Friday the 13th July 2012
"تعزيزات أمنية" في المنطقة الشرقية تحسبا لاحتجاجات شعبية في السعودية
قالت مصادر في الحكومة السعودية الخميس إن المملكة "نشرت مزيدا من القوات في المنطقة الشرقية وألغت عطلات بعض ضباط الجيش وسط مخاوف من حدوث اضطرابات جديدة من جانب الشيعة في المنطقة إثر مقتل متظاهرين في أعقاب اعتقال رجل دين شيعي بارز، ونظرا لتصاعد حدة التوترات الإقليمية.
وقد أكد دبلوماسيون غربيون أيضا أنه تم بالفعل "تعليق العطلات في الجيش السعودي منذ نهاية يونيو/ حزيران الماضي".
وذكر مصدر في الحكومة السعودية أن "قادة كبارا أصدروا توجيها في 26 يونيو حزيران يأمر بزيادة عدد قوات الأمن المتمركزة في المنطقة الشرقية، مركز إنتاج النفط بالمملكة، وحيث يعيش أغلبية الشيعة السعوديين".
وأضاف المصدر أن القوات السعودية "وُضعت في حالة تأهب وأُلغيت العطلات الصيفية لبعض الضباط، لكن لا يتم استدعاء من بدأوا عطلاتهم بالفعل".
وقال المصدر إن ما يصل إلى 1200 من أفراد "الحرس الوطني السعودي" أُرسلوا إلى المنطقة الشرقية. والحرس الوطني مكوَّن من قوات خاصة بدوية يقودهها الأمير متعب، نجل الملك عبد الله بن عبد العزيز، ويتولى أيضا شؤون الأمن المحلي.
وأردف قائلا: "يتم نشر القوات كاستعراض للقوة، أي كسياسة ردع"، مشيرا إلى أن العدد الإجمالي لقوات الحرس الوطني في المنطقة حاليا "يتجاوز ثلاثة آلاف فرد".
"يقول مسؤولون سعوديون وأمريكيون إن هذه التعبئة المحدودة تعكس المخاوف بشأن صراع عسكري محتمل مع إيران وبشأن الصراع في سوريا والتوتر بين السنة والشيعة في البحرين المجاورة"ديفيد أغناتيوس في مقال بصحيفة واشنطن بوست الأمريكية
وذكر أن مسؤولين من وزارتي الداخلية والخارجية أحاولوا اتصالات إلى وزارة الدفاع للتعليق على الموضوع، "لكن لم يتسن بعد الحصول على تعليق من متحدث باسمها".
إجازات صيفية
وقال الكاتب ديفيد أغناتيوس في مقال بصحيفة واشنطن بوست الأمريكية في عددها الصادر الخميس إن السعودية "أمرت بعض المسؤولين العسكريين والأمنيين بإلغاء عطلاتهم الصيفية".
وأضاف: "يقول مسؤولون سعوديون وأمريكيون إن هذه التعبئة المحدودة تعكس المخاوف بشأن صراع عسكري محتمل مع إيران وبشأن الصراع في سوريا والتوتر بين السنة والشيعة في البحرين المجاورة".
وكانت الحكومة السعودية قد أعلنت في التاسع من الشهر الجاري مقتل اثنين من مواطنيها إثناء تفريق قوات الأمن احتجاجات في منطقة القطيف الواقعة شرقي البلاد إثر اعتقال رجل الدين الشيعي البارز نمر النمر.
وأكدت الداخلية السعودية في حينها أن الشرطة "اعتقلت الشيخ نمر النمر في المنطقة الشرقية بالمملكة في وقت متأخر من مساء الأحد الماضي بعد إصابته في ساقه أثناء اعتقاله".
واتهمت السعودية إيران بإثارة الاضطرابات في القطيف التي تضم كثيرا من الشيعة السعوديين، وكذلك في البحرين، وهو ما تنفيه طهران.
"هجوم إسرائيلي"
وتأتي هذه التطورات مع تصاعد وتيرة التكهنات بشأن إمكانية هجوم إسرائيلي على إيران التي تخوض نزاعا مع القوى الغربية بشأن برنامج طهران النووي الذي يشتبه الغرب في أنه يهدف لصنع أسلحة نووية، وهو ما تنفيه إيران وتصر على القول إن برنامجها مخصص للأغراض السلمية البحتة.
"لقد حرص الحرس الوطني على جاهزيته منذ فترة طويلة، استعدادا للمساندة في أي مواجهة محتملة أو تهديد أمني"مصدر حكومي سعودي
ولمحت إسرائيل إلى أنها قد تهاجم إيران إذا أخفقت الجهود الدبلوماسية في وقف برنامج إيران لتخصيب اليورانيوم، كما بحثت الولايات المتحدة العمل العسكري كخيار أخير، لكنها حثت الإسرائيليين أكثر من مرة على إتاحة الوقت أمام العقوبات المشددة كي تحقق المرجو منها في هذا الشأن.
وذكرت تقارير إعلامية إيرانية الأسبوع الماضي أن طهران هددت بتدمير القواعد العسكرية الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط، وباستهداف إسرائيل "في غضون دقائق من تعرض إيران لأي هجوم".
وتخشى السعودية أن يؤدي أي هجوم عسكري إسرائيلي على إيران إلى ضربات انتقامية على أراضيها، الأمر الذي يُخشى أن يشعل احتجاجات بين الشيعة والسنة في المملكة.
وقالت المصادر إن إسقاط سوريا، حليفة إيران، لطائرة مقاتلة تركية في الثاني والعشرين من الشهر الماضي زاد من حدة التوتر والقلق من احتمال نشوب صراع إقليمي وشيك في المنطقة.
وأضاف المصدر: "لقد حرص الحرس الوطني على جاهزيته منذ فترة طويلة، استعدادا للمساندة في أي مواجهة محتملة أو تهديد أمني".
دعم سعودي
يُذكر أن السعودية تدعم المعارضة السورية في حين تدعم إيران نظام الرئيس السوري بشار الأسد.
ورأى دبلوماسيون غربيون أن نشر مزيد من قوات الأمن السعودية في المنطقة الشرقية "مرتبط بإيران"، دون أن يذكروا مزيدا من التفاصيل.
وربما زاد قلق السعودية بخصوص رد فعل طهران بعد بدء تنفيذ حظر استيراد النفط الإيراني من جانب الاتحاد الأوروبي في الأول من يوليو/ تموز الجاري.
أثارت تصريحات النمر الأخيرة حفيظة القيادة السعودية التي اتهمته بإثارة "النعرات الطائفية"
ومن المتوقع على نطاق واسع أن يضر الحظر الذي فُرض على صادرات طهران الحيوية من الطاقة بسبب برنامجها النووي.
وهددت إيران بإغلاق مضيق هرمز الاستراتيجي، الواقع عند مدخل الخليج والذي يمر عبره أكثر من ثلث صادرات النفط المنقولة بحرا في العالم، وذلك في حال تعرضت لأي هجوم.
وقال عضو في لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية الايرانية يوم الاثنين إنها تدرس مشروع قانون يدعو طهران لمنع مرور ناقلات النفط عبر المضيق إلى الدول التي تؤيد العقوبات ضدها.
"خطوات احترازية"
واتخذت السعودية بالفعل بعض الخطوات الاحترازية تحسبا لاحتمال إغلاق إيران لمضيق هرمز، وشملت تلك الإجراءات إعادة تشغيل خط أنابيب قديم بناه العراق لتجاوز المرور بالمضيق، وتصدير مزيد من النفط الخام عبر موانيء البحر الأحمر.
وأرسلت الولايات المتحدة أيضا أربع كاسحات ألغام إلى الخليج لدعم الأسطول الخامس الأمريكي بعدما جدد قائد عسكري إيراني التهديد بإغلاق المضيق.
وهون محللون من شأن قدرة إيران على إثارة الاحتجاجات في شرق السعودية.
وقال محلل سياسي: "أعتقد أنه يتعين إعطاء بعض الاهتمام لاحتمال حدوث اضطرابات في المناطق الشيعية، إذا حدث أي توتر بين تركيا وسوريا".
وأضاف أن الإيرانيين لا يملكون نفوذا كبيرا في المنطقة الشرقية، "فالأمر لا يبدو كما لو كان بوسعهم استدعاء البعض ومطالبتهم بإثارة اضطرابات".
ويقول الشيعة إنهم يواجهون صعوبات كبيرة في الحصول على وظائف حكومية أو أماكن في الجامعات، وأن مناطقهم تعاني من ضعف الاستثمارات، وأن دور عبادتهم غالبا ما يتم إغلاقها، وهو ما تنفيه الحكومة السعودية.
BBC