إلى أجل غير مسمى، و حتى تتراجع عن عدوانها على (مصر) و تساهم في إزالة آثاره، و لم يسمح لها بالعودة لحضور آجتماعات "الميثاق" إلا بعد 8 أشهر، و ذلك بعد أن حقّقت شروط الدول الإسلامية الأعضاء في "الميثاق".

    في 19/1/1957 اجتماع رئاسي للدول الإسلاميّة الأعضاء "ميثاق (بغداد)"والحكومة العراقيّة تعرب عن ارتياحها لانسحاب القوّات البريطانيّة من (مصر) وتصاعد الدعاية الناصرية ضد السياسة الموالية ل(بريطانيا) في (العراق) و دورها في قيام قائدي الفرقة الأولى و الثالثة (عمر علي) و (غازي الداغستاني) بإعداد خطّة لإبعاد (عبدالإله) و (نوري السعيد) عن الحكم (كانون الثاني يناير 1957) حيث وضع عمر علي والداغستاني خطّة ل "تصحيح الأوضاع" في (العراق)، أسمياها "حركة تنظيف"، هدفها إصلاح نظام الحكم الملكي. و تنص الخطّة على حوارين، كالآتي:
    أ- إذا ما تم تحقيق الإتحاد السوري-العراقي الذي كانت الحكومة العراقيّة تسعى إليه، فإن الدعاية الناصرية ضد هذا الإتحاد ستزداد تركيزاً و شراسة ضد أقطاب نظام الحكم الملكي في (العراق) وضد الأحزاب والشخصيات السياسيّة والعسكريّة السوريّة المشاركة في تحقيق هذا الإتحاد. و هذه الحملة الإعلامية الناصرية سوف تؤدّي، بدورها، إلى تحريض الرأي العام السوري ضد الحكومة العراقيّة وضد عملية الإتحاد السوري-العراقي، ومن ثم إلى قيام آنتفاضة شعبية داخل (سوريا) و (العراق). عندها، ستطلب الحكومة العراقيّة من الجيش العراقي التدخل لقمع الإنتفاضة، و لكن الجيش سيرفض ذلك، و يقوم، بدلاً عن ذلك، بآعتقال رجال الدولة العراقيّة والسوريّة و آحتجازهم في مكان آمن، ثم يقوم الجيش بتشكيل حكومة جديدة بإشرافه، و تحت رعاية الملك (فيصل الثاني)، و لكن بدون خاله ولي العهد الأمير (عبدالإله)، الذي سيكون قد تم عزله، و بدون تأثير السيد (نوري السعيد)، الذي سيكون قد تم إبعاده عن الحكم.
    ب- إذا لم يتم تحقيق الإتحاد السوري-العراقي الذي كانت الحكومة العراقيّة تسعى إليه، فإن الجيش العراقي يتربص الإنتفاضة الشعبية المتوقعة داخل (العراق)، بسبب تفاقم النقمة على سياسة الحكومة والأوضاع الراهنة، و بتأثير الدعايات الناصرية و الشيوعية في الرأي العام العراقي. و عندها، يقوم الجيش بالتدخل بحجة ضبط الأمن، ولكنه بدلاً عن ذلك يتولى إقصاء كل من (عبدالإله) (نوري السعيد) عن
    الحكم، ثم تعديل القانون الأساسي وتحديد سلطات الملك، والتصلّب تدريجياً تجاه (بريطانيا) و (الولايات المتحدة الأميريكيّة)، وحث الأخيرة على زيادة مساعداتها العسكريّة والمالية للعراق).


    26/2/1958 خطاب ل (جمال عبدالناصر) في (دمشق) الجامع الاموي يهاجم فيه القادة والساسة العراقيّين وأسرهم بسبب سياسة الحكومة العراقية الموالية ل(بريطانيا) ومن جملة ما قال:
    "إني أرى تحتي عروشاً تهتزّ تحت من يجلس عليها".
    كما أدّعى (عبدالناصر) في خطبته الشهيرة والمؤثّرة هذه بأن وزير خارجيّة (العراق)، (برهان الدين باش أعيان)، قال له بأن "الجمهورية العربية المتحدة" قامت "قسراً".
    و استطرد (عبدالناصر) في خطابه هذا مهاجماً (باش أعيان) بالقول بأنه "إنما قال ذلك لكي يرضي الإستعمار، لأنه من أكبر أعوان الإستعمار".
    و تعرّض (عبدالناصر) في خطابه هذا إلى أسرة آل (باش أعيان) فهاجمها برمّتها، ناعتاً إياها بالأسرة "الرجعيّة" و "الإقطاعيّة" وبأنّها "ممالئة" للإنكليز و ل(عبدالإله) و ل(نوري السعيد)، ممّا عبّأ الرأي العام العربي بصورة عامةّ، والعراقي والمصري والسوري بصورة خاصّة، ضد (برهان الدين باش أعيان)، و ألّبه ضد أسرة (باش أعيان) برمّتها، و ذلك بسبب تأثير شخصيّة (عبدالناصر) العميق في نفسيّات الرأي العام العربي، وبسبب نفوذ أجهزة (عبدالناصر) الإعلامية الواسعة بين الشباب العربي المتعلّم و طبقات الكادحين في أرجاء العالم العربي خلال هذه الفترة.
    و قد طلب (باش أعيان) إلى السيّد (محمد جواد الخطيب)، مدير الدعاية و التوجيه العراقي، القيام بتكذيب آدّعاء (عبدالناصر) بما نسب إليه من قوله عن قيام "الجمهورية العربية المتحدة" بأنها قامت "قسراً". كما شنّ (عبدالناصر) أثناء خطابه هذا حملات كلاميّة شعواء على كل من الأمير (عبدالإله) و (نوري السعيد) و رئيس الوزراء العراقي آلأسبق د. (فاضل الجمالي)، متّهماً إيّاهم بالعمالة للإنكليز و الأميريكان.

    الخلافات العراقية-البريطانية خلال العهد الملكي حول الاردن
    في 30/12/1955 اجتمع (برهان الدين باش أعيان) في مكتبه بوزارة الخارجية في (بغداد) بالسفير البريطاني لدى (العراق) (مايكل رايت) و أعرب له عن حاجة (الأردن) لمساعدة الدول العربية لإنهاء المعاهدة القائمة بينها و بين (بريطانيا) إسوة بكل من (العراق) و(مصر)، موضحا بأن "مجرد المساعدة المالية لا تكفي، بل أنها تضر (الأردن)، لأنها تؤدي الى تخفيف العبء المالي، لا عن (الأردن)، بل عن (بريطانيا). لذا، فهي ستخدم مصالح (بريطانيا) بدلا من (الأردن)".
    في 14/3/1956 جلسة مجلس النوّاب المنعقدة صرح (برهان الدين باش أعيان) بأن الحكومة العراقية قد تلقت نبأ قيام الحكومة الأردنية بإنهاء خدمات الضابط البريطاني الفريق (جون غلوب) ب آهتمام كبير"، ولكنه عدَ ذلك "شاناً أردنياً داخلياً"، مضيفاً بأن الحكومة العراقية تبذل ما في وسعها لتقديم المعونة الأخوية ل (الأردن).

    وفي مداخلة له مع النائب (صادق البصام)، أوضح (برهان الدين باش أعيان) بأن (العراق) "لم يتبلغ، لا من (الأردن) و لا من (بريطانيا)، ما يفيد بقرار (بريطانيا) قطع المساعدات المالية عن (الأردن)"، مضيفاً بأنه، "أن صح" هذا الخبر، فإن (العراق) سيقوم بواجبه الأخوي تجاه (الأردن).

    الخلافات العراقية-البريطانية خلال العهد الملكي حول (الجزائر)
    في 26/4/1956 مجلس النواب وزير الخارجيّة العراقيّة بالوكالة يصرّح عن قيام (العراق) بحثّ الحكومة البريطانيّة على التدخّل تجاه القضية الجزائرية و أكد (برهان الدين باش أعيان) آستعداد (العراق) لمقاطعة (فرنسا) "إذا ما وجد فائدة أو ضرورة في المقاطعة الفردية". وقٌال، رداً على سؤال من أحد النواب عن المساعي التي قامت بها الحكومة العراقية لنصرة القضية الجزائرية، بأن الحكومة العراقية قامت بآستدعاء ممثلي كل من (الولايات المتحدة الأميريكية) و (بريطانيا) و (فرنسا)، و دول مؤتمر (بندونغ)، مطالبة إياهم بالإسراع في التدخل لدى (فرنسا) لإيقاف المجازر في (الجزائر)، كما أشار إلى أن قضية (الجزائر) قد أثيرت في الخطب التي ألقيت في آجتماع دول "ميثاق (بغداد)" في (طهران) الأسبوع الماضي.


    و رداً على سؤال وجهه النائب السيد (توفيق المختار) عن مصير الربع مليون دينار عراقي التي كانت الحكومة العراقية قد خصّصتها ل (الجزائر) ، أوضح (برهان الدين باش أعيان) بأن المبلغ دفع إلى جمعية (الهلال الأحمر) العراقية لكي تقوم بدورها بإيصاله إلى (الجزائر). كما أكد بأنه سيحمل آقتراح مقاطعة (فرنسا) إلى آجتماع مجلس جامعة الدول العربية المقبل، و المقرر عقده في (دمشق).
    في 31/5/1956 مؤتمر صحافي عقد في (بغداد) أدلى (برهان الدين باش أعيان) بتصريح مفاده بأنه يقر تأليف لجنة دولية لدراسة الحالة الخطيرة في (الجزائر). و في نفس هذا اليوم، آلتقى السفير الفرنسي في (العراق)، حيث أكد (برهان الدين باش أعيان) للسفير "إيمان الشعب العراقي بحق الشعب الجزائري في الحرية و الإستقلال". و بعد هذا الإجتماع، آجتمع (برهان الدين باش أعيان) بوفد "جبهة التحرير الجزائرية"، برئاسة السيد (البشير الإبراهيم)، الذي كان يزور (بغداد)، و الذي ضم السيد (عبدالحميد المهدي)، و بحضور ممثل (الجزائر) في (بغداد)، السيد (أحمد بودة).
    و قد أوضح (برهان الدين باش أعيان) للوفد الجزائري آستعداد (العراق) لتقديم المساعدات المالية للجزائريين، مستنكراً أعمال (فرنسا) الإجرامية في (الجزائر). و في اليوم التالي، قام (برهان الدين باش أعيان) بآستدعاء سفراء كل من (بريطانيا) و (الولايات المتحدة الأميريكية) و (فرنسا) إلى مكتبه في وزارة الخارجية في (بغداد)، معرباً لهم عن "قلق (العراق) للمذبحة المستمرة في (الجزائر)"، و "آستغراب (العراق) من قيام (فرنسا) بتحويل قواتها ضمن حلف ال (ناتو) لمطاردة الجزائريين"، و مبدياً رأيه بوجوب بذل مساع لإيجاد الوساطات الفعالة لإيقاف المجزرة فوراً. و في هذا اليوم، قامت وزارة الخارجية العراقية، نيابة عن وزارة الدفاع العراقية، بصرف مبلغ أربعين ألف دينار عراقي من مخصصات الدعاية في وزارة الخارجية، لمساعدة الثوار الجزائريين.
    الخلافات العراقية-البريطانية خلال العهد الملكي حول (الكويت)
    الحكومة العراقيّة تحثّ (بريطانيا) على منح (الكويت) آستقلالها لتنضمّ ل "الإتّحاد العربي" خلال شهر كانون الأول من عام 1956، مرّ ب (بغداد) في طريقه من (لندن) إلى جنوبي شرق (أسيا) لحضور آجتماع ميثاق ال (سينتو(CENTO ، وزير الخارجيّة البريطاني المستر (سلوين لويد (Mr. Selwyn Loyd ، فقامت الحكومة العراقيّة بحثّه على إقناع حكومته بتحقيق آستقلال (الكويت)، تمهيداً لدعوة (العراق) لها للإنضمام إلى آتّحاد مع (العراق)، فوعد (سلوين لويد) بعرض الأمر على حكومته. وقد قام (لويد) بذلك فعلاً عند عودته إلى (لندن)، ونجح بإقناع مجلس الوزراء البريطاني بالفكرة، و الذي فوّضه بمعالجة الأمر مع الحكومة العراقيّة مباشرة. و قد تبعت ذلك آتّصالات بين (العراق) و (بريطانيا)، حتّى أعلن السفير البريطاني في (بغداد)، السير (مايكل رايت (Sir Michael Wright رسميّاً عن آستعداد حكومته لمنح (الكويت) آستقلالها، على أن تترك لها حرّيّة الإنضمام إلى آتّحاد مع (العراق).

    في أواخر شهر أيار من عام 1958، آجتمع السيد (نوري السعيد) في (لندن) بوزير الدولة البريطانيّ المستر (سلوين لويد (Mr. Selwyn Loyd، حيث تطرق الطرفان إلى موضوع دعوة (العراق) إلى (الكويت) للإنضمام إلى "الإتحاد العربي". و كان (نوري السعيد) قد باشر بالإعداد للتفاوض مع الكويتيين حول هذا الموضوع، الذي لم تبد (بريطانيّا) أية معارضة صريحة له، و لكن (نوري) ما فتيء أن تحسس تلكّؤاً بريطانيّاً متزايداً، شمل وضعهم للعراقيّل في طريق المشروع، مما كان يرقى أحياناً إلى مستوى المعارضة للفكرة. و كانت حجة الإنكليز في ذلك كله أن الأمر عائد لأمير (الكويت)، و لكن الحكومة العراقيّة لم تكن مقتنعة بهذا الطرح. و قد بلغ من درجة التوتر خلال هذا اللقاء أن ضرب (نوري السعيد) بقبضته على الطاولة، صارخاً بوجه (لويد) بأعلى صوته:
    "إنكم الإنكليز تلعبون، و الشيوعيون يزحفون!".
    ، مما حدا بالمستر (لويد) أن يقول له:
    "لعلي أشعر بأن أعصاب الباشا لم تعد تحت سيطرته؟ إنكم بحاجة ماسة للراحة!".
    و قد ذكر (لويد) و هو في طريق توقفه في (بغداد) لأحدهم: "ما بال (نوري)؟ أهو مريض أم متعب؟ إنه أصبح عصبياً، يحتدم في الكلام، و يضرب على الطاولة".
    و بعد عدم تمكّن الحكومة العراقيّة من تحقيق نجاح في محاولاتها إقناع (الكويت) بالإنضمام إلى (الإتّحاد العربي)، و بالنظر لعدد من الفرائن المتنوّعة الأخرى، تكوّنت لدى (العراق) قناعة بأنّ (بريطانيّا) كانت تضع العراقيّل في سبيل تحقيق هذا الأمر. لذا، ففي أوائل الشهر التاليحزيران (يونية)، و بعد عودته من (لندن)، آجتمع السيد (نوري السعيد) في (بغداد) بالسفير البريطانيّ السير (مايكل رايت)، و من جملة ما قاله له: "أبلغكم، و أنا المعروف بصداقتي لكم، أن سياستكم في المنطقة ككل قد فشلت، و الجميع يخاصمونكم. و سوف يكون (العراق) في صفوف خصومكم. إنكم ساهمتم في خلق هذا البلاء، ("إسرائيل")، في قلب الوطن العربي لتهديده، و كلما حاول العرب الدفاع عن وجودهم تمنعونهم من ذلك، و لذلك، فإني أتوقع أن كل صديق لكم سوف يقتل و يسحل في الشوارع. و عندما طلبنا منكم آنضمام (الكويت) إلى "الإتحاد العربي" بآعتباركم الدولة المسئوولة عن علاقات (الكويت) الخارجية، تمانعون و تختلقون الأعذار. إن موقفكم يحول دون تسخير الموارد العربية في الدفاع ضد الخطر الإسرائيلي، الذي أصبح يهدد الوطن العربي. لقد تجاوزت السبعين من عمري، و هي سنون قضيتها في تمتين الصداقة معكم، غير أني وجدتكم تعاملون خصومكم أفضل من أصدقائكم. إني أؤكد لك، أيها السيد السفير، بأني بمقدوري أن اصبح بطلاً وطنياً يرفع على الأعناق، بأن أقوم بمحاولة، قد تكون ناجحة أو يائسة، إرضاء للرأي العام العراقيّ و العربي. لذلك، فإني أفضل الإنزواء في قرية صغيرة في (أوروبا). و إنني على يقين بأن أشخاصاً آخرين سيظهرون و يلقنونكم درساً ".
    و في أوائل شهر حزيران هذا، و بعد آجتماعه برئيس وزراء "الإتحاد العربي" السيد (نوري السعيد)، قام السفير البريطانيّ في (بغداد) بإبلاغ وزير خارجية "الإتحاد"، السيد (توفيق السويدي)، موافقة الحكومة البريطانيّة "مبدئياً" على فكرة آنضمام (الكويت) ل "الإتحاد العربي"، على أن يكون ذلك بعد حصول (الكويت) على آستقلالها من (بريطانيّا). أما تفصيلات هذا الإنضمام، فإن الحكومة البريطانيّة تقترح أن تتم دراستها في آجتماع خاص يعقد في (لندن) بين رئيس الوزراء البريطانيّ، و وزير الخارجية البريطانيّمن جهة، و رئيس وزراء "الإتحاد العربي"، و وزير خارجية "الإتحاد العربي" من جهة أخرى، و ذلك في الرابع و العشرين من شهر تموز (يولية) القادم. عندها، أمر (السويدي) بتأليف لجنة مكوّنة من موظفي وزارتي الخارجية و الدفاع في "الإتحاد العربي" لإعداد مذكرة محكمة و مسهبة حول الموضوع، لإذاعتها في مؤتمر صحفي يعقده في (بغداد)، و لكن السفير البريطانيّ رجاه بإلحاح عدم إذاعة المذكرة قبل موعد الإجتماع المزمع في (لندن) في الرابع و العشرين من الشهر القادم، "حرصاً على سير الأمور دون تشويش في مجراها الطبيعي"، و التي أكّد (مايكل رايت) ل (السويدي) أنّها ستكون "إيجابيّة"، و "مرضية".
    أحد "الضبّاط الأحرار" يدّعي بأن حركتهم الإنقلابية كانت بالتنسيق مع الإنكليز (1956)
    بعد قيام آنقلاب 14 تموز العسكري عام 1958، ذكر د. (فاضل حسين) أن صديقاً له أخبره بأنه حاول التوسّط لدى العقيد (عبدالسلام عارف) (الذي كان من قادة الإنقلاب)، لتعيين صديق له من الضبّاط في منصب ما، ولكن (عبدالسلام عارف) رد على هذا الرجل قائلاً بأن صديقه الضابط هذا ينتمي لأسرة "موالية للإنكليز". وعندما عاد هذا الصديق ليخبر صديقه بما سمعه من رد (عبدالسلام عارف)، علق قائلاً:

    "أنا من أسرة موالية للإنگليز؟ ألم يكن (عبدالسلام عارف) و(عبدالكريم قاسم) يتّصلان بالإنكليز عن طريق شركة نفط (كركوك)، وبالتحديد لأجل الإعداد للثورة، وكنت أنا المترجم بينهما!".

    السفارة البريطانيّة في (بغداد) تخفّف من جديّّة التقارير الإستخباراتيّة عن تنظيم "الضبّاط الأحرار" (1956)
    كانت معلومات كثيرة و مفصّلة ترد إلى ضابط آستخبارات لواء الحرس الملكي، المقدّم (محمد الشيخ لطيف)، وضابط الإستخبارات الخاص بالأمير (عبدالإله) نفسه، الملازم (فالح زكي حنظل)، عن نشاط كل هؤلاء "الضبّاط الأحرار" في الجيش العراقي، و كان (محمد الشيخ لطيف) و الملازم (فالح زكي حنظل) يقومان بدوريهما بنقلها إلى (عبدالإله)، الذي كان يطّلع عليها و يدرسها بعناية، و لكنه لم يكن ليكتف بذلك، بل كان يطلب تقييم السفارة البريطانيّة في (بغداد) لها، لذا، فإنّه كان يقوم بإرسالها للسفير البريطاني كلّ مرة، طالباً رأيه في الأمر. و كانت ردود السفارة البريطانيّة حول هذه التقارير تتراوح بين التهوين و التكذيب، متذرّعة بكون هذه التقارير "غير دقيقة"، "كاذبة"، "لا أهمية لها"، أو مجرد "إشاعات شيوعية"، الغرض منها "إثارة نقمة الأمير ضد الضبّاط القوميين"، الذين يقال عنهم أنهم "الضبّاط الأحرار"، و لحمل الأمير على طرد هؤلاء الضبّاط القوميين من الجيش "كي يخلو الجو أمام الحزب الشيوعي للحكم"، كما ذكر كل ذلك الأمير (عبدالإله) نفسه ل (محمد الشيخ لطيف).

    الدبلوماسي البريطاني (صموئيل فول) يدعو لإبعاد ولي العهد الأمير (عبدالإله) و رئيس الوزراء (نوري السعيد) عن الحكم (1957)
    خلال عام 1957، دعا السكرتير الشرقي في السفارة البريطانيّة في (بغداد)، المستر (صموئيل فولSamuel Voll)، إلى إبعاد كل من الأمير (عبدالإله)، و (نوري السعيد) عن الحكم بالقوة العسكريّة إذا ما آقتضى الأمر، والإبقاء على الملك (فيصل الثاني)، مع رئيس وزراء عسكري (و من المرشحين لذلك كان اللواء (غازي الداغستاني)، قائد الفرقة الثالثة).

    ضابط عراقي يدّعي بأنّ المخابرات البريطانيّة حاولت تجنيده للمشاركة في آنقلاب على النظام الملكي(ربيع 1958)
    تواترت روايتنا عن قيام المخابرات البريطانيّة بالإتّصال بضابط عراقي لمحاولة إقناعه بالمشاركة في حركة آنقلابيّة يجري الإعداد لها لقلب نظام الحكم الملكي في (العراق).
    كانت الرواية الأولى من هذا الضابط نفسه، الذي أخبر شخصاً ثقة مقرّباً من هذا الباحث، (و ذلك عام 2005)، بأنّه أثناء حضوره دورة تكريبيّة في (بريطانيا) عام 1958، تمّ الإتّصال به من بعض ضبّاط المخابرات البريطانية، و عرضوا عليه المشاركة في حركة آنقلابيّة يجري الإعداد لها لقلب نظام الحكم الملكي في (العراق). و عندما رفض هذا الضابط العراقي المشاركة، قامت المخابرات البريطانيّة بتهديده بحياته و حياة أسرته غذا ما هو أفصح عن هذا ألمر لأيّ كان.
    وقد وردت رواية مشابهة جدّاً في كتاب لأحد مؤرّخي آنقلاب 14 تمّوز 1958، نسبها إلى العميد الركن المتقاعد (محمّد علي كاظم)، الذي ذكرها بتفاصيل قريبة جدّاً لبعض معارفه في اجتماع معهم في (بغداد) عام 1973، على أنّه هو أيضاً تعرّض لنفس التجربة عام 1958.

    رئيس الوزراء الإتّحادي (نوري السعيد) يسافر إلى (بريطانيا) للإجازة (أواخر حزيران 1958)
    في أواخر حزيران 1958، غادر رئيس وزراء (الإتّحاد العربي)، السيّد (نوري السعيد)، (بغداد)، مصحوباً بزوجته، إلى (لندن)، حيث كان يدرس حفيداه من ولده العقيد (صباح)، (فلاح) و (عصام)، و معهما والدتهما، السيّدة (عصمت علي فهمي باشا)، التي كانت قد سافرت لقضاء إجازة الصيف معهما، و بنفس الوقت للإعداد لشهادة الدكتوراه في جامعة (باريس). فيما بقي زوجها، لعقيد (صباح)، في (بغداد).

    و قد كان الغرض من هذه الزيارة قضاء وقت من الراحة في فترة الإجازة. و رغم أن سفرة (نوري السعيد) إلى (لندن) هذه كانت لقضاء إجازته فيها، فإنّه قام، أثناء مقابلته للملك (فيصل الثاني) قبل سفره، بالطلب من الملك أن يستدعيه رسمياً للعودة إلى (العراق) من (لندن)، و لكن دون أن يوضّح للملك السبب وراء طلبه هذا.

    الملك الأردني (الحسين) بن (طلال) يحذّر إبن عمه الملك (فيصل الثاني) من خطورة الوضع في الجيش العراقي (أواخر حزيران 1958)
    في أواخر شهر حزيران 1958، آتصل الملك (الحسين) بن (طلال) ملك الأردن بآبن عمه ملك (العراق)، (فيصل الثاني)، هاتفياً، ليبلغه بأن معلومات قد وصلته مفادها وجود مؤامرة لقلب نظامي الحكم الملكيين في (العراق) و (الأردن) بنفس الوقت. و كان خال الملك (فيصل الثاني) و ولي عهده، الأمير (عبدالإله)، خارج (العراق)، إذ كان يقضي إجازة الصيف في (إسطنبول)، كما كان رئيس وزراء "الإتحاد العربي" (العراقيّ-الأردنيّ)، السيد (نوري السعيد)، أيضاً خارج (العراق)، إذ كان في زيارة رسمية ل (بريطانيّا). لذا، فإن الملك (فيصل الثاني) لم يملك سوى أن يرد على تحذير آبن عمه متسائلاً: "و ماذا تقترحون علي أن أعمله؟"، فأجابه الملك (حسين) بأنه يقترح عليه أن يقوم بإرسال شخصية هامة يعتمد عليها لكي يقوم الملك (حسين) بإبلاغها التفاصيل. عندها، قام الملك (فيصل) بتكليف رئيس أركان الجيش العراقيّ، و القائد العام لقوات "الإتحاد العربي"، الفريق (رفيق عارف)، يصاحبه السياسي السوريّ اللاجيء في (العراق) السيد (ميخائيل اليان)، وزير المالية السوريّ السابق في حكومة (صبري العسلي) بين عامي 1955 و 1956، بالسفر إلى (الأردن) للإجتماع بالملك (حسين) لهذا الغرض. ذلك أن (رفيق عارف) كان مكلفاً من قبل (عبدالإله) بمتابعة كل نِشاطات و تنظيمات حلقة "الضباط الأحرار"، و كان من أكثر المعنيين بهذه الحركة. و عندما وصل الوفد العراقيّ إلى منطقة (إيتش ثري (H3 الحدودية، وجدوا الملك (حسين) في آنتظارهم، و بعد الإجتماع التمهيدي، آنتقل الجميع إلى (عمان). و في (عمان)، حضر الإجتماع بين الملك (حسين) و (رفيق عارف) و (ميخائيل اليان)، كل من رئيس الوزراء الأردنيّ السيد (إبراهيم هاشم)، و رئيس الديوان الملكي الأردنيّ السيد (بهجت التلهوني)، و القائد العام للقوات الأردنيّة اللواء (حابس المجالي)، و ضابط مخابرات قام بعرض مفصل و متأن لكل المعلومات و الإثباتات المتوفرة للمخابرات الأردنيّة عن مؤامرة الإنقلاب المذكورة. و بعد أن آستمع (رفيق عارف) لشرح ضابط المخابرات الأردنيّ، و تصفّح التقارير المعروضة أمامه، ضحك قائلاً للملك (حسين): "إن الجيش العراقيّ مؤّسس على تقاليد متينة، و هو أفضل جيش في الشرق الأوسط،" و لفت نظره إلى أن لائحة أسماء الضباط العراقيّين المتهمين في هذا التقرير الأردنيّ بالضلوع في المؤامرة تحوي عدداً من أخلص ضباط الجيش العراقيّ، له هو (أي، ل (رفيق عارف)) شخصياً، كما للعرش، و أنهم طوع إرادته، يحركهم بيده كما يحرك عصاه، متى شاء و كيفما شاء. و تابع (رفيق عارف) حديثه مع الملك (حسين) بنصحه بأن "الأولى الإلتفات نحو خطر الإنقلابات الذي يتهدد (الأردن)"، و طلب (عارف) من الملك (حسين) أن يتخذ هو الحيطة و الحذر من الوضع في (الأردن). عندها، آحتدّ الملك (حسين) مع (عارف) لموقفه المنكر للواقع و آستخفافه بهذا الأمر الخطير، و لكن الطرفين آتفقا، في النهاية، على أن يقوم (عارف) بإطلاع الملك (فيصل الثاني) و الحكومة العراقيّة على كل هذه الوثائق و المعلومات. و لكن الملك (حسين) لم يكتف بهذا الإتفاق مع (رفيق عارف)، فقام بإرسال رئيس مخابراته، السيد (محمد الجيلاني)، إلى (بغداد)، ليحذر الحكومة العراقيّة، مؤكداً أن معلومات (الأردن) الآستخباراتيّة تشير إلى أن "ساعة الصفر" الإنقلابية قد آقتربت.

    رئيس الوزراء الإتّحادي (نوري السعيد) يقطع إجازنه في (بريطانيا) و يعود إلى (العراق) (أوائل تموز 1958)
    بعد أن آستلم السيد (نوري السعيد)، الذي كان في (بريطانيّا) تمهيداً لحضور الإجتماعات الرئاسية ل "ميثاق (بغداد)" و التي كان مخططاً عقدها في منتصف شهر تمّوز (يولية) من عام 1958، برقية آستدعائه من الملك (فيصل الثاني)، و ذلك حسب طلبه هو من الملك قبل مغادرته (العراق)، حاول العودة إلى (بغداد) فوراً، فلم يجد طائرة ركاب عادية من (لندن) في ذلك اليوم، فرتّب أن يركب في طائرة شحن، مما آضطره للجلوس إلى جانب الطيار طيلة الرحلة.

    أعضاء من الجالية الدبلوماسية البريطانيّة في (العراق) يدعون لإزالة الشخصيات المخضرمة من النظام الملكي في (العراق) (4/7/1958)
    في أوائل شهر تموز 1958، أعرب السفير البريطاني في (بغداد)، السير (مايكل رايت)، للدكتور (صالح البصام)، عن رغبته في تناول الشاي عنده في حديقة منزله الواقع في محلة (كرادة مريم)، على نهر (دجلة)، و المجاور لدار السيد (نوري السعيد). عندها، رأى د. (البصام) أن يقيم وليمة عشاء صغيرة تشمل السفير و زوجته، الليدي (رايت)، و السكرتير الشرقي في السفارة البريطانيّة في (بغداد)، المستر (صموئيل فولMr. Samuel Voll )، و بعض الأقرباء، مثل السادة: والد زوجته، (عبدالهادي الجلبي)، نسيبه، (رشدي عبدالهادي الجلبي)، (عبدالجبار الجلبي)، عديله، أخصائي الأطفال المعروف الدكتور (عبدالأمير علاوي)، جاره، رئيس وزراء "الإتحاد العربي" (نوري السعيد)، و بعض الأصدقاء، و من بينهم الدكتور (فاضل الجمالي). و قد أجلس الدكتور (البصام) ضيوفه حول طاولات متعدّدة، على شكل حلقات، فكان يتنقّل بين هذه الطاولات، متفقّداً شئون ضيوفه، واقفاً على راحتهم. و قد فوجيء و هو يقف على الطاولة التي كان يجلس إليها السكرتير الشرقي في السفارة البريطانيّة في (بغداد)، المستر (صموئيل فول)، التي كانت مجاورة للطاولة التي كان يجلس إليها (نوري السعيد)، بهذا الموظّف الدبلوماسي البريطاني و هو يتحدّث بصراحة و بصوت مسموع إلى جلسائه من الشخصيات السياسية و التجارية العراقيّة، و هو يدعو في حديثه إلى إزالة الوجوه السياسية و الشخصيات الحالية الحاكمة في (العراق) و آستبدالها بوجوه "جديدة شابة، من جيل الشباب العراقيّ المثقف الناضج، لإدارة بلادهم". و قد ظلّ المستر (صموئيل فول) يكرّر في حديثه بأن الوجوه القديمة، "رغم أن عددها لا يتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة"، قد "آحتكرت السلطة، و أخذت بتداول الحكم فيما بينها، و ليس لديها الرغبة الحقيقيّة في تغيير أوضاع الناس للّحاق بقطار التطور و المدنية الحديثة". و عندها، خشي (البصّام) أن يصل هذا الكلام إلى مسمع (نوري السعيد) فيحصل شجار أو توتّر في الحفل، فحاول تغيير الموضوع، و لكن (فول) ظل يعود إليه بإلحاح. و لم تنفع محاولات الضيوف الآخرين الجالسين على نفس طاولة (فول) في تغيير مسار الحديث. عندها، آنتقل د. (البصام) إلى طاولة أخرى، كانت تجلس إليها زوجة السفير البريطاني في (بغداد)، الليدي (رايت)، فكانت دهشته أشد عندما سمع الليدي (رايت) تتحدّث إلى جلسائها هي الأخرى بنفس حديث (فول)، داعية بدورها إلى تغيير كل الشخصيات السياسية و الحاكمة المخضرمة في (العراق)، و آستبدالها، "بشكل سلمي" بشخصيات "شابّة" و "مثقّفة"، بعد أن اصبح عدد المثقفين "من هؤلاء كبيراً"..

    رئيس المخابرات الإيرانيّة، (تيمور بختيار)، يكلّف الصحفي السوري (نذير فنصة)ً بتحذير ولي العهد العراقي الأمير (عبدالإله) من قرب وقوع حدث خطير ضد نظام الحكم في (العراق) (7-8/7/1958)
    في السابع من شهر تموز 1958، قام رئيس جهاز المخابرات الإيرانيّة (السافاك)، و هو الجنرال (تيمور بختيار)، بآستدعاء الصحافيّ السوريّ المعارض المقيم في (طهران)، السيد (نذير فنصة)، ليكلّفه بمهمة سرّيّة عاجلة، و هي التوجه فوراً إلى (آسطنبول) حيث كان الأمير (عبدالإله) يقضي إجازته الصيفية، و إبلاغه بأن لا يعود إلى (العراق)، بل و أن يستدعي الملك (فيصل الثاني) فوراً إلى خارج (العراق)، و بأسرع وقت ممكن، لأن معلومات مؤكدة وعالية المستوى قد بلغته بأن أمراً ما يتم الإعداد له ضد النظام الملكي في (العراق)، وأنه سيقع قريباً جداً.

    و قد أوصى (بختيار) (فنصة) بأن يشدد على (عبدالإله) أن لايدع الملك (فيصل) ينتظر حتى موعد سفره المزمع إلى (إسطنبول) في الرابع عشر من الشهر، بل أن يغادر (العراق) فوراً.
    وعندما سأل (فنصة) (بختيار) لماذا لا يقوم بإيصال هذه الرسالة الخطيرة و المستعجلة إلى (عبدالإله) عن طريق إحدى سفارات (إيران) في (بغداد) أو (أنقرة)، أخبره بأنه لا يريد أن يتخذ هذا التحدذير صفة رسمية كونه ورد بصورة سرّيّة جداً و من جهات عليا جداً، وأن المخابرات الإيرانيّة لا تريده أن يظهر بصورة علنية أو حكومية. و عندما سأله (فنصة) عن مزيد من التفاصيل حول هذا الأمر، أجابه بأنه لا يعرف أكثر مما قاله له، و أن المعلومات المتوفرة تشير فقط إلى أن شيئاً ما مهيئاً ضد الملك، و أنه إنما يكلّف (فنصة) بالقيام بهذه المهمة لأسباب إنسانية بحتة، تتعلق بحياة الملك (فيصل الثاني)، و ليست لها أية علاقة بالإعتبارات السياسية، مثل "ميثاق (بغداد)" أو غير ذلك.
    وعندما سأله (فنصة) ما إذا كان يريده أن يبلغ هذا التحذير ل (عبدالإله) بإسمه (أي، بإسم (بختيار)) أم بإسم الشاه، قال له (بختيار):
    "لا، بل بإسمي أنا".
    و أضاف:
    "أنا لست متأكداً من ماهية هذا الحدث الخطير، أهو آنقلاب عسكريّ أو غير ذلك، و لكننا نعرف أن موعده قريب جداً".
    و قال (بختيار) ل (فنصة) بأنه قد كلف شخصاً ما بآنتظاره عند وصوله إلى مطار (إسطنبول)، حيث سيقوم من هناك بنقله إلى اليخت الذي كان (عبدالإله) يقضي إجازته عليه.
    و في صباح اليوم التالي، الثامن من الشهر، توجّه (نذير فنصة) من (طهران) إلى (إسطنبول) بالطائرة، حيث وجد بآنتظاره عند وصوله (إسطنبول) الشخص الكلّف من قبل مدير جهاز المخابرات الإيرانيّة (السافاك)، الذي قام بنقله بسيارته إلى الميناء الذي كان يرسو عنده اليخت الذي كان الأمير (عبدالإله) يقضي عليه إجازته. و قد وصل (فنصة) إلى الميناء في الساعة الحادية عشرة صباحاً، ليجد (عبدالإله) بآنتظاره، إذ كان يتوقع وصوله.و بعد تبادل عبارات المجاملة، بدا (عبدالإله) مستعجلاً لمعرفة ما كان يحمله له (فنصة) من أخبار، فأصر عليه أن يفصح له عما عنده في الحال.
    و لما أخبره (فنصة) برسالة (بختيار)، رد عليه (عبدالإله) بآنفعال:
    "دع (بختيار) يأكل ..! دع الإيرانيّين ينظروا إلى أنفسهم بدلاً من الإنشغال بنا، دعهم ينتبهوا من جيشهم هم بدلاً من إعطائنا الدروس ".

    ولما قال له (فنصة) بأن (بختيار) يحبهم لأنهم من آل البيت، و أنه أرسله من باب محبته لهم و حرصه على سلامتهم، آنتفض (عبدالإله) قائلاً: "نحن آل البيت كتبت علينا الشهادة، و نحن نعرف أننا سنموت قتلاً".
    ولم تجد محاولات (فنصة) بإقناع (عبدالإله) بعدم العودة إلى (العراق)، إذ ظل مصراً على قراره بالعودة. و قد ترك (فنصة) (عبدالإله) في الساعة الثانية و النصف من بعد ظهر ذلك اليوم، و كان (عبدالإله) يبدو متعباً جداً.

    ولي العهد الأمير (عبدالإله) قطع إجازته في (تركيا) و عاد إلى (العراق) لآستطلاع الوضع الأمني (9–10/7/1958)
    فور آنتهائه من آجتماعه مع الصحافيّ السوريّ المعارض السيد (نذير فنصة) بعد ظهر الثامن من شهر تموز 1958، ورغم كونه مجهداً، فإن الأمير (عبدالإله) ، قرر قطع إجازته التي كان يقضيها في (تركيا) والعودة إلى (العراق)، وذلك رغم التحذيرات الجادة التي حملها له (فنصة) من مدير المخابرات الإيرانيّة بعدم العودة إلى (العراق).

    وقد طلب (عبدالإله)، فور مغادرة (فنصة) له، من المسئوولين في (تركيا) تأمين طائرة مناسبة تنقله إلى (بغداد)، و لكنهم لم يتمكنوا من تأمين طائرة مناسبة له بالسرعة المطلوبة، فلم يجد سوى طائرة صغيرة و غير مناسبة، و مع ذلك قرر أن يستقلها عائداً إلى (العراق).

    و في اليوم التالي لوصول (عبدالإله) إلى (بغداد) عائداً من (إسطنبول)، قابل وزير خارجية الإتحاد العربي السيد (توفيق السويدي)، الذي سأله عن سبب عودته المفاجيء إلى (بغداد) و قطعه لإجازته االصيفية، و التي كان قد قال بأنه ينوي قضاءها كلها في (تركيا)، فأجابه بأنه سمع بآحتمال حدوث أعمال "شغب" في (بغداد) أثناء سفر الملك (فيصل) المزمع إلى (تركيا) و (بريطانيّا)، فأراد أن يكون متواجداً في (العراق) تحسباً للطواريء.

    و تروي الأميرة (بديعة)، شقيقة (عبدالإله) الصغرى، في مذكراتها بأن تخوّف (عبدالإله) من قيام (الأردن) بآستقطاب بعض العسكريّين العراقيّين من جراء الفراغ الرئاسي الذي سيسبّبه غياب الملك و (عبدالإله) عن (العراق) خلال الصيف كان أيضاً أحد اسباب قراره بقطع إجازته و العودة إلى (العراق).
    فور عودته إلى (بغداد)، استدعى (عبدالإله) ضابط آستخباراته الخاص الملازم (فالح زكي حنظل)، مستطلعاً منه عما إذا كان ما زال يتردد على ضابط الإستخبارات في لواء الحرس الملكي، وسأله عن حال الملازم (أسعد حمروش) الذي كان من بين بعض ضباط الحرس الملكي الذين آضطر ا(عبدالإله) إلى إبعادهم عن الحرس الملكي عام 1956، وذلك بسبب آشتباهه بولائهم، كما سأل (حنظل) عن النقيب (منعم عزيز)، آمر رعيل المدرعات في لواء الحرس الملكي، حيث بدأ يساوره شك في ولائه هو الآخر. و عندما قال (حنظل) ل (عبدالإله) بأنه لم يسمع شيئاً عن النقيب (منعم)، غرق (عبدالإله) في تفكير عميق، وبعد فترة تمتم بصوت خافت وكأنه يخاطب نفسه:
    "والله لم أعد أعرف أين أنا! لقد فاضت الكأس بما فيها!".

    الملك (فيصل الثاني) و رئيس الحكومة الإتّحاديّة (نوري السعيد) و عدد من الوزراء يستعدوّن للسفر إلى (تركيا) و (بريطانيا) (13-14/7/1958)
    كان الملك (فيصل الثاني) و (نوري السعيد) و آخرون يستعدوّن للسفر إلى العاصمة التركية (أنقرة)، و بعد ذلك إلى (لندن)، صباح الإثنين الرابع عشر من تموز 1958 هذا.
    و كان (نوري السعيد)، رئيس وزراء حكومة "الإتحاد العربي"، يخطط بعد آنتهاء آجتماعات "ميثاق (بغداد)" في آسطنبول، التوجّه إلى (لندن) لبدء مباحثاته مع الحكومة البريطانية حول آنضمام (الكويت) إلى "الإتحاد العربي".

    ضابط جو بريطاني يقول بأن النفط هو وراء سكوت (بريطانيا) على آنقلاب 14 تموز (3/8/1958)
    في الثالث من آب 1958، تم إخلاء المسز (هزل دين)، المربية الإنكليزية لأطفال الأميرة (بديعة)، مع سائر الرعايا البريطانيين في (العراق)، إلى (بريطانيا)، عن طريق جزيرة (قبرص). وكان إخلاء هؤلاء الرعايا على متن طائرة عسكريّة خاصة من (بغداد) إلى جزيرة (قبرص). وأثناء الرحلة، أجلست المسز (هزل) إلى جنب ضابط في سلاح الجو البريطاني، فسألته عن سبب عدم تدخّل (بريطانيا) لإيقاف بل منع الإنقلاب العسكري الذي وقع في (العراق) قبل 3 أسابيع، ولا حتى بعد وقوعه، وكيف يمكن أن يحصل ما حصل في (العراق)؟، فرد عليها هذا الضابط العسكري البريطاني قائلاً: "إنه النفط! ... النفط، يا عزيزتي!".

    السفير البريطاني السابق في (بغداد) يتباهى بأن حكومته كانت وراء آنقلاب 14 تموز (أيلول 1958)
    خلال شهر أيلول (سبتمبر) من عام 1958، آلتقى سفير (العراق) السابق في (تركيا) و (مصر)، السيّد (نجيب الراوي)، الذي آعتزل العمل السياسي بعد آنقلاب 14 تموز، و آتّخذ من (جنيف) مقراً لسكنه، بسفير (بريطانيا) السابق في (بغداد)، السير (مايكل رايت)، الذي كان يعرفه منذ أيام العمل الدبلوماسي لكليهما.
    و أثناء تبادل أطراف الحديث، تطرّق الرجلان إلى موضوع الساعة، و هو آنقلاب 14 تموز العسكري في (العراق) و خلفيّاته و أسبابه و مصير (العراق). و قد دهش (الراوي) من (رايت) و هو يقول له مبتسماً و بلهجة يشوبها التشدّق الواضح "لقد أغرقنا (العراق) في دوامة لن يخرج منها و لا بعد 100 عام!". و قد نقل (الراوي) هذا الحديث إلى كل من الدكتور (عبدالرحمن الجليلي) و (برهان الدين باش أعيان). (332، 343).
    الخبراء السوفييت و البضائع السوفييتية في (العراق) (منتصف 1959)

    منذ منتصف عام 1959، بدأ الخبراء و الفنيون السوفييت و منتوجات (الإتحاد السوفييتي) بالتدفق على (العراق) ليحلوا محل نظرائهم السابقين من الإنكليز و الإميريكان، الذين بدأوا بمغادرة البلاد. و قد بديء بآستيراد الأفلام السينمائية من دول (أوروبا) الشرقية، و تشجيع السياحة من و إلى تلك الدول، و آستيراد الكتب و إقأمّة ندوات التبادل الثقافي بينها و بين (العراق). (119، 175).

    إنهيار المفاوضات بين الحكومة العراقيّة و شركات النفط (تشرين الأول أكتوبر 1961)
    خلال شهر تشرين الأول (أكتوبر) من عام 1961، بلغت المفاوضات المطولة و المعقدة بين الحكومة العراقيّة و شركة نفط (العراق)، البريطانيّة ، ال (آي. بي. سي.)، ذروتها. و كانت هذه المفاوضات قد بدأت في ربيع عام 1959، و تمحورت حول المطالب التالية من الطرف العراقيّ:
    1- تسعير النفط، وسياسة الحسومات التي تتبعها ال (آي. بي. سي.).
    2- قيام ال (أي. بي. سي.) بتخفيض أسعار النفط المعلنة، (وهو عمل كان جزءاً من تخفيضات الأسعار العالمية، الذي قامت به شركات النفط العالمية، بما فيها تلك المساهمة في ال (آي. بي. سي.))، و التي كانت من أسبابها تأسيس منظمة الدول المصدرة للنفط، ال (أوبك (OPEC.
    3- تخفيض في الإنتاج، و الذي آدعت ال (أي. بي. سي.) بأن سببه عائد إلى آرتفاع رسوم ميناء (البصرة).
    4- زيادة نسبة المهندسين والموظّفين العراقيّين في إدارة و تشغيل أعمال الشركة.
    5- زيادة حصّة الحكومة العراقيّة من الأرباح إلى أكثر من النصف
    6- مصاريف التنقيب والحفر
    7- حصّة للحكومة العراقيّة في ملكية الشركة تبلغ 20%
    8- تنازل الشركة عن حقوق الإمتياز في المناطق غير المستغلة من قبلها
    وقد دار خلاف حول أي من الفريقين يحقّ له أن يحدد ماهية المناطق غير المستغلة، إذ أصرت ال (آي. بي. سي.) على أن تحتفظ لنفسها بحقّ الإختيّار، بينما أصرت الحكومة العراقيّة على أن تتخلى ال (آي. بي. سي.) عن 75% من هذه المناطق، ثمّ بعد ذلك عن 15% إضافية منها. و في الحادي عشر من الشهر، و بعد سلسلة من الجلسات الصاخبة بين الطرفين، و التي تخللتها سلسلة من التأجيلات، بسبب حاجة ال (آي. بي. سي.) للتشاور مع شركات النفط العالمية المساهمة فيها، وجه الزعيم (عبدالكريم قاسم) إنذاراً للشركة بأنها، إذا لم توافق على التخلي عن 90% من مناطق الإمتياز مقابل تخلي (العراق) عن المطالبة ب 20% من حصّة الحكومة في ملكية الشركة، و رفع حصّة الحكومة من الأرباح، و إعطاء (العراق) المشاركة في تطوير ال 10% المتبقّية، فإن الحكومة العراقيّة ستنسحب من المفاوضات. و لكن ال (آي. بي. سي.) رفضت هذه المطالب و الشروط، فآنهارت المفاوضات. (175).

    أزمة حادّة بين الحكومة العراقيّة و شركات النفط – "تأميم" النفط (11/12/1961)
    في 11/12/ 1961، أصدر الزعيم (عبدالكريم قاسم) "قانون 80 العام"، الذي نصّ على تجريد شركة نفط (العراق) البريطانيّة، ال (آي. بي. سي.)، من 99,50% من مناطق الإمتياز التي كانت خاضعة لها، و السماح لها بالعمل فقط في الأراضي التي كانت منتجة فعلياً في حينه. كما أعلن (عبدالكريم قاسم) تأسيس شركة النفط الوطنيّة العراقيّة للتنقيب و الإنتاج في المناطق الجديدة. و قد آحتجت شركة ال (آي. بي. سي.) على هذه الإجراءات، مطالبة باللجوء إلى التحكيم، و لكن الحكومة العراقيّة رفضت ذلك.

    إبهام في موقف (عبدالكريم قاسم) من نبأ آستقلال (الكويت) – شيخ (الكويت) يستشير (بريطانيا) في الأمر (20/6/1961)
    بعد إعلان الحكومتين الكويتيّة و البريطانيّة إنهاء معاهدة 1899 و حصول (الكويت) على آستقلالها، توالت برقيات التهنئة على شيخ (الكويت) من رؤساء مختلف دول العالم، و في مقدمتّهم ملوك و رؤساء الدول العربيّة. و لكن الزعيم (عبدالكريم قاسم) كان مبهماً في برقيته التي أرسلها إلى شيخ (الكويت) بتأريخ 20 /6/ 1961، حيث أنه آكتفى بال "ترحيب" بإنهاء المعاهدة البريطانيّة-الكويتيّة المذكورة، دون أن يتطرّق إلى موضوع آستقلال (الكويت). عندها، تشاور شيخ (الكويت) مع السفير البريطاني حول الحصول على دعم بريطاني ضد أي هجوم عراقيّ محتمل، إذا ما آقتضى الأمر.
    (عبدالكريم قاسم) يعلن مطالبة (العراق) ب (الكويت) (25/6/1961)
    في خطاب ألقاه من إذاعة (بغداد) في 25/6/1961 أعلن الزعيم (عبدالكريم قاسم) مطالبة (العراق) ب (الكويت) على أنها جزء لا يتجزأ من (العراق)، موضّحاً بأنها كانت في الأصل قضاء تابعاً لولاية (البصرة) العثمانية. و قد أعلن (عبدالكريم قاسم) في خطابه هذا بأنه تمّ تعيين أمير (الكويت) قائمقاماً لقضاء (الكويت)، و بذا، فإن أمير (الكويت) يكون خاضعاً لمتصرف لواء (البصرة). و لكن هذا الإعلان لم يتبعه أي تحرك عسكري، كون الجيش العراقيّ منشغلاً بالثورة التي كان قد بدأها الزعيم الكردي الملاّ (مصطفى البارازاني) في الشمال.

    إتّفاق بريطاني-كويتيّ على آستقلال (الكويت) (حزيران 1961)
    خلال شهر حزيران 1961، تبادلت الحكومتان الكويتيّة و البريطانيّة الرسائل الرسميّة حول معاهدة 1899 بين البلدين، و التي كان من شأنها أن جعلت من (الكويت) محميّة تابعة ل (بريطانيا)، حيث آتفقتا على إنهاء تلك المعاهدة، و منح (الكويت) آستقلالها.


    إنزال عسكري بريطاني في (الكويت) و الجامعة العربيّة تقرّر إرسال قوّات عسكريّة (1/7/1961)
    11/7/ 1961، وصلت إلى (الكويت) قوّة عسكريّة بريطانيّة، تحسّباً لأي عمل عسكري قد يقوم به الزعيم (عبدالكريم قاسم) في سياق مطالبته بضم (الكويت) إلى (العراق).
    عندئذ، عقدت جامعة الدول العربيّة آجتماعاً عاجلاً، قرّرت فيه إرسال قوّة عربيّة لتحل محل القوّات البريطانيّة في (الكويت).

    (الكويت) تتقدّم بطلب للإنضمام إلى جامعة الدول العربيّة (20/7/1961)

    في20/7/1961 تقدّمت (الكويت) بطلب للإنضمام لجامعة الدول العربيّة.

    قوّات الجامعة العربيّة تصل (الكويت) (أيلول 1961)
    خلال شهر أيلول 1961، وصلت إلى (الكويت) قوّة عسكريّة عربيّة مشتركة، لتحل محل القوّات البريطانيّة التي كانت قدج أرسلت إليها قبل شهرين، و ذلك تحسّباً لأي عمل عسكري قد يقوم به الزعيم (عبدالكريم قاسم) في سياق مطالبته بضم (الكويت) إلى (العراق).

    (العراق) يهدّد بقطع العلاقات مع الدول التي تعترف ب(الكويت) (26/12/1961)
    في 26/12/ 1961، أعلن وزير الخارجيّة العراقيّ، الدكتور (هاشم جواد)، بأن (العراق) "سيعيد النظر" في علاقاته الدبلوماسيّة مع أية دولة تعترف ب (الكويت).
    http://ا
    (العراق) يستدعي سفراءه لدى الدول التي آعترفت ب(الكويت) (أوائل 1962)
    في مطلع عام 1961، قام (العراق) بآستدعاء سفرائه لدى الدول التي آعترفت ب (الكويت) في صيف العام الماضي 1961، بعد ان كان وزير الخارجيّة العراقيّ قد هدّد بإعادة النظر في علاقات (العراق) مع هذه الدول. و كانت من بين هذه الدول (الأردن)، و (تونس) و (لبنان) و (الولايات المتّحدة الأميريكيّة).


  2. #2
    من أهل الدار
    تاريخ التسجيل: June-2012
    الجنس: ذكر
    المشاركات: 25,326 المواضيع: 5,012
    صوتيات: 171 سوالف عراقية: 0
    التقييم: 8915
    آخر نشاط: 11/February/2015
    شكرا ام علي على الموضوع التاريخي الجميل أما بالنسبة لسؤال الموضوع الرئيسي (هل كان الأنگليز وراء إنقلاب 14 تموز؟) فالجواب ببساطة شديدة : لا

  3. #3
    من أهل الدار
    تاريخ التسجيل: January-2010
    الجنس: ذكر
    المشاركات: 2,041 المواضيع: 145
    صوتيات: 12 سوالف عراقية: 0
    التقييم: 1476
    والله يا ام علي انكليزي اولا ما احد يجزم
    بس اكيد جهة كانت متضررة من الحكم الملكي الناجح بالعراق

  4. #4
    من أهل الدار
    ام علي
    شكرا لتواجدكم تحياتي

  5. #5
    من المشرفين القدامى
    ابو النون
    تاريخ التسجيل: May-2011
    الدولة: Finland
    الجنس: ذكر
    المشاركات: 3,674 المواضيع: 729
    التقييم: 747
    مزاجي: الحمد لله بالف خير
    المهنة: Kirjanpitäjä
    أكلتي المفضلة: اللحم المشوي
    موبايلي: iPhone
    آخر نشاط: 7/July/2022
    الاتصال: إرسال رسالة عبر Yahoo إلى najah
    موضوع جميل جداً ..


    ابو النون

  6. #6
    من أهل الدار
    ام علي
    مرورك الاجمل جدااااا
    منورررر اخوية

تم تطوير موقع درر العراق بواسطة Samer

قوانين المنتديات العامة

Google+

متصفح Chrome هو الأفضل لتصفح الانترنت في الجوال