توبة الهراطقة والمعمودية
هل الراجعين من الهرطقة يجب أن يتطهروا بالمعمودية ؟
كيف نادى كبريانوس ومن معه من الأساقفة بأن الراجعين من الهرطقة يجب أن يتطهروا بالمعمودية ؟
قال المؤرخ يوسابيوس القيصرى (1) : وأول كل شئ اصر كبريانوس راعى كنيسة قرطاجنة , على أنهم يجب أن لا يقبلوا إلا إذا تطهروا بالمعمودية من زلاتهم , ولكن أستفانوس أشتد غضبه ورآه غير ضرورى إدخال أيه بدعة تخالف التقليد السارى منذ البداية .
الرسائل التى كتبها ديونيسيوس عن هذا الموضوع :
وإذ راسله ديونيسيوس بتوسع بصدد هذا الموضوع , بين له أخيراً بأنه طالما كان الإضطهاد قد خفت وطأته فإن الكنائس فى كل مكان بدعة نوفاتوس وصارت فى سلام بين بعضها البعض , وقد كتب ما يلى :
الهدوء الذى جاء عقب الإضطهاد :
1 - لكن أعلموا الآن يا أخوتى أن جميع الكنائس فى الشرق , وما بعد الشرق , التى كانت منقسمة , قد أتحدت كلمتها , وأصبح جميع ألأساقفة فى كل مكان برأى واحد , مغتبطين جداً بالسلام الذى جاء , فوق ما كان منتظراً , هكذا أغتبط ديمتريانوس فى أنطاكية (2) , وثيوكتستوس فى قيصرية (3) , ومازابانس فى آليا , ومارينوس فى صور (كان الأسكندر تنيح) وهليودورس فى لادوكية ( بعد موت ثيليميدرس ) وهيلينوس فى طرسوس , وجميع كنائس كيليكية , وفرميليانوس , وجميع كبادوكية , ولم أذكر سوى أبرز الأساقفة لكى لا تكون رسالتى طويلة , وكلماتى ثقيلة .
2 - وجميع سوريا وبلاد العرب التى ترسلون إليها المساعدات عند الحاجة , والتى كتبتم إليها ألان مباشرة , وما بين النهرين وبنطس وبيثينيا , وبالإيجاز أن الجميع فى كل مكان مغتبطون , ويمجدون الرب من أجل الوحدة والمحبة الأخوية " هذا ما ذكرة ديونيسيوس .
3 - أما أستفانوس فإذ شغل مركزة سنتين خلفه زيستوس , وقد كتب إليه ديونيسيوس رسالة أخرى عن المعمودية , بين له فيها فى نفس الوقت رأى وحكم أستفانوس والأساقفة الآخرين , وروى ما يلى عن أستفانوس :
4 - " لذلك سبق أن كتب عن هيلينوس وفرمليانوس وجميع من فى كيليكية , وكبادوكية وغلاطية والأمم المجاورة : قائلاً أنه لا يريد الإختلاط بهم لهذا السبب , أى لأنهم أعادوا معمودية الهراطقة , لكى نتأمل أهمية الموضوع .
5 - " صحيح أنه صدرت من أكبر مجامع الأساقفة - على ما أعلم - قرارات فى هذا الموضوع , متضمنة بأن القادمين من الهرطقات يجب تعليمهم , وبعد ذلك يغسلون وينظفون من الخميرة العتيقة الدنسة , وقد كتبت إليه متوسلاً من أجل جميع هذه الأمور , وبعد ذلك يقول :
6 - " وقد كتبت أيضاً بكلمات قليلة فى البداية , وبكلما كثيرة أخيراً إلى زميلينا القسين المحبوبين ديونيسيوس (4) وفيلمون (5) اللذين كانا يدينان بنفس رأى أستفانوس , وكتب إلى عن نفس الأمور " هذا ما قيل عن المناقشة السابق ذكرها .
سقطة الهراطقة الشنيعة / الرؤيا الإلهية التى رآها ديونيسيوس والقانون الكنسى الذى قبله .
1 - وقد روى ديونيسيوس هذا نفسه ما يلى فى الرسالة الثانية عن المعمودية التى كتبها إلى فليمون القس الرومانى : " وقد فحصت أعمال وتقاليد الهراطقة , مدنساً عقلى وقتاً قصيراً بآرائهم الكريهة , ولكننى حصلت على هذه الفائدة منهم , وهى أننى قد فندت آرائهم بنفسى , وأزددت لهم كرهاً .
2 - وعندما حاول الأخوة من القسوس أن يمنعنى خشية أن أحمل فى تيار شرهم ونجاستهم ( الذى قد يدنس نفسى) وكنت أرى أيضاً أنه يقول الحق , أتتنى من الله رؤيا شدتتنى , والكلمة التى أتتنى أمرتنى قائلة بكل وضوح :
3 - : " أقرأ ما يمكطن أن تصل إليه يدك , لأنك تستطيع أن تصحح كل شئ وتمتحنه , وهذا هو سبب إيمانك من البداية " فقبلت الرؤيا على اساس أنها تتفق مع الكلمة الرسولية القائلة لمن هم أقوى منى : كونوا سيارفة ماهرين .
4 - وبعد التحدث عن كل الهرطقات يضيف قائلاً : " لقد قبلت هذه القاعدة وهذا الترتيب من أبينا الطوباوى هراكلاس , لأن الذين عادوا من الهرطقات , رغم إرتدادهم عن الكنيسة , أو بالأحرى لم يرتدوا بل بدا كأنهم قد أجتمعوا معهم وأتهموا بالإلتجاء لأحد المعلمين الكذبة , فإنه عند طردهم من الكنيسة لم يقبلهم ثانية , رغم توسلاتهم , إلا بعد أن قصوا علانية كل ما سمعوه من خصومهم , وعندئذ قبلهم دون أن يتطلب منهم معمودية أخرى , لأنهم كانوا قد قبلوا منه سابقاً الروح القدس " .
5 - وأيضاً بعد معالجة الموضوع بالتفصيل يضيف ما يأتى : " وقد علمت أن هذه لم تكن بدعة دخلت أفريقيا وحدها , بل أن هذا الرأى كان مقبولاً فى اشهر الكنائس منذ زمن طويل أيام الأساقفة الذى سبقونا , وفى مجامع الأخوة فى أيقونية وسنادا , كما كان مقبولاً من أشخاص آخرين كثيرين , وأنا لا أستطيع أن احتمل بأن أقلب آرائهم , وأطرح بهم إلى الخصام والنزاع , لأنه قيل : لا تنقل تخم صاحبك الذى نصبه ىباؤك .
6 - أما رسالته الرابعة عن المعمودية فقد كتبت إلى ديونيسيوس الرومانى الذى كان وقتئذ قساً , ولكنه أرتقى إلى اسقفية تلك الكنيسة بعد ذلك بوقت قصير , وواضح مما قاله عنه ديونيسيوس الأسكندرى أنه هو أيضاً كان رجلاً متعلماً مقتدراً , وضمن ما كتبه ذكر له ما يلى عن نوفاتوس :
معمودية الهراطقة الخاطئة
1 - أما رسالته الخامسة فقد كتبت إلى زيستوس أسقف روما , وبعد التحدث كثيراً فى هذه الرسالة عن الهراطقة روى حادثة حدثت فى عصرة كما يلى : " لأننى أخشى حقاً أيها ألأخر فى حاجة إلى المشورة , وأننى أطلب حكمك فى موضوع عرض على , خشية أن اكون على خطأ .
2 - " فقد كان أحد الأخوة الذين يجتمعون يعتبر مؤمناً منذ زمن طويل , وكان عضو فى الجماعة قبل رسامتى , بل قبل رسامة المغبوط هراكلاس على ما أظن , وكان حاضراً مع من تعمدوا أخيراً , وعندما سمع الأسئلة والأجوبة أتانى باكياً ونادباً سوء حظه , وسقط عند قدمى , وأعترف محتجاً بأن المعمودية التى عمد بها مع الهراطقة لم تكن كهذه المعمودية بأى حال من الأحوال إذ كانت مملوءة كفراً وتجديفاً .
3 - وقال أن نفسه قد أنكسرت حزناً , وانه ليست له دالة ليرفع عينيه إلى الرب لأنه كان موافقاً على تلك الأقوال والأفعال الكفرية , ولهذا طلب لمن ينال هذا التطهير الكامل وهذه النعمة الجزيلة .
4 - ولكننى لم اجسر على أن أفعل هذا , وقلت أن شركتة الطويلة كافية , لأننى يجب أن لا أجسر على أن أجدد من البداية شخصاً سمع وشكر , وأشترك فى ترديد آمين , ووقف أمام المائدة ومد يديه ليتناول الطعام المبارك وتناوله فعلاً وأشترك وقتاً طويلاً فى جسد ودم ربنا يسوع المسيح , على أننى نصحته بأن يتشجع ويقترب إلى شركة القديسين بإيمان ثابت ورجاء صالح .
5 - ولكنه لا يكف عن النحيب , ويتحاشى الأقتراب من المائدة وبندر أن يحضر الصلاة ورغم الإلحاح عليه .
6 - وعلاوة على هذه لا تزال باقية أيضاً رسالة أخرى لنفس الرجل عن المعمودية , موجهة منه ومن أيبروشيته إلى زيستوس وكنيسة روما , وفيها يناقش الموضوع الذى أثير وقتئذ بحجج أقوى , ولا يزال باقياً أيضاً رسالة أخرى بعد هذه موجهة إلى ديونيسيوس الرومانى بخصوص لوسيان . هذا ما قيل عن هذه الأمور
المـــــــراجع
(1) تــــاريخ الكنيسة - يوسابيوس القيصرى (264 - 340 م ) - تعريب القمص مرقس داود - رقم الإيداع بدار الكتب 5207 / 1979 - مطبعة القاهرة الحديثة للطباعة أحمد بهى الدين الخربوطلى الكتاب السابع الفصل 3 و 5 و 7 و 9 (ك7 ف 3 و 5 و 7 و 9 )
(2) راجع ما ورد عن ديمتريانوس وثيليميدرس وهيلينوس فى كتاب تــــاريخ الكنيسة - يوسابيوس القيصرى (ك6 ف 46 )
(3) راجع ما ورد عن تيوكتستوس فى كتاب تــــاريخ الكنيسة - يوسابيوس القيصرى (ك 6 ف 19: 17 ) راجع ما ورد عن نرمليانوس فى كتاب تــــاريخ الكنيسة - يوسابيوس القيصرى (ك 6 ف 26) راجع ما ورد عن مازليانس فى كتاب تــــاريخ الكنيسة - يوسابيوس القيصرى (ك 6 ف 29)
(4) أقيم فيما بعد أسقفاً لروما خلفاً لـ زيستوس راجع ما ورد عنه فى كتاب تــــاريخ الكنيسة - يوسابيوس القيصرى (ك 7 ف 27)
(5) كان قساً فى روما فى ذلك الوقت .