يقول المثل الشعبي الشائع "إسأل مجرّب وما تسأل حكيم". أما في عصرنا الحالي ومع التطورات الهائلة في مجال التكنولوجيا، وسهولة الوصول الى المعلومات فبات من الملّح "عصرنة" الأمثال، حتى بات من المنطقي القول "إسأل الإنترنت وما تسأل حكيم".
فيما مضى، كانت المعلومات الطبية بشكل عام حكراً على الأطباء والمختصين في الشؤون الطبية، وكان الطبيب بنظر المريض المرجعية الوحيدة الموثوقة الذي "يعرف مصلحة المريض أكثر من المريض نفسه"، فلم يكن هنالك من مجال للشك بنصيحة الطبيب وتشخيصه. إلا أن اهتمام الناس بالمواضيع الصحية تطور مع الزمن، ولم يعد مرتبطاً بوجود حالة مرضية معينة تعنيه شخصياً، بل أصبحت المعرفة بالشؤون الطبية جزءاً اساسياً من ثقافة الإنسان، وبات المريض يعتبر نفسه شريكاً للطبيب في تشخيص الحالة واقتراح سبل معالجتها. فتحول المريض من مجرد متلق إلى مشارك فعّال، وبدل العلاقة بين طبيب ومريض، أصبحنا أمام مشهدية تضم طبيبين أحدهما يملك شهادة جامعية والثاني علّم نفسه من خلال الشبكة العنكبوتية.
السيئات قد تفوق الحسنات
بحسب شركة "غوغل"، فإن بحثاً واحداً من بين 20 على محرك البحث العملاق الخاص بها يرتبط بمواضيع صحّية. لكن الأسئلة التي تبرز هنا، ما مدى دقة المعلومات المتوفرة؟ ما هي مصادرها؟ كيف يتم التأكد من صحتها....
على الرغم من الفوائد الكبيرة التي تقدمها الانترنت من الناحية التثقيفية والعملية في الكثير من الاحيان للباحثين عن مواضيع صحية معينة او لحلول لمشاكلهم الصحية، إلا ان السيئات قد تفوق الحسنات في حال لم تكن مصادر المعلومات موثوقة، ما يتطلب الكثير من الدقة والبحث قبل اعتماد أي منها، خاصة أننا نتعامل مع أرواح الناس وأي خطأ أو معلومة غير دقيقة قد تترتب عنهما نتائج كارثية.
في هذا الإطار، كشفت دراسة أشرف عليها باحثون من جامعة كامبيل في الولايات المتحدة الأميركية ونشرت نتائجها في “Journal Of The American Osteopathic Association “نهاية أيار الماضي، أن 90% من المعلومات الطبية المسجلة على الموسوعة الحرة "ويكيبيديا" غير صحيحة سواء بالنسبة للأدوية أو الأمراض المختلفة".
وقد تحقق الدكتور روبرت هاستي الذي قاد الدراسة مع فريقه، من المقالات المنشورة على "ويكيبيديا"، ولا سيما في أكثر من عشر حالات طبية كلفة وتداولاً في مجال الأبحاث والدراسة بما فيها مرض الشريان التاجي وسرطان الرئة وهشاشة العظام وارتفاع ضغط الدم ومرض البول والسكري وانسداد الشعب الهوائية.
وبحسب الدراسة فإن موقع "ويكيبيديا" هو سادس المواقع الأكثر زيارة وحركة عالمية على الانترنت، ويستخدمه ما بين 47% و 70% من طلبة الطب والأطباء كمرجع لهم!!!
منقول