الشهادة ذبيحة افخارستيا
لقد كانت الشهادة اقتداء بآثار المسيح رب المجد وشَرِكَة كأس آلامه، حتى أنَّ القديس أغناطيوس شهيد أنطاكية كان يعتبِر الاستشهاد ذبيحة افخارستيا، لذلك اشتاق أن يكون هو نفسه افخارستيا.. تلك هي ذبيحة إيماننا لأنَّ ”الذينَ يتألمون بحسب مشيئة الله فليستودِعوا أنفُسهم كما لخالِقٍ أمين في عمل الخير“ (1بط 4: 19).
ويُشير أسقف أنطاكية الشهيد، إلى أهمية هذا التفسير الافخاريستي للشهيد، وكذلك القديس إيريناؤس أبو التقليد الكنسي..، لذلك كان كل شهيد يشهد:
”أنا إنسان حر ولكن عبد المسيح“.
مُتشبِه بصبر المسيح المُخلِّص، بينما الوثنيون يصيحون مُرددين الموت للمسيحيين.
ويُمكننا أن نقول أنَّ شهادِة الدم كما أنها معمودية ثانية، هي أيضًا ذبيحة افخارستيا.
وعندما نأتي إلى القديس كبريانوس شهيد قرطاچنة الذي اعتبر أنَّ الافخارستيا هي سلاح الشُهداء، نجده يُعلِّمنا قائِلًا ”لنُسلِّح اليد اليُمنى بسيف الروح حتى ما ترفُض بشجاعة ذبائِح الأوثان المُميتة“، وعندما حُوكِم كبريانوس قال الوالي ”قررنا أنَّ سليوس كبريانوس يُقتل بالسيف“، أجاب كبريانوس ”Deo Gratlas الشُّكر لله“.. وهذه هي الافخارستيا والذبيحة الحقيقية، وهذا هو التفسير الافخاريستي للقديس كبريانوس.
وتُعتبر صلاة بوليكاربوس أسقف سميرنا، وهو على كومة من الحطب المُهيئة لحرقه، مَثَلًا من أجمل الأمثلة على الفكر الافخاريستي الذي يُحرِّك قلبه وهو يتقدم للشهادة ”أيها الآب الذي للابن المُبارك المحبوب يسوع، أُبارِكك لأنكَ جعلتني أهلًا أن أُحسب في عِدَاد شُهدائك، وأن أُشارِك في كأس مسيحك من أجل الحياة الأبدية“.