هرطقة / بدعة سابيليوس
من هو سابيلوس ؟
وُلد سابيليوس في نهاية القرن الثاني ومات عام 261 م تلميذ نوئيتوس الهرطوقي أحد أساقفة بطلومايس بالخمس مدن الغربية. كان قد تربى في مدينة رومية، وتتلمذ لنوئيتوس الهرطوقي وأصبح كاهنا وهو ليبـي الجنسية تعلّم في روما واستقر بها.. وأخذ عنه تعاليمه التي تنحصر في أن الإله أقنوم واحد أعطى الناموس لبني إسرائيل بصفته الآب، وصار إنسانًا في العهد الجديد بصفته الابن، وحلّ على الرسل في علّية صهيون بصفته الروح القدس
أولاً : محتوى تعاليم نوئيتوس
بدأت هذه الهرطقة بتعاليم من نوئيتوسNoetus حيث أعتقد تابعوه "مؤلّمي الآب"(*) وكانت هرطقتة بسيطة حيث ظن فى أن الإله أقنوم واحد أعطى الناموس لبنى أسرائيل بصفته الآب وصار أنساناً فى العهد الجديد بصفته الأبن وحل على الرسل فى علية صهيون بصفته الروح القدس ولهذا أعتبر أن ما حّل بالابن من آلام قد حّل على الآب , لهذا دعيت هذه الفئة بأسم " مؤلمى ألآب "
ثانياً : محتوى تعاليم سابليوس:
وقد قام سابيليوس شرح ما تُعلِّمه الكتب المقدسة عن الآب والابن والروح القدس بنوع يختلف عن نوئيتوس ، فاعتقد أن جزءً من الطبيعة الإلهية أُفرز من الله الآب وكوّن الابن بالاتحاد مع الإنسان يسوع المسيح، وأن جزءً آخر انفصل عنه فكوّن الروح القدس , وفى هذا هرطقة لسبب بسيط أنه جزء الإله , وأعتقد سابليوس أن عقيدة الثالوث فى المسيحية في الله الواحد عقيدة صعبة وغير مقبولة ومرفوضة من اليهود والوثنيين رفضاً تاماً لذا فكر سابليوس فى تبسيط وشرح هذه العقيدة فى بدعة مكونة من مراحل ثلاث كما يلى :-
المرحلة الأولى الله الأزلي الذي خلق العالم وكل ما فيه خرج عن صمته وعن راحته بخلق هذا العالم، وعندما خلقه أصبح الله الآب الخالق جوهراً واحداً وشخصاً واحداً، ووحدة واحدة وهو نفس الشخص من الخلق إلى التجسد.
المرحلة الثانية : عند التجسد، فالله نفسه، نفس الشخص والجوهر هو الذي تجسّد في الإنسان يسوع الناصري أي أن الإله الذي تجسّد في يسوع الناصري ليس الابن أو اللوغوس بل هو الله نفسه، أي أن الآب أصبح ابناً وهو الذي صُلب وتألم ومات.
المرحلة الثالثة : بعد الصعود، فالروح الذي حلّ على التلاميذ يوم الخمسين هو نفس الشخص الذي كان يعمل في العهد القديم، وهو نفسه الذي صار ابناً أي أن الله أخذ شكل الآب في بداية الخلق، وفي التجسّد انتحل شكل الابن وبعد ذلك انتحل شكل الروح القدس.
مما سبق يمكن تلخيص نعتقده أنه يؤمن بوجود إلاه قام بأدوار ثلاثة في ثلاث حقبات مختلفة من الزمن. لاقى تفسير سابليوس رواجاً عظيماً حتى أطلق كثيرون عليه الانتحالية السابلينية، وقد اقتنع بفكره الكثير من معلمي الكنيسة لسهولتها وعدم تعقيدها.
لماذا ترك سابيليوس روما وذهب إلى مصر ؟
. نشر بدعة سابيليوس في روما ومصر أول من اعتنق بدعة نوئيتوس وسابيليوس زفيرينوس أسقف رومية وكاليستوس خليفته، وساعدا المبتدعين على نشر بدعتهما حتى انتشرت تلك الهرطقة وعمَّت أنحاء الغرب. غير أن كاليستوس سام أساقفة وقسوسًا وشمامسة من الذين تزوّجوا ثانية وثالثة، ثم أباح العماد لمغفرة الخطايا وادّعى بأن الأسقف لا يُقطَع من الكهنوت مهما ارتكب من الآثام. ولما لم يوافقه سابيليوس على ذلك حرمه، فجاء إلى مصر سنة 257م،
موقف الكنيسة من سابليوس:
قام البابا كاليستوس بإصدار حرماناً ضد سابليوس وأتباعه عام 220م، ويقول بعض المؤرخين أن سابليوس قد ظل في روما بعد حرمانه ولكن البعض الآخر يرى أنه حضر إلى مصر ونشر تعاليمه بها. وبرغم دفاع الكنيسة ضد هذا المذهب إلا أنه انتشر بسرعة كبيرة في أماكن كثيرة جداً من المسكونة.
وأخذ ينشر فيها بدعة مؤلّمي الآب فجذب إليه كثيرين، ولما اعرف بالبابا ديونيسيوس أمره قاومه بشدة، وانتهى الأمر أخيرًا بحرم سابيليوس في مجمع عقد سنة 261م. السابيلية السابيلية Sabellianism أو Modelist أو المونارخية (الوحدانية المطلقة) Monarchiaism، وفي الغرب تدعى مؤلمي الآب Patripassianism. ترجع هذه الحركة إلى عصر الشهيد يوستين الذي أدان القائلين بأن "الابن هو الآب" (حوار مع تريفو 128). جاءت هذه الحركة أولاً كرد فعل خاطئ لمقاومة الفكر الغنوصي في القرن الثاني، حيث كان الغنوصيون يتطلعون إلى الابن والروح القدس أنهما أيونان صادران عن الله الأسمى، وانهما أقل منه، فأراد البعض تأكيد الوحدانية بين الثالوث فسقطوا في نوعٍ من السابيلية. وجاءت أيضًا كرد فعل ضد الأريوسية في القرن الرابع (استخدمها مارسيلليوس أسقف أنقرة Marcellus of Ancra لنزع فكرة التدرج عند الثالوث القدوس. لقد أوضح ترتليان في مقدمة مقاله ضد براكسيس Praxeas، بأن هذه الهرطقة إنما ظهرت خلال الرغبة في تأكيد الإيمان الأرثوذكسي.
هرطقة / بدعة سابيليوس
وفى نفس الرسالة يشير أيضا إلى تعاليم سابيليوس الهرطوقية التى إزدادت إنتشاراً فى وقته ويقول : " أما عن التعليم الذى أثير الآن فى بيولمايس التى فى بنتابوليس (3) , المملوء كفراً وتجديفاً على الرب القدير الآب , وربنا يسوع المسيح , والمتضمن شكوكاً كثيرة بخصوص أبنه الوحيد بكر كل خليقة , الكلمة المتأنس , وقصوراً شديداً فى معرفة الروح القدس , فنظراً لأنه قد وصلتنى رسائل من كلا الطرفين ومن الأخوة لمناقشة الأمر , فقد كتبت بضع رسائل لمعالجة الموضوع وضعت فيها بمساعدة الرب كثيراً من التعاليم على قدر أستطاعتى , وها أنا أرسل إليك نسخاً منها
الجزء التالى نقل عن المؤرخ القس منسى يوحنا (4)
إنتشار بدعة نوئيتوس
وكان سابيليوس أول من أعتنق بدعة نوئيتوس وسابيليوس زفيرينوس أسقف روما وكاليسطوس خليفته وساعد المبتدعين على نشر بدعتهما حتى أنتشرت هذه البدعة فى الغرب , ومما زاد الطين بله أن كاليسطوس سام اساقفة وفسوساً وشمامسة من الذين تزوجوا ثانية وثالثة - ثم اباح العماد لمغفرة الخطايا - وأدعى أن الأسقف لا يقطع من الكهنوت مهما جنى من آثام -
سابسليوس فى مصر وبدعته مؤلمى الآب ولكن سابيليوس لم يوافقة على الأعمال الأخيرة فحرمه فترك روما وذهب إلى مصر سنة 257 م وأخذ ينشر فيها بدعته التى أساساها بدعة نوئيتوس وهرطقة " مؤلمى الاب "
ما هو محتوى عقيدة مؤلمى الآب ؟
وهم يعتقدون أن الذات نفسه لا أحد أقانيمه هو الذى كفر عن خطايا البشر .
مجمع محلـــــى
وقد أضل سابيليوس ببدعته هذه كثيرين من المؤمنين وبعض الأساقفة , فوقف البابا ديونيسييوس وقفة البطل الباسل وقاوم ضلالهم فى منشور أرسله إلى الأسقفين أمونيوس وأفراندر , ولما لم يتمكن من أرجاع سابيليوس حرمه فى مجمع عقده بالأسكندرية سنة 261 م بعد أن فند فى رسالة كل تعاليمه الفاسدة .
الأسقف الرومانى يحرم الأسقف المصرى
فرأى أنصار سابيليوس أنهم فى حاجة إلى من يشد أزرهم فأغراهم بعض الدخلاء من الرومانيين على الشر والشقاق فكتبوا إلى ديونيسيوس أسقف روما كتاباً فيه يرمون بطريركهم بالهرطقة والبدعة , وكان السقف الرومانى شاباً قليل الخبرة والمعرفة بالنسبة إلى البطريرك السكندرى الذى كان واسع الأطلاع كثير الخبرة فى التعامل مع الكل , فسار ديونيسيوس الرومانى سير الأعتساف وأرتكب متن الشطط وعقد مجمعا حرم فيه ديونيسيوس البطريرك المصرى , بل وأرسل يعلمه بالحكم ويسأله عما إذا كان عنده شئ يدافع به عن نفسه , الأمر الذى عده البطريرك المصرى جسارة من أسقف روما وأهانة له , غير أنه لعظم تقواة وتمسكه بأوامر الديانة المسيحية , لم يرض أن يقابل الشر بالشر بل عمد إلى قلمه وأرسل إليه رساله يوضح له فيها العبارات التى أشكل عليه فهمها , فكانت تلك الرسالة حداً فاصلاً فى النزاع الذى يسميه المؤرخون " نزاع الديونيسيين " وأقتنع الأسقف الرومانى بأنه تسرع وأخطأ فى عمله وأحترم البابا الأسكندرى ووقف بجانبة فى دحض بدعة بولس السيماساطى أسقف أنطاكية
المـــــــراجع
(1) تــــاريخ الكنيسة - يوسابيوس القيصرى (264 - 340 م ) - تعريب القمص مرقس داود - رقم الإيداع بدار الكتب 5207 / 1979 - مطبعة القاهرة الحديثة للطباعة أحمد بهى الدين الخربوطلى الكتاب السابع الفصل السادس (ك7 ف 6)
(2) كان رئيس شيعة فى روما أثناء أسقفية زفيرينوس ( 198- 217 م)
(3) الخمس مدن الغربية (ليبيا ألان)
(4) تاريخ الكنيسة القبطية القس منسى يوحنا طبع مكتبة المحبة سنة 1982 م الطبعة الثالثة ص 88
البدع و الهرطقات في القرون المسيحية الأولى (2) الأب/ أنطون فؤاد (5) الانتحالية (موداليسم) Modalisme أ- تعريفها : عندما نتتبع تاريخ الفكر المسيحي، وخاصة التعاليم المختصة بشخص الرب يسوع، نلاحظ ظهور عدداً كبيراً جداً من المذاهب والمعلمين الذين يحاولون الإجابة على سؤال السيد »من يقول الناس إنى أنا«. وكما سبق ورأينا كيف حاد الكثيرون عن الطريق الصحيح عند محاولتهم الإجابة على هذا السؤال. وأثناء هذا نادى بعض اليهود المسيحيين بوحدانية الله وبأن الله واحد سامٍ عظيم لا يمكن تقسيمه واشترك بعض المعلمين في هذه الطريقة ولكنهم بعد فترة خرجوا بتعليم جديد يُسمى موداليسم وظهر العديد حوالي عام180م، منهم نوتوس المسميرني، وانتشر هذا المذهب في روما في أيام البابا زفيرنوس (202-217).
(*) هذه الفقرة من حاشية المؤرخ القس منسى يوحنا ص 117 : " أن اول من نشر بدعة "مؤلمى ألاب" هو أبراكسياس الذى وفد على رومية من أسيا الصغرى وفتح مدرسة بث فيها ضلالة وأستطاع أن يجذب إلى هرطقته زنيرينوس أسقف روما وكاليسطوس خليفته وقام بعد أبرااكسياس تلميذة نوثيتوس بنشر بدعته , فلما علم البابا ديونيسيوس أن هذه البدعة أخذت تتسلط على عقول الرومانيين كتب لثوثيتوس رسالة طويلة شرح فيها التعليم الصحيح وفند بدعته , التاريخ لا يقر الباباوين فى صحة أعتقادهم لأنهم الذين ينادون بصحة (عصمة) باباواتهم , ولولا باباوات الأسكندرية لأصبحت الكنيسة الرومانية مجموعة من الهرطقات (تعليق من الموقع : الروح القدس هو الذى يحرك قادة الكنيسة فى الدفاع عن الأيمان والرب يسوع هو الذى يفرحنا بخدمة كلمته , ولكن الرب يستخدمنا هو الذى ينمى , ولا يوجد واحد معصوم من الخطأ ألا الرب يسوع الذى قال من منكم يبكتنى على خطية , والكتاب قال الجميع زاغوا وفسدوا ... ليس من يعمل صلاحاً ولا واحد )
(5) تاريخ الكنيسة القبطية القس منسى يوحنا طبع مكتبة المحبة سنة 1982 م الطبعة الثالثة ص 117 - 118