النتائج 1 إلى 5 من 5
الموضوع:

البلاذري .. شيخ النسابين والمؤرخين

الزوار من محركات البحث: 50 المشاهدات : 456 الردود: 4
جميع روابطنا، مشاركاتنا، صورنا متاحة للزوار دون الحاجة إلى التسجيل ، الابلاغ عن انتهاك - Report a violation
  1. #1
    من المشرفين القدامى
    تاريخ التسجيل: January-2016
    الدولة: بيتنا❤
    الجنس: أنثى
    المشاركات: 13,205 المواضيع: 2,672
    صوتيات: 26 سوالف عراقية: 100
    التقييم: 4079
    مزاجي: عسل
    المهنة: طالبة ة
    أكلتي المفضلة: بيتزا
    موبايلي: htc
    مقالات المدونة: 129

    البلاذري .. شيخ النسابين والمؤرخين

    أحمد بن يحيى بن جابر البلاذري، كاتب، أديب، محدث، فقيه، روَّاية، شاعر، ومن أبرز أعلام المدرسة التاريخية التي ازدهرت ازدهارًا كبيرًا في القرن الثالث الهجري / التاسع الميلادي، وقف حياته على العلم والأدب والمعرفة، وجاب البلدان وطوّف في أنحاء المعمورة باحثًا ومنقِّبًا ودارسًا. لذا يعد البلاذري أبرز المؤرخين المسلمين بعد الطبري من حيث سعة المعلومات التي دونها والفترات التاريخية التي غطاها.

    نسبه ونشأته
    هو المؤرخ، النسَابة، الرحَّالة، الروَّاية، الثِّقة، المحدِّث، الأديب، الشاعر، أبو الحسن وقيل أبو بكر وقيل أبو جعفر أحمد بن يحيى بن جابر بن داود البلاذري البغدادي الكاتب. لا توجد معلومات دقيقة عن تاريخ ولادته ووفاته، وأرباب التراجم في عصره لم يقدموا صورة واضحة عن حياته. ويبدو أن البلاذري ولد في بغداد في أواخر القرن الثاني للهجرة، حيث تذكر المصادر أنه أنشأ مدائح للخليفة المأمون (ت: 218هـ)، فلا بد وأن البلاذري قد مدحه في سن تؤهله لمدح خليفة عالم مثل المأمون، وهذا لا يكون إلا لمن تجاوز العقد الثاني من عمره، وهذا ما يثبت أن البلاذري ولد في أواخر العقد التاسع من القرن الثاني الهجري.

    وقد نشأ البلاذري في بغداد، وقضى معظم حياته في العراق، غير أننا لا نعرف شيئًا عن أسرته وأحوال أبيه وجده، إلا ما ذكر أن جده جابر كان يكتب للخصيب بن عبد الحميد العجمي صاحب الخراج بمصر في عهد هارون الرشيد (ت: 193هـ)، ولذا ذهب بعض المؤرخين أن البلاذريفارسي الأصل، وهذا لا دليل عليه [1].

    شيوخه وتحصبيله العلمي
    نشأ البلاذري في بغداد من عائلة مارس بعض رجالها صنعة الكتابة، وورث البلاذري عنهم هذه الصناعة، وتقرب من الخلفاء العباسيين المتوكل والمستعين والمعتز، وكانت بغداد في هذا العصر منهلًا دفقًا من مناهل العلم والمعرفة، يرتادها طلبة العلم من مختلف أنحاء العالم الإسلامي، ويستقر في كنفها العلماء والشعراء والأدباء والفقهاء، ينشرون المعرفة والفقه والأدب. وقد تلقى البلاذري العلم على جمهرة من علماء هذا العصر من المؤرخين والمحدثين والبلغاء، ذكرهم ابن عساكر في تاريخ دمشق فقال:

    "سمع بدمشق هشام بن عمار، وأبا حفص بن عمر بن سعيد، وبحمص محمد بن مصفى، وبأنطاكية محمد بن عبد الرحمن بن سهم، وأحمد بن برد الأنطاكيين، وبالعراق عفان بن مسلم، وعبد الأعلى بن حماد، وعبد الواحد بن غياث، وشيبان بن فروخ، وعلي بن المديني، وعبد الله بن صالح العجلي، ومصعب الزبيري، وأبا عبيد بن سلام، وإسحاق بن أبي إسرائيل، وخلف البزار، وأبا الربيع الزهراني، وعمرو الناقد، والحسين بن علي بن الأسود العجلي، وعثمان بن أبي شيبة، وأبا الحسن علي بن محمد المدائني، ومحمد بن سعد كاتب الواقدي، ومحمد بن الصباح الدولابي، ومحمد بن حاتم السمين، وعباس بن الوليد النرسي، وأحمد بن إبراهيم الدورقي وجماعة" [2].

    تلاميذه ورواته
    افتتح البلاذري ندوة علمية ارتادها طلاب العلم والمعرفة، وتخرج منها علماء وفقهاء وأدباء، منهم: عبد الله ابن الخليفة المعتز الشاعر والكاتب والمترجم (عن الفارسية)، ومحمد بن إسحاق النديم مصنف كتاب الفهرست الذي جود فيه مما يدل على اطلاعه وتبحره في فنون من العلم، وجعفر بن قدامة صاحب كتاب الخراج، ويعقوب بن نعيم، وعبد الله بن سعد الوراق، ومحمد بن خلف، ووكيع القاضي، كما روى عنه يحيى بن النديم، وأحمد بن عبد الله بن عمار، وأبو يوسف، يعقوب بن نعيم قرقارة الأزني [3].

    رحلات البلاذري
    بعد أن شبّ البلاذري عن الطوق، وغرف بشغف من رحيق العلم، وتضلع من معين العلم والعلماء في بغداد، تاقت نفسه للقيام برحلة إلى الشرق لزيادة علمه ومعارفه وثقافته. فرحل في الأمصار الإسلامية لطلب العلم، وصار أحد النقلة عن اللسان الفارسي، وقد ترجم كتاب (عهد أردشير ونظمه شعرًا).

    وكانت رحلته الميمونة التي انطلق بها مغادرا بغداد بإيمان عميق فاتجه إلى حلب، ودمشق، وحمص، والعراق، ومنبج، وأنطاكية والثغور. وزار جميع المدن الواقعة شمال الشام، ثم تحوّل منها إلى بلاد ما بين النهرين وساح تكريب، فكان يجمع خلال رحلته هذه الروايات التي حفظها الخلف عن السلف ويقارنها بما حفظه عن علماء بغداد. وتعتبر رحلة البلاذري الإنجاز الكبير في حياته الأدبية والعلمية الحافلة وهي من أسباب نبوغه في العلم [4].

    قربه من الخلفاء العباسيين
    كان البلاذري قريبا من الخلفاء العباسيين المأمون والمتوكل والمستعين و المعتز، ولم تذكر المصادر اتصاله بالمعتصم والواثق، فقد مدح المأمون (198 – 218هـ) بمدائح، ثم كان المتوكل (232 – 247هـ) قد جعله من جلسائه وندمائه، وكان البلاذري يعلِّم الأمير عبد الله بن المعتز (247 – 296هـ)، وله مع المستعين (248 – 251هـ) مواقف. منها أن البلاذري كان ينفق دائما ولا يجتدي، ولا يحترف، فقيل له في ذلك؟ فقال: دخلت مع الشعراء يوما إلى المستعين، فقال لنا: من كان قد قال فيَّ مثل قول البحتري في عمي المتوكل:

    فَلَو أنّ مشتاقًا تكلّف فَوق مَا *** فِي وَسعه لسعى إِلَيْك الْمِنْبَر

    وإلا فلا ينشدني شيئا، قال: فقلنا ما فينا من قال فيك مثل هذا، وانصرفنا، فلما كان بعد أيام عدت إليه، فقلت: يا أمير المؤمنين قد قلت فيك أحسن مما قال البحتري في عمك، فقال: إن كان كذلك أسنيت جائزتك، فهات، فقال:

    وَلَو أنّ بــرد الْمُصْطَفى إِذْ لبستـه *** يظـنّ الْبرد أنّك صَاحبـه
    وَقَالَ وَقد أَعْطيـــــته ولبـــــــسته *** نعم هَذِه أعطافه ومناكبه

    فقال: أحسنت، انصرف إلى منزلك، وانتظر رسولي، ففعلت، فجاءني رسوله برقعة بخطه فيها: قد أنفذت إليك سبعة آلاف دينار، وأنا أعلم أنك ستجفى بعدي، وتطرح وتجتدي فلا يجدى عليك، فاحفظ هذه الدنانير عندك، فإذا بلغت بك الحال إلى هذا فأنفق منها، ولا تتعرض لأحد ليبقى ماء وجهك عليك، ولك علي أن لا تحتاج ما عشت إلى شيء من أمر دنياك كبير ولا صغير على حسب حكمك وشهوتك. قال: ثم أجرى لي الجرايات والأرزاق السنية، وتابع جوائزه، فما احتجت منذ ذلك وإلى الآن إلى غير جوائزه والسبعة الآلاف، فأنا أنفق من جميع ذلك، ولا أخلق نفسي بالتعرض، وأترحم عليه.

    وهنا لا بد لنا من الاشارة إلى أن البلاذري رغم أنه نشأ في كنف خلفاء الدولة العباسية، واستفاد من خيراتهم، واختص به بعض الخلفاء، كالمتوكل والمستعين، اللذين كانت لهما عليه الأيادي البيضاء لما يقدماه له من مساعدات مادية ومعنوية، فقد حرص في مؤلفه على إيراد الحقائق المجردة دون أن يعمد كغيره من المؤرخين إلى النفاق والمدح [5].

    أدب البلاذري وشعره
    كان البلاذري في طليعة العلماء والأدباء، ينظم الشعر الحسن، ويصوغ البيان الدقيق، يتصف بالشجاعة والزهد والصفاء، وصفه التاريخ بالأديب الزاهد المنقطع النظير، وروى عنه ابن عساكر قال: قال لِي مَحْمُودٌ الْوَرَّاقُ: قُلْ مِنَ الشِّعْرِ مَا يَبْقَى لَكَ ذِكْرُهُ، وَيَزُولُ عَنْكَ إثمه، فقلت عند ذلك:

    اسْتَعْدِّي يَا نَفْـسُ لِلْمَــوْتِ وَاسْعَيْ *** لِنَجَــاةٍ فَالْحَـــازِمُ المستعـــــد
    إنمــا أنت متعيـــــرة وســـــوف *** تَرُدِّيــنَ وَالْعَــــوَارِي تُــــــرَدُّ
    أَنْتِ تَسْهَيْـــنَ وَالْحَــــــــوَادِثُ لَا *** تسهــــو وتلهين والمنايا تعـد
    أي ملك فــي الأرض وأي حَــظٍّ *** لِامْرِئٍ حَظـُّهُ مِنَ الْأَرْضِ لَحْدُ
    لا ترجى البقاء في معدن الموت *** وَدَارٍ حُتُوفُهَــــــــــــا لَكِ وِرْدُ
    كَيـْفَ يَهْوَى امْرُؤٌ لذاذة أيـــــــام *** أنفاسهـــا عليــــه فيهــا تعــد

    وذكر ياقوت الحموي في معجم الأدباء الكثير من أخبار البلاذري مع الوزراء والكتاب تناولهم في أشعاره بالمدح والهجاء، فيرجع إليه [6].

    كتب البلاذري ومصنفاته
    والبلاذري إن لم يكن بين شعراء الطليعة؛ لأنه من المقلين، فهو بلا ريب في عداد النخبة الأولى من المصنفين، بشهادة الأدباء الأقدمين والمحدثين، وآثاره التاريخية القيمة دليل ذلك. فقد اهتم البلاذرياهتمامًا كبيرًا بالكتابة والتصنيف وانصرف بعقل نابغ وجهد مجد بلا كلل ولا خمول، وورد من مناهل العلوم، فسطر ببراعة ما خلد ذكره، ووضعه في مصاف الخالدين، برغمه خاتمة مؤرخي الفتوح. وقد وضع عدة مؤلفات منها:

    1- فتوح البلدان الكبير
    أو "كتاب البلدان الكبير" وهو لم يتم.

    2- فتوح البلدان
    أو "كتاب البلدان الصغير" الذي قال فيه المستشرق "دي غويه": "اشتغل البلاذري منذ نعومة أظفاره بتأليف كتاب جامع لتاريخ الدول الإسلامية، أتى فيه على الحقائق التاريخية دون أن يغضب خليفة وقته ..". وهو سجل شامل للفتوح الإسلامية، تناول فيه قصة فتح كل بلد على حدة، وذكر معلومات مهمة تخص الحياة الاقتصادية والإدارية والثقافية فقد فصَّل في منازل السلطان والقبائل العربية بعد الفتح، مما يغني دراسة معاملة الفاتحين لسكان المناطق المفتوحة. وتجلى أهميته لاعتماده على مصادر محلية في كل مَصْر، فقد فصَّل فيه البلاذري فتوح كلِّ بلد وكلِّ ما يتعلَّق به نقلًا عن أهل البلد أنفسهم وكتبهم.

    3- أنساب الأشراف
    ويسمى أيضا "الأخبار والأنساب" وهو كتاب مطول في عشرين مجلدا لم يتمه وكان ضائعا. وقد عثر المستشرق الألماني "أهلوارد" في مكتبة "شيفر" على الجزء الحادي عشر من كتاب في التاريخ ليس عليه اسم، فرجح أنه أحد أجزاء كتاب أنساب الأشراف فطبعه في "غريز ولد" عام 1883م. ويقع في أربعمائة وخمسين صفحة، وفيه كثير من أخبار بني أمية وأخبار الخوارج.

    وكتاب "أنساب الأشراف" أحسن انتقاء للروايات وأنقى أسانيد وأكثر اتفاقًا مع روايات أهل الثقة والصدق من تأريخ الطبري. وأنساب الأشراف يتناول التاريخ الإسلامي في إطار الأنساب "ابتداء بالأسر والعشائر والقبائل القرشية، وانتهاء بغيرها من القبائل العربية". وهو موسوعة ضخمة، جاءت رواياته في إطار الأنساب، توسَّعت حتى احتوت الأخبار والشعر والتراجم . ومصادر البلاذري في أنساب الأشراف تعتمد على المؤلفات المكتوبة وعلى الرواية الشفهية. فهو يوائم بين المصدرين حسب الحاجة، لكن منهجه في كلِّ الأحوال هو أن يختار الروايات التي يعتمدها أو ينقدها أحيانًا مع ذكر الأسانيد. ويكتب أحيانًا (قالوا)، ويعني ذلك أنَّ نوعًا من الأجماع قد تمَّ حول قول بعض الروايات والرواة، ثمَّ يتممها بالروايات الأخرى.

    فأخباره عن (الشورى) تعتمد الواقدي والزهري (أي روايات المدينة) ثمَّ يضيف إليها روايات أبي مخنف، وواقعة الحرَّة عنده يرويها بصورة أساسية عن المدائني والواقدي وعوانة وأشياخ المدينة ويجمع فيها بين الروايات المدنيّة والأموية. أمَّا الأنساب فيأخذها عن الزبير بن بكار، وأخباره عن عبد الملك بن مروان تستند إلى عوانة بن الحكم مباشرة أو بواسطة المدائني والواقدي فهي شامية مدنية ولكنَّه يضيف إليها الروايات العراقية.

    وقد استقى البلاذري رواياته في أحداث الفتن من ثقات المحدثين من شيوخ البخاري ومسلم في الصحيحين. واحتوى أنساب الأشراف للبلاذري على ترجمة مفصلة للنبي صلى الله عليه وآله وغزواته وزوجاته والمستهزئين به من قريش والمستضعفين من أصحابه وقصة السقيفة وطرف من تراجم آبائه صلى الله عليه وآله (ج1 - 2)، ثم ترجمة الطالبيين بدءا بأبي طالب وولده وذرياتهم مع عناية خاصة بترجمة علي والحسن والحسين عليهم السلام مفصلة وطرف من تراجم ذرياتهم (ج2 - ج3) ثم تراجم مفصلة لبني العباس الى خلافة المهدي العباسي (ج 4)، ولبني أمية وما جرى زمانهم من حركة عبد الله بن الزبير والمختار والخوارج (ج 5 - ج9)، وبقية قبائل قريش وغيرها (ج9 - ج13).

    4- عهد أردشير
    الذي ترجمه عن اللغة الفارسية دون الاكتفاء بالترجمة بل صاغه شعرا رقيقا، فقد كان البلاذري أحد النقلة من الفارسي إلى اللسان العربي.

    5- في الرد عليى الشعوبية
    ذكره المسعودي في مروج الذهب.

    6- كتاب جامع
    وقد قال بعض المؤرخين أن البلاذري قد جمع قبيل وفاته مواد كثيرة ومفيدة بقصد وضع كتاب جامع يقع في أربعين مجلدا [7].

    مكانة البلاذري العلمية
    إن البلاذري شخصية متعددة الجوانب، فهو الكاتب المصنف، وهو الشاعر الناظم، وهو الروَّاية المدقِّق، والمؤرخ النسَّابة، وأحد البلغاء. والرحلة التي قام بها البلاذري -حيث تجول في الأقطار والأمصار- جعلته بعد عودته إلى بغداد مزودا بالعلوم والمعارف، يفضل الاستقرار والاعتكاف في خلوته ليلقي دروسه ومحاضراته على الطلاب، الذين كانوا يرتادون مجلسه ليرتشفوا من علمه وأدبه، ورغم انشغاله بالتدريس، فقد خصص الكثير من وقته للتأليف والتصنيف، حتى جاءت مؤلفاته آية في الدقة والروعة والسلاسة، مما جعله محط أنظار الأمراء والعلماء والحكام.

    قال ابن عساكر: "بلغني أنَّه كان أديبًا روَّاية، له كتب جياد، ومدح المأمون، وجالس المتوكِّل، وتوفي في أيّام المعتمد، ووسوس في آخر عمره". وقال ياقوت الحموي: "ذكره الصولي في ندماء المتوكل على الله، مات في أيام المعتمد على الله في أواخرها، وما أبعد أن يكون أدرك أول أيام المعتضد. وكان جده جابر يخدم الخصيب صاحب مصر ..، وكان شاعرا راوية ..، عالمًا فاضلًا شاعرًا راويةً نسَّابةً متقنًا".

    وقال الدكتور محمد حميد الله (محقق كتاب أنساب الأشراف): "والشريف المرتضى وقد ألف بعد البلاذري بحوالي قرن يذكر في كتابه الشافي: أحمد بن يحيى بن جابر البلاذري، وحاله في الثقة عند العامة والبعد عن مقارنة الشيعة والضبط لما يرويه معروف. وقال: وقد روى البلاذري في تاريخه، وهو معروف الثقة والضبط، وبريء من ممالأة الشيعة ومقارنتها ..".

    ووصفه المستشرق "دي غويه" (أول من اعتنى بكتاب فتوح البلدان) فقال: "وكما أن البلاذري قد عرف له قدره معاصروه ومواطنوه، فنحن كذلك لا يسعنا إلا الإقرار له بالجميل، إذ يؤخذ من كثير من رواياته في مؤلفه أنه لم يقصر قط في جعل هذه الروايات مكانا للثقة، جديرة بالتصديق، فإنه لم يكتف بسماعه إياها من أوثق علماء بغداد، بل كان يتكبد الأسفار، ويجوب البحار، بحثا عن الحقيقة التي هي ضالته المنشودة". ووصفه أحد المستشرقين الألمان فقال: "إن البلاذري من المؤرخين الذين يمتازون بسلامة الذوق في انتقاء ما يستحق الرواية من بين ما يجمعونه من المواد".

    ومما يلفت النظر في كتاب البلاذري (فتوح البلدان) الحقائق التاريخية الهامة الدقيقة التي أوردها، والتي يتعذر العثور عليها في كتاب آخر، خاصة ما يتعلق منها بوصف المدن القديمة التي اندثرت، ولم يبق من معالمها إلا الأطلال البالية، ورغم ذلك فقد اتصل بمن عاصر تلك المدن أثناء مجدها وحضارتها وأخذ عنهم كل ما يعرفونه عن تلك الأطلال. أما معلوماته الدقيقة التي أوردها عن تاريخ الأقاليم والأمصار والدساكر التي فتحها العرب فقد جاءت موجزة مفيدة صادقة، باعتبار كتابه موجزًا عن الكتاب الكبير الذي كان ينوي تأليفه قبل أن يتوفاه الله [8].

    وفاة البلاذري
    ظل البلاذري في عطاء مستمر، وإنتاج ضخم، حتى حدث أنه شرب على غير معرفة البُلاذر، فحصل له هوس ووسواس يشبه الجنون، فشُدَّ في البيمارستان، حتى توفاه الله سنة 279هـ / 892م، في أيام المعتمد (256 - 279هـ) أو في أواخرها وربما أدرك أول أيام المعتضد (279 - 289هـ) [9].

    فرحم الله البلاذري صاحب المؤلفات التاريخية القيمة، التي احتلت فيما بعد مكانًا مرموقًا في كافة الأوساط العلمية والأدبية، فخلدته شامخًا إلى أبد الآبدين.

  2. #2
    من المشرفين القدامى
    ^_^
    تاريخ التسجيل: September-2014
    الدولة: بغداد
    الجنس: أنثى
    المشاركات: 38,683 المواضيع: 6,944
    صوتيات: 16 سوالف عراقية: 0
    التقييم: 11582
    مزاجي: الحمد الله
    أكلتي المفضلة: الدولمة
    موبايلي: ون بلاس
    مقالات المدونة: 3
    شكرا على نقل الموضوع

  3. #3
    من المشرفين القدامى
    عفوا عزيزتي انرتِ

  4. #4
    مساعد المدير
    الوردة البيضاء
    تاريخ التسجيل: February-2013
    الدولة: بغداد
    الجنس: أنثى
    المشاركات: 258,294 المواضيع: 74,486
    صوتيات: 23 سوالف عراقية: 0
    التقييم: 95867
    مزاجي: الحمدلله على كل حال
    المهنة: معلمة
    أكلتي المفضلة: دولمه - سمك
    موبايلي: SAMSUNG
    آخر نشاط: منذ 4 ساعات
    مقالات المدونة: 1
    شكرا ع الموضوع

  5. #5
    من المشرفين القدامى
    شكراً لمروكم الجميل اصدقائي.

تم تطوير موقع درر العراق بواسطة Samer

قوانين المنتديات العامة

Google+

متصفح Chrome هو الأفضل لتصفح الانترنت في الجوال