بالطبع يطمح الكثيرون منا لانشاء شركتهم الخاصة التى تحقق احلامهم فى الاستقلالية المالية والفكرية بما يثقل مهاراتهم الابداعية فى الادارة و التسويق لأعمالهم الخاصة ، و العمل على تطويرها و تحقيق الذات الكامنة فى شغف الانسان فى الاعتماد على نفسه و رسم مستقبله و تشكيل حياته المهنية التى تتخطى حدود الوظيفة الروتينية.
و لكن تظل هناك العديد من العواقب التى تقف كحاجز بينك و بين بدء شركتك الخاصة الناجحة كرائد أعمال طموح ، و لأن لكل مشكلة حل ، فقد قام معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا و المعروف باسم (ام اى تى) بدراسة على مجموعة من ريادى الاعمال المبتدئين ، لمعرفة العقبات المشتركة التى كانت عائقا لهم فى مسيرة انشائهم لشركاتهم الخاصة.
وتعرض لنا الدراسة الحلول المطمئنة والأسباب الحقيقية لوجود هذه العقبات، مبينة أنها حواجز اساسية فى طريق ريادة الاعمال للمبتدئين، و يمكن تخطيها بالطبع ، وذلك هو ما يميز رائد الأعمال الناجح.
1 – الخبرة / الثقة
قد تظن ان صغر سنك و قلة خبرتك هما بداية المعوقات التى ستواجهك فى رحلتك نحو ريادة الاعمال ، ولكن الدراسة اثبتت ان الشباب فى هذه الايام لديهم من المعرفة التكنولوجية و الحماس الشديد للتعلم المستمر ، ما يؤهلهم لاكتساب الخبرات بشكل أسرع من الكبار ، و السبب أنك تعيش بالتوازى مع قمة التطور التكنولوجى و المعرفى ، و التعليم المفتوح على المنصات العربية و الاجنبية ، فبالتالى يمكنك تعليم نفسك أى شيئ تريده فى الحياة وتزيد من خبراتك بسرعة وبـكفاءة لم تكن متاحة سابقا.
2 – المعرفة اللازمة لفهم العمليات و المراحل التى تمر بها لانشاء شركة
وهنا يجب أن نكون صريحين قليلا ، حيث أن مثل هذه المعرفة لا تأتى من القراءة و التعلم و معرفة تجارب رواد الاعمال السابقين فقط ، بل يجب أن تثقلها بالتجريب بنفسك فى سوق العمل لتكتسب الخبرات العملية الحقيقية التى يمكنك تطبيقها مباشرة على أرض الواقع ، أى لا تقلق فهى تأتى بالتدريب و المحاولة.
3 – التمويل
وتعتبر خطوة متأخرة قليلا ، و لكن تم ادراجها على قائمة العقبات لما لها من أهمية اساسية فى تأسيس الشركات ، خاصة الناشئة و التى لا يملك اصحابها سوى فكرة و يقعون فى بؤرة خطر يهدد حلمهم و هو عدم قدرتهم على ايجاد مستثمر ليتبنى تمويل فكرتهم لتتحول الى شركة.
و تأتى الدراسة بالحل البسيط لهذه العقبة و هو علاقة طردية بين قوة تأثير فكرة شركتك و حجم التمويل الذى يمكنك الحصول عليه ، بمعنى أنه كلما كانت فكرتك ذات تأثير قوى و عائد مادى مربح أكثر ، كلما زادت فرصتك فى اقناع المستثمر بتمويلك.
4 – الفكر الريادى / تشكيل عقلية رائد الاعمال
وهنا يخبرنا (معهد ماساتشوستس) أنه من المستحيل عمليا ان يكون لديك عقلية رائد اعمال و انت ما زلت مبتدءا فى هذا المجال ، بل سوف تتشكل لديك الاساسيات و المفاهيم العملية تلك عندما تأخذ الخطوة الأولى فى رحلتك كـ رائد أعمال.
5– ايجاد الفكرة / ابتكار فكرة شركة
يعتقد معظم رائدى الاعمال المبتدأين انهم لانشاء شركة ريادية ، يجب عليهم ان يأتوا بفكرة جديدة كليا و لم يسبق لأحد أن فكر بها و ليس لها منافس ، و تؤكد الدراسة هنا أن هذا الاعتقاد انما هو خاطئ تماما ، حيث ان معظم الافكار قد تم التفكير فيها من قبل احدهم ، و بالتالى فإن نجاح الفكرة لا يعتمد على مدى انفرادك بها ، بل ان الابتكار الحقيقى هو معرفة احتياجات عملائك الحقيقية و تطوير افكار تقدم حلول ابتكارية لهم ، حتى و ان كان هذا الحل / الفكرة قام احدهم بتنفيذها من قبل ، فذلك لا يمنعك من تنفيذها بشكل مختلف اكثر ابداعا و افادة و تميزا لتصبح بذلك منافسا قويا فى السوق بالابتكار فى تلبية حاجة عملائك ، وطريقة تقديمك و تنفيذك للفكرة ، وليس الابتكار فى مضمون الفكرة نفسها.
6 – تكوين فريق عمل ناجح
من الخطأ الاعتقاد بانك قادر على عمل كل المهمات المطلوبة لشركتك بنفسك و تأخذ على عاتقك مسئولية تعلم كل المهارات اللازمة لتنفيذ جميع ما هو مطلوب لتبدأ شركتك او حتى تطورها ، فليست مهمة رائد الاعمال هى تنفيذ كل شيئ بنفسه ، بل عليه ان يكون فريق عمل متكامل ويختار من يشاركوه فى تحقيق حلمه على أساس مهارات وجدية كل شخص ، و بعدها يقوم بتوزيع الأدوار و المهمات المحددة على فريقه حيث يحدث تكامل بين كل المهمات لتتجمع معا مؤدية دورا واحدا هو تقديم منتج / خدمة على مستوى عالى من الجودة يميز هوية الشركة ويرتقى بها.
7 – ادارة وقتك بشكل منظم و مستهدف
الشروع فى انشاء شركتك الخاصة لا يتطلب منك وقتا كثيرا، فقط كل ما تحتاجه هو فكرة قوية و عملاء مستهدفين ، و عندها يمكنك الانطلاق بشركتك ، حيث على نقيض الشائع بين الناس – ان رائد الاعمال المبتدأ يضيع وقته و يصبح يومه غير منظم – تساهم ريادة الاعمال فى تنظيم وقتك و تحديد أولوياتك و تقنين اعمالك اليومية و ترشيحها ، ليأتى عملك المهم ذو التأثير الاكبر فى مقدمة جدولك الزمنى اليومى ، و مع الوقت عندما تنمو شركتك و تصبح رائد أعمال محترف ، ستجد أن وقتك أصبح منظما و ومرتبا بشكل لم تكن لتتخيله أبدا.
8 – استهداف عملاءك الحقيقيين
و يعتبر الكثير من رائدى الاعمال هذه العقبة هى الأكبر و يعدونها السر الاكبر فى نجاح أى شركة او حتى اعمال خاصة.
لماذا ؟؟
لنفرض مثلا أننا أنشأنا شركة تبيع منتج عبارة عن هاتف محمول صينى رخيص جداا ، و قمنا بجلب التمويل اللازم و وضعنا خطة عمل استراتيجية محنكة ، و قمنا بعمل خطة تسويقية قوية بمبالغ هائلة ، و لكننا مع كل ذلك استهدفنا الطبقة الراقية كعملاء محتملين!!
من المنطقى طبعا أن تفشل الحملة ولا تؤتى ثمارها و قد يؤدى ذلك لاغلاق الشركة قبل حتى أن تبدأ ، و ذلك لأننا لم نقم باستهداف العملاء الحقيقيين ، و هم اصحاب الطبقة المتوسطة الذين قد يقبلون على شراء هواتف محمول صينية ، وبدلا من ذلك قمنا باستهداف اصحاب الطبقة الراقيه الذين لم و لن يفكروا فى شراء هاتف صينى رخيص ليس منتجا للشركات العالمية الكبرى.
وعلى هذا الاساس يصبح العملاء المحتملين و استهدافك الصحيح لهم هو نواة نجاح أى شركة فى أى مجال كانت ..
9 – علاقاتك مع ريادى أعمال اخرين كمرشدين و موجهين لك
وهى من النقاط المهمة جدا و التى يوفرها معهد (ماساتشوستس) فى انطلاقة ريادة الاعمال ، حيث يوفر دورة تدريبية فى حضور العديد من رائدى الاعمال الناجحين ، ليكونوا موجهين للطلاب و مرشدين لهم فى رحلتهم التدريبية و التى تنتهى غالبا باطلاق العديد من الشركات الرائدة فى مجالات مختلفة.
تتوفر أيضا انطلاقة ريادة الاعمال هذه مجانا على الانترنت من خلال منصة التعليم المعروفة Edx.
10 – المصادر المتاحة
واقصد هنا المصادر اللازمة لبناء شركتك مثل التمويل و الادوات المكتبية و بالطبع المكان و توافر الانترنت و اجهزة الكمبيوتر و توافر كافة وسائل الراحة سواء لفريق عملك أو لعملائك .
بالاضافة الى المصادر التسويقية و الادارية كمعرفة حجم السوق و امكانياته و قدرة منتجك على المنافسة.
وفوق كل ذلك لا يجب ان تنسى قدرتك على ادارة المخاطر التى تحدث نتيجة وجود اضطرابات أو أزمات فى هذه المصادر.
11 – التواصل المجتمعى لتكوين علاقات عمل قوية
انغلاقك على نفسك كرائد اعمال هى خطوة سلبية و لها نتائج وخيمة ستكتشفها فى بداية رحلتك نحو ريادة الاعمال ، وبالطبع العكس صحيح ، تخطيك لهذه العقبة الاخيرة عن طريق تكوين علاقات قوية مع رجال الاعمال و الريادين و حتى مع اصحاب النفوذ و السياسة و الاقتصاديين ، سيسهل عليك الكثير من الاعمال القانونية كانت او التسويقية ، و ستجد دائما من يساندك فى اى مشكلة تواجهك فى اى مكان سواء جهات حكومية كالشهر العقارى ومكاتب الدولة او اقتصادية كالبنوك او سيادية كالوزارات و السفارات.
قد تكون هذه الفقرة قد أوحت اليك ما نسميه نحن (الواسطة و المحسوبية)!
و لأكون صريح معك ، فان هذه العلاقات توفر عليك الكثير و تسهل عليك الكثير أيضا ، ولكن لا يشترط ان تقع تحت سقف المحسوبية و الواسطة ، بل هى مجرد طرق أقصر لانجاز اعمالك و السبب هو الروتين الممل الذى تنتهجه بعض المصالح فى الدولة ، و التى قد تضطر لدخولها يوما ما لتخليص احد الاجراءات المتعلقة بشركتك مثلا : لترخيصها فى الشهر لعقارى او لتخليص بعض المواقف القانونية كالضرائب وغيرها..
بعد أن قمنا بتسليط الضوء على هذه العقبات ، ينبهنا معهد ماساتشوستس بعدم التفكير فى هذه العقبات كحواجز لك ، بل اعتبارها تحدى ممتع يجب ان تواجهه بشجاعة و حماس و جهد لتتخطى تلك العواقب واحدة تلو الاخرى ، كدرجات السلم ، فعليك صعوده و يتحتم عليك المرور بكل درجة فيه لتصل الى العتبة العليا فى قمة السلم لتحقق نجاحا مصحوبا بخبرات و مهارات مكتسبة من رحلتك هذه ، تمكنك من ادارة ازماتك و التعامل مع اى مشكلة قد تواجهك عند تطويرك لشركتك فيما بعد.
بعد قراءتك للموضوع ..
هل ستعطى الفرصة لهذه العقبات لتقف فى طريقك .. ؟؟
أم ستصبح واحدا من الشجعان .. واحدا من ريادى الاعمال !!
المصدر
www.arageek.com