أهداء الى صديقي في الناصرية
الاستاذ نبيل
أطلقت تسمية الشجرة الخبيثة على مدينة الناصرية من قبل القائد العسكري البريطاني آنذاك عندما تقدم بقواته لغزو العراق عام 1914حيث حصلت معركة في منطقة اللحيس ومنطقة اللحيس تقع بين الناصرية وسوق الشيوخ في الجنوب الشرقي من مركز المدينة
تكبد فيها الانكليز خسائر لم يتوقعوها وقد كمن لهم بعض الثوار خلف شجرة سدر
(سدرة ) ضخمه تحيط بها الأحراش بشكل كثيف وتحتها بئر ماء صافٍ عذب وهذه الشجرة تقع في الجنوب الغربي من الناصرية
في أراضي آل البوسوف وكانت حينها المعارك دائرة بين الجيش البريطاني من جانب والقوات العثمانية من الجانب الآخر وكان العراقيون يحاربون مع القوات العثمانية مناصرين ومؤازرين لهم وكانت الإمدادات العسكرية البريطانية تنقل عن طريق نهر الفرات وبما إن النهر يمر بهذه المناطق والتي تسكنها عشائر عراقية أصيلة النسب ترتبط بالمرجعية الدينية ارتباطاً وثيقاً
وكانت فتوى المرجعية آنذاك هي مقاتلة الانكليز أينما حلوا .
فهب أبناء هذه العشائر لملاقاة الانكليز وضربوا طرق إمداداتهم ودمروا الزوارق الناقلة لهذه الامتدادات وقتلوا الكثير من الجنود وللعلم إن آثار الزوارق المدمرة مازالت حتى هذه الساعة باقية في تلك المنطقة .
وتعرضهم هذا للقوات الغازية أدى إلى تأخر تلك القوات وإرباكها في سير المعركة الدائرة مع العثمانيين مما أغاض عملهم هذا القائد الانكليزي فأخذ يصرخ بهستيريا وهو يرى جنوده تقتل وتؤسر أمامه وبعبارته المشهورة والمعروفة لكل المعنيين في توثيق التأريخ ( اقلعوا تلك الشجرة الخبيثة) وقد أعادها عدة مرات حتى أصبحت المقولة شائعة على أفواه كل الناس للإشادة ببطولة
وعزيمة أبناء الناصرية الغيارى الأفذاذ وهم يتقدمون لضرب الانكليز غير آبهين بالموت فما كان الموت لهم إلا شهادة ووسام يزين صدورهم .
وعلى أثر ذلك الأمر من قبل القائد العسكري يقال في رواية تقدمت إحدى الطائرات لضرب هذه الشجرة العظيمة وقلعها من جذورها وقتل من كان يكمن خلفها من الأبطال وفي رواية ثانية بأن الجيش البريطاني تحشد وتهيأ لقلعها بالمدافع والأسلحة الثقيلة لتنتهي في نهايتها قصة شجرة أعطت للتأريخ صورة مثلى من الصور البطولية لأبناء الجنوب .
وما كان من الانكليز إلا تتويج الناصرية وهم يطلقون عليها اسم الشجرة الخبيثة دون إن يعوا أنها فخر لهم لا سبة عليهم .
وفي أبان النظام السابق أثير هذه التسمية على مدينة الناصرية لا فخرا كما ذكرنا بل انتقاصاً منها لا اعلم كيف وعلى أي رأي بني انتقاصهم لمدينة الشعر والأدب والفكر والفن هذه المدينة التي تحمل من التأريخ ما يقارب الستة آلاف سنة ، تأريخا يزهو بالحضارة والثقافة وليمد جسور التألق هذا والإبداع إلى حاضرها وهو يشدو اليوم بالعشرات من الأدباء والفنانين والمفكرين ملؤا الساحة بإبداعاتهم وانجازاتهم العلمية والفكرية والثقافية .
بوركت هذه المدينة الرائعة وبورك أبنائها بها.
الناصرية أور وسومر حاضرة العالم ومهد الحرف ستظل تروي للأجيال قصة مدينة لم ينصفها التأريخ .