القرار السعودي وقفَ المساعدات أربك الساحة اللبنانية، وشكل مادة ملتهبة من خلال السجال الذي استعر وما زال على صعد مختلفة. وحمّل قادة سياسيون حزب الله مسؤولية توتير العلاقة بالسعودية، في حين وُضعت سياسة لبنان الخارجية على طاولة الحكومة للنقاش.
شكل القرار السعودي الأخير وقفَ المساعدات للجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي والمقدرة بنحو أربعة مليارات دولار، محطة إضافية في الانقسام الداخلي. وبررت الرياض قرارها بالمواقف اللبنانية المناهضة لها، في إشارة إلى امتناع الخارجية اللبنانية عن التوقيع على البيانات الصادرة عن اجتماع وزراء الخارجية العرب ومنظمة العمل الإسلامي والمتعلقة بإدانة التعرض للبعثات الدبلوماسية السعودية في إيران الشهر الماضي، إضافة إلى ما اعتبرتها الرياض مصادرة حزب الله لإرادة الدولة اللبنانية.
القرار السعودي أربك الساحة الداخلية، وشكل مادة ملتهبة من خلال السجال الذي استعر وما زال على صعد مختلفة. وقد حمّلت قوى 14 آذار -بمختلف تياراتها- حزب الله وحلفاءه مسؤولية ضرب استقرار لبنان المالي والمعيشي، في حين وُضعت سياسة لبنان الخارجية على طاولة الحكومة كمادة خلافية.
وبينما وصف رئيس الوزراء اللبناني تمام سلام القرار السعودي بالشأن السيادي للمملكة، أوضحت وزارة الخارجية أنها كانت أول من بادر إلى إدانة تعرض البعثات الدبلوماسية السعودية في ايران للاعتداء.
وأشارت الخارجية إلى أن الموقف المبدئي الدائم الذي اعتمدته الحكومات اللبنانية الأخيرة هو عدم الدخول في نزاعات إقليمية والنأي بلبنان، مشددة على ما وصفتها بأهمية التفهم السعودي لتركيبة لبنان وظروفه.
عاصفة المواقف
القرار السعودي أعقبته عاصفة من المواقف السياسية المنددة بحزب الله الذي دأب أمينه العام حسن نصر الله في خطاباته الأخيرة على مهاجمة القيادة السعودية على خلفية الأحداث في اليمن وسوريا وملفات أخرى.
ورأى رئيس الوزراء اللبناني الأسبق زعيم تيار المستقبل سعد الحريري أنّ ما سماها القرارات المتهورة بخروج لبنان على الإجماع العربي لا تؤدي إلا إلى إجراءات وتدابير تهدد مصالح مئات آلاف اللبنانيين في مختلف البلدان العربية، معلنا أن من يفترض أن لبنان يمكن أن يتحول إلى ولاية إيرانية فهو واهم.
أما رئيس اللقاء الديمقراطي في لبنان وليد جنبلاط فناشد القيادة السعودية إعادة النظر في قرارها، مطالبا القوى اللبنانية بالتأكيد على عروبة لبنان وعدم الخروج منه.
كما طالب رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع الحكومة اللبنانية بدعوة حزب الله رسميا إلى الامتناع عن مهاجمة السعودية.
استقالة ريفي
تراكمات سياسية دفعت وزير العدل أشرف ريفي إلى تقديم استقالته من الحكومة اللبنانية، ومنها اتهامه حزب الله بتحريض وزير الخارجية جبران باسيل على الإساءة إلى السعودية والوقوف ضد الإجماع العربي. وهذا الموقف التصاعدي لقوى 14 آذار أوضحه أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأميركية في بيروت سامي نادر الذي اعتبر أنه لا يمكن تلقي المساعدات من السعودية على مدى سنوات ثم الامتناع عن الوقوف إلى جانبها عند الضرورة.
وأضاف نادر في حديث للجزيرة نت أن لبنان هو البلد الوحيد الذي خرج عن الإجماع العربي، وهو الآن يدفع الثمن.
من جهته لم يتفاجأ حزب الله بالقرار السعودي، معتبرا أن الرياض تعاني أزمة مالية خانقة بسبب حجم النفقات الضخمة لحرب اليمن وما وصفها بمؤامرة انخفاض أسعار النفط.
وأيد الكاتب السياسي توفيق شومان وجهة نظر حزب الله، ورأى أن القرار السعودي يشكل جزءا من صراع إقليمي تم إدخال لبنان في أتونه.
وأبدى شومان في حديث للجزيرة نت خشيته من أن يشكل هذا القرار أول الغيث ويتبع بقرارات أخرى تطال الودائع المالية الخليجية في لبنان أو اليد العاملة اللبنانية في دول الخليج.
المصدر
قناة الجزيرة (الجزيرة نت)