إن ما يقربنا إلى الله تعالى هو التجافي عن دار الدنيا، لأن الإنسان لا يمكنه الوصول إلى الله عز وجل مادام متعلقاً بالدنيا، إن دنيا الإنسان من منصب ومال وحب للنفس تحجبه عن الوصول إلى الله عز وجل، ولهذا يقول تعالى عندما يريد أن يبين أسرار العبادة: أريد أن أطهركم، والإنسان إذا لم يطهر لا يستطيع أن يصل إلى الله عز وجل، والقرآن الكريم ذلك الفيض الإلهي الذي أنزله تعالى لا يشمل إلا المطهرين: (إنه لقرآن كريم * في كتاب مكنون * لا يمسه إلا المطهرون)، (الواقعة: 77 ـ 79) .
فالمطهرون فقط هم الذين ينهلون من معارف القرآن، والمطهرون الواقعيون هم الأئمة (ع) والقرآن الكريم يصفهم بقوله: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً)، (الأحزاب: 33).
فلا يصل إلى عمق القرآن إلا المطهرون، فالأئمة (ع) هم الذين يعرفون عمق وحقيقة القرآن، وتلامذتهم ينهلون من معارف القرآن أيضاً، كل حسب طهارته.
القرآن يعتبر الطهارة سر العبادات، وما التعليمات والإرشادات القرآنية إلا لتطهير الإنسان، وليس المقصود من الطهارة، الطهارة الظاهرية،
وإذا كان الإنسان يتصور أن الوضوء بالماء وغسل ظاهر بدنه يطهره طهارة ظاهرية، فهذا غير صحيح لأن الطهارة تحصل بالتيمم بالتراب أيضاً، ومن هنا يظهر أن المقصود من الطهارة التي يريدها الله عز وجل هي الطهارة الداخلية، الطهارة من الأنانية وحب الذات.