" سيلفي " هي طفلة هندية اغتال قانون القبيلة براءتها، وأجبرها على زواج برتبة عبودية، زواج مهما وُصم بصنوف الاستبداد الممارس من طرف الزوج على زوجته، يبقى أفضل من وصمة الطلاق أو العنوسة، في نظر الأعراف التي مازالت تضرب أطنابها في بعض قبائل الهند.
وجدت سيلفي نفسها فجأة أمام حياة أقسى من أن تتحملها طفلة في سنها، الفقر والقهر وديوثة الزوج الذي أجبرها على المتاجرة بجسدها مقابل حصوله على المال، ما جعلها تفكر في الإنتحار، فخرجت هائمة في قريتها ثم همّت برمي نفسها تحت عجلات حافلة عابرة، لكنها غيّرت رأيها في آخر لحظة وركبت الحافلة هاربة نحو وجهة أخرى لا تدري أين تقودها الأقدار.
انتهى بها المطاف في مدينة مايسور الهندية، فنزلت من الحافلة باكية أمام كنيسة القديسة فيلومينا. فرآها بعض المارّة، وأخذوها إلى ملجأ " أودانادي " للنساء المعنّفات. وهناك فتحت سيلفي صفحة جديدة من حياتها، حيث بدأت تتعلم الحرف اليدوية، على رأسها حرفة نزع الشعر الزائد من أجساد النساء بواسطة الخيط، وهي طريقة شهيرة في صالونات التجميل النسائية.
لاحظت مديرة الملجأ براعة سيلفي وذكاءها، واستعدادها لتعلم كل الحرف والمهارات التي تطلع عليها، فقررت تعليمها قيادة السيارة إلى جانب بعض الفتيات في الملجأ، وبعد أن تعلّمن القيادة، جُمعت التبرعات لشراء سيارة سوزوكي حتى تستخدمها الفتيات كسيارة أجرة.
ولأنّ مهنة قيادة سيارات الأجرة في الهند حكر على الرجال فقط، وجدت الفتيات أنفسهن أمام تحدٍّ يفوق طاقتهن، فانسحبت الواحدة تلو الأخرى، وبقيت سيلفي وحدها صامدة تجابه مخاطر المهنة، لتصبح معروفة كأول سائقة سيارة أجرة في الهند.
وتقول سيلفي: " لا أخاف من القيادة بمفردي، أنا يقظة جدا وأهتم بنوعية الركاب الذين أسمح لهم بالركوب معي " وبدلا من التجول في الشوارع والبحث عن زبائن، تحرص سيلفي على التعاقد مع الشركات السياحية والتعامل مع زبائن يترددون عليها.
الطفلة الهندية التي انطلقت من هامش الحياة، قد أصبحت اليوم وبعد انقضاء 14 عاما من هروبها من زوجها، أول امرأة تؤسس شركة خاصة بها لسيارات الأجرة في بلدها، بالإضافة إلى نشاطاتها المتعددة الأخرى أهمها انضمامها لحركة الدفاع عن حقوق المرأة. إلى جانب كونها أمّا لطفلتين أنجبتهما من زوجها الثاني سائق السيارة فيجي الذي تعرفت عليه عندما كانت سائقة سيارة أجرة.
قصة سيلفي ألهمت العالم وقدمت كنموذج للمرأة القوية الملهمة رغم صغر سنّها، حيثسُرِدت قصتها من خلال الفيلم الوثائقي " القيادة مع سيلفي " من إخراج الكندية إليسا بالوتشي.