أعتقد أن الفضل الأكبر في تكوين شخصيتي المنفتحة والمقبلة على الحياة يرجع أساساً لتلك الأنشطة التطوعية التي كنت أمارسها أثناء الجامعة، كنت مثل الكثيرين الذين غادروا المدرسة لتوهم ولا يعرفون شىء عن عالم خارج المدرسة وعندما انضممت لعالم الجامعة الكبير وجدت أنى نقطة في بحر واسع ولا أعلم من أين تكون البداية أو كيف أتعلم السباحة.
فإن العمل التطوعي ليس رفاهيةً بل يجب أن يكون جزء من الروتين الأسبوعي لأي إنسان… الأمر ليس خدمة الآخرين فحسب بل هو خدمة تقدمها لنفسك أولاً وفى هذا المقال دعونا نسرد مزايا العمل التطوعي حتى نكون أكثر تحديداً…
معرفة الذات
عندما تشارك في أي عمل تطوعي فإنك تبدأ في التعرف على نفسك جيداً، نعم أنت لا تعرف نفسك إذ لم تجربها وتختبرها، ستجد نفسك في مواقف جديدة لم تعهدها من قبل وأحيانا ستندهش من تصرفك وقتها، فالبعض يعتقد أنه جبان ولكن إذا وجد نفسه في ظرف يحتاج إلى إنقاذ شخص قارب على الغرق فسيبادر بإنقاذه ويتناسى مخاوفه، ذلك الذي كان يعتقد نفسه جباناً.
تعلم العمل مع الآخرين أو العمل الجماعي
بدلاً من كل الدورات التدريبية باهظة الثمن لتعلم كيفية العمل الجماعي والتى تظهر عوراتها عند أول اجتماع لإنجاز مهمة جماعية، بمنتهى البساطة العمل التطوعي هو بوابتك لتعلم كيف تكون جزء فعال من مجموعة بعيداً عن سيطرة المال والمكاسب المادية لأن الكل يعمل لخدمة الكل فستجد أن كل شخص يبذل ما في وسعه لتذليل العقبات حتى تسير الأمور وتُنجز المهمة المطلوبة.
الاستغلال الأمثل للوقت
كثيرةً تلك الأيام التي تمر من أعمارنا بلا حساب ولا نذكر أي عمل فيها يشعرنا أنها لم تضع هباءً ولكنى دعنى أخبرك أنه حتى ولو كنت قد شارفت على الستين ولم تبدأ في فعل أي عمل تطوعي بعد، فالوقت ليست متأخراً أبداً طالما ما زال قلبك ينبض فإنك قادر على فعل الكثير من الأشياء الرائعة. فالأوقات التي تخصصها لمساعدة الآخرين أو للتوعية بمرض أو قضية بعينها هي التي تشعرك بمدى قيمتك وتأثيرك في حياة الآخرين.
رؤية الدنيا الحقيقية
هذه هي الدنيا الحقيقية التي ستتعلم منها، كنت تعتقد أنك الأتعس بين أصدقائك، فأنت الأقل مالاً ورفاهية وأنتِ أيضًا تغبطين صديقاتك على جمالهن الفائق ولكن عندما تقابل أناس أقصى أحلامهم أن يجدوا منزلاً يأويهم من جحود الشارع فستتغير الدنياً تماماً في عينيك.
وعندما تعرف أن ثمن وجبة غذاء لك مع أصدقائك يساوى طعام لعائلة بأكلمها لمدة أسبوع فساعتها ستتعلم كيف تقدر النعمة التي تملكها وستتعلم أيضا كيف تدبر جيداً.
تعلم مهارات جديدة
يقولون عادةً الحاجة أم الاختراع فهى حقيقة بلا شك، أنت لن تتعلم كيف تصلح مشاكل الحاسوب طالما أن أخيك يتقن التعامل معها ولكن عندما يسافر أخوك لمدة طويلة وتقابل مشكلة تعوقك عن إتمام عملك فستضطر لتعلم كيف تصلحها وهكذا ببساطة عندما تجد نفسك بصدد التوعية بمرض لا تعرف عنه شيئاً فستجد أن البحث عن المعلومات الأساسية أمر ضروري وليس رفاهية.
مهما كان خبراتك محدودة وتعتقد أنه ليس لديك الكثير لتقدمه هذا ليس صحيحاً أبداً فإذا كنت تتقن الكتابة على الحاسوب فهذه مهارة يمكن أن تستغلها لمساعدة غير المبصرين وإذا كنت تتقن فقط صناعة صنف واحد من الطعام، ممتاز، فهذا يعنى أنك يمكن أن تشارك في صنع وجبات الطعام للمحتاجين.
التسامح وقبول الآخر
هذه ليست جمل تعبيرية بل هى حقيقة ستقابل أشخاص من خلفيات وثقافات مختلفة وأحياناً من فئات عمرية متفاوته، انتبه من يعش وسط من يشبهونه فقط لن يرى الحياة أبداً، فنحن مختلفون بالفطرة، خلقنا الله مختلفون في أذواقنا وأفكارنا وميولنا لم يخلق اثنان متطابقان حتى التوأم يتشابهان في الشكل ويختلفان في الطباع، فلابد أن تؤمن بأن الاختلاف هو سنة الكون.
تخلى عن أنانيتك
كنت من قبل تعتقد أن العالم يتمحور حولك أنت فقط ولكن انتظر هناك من هم أولى برعايتك واهتمامك، توجد الكثير من القضايا التي يجب أن تشغل تفكيرك وتحتل جزء من وقتك، لن نعيش سعداء في عالم مليء بالمشردين والفقراء لذا فهو واجب علينا أن نتحرك لإنقاذهم.
المصدر
www.arageek.com