في الَّليلِ لا يأتي القَمَرْ
ولِذاكَ لا يَحلو سلامٌ
أو كلامٌ
أو سَهَرْ
ما عادَ قيسٌ صادِحًا بالشِّعْـرِ في ليلى
وما عادتْ بِأشعارِ الهَوَى ليلى تُسَرّْ
زهرُ البَراري لم يَعُدْ مُتَبَسِّمًا
والطَّيْرُ في خَرَسٍ يَمُرّْ
قيسٌ نَسَاهُ العِشْقُ
والتَّسهيدُ
والشَّوقُ الَّذي
يَكْوِي كَجَمْرْ
خَبُرَ الحضارةَ
والشَّطارةَ
والهَذَرْ
وتَمَلَّكَتْ مِنْهُ الصِّوَرْ
لم يَبْكِ مِن هَجْرٍ
ولا حتَّى تَهَيَّأَ لِلِّقاءِ المُنْتَظَرْ
الرُّوحُ وَلَّتْ
رُبَّما
لم يَبْقَ مِنها مِنْ أَثَرْ
حَتَّامَ ليلى تَنْتَظِرْ ؟!!!
قيسُ المُتَيَّمُ قد عَبَرْ
تَرَكَ الملامحَ وحْدَها
والسَّمْتَ والثَّوبَ العَطِرْ
لكنَّهُ نَسِيَ البراءةَ والشَّهامةَ
وابتسامًا كالدُّرَرْ
إذْ أنَّ في الأعماقِ قلبًا مِنْ حَجَرْ !!!
تَمضي السُّنون وقلبُ ليلى غارقٌ في الحُزْنِ
تَنْهَشُهُ الشُّجونْ
والوجهُ شَرقيٌّ
خمائلُ سِحْرِهِ قيدُ العيونْ
رغمَ الَّليالي
والتَّجاعيدِ العميقةِ
لم يَزَلْ ذا الوجهُ يَنقشُ عِشْقَهُ
في كلِّ حينْ
رغمَ المساحيقِ الرَّخيصةِ
لم يَزَلْ يُدْمِي قلوبًا
ثُمّ يُذكِي النارَ في أُخْرَى
وقد يُلْقِي بِقومٍ لِلجُنُونْ
وتَزاحمَ السُّفَهاءُ
والُّلعناءُ
والتُّجَّارُ
والفُجَّارُ
في صَفَقٍ عليهِ
لكنَّ قيسًا مَزَّقَ التّذكارَ
والأشعارَ
والقلبَ الجميلْ
لكنَّ قيسًا ودَّعَ الفرسانَ
من زمنٍ
وباعَ لآلئَ النبلاءِ
بالبخسِ القليلْ
حمدي الطحان