البابا أثناسيوس الرسولي ومجمع نيقية

في كتابنا "الكنيسة القبطية الأرثوذكسية كنيسة علم ولاهوت" الموجود هنا في موقع الأنبا هيمانوت أفردت فصلًا خاصًا عن البابا أثناسيوس والآريوسية. هنا اكتفي بما قاله القديس غريغوريوس النزيانزي: [عندما أمدح أثناسيوس، أكون ممتدحا الفضيلة؛ فإنني أذكر كل فضيلة عندما أشير إلى ذاك الذي اقتنى كلالفضائل: كان عمود الكنيسة الحقيقي، حياته وسلوكه يمثلان نظامًا للأساقفة، وتعليمه يمثل قانون الإيمان الأرثوذكسي] (1).
سيم بطريركا (بابا) للإسكندرية عام 328م، ودامت رئاسته 46 عامًا، قضى منها أكثر من 17 عامًا في النفي بسبب مقاومته العنيفة لانتشار الآريوسية التي كان يسندها بعض الأباطرة، وقد نفى خمس مرات.
في سنة 325م انعقد أول مجمع مسكوني في مدينة نيقية، وذلك بسبب خطورة انتشار الآريوسية التي أنكرت لاهوت السيد المسيح، وجعلت منه مخلوقا وجد قبل الزمن كأداة للخلق، يقوم بدور الوساطة بين الله والعالم. كما نادوا أيضا بأن الروح القدس ليس هو الله بل هو إله أقل من اللوغوس (الكلمة).
انعقد المجمع بناء على دعوة الإمبراطور قسطنطين، حضره 118 أسقفًا، من بينهم البابا الكسندروس الاسكندرى يصحبه سكرتيره القديس أثناسيوس، وكان شابا صغير السن. لم يكن يسمح له كشماس أن يشترك في المناقشات، وقد قيل أن البابا سامه قسًا ليحق له الاشتراك في المناقشات، فدخل في حوار مع آريوس وأتباعه وأفحمهم بغيرته المتقدة وقدرته اللاهوتية وقوة حجته. كما وضع قانون الإيمان الذي تردده كل الكنائس اليوم. وإذ انتهى المجمع تركه يصحبه إعجاب كل الأساقفة كما تصحبه كراهية الجانب الهرطوقي الذي أثار ضده عواصف كثيرة في حياته.
كتب عنه جون هنرى نيومان: [هذا الرجل الفائق. هو أداة رئيسية بعد الرسل، سلمت الحقائق المسيحية القدسية وأمنت بالكلمة] (2).