كاظم إسماعيل الكاطع
شاعر شعبي عراقي يعد واحدًا من ثلاث أعمدة للشعر الشعبي في العراق وهم
( مظفر النواب، عريان السيد خلف وكاظم إسماعيل الكاطع )
يعود بجذوره إلى محافظة ميسان في العراق من مواليد 1950 م في بغداد
خريج الجامعة المستنصرية/ كلية الاداب/ قسم اللغة الإنكليزية1974 م
يحمل شهادة الماجستير في الأدب الإنكليزي من إحدى الجامعات الهندية
عضو جمعية المؤلفين والموسيقين العالميين(باريس)
عضو الاتحاد العام للشعراء الشعبيين في العراق ورئيسه في دورتين انتخابييتين عام 1993 و 1994
تعود بداياته الشعرية إلى الستينيات
بداياته كانت في مدينة الثورة حيث كتب أول قصيدة له كانت قصيدة بعنوان(انتهينه) في عام 1967
وهي عبارة عن قصيدة لشاب خابت آماله في الحب. وتقول مقاطع القصيدة:
وانتهينا
وانتهى الماينتهي وخلص حجينة
وانتهينا وبقت كطرات الوفى المذبوح تتناثر علينا.
وبقيت للمجفين كوم اسرار عد روحي الامينة
وكون ندري بالعتاب يفيد بيهم عاتبينا
وكون يسوون البجي..جا باثنعش ناظر بجينا
غافلونا وباكو العشرة غفل من بين ادينة.
وباكوا من ايد العمر سنتين وبوجهم رضينة
تالي نزعوا شوكنا من كلوبهم وكالوا عوض عنكم لكينا.
إلى أخر القصيدة...
ويقول عن هذه القصيدة أنه كتبها بعفوية لحبيبته حينما كان يمارس وقتها لعبة كرة القدم في منتخب الشرطة .
وإن هذه القصيدة جعلته ينضم إلى ركب الشعراء المعروفين وقتها ومنهم :-
1- جمعة الحلفي
2- عريان السيد خلف
3- فالح حسون الدراجي
4- ذياب كزار أبو سرحان
5- كريم العراقي
6- شاكر السماوي
تعلم كاظم إسماعيل الكاطع من مدرسة الحياة ، الكثير والكثير من القيم والمعاني الإنسانية التي جسدها في قصائده ،وعلى الرغم من التجارب العامة المؤلمة والتجارب الشخصية المريرة التي عانى منها الشاعر كاظم إسماعيل الكاطع ، الا انه ظل يطارد الحلم بين خيوط الدخان المتصاعدة من بيوت الفقراء الكادحين بمدينة الثورة المترامية الأطراف التي تحلم بغد أفضل كباقي المدن العراقية .
بعد أن دأب على التردد على مقهى الميثاق في مدينة الثورة وبدأ التعرف على شعراء جيله هناك وقد تأثر بصديقه شاكر السماوي
صدر ديوانه الأول عام 1968 وعنوانه (قصائد دامعة)
وللكاطع نفس مميز في الشعر باستعماله اللغة العامية الدارجة وابتعاده عن (الحسجة).
عاش الشاعر ضمن عائلة سياسية وعاصر أحداث 1963 وتجربة الحرس القومي مما جعله مؤهلا ليكتب قصيدة هي (رسالة أم) عبارة عن قصيدة على لسان أم لأبنها السجين السياسي في سجن نقرة السلمان القريب من الحدود العراقية السعودية في وسط الصحراء. وهذه القصيدة جعلت الذين حوله يشكون بأنها لشاعر مبتدئ لذا نسبوها لمظفر النواب ثم بعد ذلك استطاع الشاعر أن يؤكد أنها له. عرف الشاعر بمواقفه الوطنية المناهضة للنظام الحاكم بسبب انتماؤه للحزب الشيوعي العراقي الممنوع وقتها مما سبب له الكثير من المتاعب. كتب العديد من القصائد التي غناها الكثيرون اشتهر بالكثير من قصائد الرثاء وأشهرها قصيدته في رثاء زوجته والقصيدة التي نظمها في رثاء ابنه الصغير (حيدر) والذي أعدم أو اغتيل شنقاً وهو لم يتجاوز الاثني عشرة سنة ولم يعرف سبب الحادثة وهل كانت انتحارًا أو اغتيالاً من قبل زمر البعث كما قيل في حينها .
وتجد الشاعر كاظم إسماعيل ، يكتب واحدة من أجمل قصائده التي تجسد سعة مخيلته في تصوير موضوعة القصيدة ، والتي أسماها ( مرثية العام الدراسي ...حيدر ) .
بدا العام الدراسي وبدت الهموم
وبيتي عالمدارس بابه صاير
نسيت ...وداعتك جيت اشتري هدوم
الك ...ومحضر اقلام ودفاتر
مو تسمع قيام ...وليش ماتكَوم؟
ومر اسمك ولا من كَال ...حاضر
الشمس طلعت علينا...مو وكت نوم
وهم عدكم صبح يا اهل المكَابر
وهم عدكم ...ضوه ...وشباج ...ونجوم
وهم ينطونكم واجب ال باجر ؟
عبر هذه الصور الشعرية يتجاهل الشاعر موت ولده حيدر، ويتعامل معه على انه حاضر معه يخاطبه ، ولكنه في الوقت نفسه يدرك ذلك الحلم ويرجع ثانية إلى ارض الواقع للقبول بهذه الحقيقة ، ولكنه يصر على إن ولده لم يبلغ لحضور المدرسة ، فيحمل اللوازم المدرسية إلى المقبرة ، ليتساءل عن حياة سكان المقابر وطبيعتها ، لقد كانت هذه قراءة سريالية لتفاصيل الموت وتداعياته وعلاقته في الزمان والمكان في قصيدة الشاعر كاظم إسماعيل .
الوالد بالوداع يصير مهموم ...وانا اثنينهن والد وشاعر
خيلك طشرتني وجنت ملموم ...وصارت طيحتي بين الحوافر
اذا عشرين يوم وما شفت نوم...شيظل بالحيل بالعشره الاواخر ؟
فراش الفاتحه لو شفته ملموم ...بنص كَلوبنا تلكَى الجوادر
يمنه المصبغه ..ودينه لهدوم
الحزنك مشترينه قماش حاضر
تمنيتك جرح ...كلساع ملجوم
وتبات الليل بشفاف الخناجر
انا يا بوي من ونيت مالوم ...نزل مني دمع يعمي النواظر
خدودي متعوده تتندى كل يوم ...وتحب الماي خشبات الكَناطر
لمت الروح بس شفادني اللوم...شلحك ؟ وبسفينة الموت عابر
من خلال هذه الأبيات الشعرية يتابع الشاعر، خيط الحزن الذي يبدأ من صبغ الملابس في اللون الأسود ، وهو جزء من الاعراف التي تمثل الحزن الشديد على فقيد عزيز، وهنا استخدام اللون الأسود للتميز به شدة الحزن من خلال تغيير الالوان عبر عملية الصبغ وهي جزء من تقاليد العراقيين الذي تميز امهاتهم خصوصا في الجنوب في ارتداء اللون الأسود ، وهذه عملية صبغ الملابس وقص الشعر جزء من الاعراف للتبيان شدة الحزن على الموتى . وفي صورة أخرى يحاول الشاعر تصوير المفاجاة وهول الصدمة وسرعة حدوث الحدث ، إي معالجة الزمن وعلاقته في المكان ، من خلال تصوير لحظة الموت في السفينة العابرة، والنسر الكاسر والبوم ، والبوم في الموروث الشعبي دالة على التشاؤم ، يحاول إن يبين شدة حزنه على ولده ، ما يشبه تجرع السم ، وفي القصيدة إشارة إلى اغتيال ولده بقوله(من هو ؟ الشوفك صورة المعدوم...وليش تعلكَت ياشاب يا قاصر) ، وتملك هذه القصيدة موسيقى جميلة ، إن الشاعر حينما نظمها كان يحدي في كتابتها ، وعلى الرغم من الفجيعة والطابع الحزين الذي يطبع القصيدة ، فاتها تشكل جزءا من الهدهدة ( النواعي ) التي تهون عليه الفجيعته . فيسعى إلى مقارنتها في الفجيعة الأكبر للحسين الشهيد ، وهي استعارة أضفت للقصيدة قوة اضافية ، واوصلت للمتلقى مدى الحيف الذي وقع على الشاعر بهذه الفجيعة الإنسانية .
لاتكفي هذه السطور للتعريف بتجربة شاعر أمتدت لاكثر من اربعين عاما في كتابة الشعر الشعبي ، ولكننا أردنا إن تسليط الضوء على تجربة رائد من رواد الشعبي الذي ترك بصماته الواضحة سجل في الشعر الشعبي العراقي الحافل في الأعمال الشعرية الخلاقة .