الكلام الإلهي يتضمن أمرين مهمين ، أصول الفكر والمعرفة ، وأسس الحياة الاجتماعية ، والأول مهمته إدارة وتنظيم حركة العقل والتفكير ، وأما الثاني فيهتم بإدارة وتنظيم حركة المجتمع .
فالقرآن الكريم أسس لأمّهات القيم والأفكار بأساليب متعددة ، نظرية كالآيات المختصرة ، وعملية كالتجارب والمقاطع القصصية الموجّهة ، وذلك لتكون سائر الأفكار التفصيلية متولّدة عنها .
كما أنه أسس بالأساليب النظرية والعملية لأسس الحياة الاجتماعية ، في شقّها الاجتماعي الخاص = (أخلاقيات المجتمع الواحد) ، والعام = (الإدارة السياسية) ، لكن لا على مستوى التفاصيل بالذات في الشق الثاني ، وأما في الشق الأول فقد اهتم القرآن بأدق التفاصيل ، كما هو ملاحظ في وصايا لقمان الحكيم لابنه ، وذلك لرسم صورة خاصة للمجتمع المؤمن .
والاحتكاك المتزايد مع الواقع الفكري والاجتماعي الخارجي بما يحمل من صور وقوانين ، قد يفقد الإنسان القدرة على صياغة نموذج يتّفق وما رسمه القرآن من أسس فكرية واجتماعية . لذلك ينبغي الاقتراب من القرآن الكريم ، والتعمق في آياته لاستخراج ما فيه من أصولٍ لفكرنا وأسسٍ لاجتماعنا .