نـــــــازفة الـــــــــدم
من انجيل معلمنا متى البشير و التلميذ الصالح بركاته علي جميعنا امين :
واذا امرأة نازفة دم منذ اثنتي عشرة سنة قد جاءت من ورائه ومسّت هدب ثوبه.
لانها قالت في نفسها ان مسست ثوبه فقط شفيت.
فالتفت يسوع وابصرها فقال ثقي يا ابنة.ايمانك قد شفاك فشفيت المرأة من تلك الساعة.
هنا سنتكلم عن مثل رائع من امثلة الايمان غير المسبوق الذى صنع لاصحابه معجزات لم تكن اعينهم تحلم ان تراها و تسبب في خلاص نفوسهم و عبورهم من وادى ظل الموت الي حيث الحياة الابديه
فبعد مرض و نزيف دام اثنتي عشرة سنة عجز فيها الاطباء عن ايقاف هذا النزيف لابد وان تصاب المراه - التى هى بطبيعة تكوين جسدها ضعيفة -و حتى ان كان جسدها صحيحا فليس فيه من القوه ما في جسد الرجل - بحاله عامه من الهزال و الضعف التى نطلق عليها اليوم>> الانيميا الحاده
و لعلم تلك المراه بما وصل اليه جسدها من ضعف بسبب النزيف الذى لا ينقطع و ايضا لعلمها بالازدحام الشديد حول المسيح- صانع المعجزات الذى يشفي من كل مرض - ذلك الازدحام الذى بالطبع يتسبب فيه رجال كثيرون اقوياء البنيه يدفعون هذا و ذاك من الجموع الكثيرة الملتفه حول المسيح معتمدين علي قوة اجسادهم العضليه لكى يفوزوا بالوقوف امامه فيلمسهم بيده و يشفي امراضهم
هذا الي جانب العدد الرهيب من النساء الاصحاء البنيه و الاطفال الذين التفوا حول المسيح ليشاهدوا باعينهم ماتصنعه يداه من معجزات وكل هؤلاء يمكن في تدافعهم المحموم نحو المسيح ان يدوسوا امراة هزيلة ضعيفة مثلها بارجلهم فيقتلوها وليس من ينقذها من ارجلهم او يلقي لها بالا في هذا الازدحام
و ازاء هذه الصعوبات و العوائق كلها لابد لامراة ضعيفة كهذه ان تفقد الامل نهائيا و كليا في لقاء الطبيب الوحيد القادر علي شفائها
ولابد لها ان تياس من ان تلاقيه فتصاب بالاحباط و تستسلم لما بها من مرض لان الامل الوحيد في الشفاء بعيد المنال بهذه الصوره
لكن لانها حقا امنت ايمانا قويا بان المسيح اله و بان كل الامور بيده و بانه الوحيد القادر علي شفائها لم تياس و قررت ان تغامر بحياتها وسط تدافع و تدفق الجموع لان لقاء المسيح اصبح عندها اهم من حياتها و لثقتها في انه سيشفيها فقالت في نفسها :
يمكن ان يدوسوني بارجلهم فاموت
وحتي ان لم يقتلونى.. فمن الجائز جدا الا استطيع الوصول اليه ..لان الزحام شديد و ليست في قوه لادفع هذا و ذاك من الرجال الاقوياء و النساء الاصحاء
و لكن كل هذا لايهم
لانه لا امل لي غيره ..و لانه هو الوحيد الذى يستطيع ان ينقذنى من نزيفي قبل ان يقتلني
ليس ضروريا ان اقف امامه و يرانى..لانه قادر ان يرانى وسط كل هذه الجموع ويرى قلبي المعذب وجسدى الذي افناه المرض فيرحمهما..
لانه حسبما سمعت عنه انه ابن الله - اذن فحتما ابن الله يملك المقدره ان يرانى وسط كل هذه الجموع
لكن ان لم اقف امامه فكيف سيعرف بمرضي ؟؟
لا يهم.... ليس ضروريا ان اقول له عن علتى الطويله الامد - لانه - بصفته ابن الله - بالقطع ايضا سيعرف علتى حتى وان لم اتكلم - حتى وان لم استطع ان اخبره
اذن ...لماذا الانتظار..يكفيني فقط ان المس ثوبه
نعم ..ليس ضروريا ان تلمسنى يداه لان ابن الله يستطيع ان يشفينى ولو كنت بعيدة عنه بدون ان يلمسنى بيده
فهو علي ما سمعت عنه يامر المرض فحالا يفارق جسد المريض .
ان مسست ثوبه ..فقط.. شفيت
و ليس ضروريا ايضا ان اكون واقفة امامه ليرانى ..فهو بالقطع و بصفته ابن الله يملك المقدرة ان يرانى حتي و ان كنت واقفة خلفه
فجاءت من وراءه ..و قلبها مملوء ايمانا به.. و لم تنتظر ان تتمكن من لمس ظهره او كتفه..بل قالت في قلبها
" يكفيني ان امس هدب الثوب الذي يرتديه ابن الله لكى اشفي
فمست هدب الثوب و قد كان لها ما ارادت و اكثر
شفاء فوري وفي ساعتها ..
و نري المسيح المحب الحنون الذى علم فكر قلبها المؤمن يطمئنها
و يؤكد لها ان فكر قلبها كان صحيحا مائه بالمائه
و انها الان تسير علي الطريق الصحيح
- طريق الايمان الذى قادها الي الشفاء بل والذى سيقودها الي ملكوت السموات
فيقول لها :ثقي يا ابنه ايمانك قد شفاك
ويحك يا توما يا من عاشرت سيدك سنينا هذا عددها..
ورايت بعينيك قوات صنعها هذا مقدارها ..
ولم تصدق انه قام من بين الاموات الا بعد ان وضعت اصبعك في طعنة الحربة
التى في جنبه ..و ثقب المسمار الذى بيده
حقا ...يكفي ان نؤمن به ..لكى نستطيع تحريك الجبال