حكت شهرزاد :
حكاية الصرصور الحكيم ...
سأصعد من هنا .. اتبعيني يا لولوه .. المكان مظلم جدا ، وأخشى عليك من هؤلاء ( البشر ) . يا الهي !! يبدو أني تعثرت بقدم آدمي ! أشعر بالغثيان ، رائحته مقززة .. دعينا نعود ، يجب أن أنظف جسدي جيدا ..
البشر .. آآه يا لولوه ، يعتقدون أنهم فوق المخلوقات ، ينظرون للأشياء الأخرى باحتقار ، إليك هذه المعلومة العلمية ، البشر يتقززون من الصراصير ، ولا يأكلون الطعام الذي يمر فوقه ( الصرصور ) ، أليس أمرا عجيبا ؟؟ربما لا يعلمون أننا نفضل ملامسة الفضلات ، عن ملامسة جلد بشري !!
........
ا عليك ، سنتقدم أكثر ، ما رأيك ؟ أعدك أني لن أتكلم عن الآدميين مرة أخرى ، أعلم أنك تشعرين بالغثيان لمجرد ذكرهم ، و لكن ، أتصدقين ياصرصورتي الغالية ؟ مؤخرا ، بدأت أستمتع جدا ً بمراقبة الآدميين ، أشعر أنهم أكثر المخلوقات كفاحا ً وبلاهة في الوقت نفسه !
ت في بداية الأمر ، كالعديد من الصراصير ، لا يملكون القدرة على تحمل رؤية آدمي ، أو حتى شم رائحته من مسافة بعيدة . لكن مع الوقت ، وجدت أنهم مع قذارتهم أحيانا ً ، يصبحون مخلوقات طيبة ، ويمكن أن تكون رؤيتهم أمراً ممتعا بحق !
بالأمس ، كنت أراقب ( الثور الكبير ) ، أو هكذا يحلو لي تسميته ، يسكن في الدور الأول ، قريب جدا من طريقي نحو المجاري الأرضية . حين أمر في الصباح أراه يأكل كالمسعور ! وفي المساء يأكل كالمسعور ! يأكل في كل وقت ، وفي كل لحظة .. أتعلمين ، هؤلاء البشر يهربون من الحياة نحو الأكل ، وأحيانا ، لا يجدون في الحياة شيئا أهم من الأكل ! هنا مثلا ، في هذه الدولة . الصراصير تعتبر محظوظة جدا ، فميادين المجاري تملأ كل مكان ، وتكاد تتفجر بالمنتوج الآدمي ، الناس هنا تأكل أكثر بكثير مما هو معروف عن الآدمي !! لذا عليك أن تكوني سعيدة أننا نعيش في هذه البلدة ..
لقد كنت أعيش فترة ليست بالقصيرة في بلد افريقي ، وقبل أن تحطني إحدى الناقلات الأمريكية إلى هنا ، كنت أفكر بجدية في الانتحار ، في تلك البلاد لا يوجد ما يعرف بالصرف الصحي ، أو المجاري ، أو أي شيء تحت الأرض ، لا يوجد تحت الأرض إلا الأموات ! وهم في أحسن حالاتهم ، يموتون مبتورين الأعضاء ، أو مصابين بالايدز ! والأحياء هناك لا يجدون الكثير ليأكلوه ، وإذا ما أكلوا فإن عملية الهضم التي تقوم بها أجسامهم مكثفة جدا ، ولا يخرج منهم غير البعر ، كما أنهم أناس غريبوا الطباع ، يمشون في غالب الوقت عراة ، و أحيانا يرقصون ، وفي أحيان كثيرة يقذفون القنابل على بعضهم البعض !
شعرت هناك بإحباط رهيب ، وكرهت الأرض بمن عليها ، وتمنيت لو يتم القضاء على البشر أجمعين ، ثم تتولى الصراصير مهمة السيطرة على الأرض بدلا عنهم . فالصراصير مهما كنت سيئة ، وعنيدة أحياناً، إلا أنها لا تصل لهذه المرحلة من الوحشية والهمجية أبدا !!
عندما جئت هنا، شعرت بفارق كبير في الحياة .. الأمر مختلف تماما هنا ، المجاري منتشرة في كل مكان ، وفي كثير من الأحيان ، تتفجر في الشوارع ، كم هي نشوتي حين أرى المجاري تطفح بالشوارع ! يغمرني شعور باللذة ، يشبه لذة الآدميين بالمطر !
هذه بلد عظيمة يالولوه .. بلد النعم ، بلد الخيرات ، بلد المجاري المتفجرة ! وعلى الرغم أن ما يعرف بالنظام الحاكم هنا ، متهم بالفساد العظيم ، أو هكذا تردد عنه القنوات الفضائية المعارضة ، إلا أن الفتات الذي يبقيه النظام للشعب ، والبقايا التي ينثرها عليهم من فترة لأخرى ، لا تزال كافية لتجعل المجاري تبدو كما هي عليه الآن مترعة ، أو ربما – كما أقنعني صرصور مسن ذات يوم – أن عملية الأكل والهضم والإخراج ، هي أكثر العمليات المسموح بها من قبل النظام الحاكم بدون شرط أو قيد ! ولعلي لا أتطرف ياعزيزتي ، إذا قلت أنها عملية يتم تشجيعها بشكل دائم ، ومدروس . ألا ترين ياصرصورتي كيف تنتشر المطاعم هنا ؟ أمر مذهل بالفعل . عدد المطاعم والمخابز قد يعادل عدد السكان ! وما يطبخ في ليلة واحدة أظن أنه يكفي لإطعام قارة كاملة !
اه حسنا ....
سأعود مره أخرى للحديث عن المجاري .............
وهنا الديك صااااح فتثائبت ااااااهه وسكتت عن الكلام المباح ......
وغدا بقية القصه