لماذا صرخ يسوع على الصليب "إلوي إلوي لَمَا شبقتني"
الذي تفسيره: إلهي إلهي لماذا تركتني؟
أليس هو الله نفسه؟ فكيف يقول: إلهي إلهي لماذا تركتني...
الحقيقة أن الإيمان المسيحي يقوم على هذه العبارة...
بدون هذه العبارة عقيدة الفداء نفسها تتزعزع!!!
المسيح فداؤه كامل...
لذلك فقد جاز عنا الموت بكل بشاعته و أنواعه و اختبره تماماً مثلنا...
لقد أخذ خطايا كل الإنسانية و خطايا هذا الدهر، و كأنها خطاياه الشخصية...و ذاق كل مرارتها و آلامها...(كما يقول بولس الرسول: "صار خطية لأجلنا")
خطيئة آدم أماتته موتاً:
1- جسدياً: حيث تنفصل نفسه عن جسده
2- أدبياً: باللعنة...و صار يخاف الحيوانات مثلاً...
3- روحياً: بالبعد عن الله
4- أبدياً: في الجحيم...
و المسيح ذاق الموت بكل سلطانه (سلطان الموت)
مات على خشبة (ملعون كل من علق على خشبة)
و جسدياً..
و نزل إلى الجحيم...و حطمه و أخذ نفوس الأبرار...
لكن أين هو الموت الروحي؟
إنه يظهر تماماً في هذه العبارة: "إلهي إلهي لماذا تركتني"
لقد ذاق يسوع مرارة البعد عن الله، و كأن الخطية هي خطيته...
الفداء لم يكن تمثيلية...بل لقد حمل يسوع عنا فعلاً كل خطايا هذا الدهر...
و كل تبعاتها و آلامها...
و الجحيم ليس فقط مكان العذاب..بل أهم شيء فيه هو الحرمان من حب الله و القرب منه...
و هذا ما اختبره المسيح...
لاهوتياً بالطبع هو كلمة الله...لا يمكن أن يكون قد انفصل عن الآب...
لكنه اختبر تماماً الانفصال عن الله...هذا الذي اختبره آدم و أولاده بالخطية...
النفس اليائسة لا تطلب الله....لكنه صلى إلى الله في عمق آلامه التي لا يمكن لأي بشري تصورها....و لا يحتملها إلا الإله المتجسد...
فالمسيح هنا يصرخ، نائباً عن الخاطئ الذي كان يجب أن يحتمل ذلك العذاب، و ذلك الترك، "إلهي
إلهي لماذا تركتني"
المسيح اختبر بالفعل تبعات الخطايا كلها و كأنه هو المخطئ، كأنها خطاياه هو الشخصية في جسده الخاص...
و غالباً كان السيد المسيح يصلي المزمور 22...
1 إِلَهِي! إِلَهِي لِمَاذَا تَرَكْتَنِي بَعِيداً عَنْ خَلاَصِي عَنْ كَلاَمِ زَفِيرِي؟
2 إِلَهِي فِي النَّهَارِ أَدْعُو فَلاَ تَسْتَجِيبُ. فِي اللَّيْلِ أَدْعُو فَلاَ هُدُوءَ لِي.
3 وَأَنْتَ الْقُدُّوسُ الْجَالِسُ بَيْنَ تَسْبِيحَاتِ إِسْرَائِيلَ.
4 عَلَيْكَ اتَّكَلَ آبَاؤُنَا. اتَّكَلُوا فَنَجَّيْتَهُمْ.
5 إِلَيْكَ صَرَخُوا فَنَجُوا. عَلَيْكَ اتَّكَلُوا فَلَمْ يَخْزُوا.
...
و هذا المزمور فيه نبوات عن آلامه، و فيه بالطبع الإيمان بخلاص الرب و تسبيحه...
و لا يمكن أن ينم عن يأس...
لكنه بسبب أتعابه الجسدية لم يكمله بشفتيه....و لكن في قلبه...
لقد علمنا يسوع في هذه الكلمات أن الشكوى لله و الصراخ إليه في عمق آلامنا هو شيء محبوب و مرغوب فيه...
إذاً فكما قلنا...المسيح اختبر تماماً كل آلام الخطية...
و أهمها عذاب الجحيم، حيث يفقد الإنسان صلته بالله و يحرم من محبته و علاقته به...
و بهذه الكلمات العميقة جداً...أكد يسوع أن الفداء حقيقي و كامل...و ليس مجرد تمثيلية أو ظاهرياً فقط...
يا لعظمة تدبير إلهنا، و حبه و رحمته