تعطينا عظة وتأكيد ان الانسان لن يستطع الهروب من مصيره الذي كتبه الله عز وجل له ، فتحكي قصتنا " انه منذ زمن بعيد كان هناك تاجر وكان له ابنا مولعا بالشعر وذات مرة ، اشترى هذا الابن الوسيم كتابا للشعر ولكنه كان باهظ الثمن ، وبالرغم من انه كان كتابا مكلفا الا انه لم يعجب الا بجملة واحدة فقط منه واحتفظ بقراءتها مرات عديدة وكان يتذكرها دوما ، وكانت هذه الجملة تقول " انك لن تحصل الا على ما هو مقدر لك " ، وعندما ادرك التاجر ان ابنه كان احمق عند شراؤه هذا الكتاب المكلف من اجل جملة واحدة غضب كثيرا على ابنه الوسيم قائلا له " كيف يمكنك فعل هذا وانت ابن تاجر ، اي انك يجب ان تكون جيدا في مجال الاعمال التجارية لانك ستتولي شؤوني من بعدي ، اخرج من بيتي ولا تريني وجهك مرة اخرى " .
وكان الشاب الوسيم يشعر بالاحباط التام على ما فعله معه والده ، وبدأ يشق طريقه ومعه كتابه العزيز ، وجملته التي لم ينساها قط ، فهو ظل يكررها طوال الوقت وعلى طول طريقه الى ان وصل الى قرية ، وهناك بدأ الناس ان يسألوه عن اسمه ، وهنا اجابهم بنفس الجملة الشهيرة " انك لن تحصل الا على ما هو مقدر لك " ، وهنا استغرب الناس موقفه ولم يفهموه قط .
وفي يوم من الايام كانت اميرة البلاد تقوم بزيارة القرية واقاموا لها مهرجان كبير احتفالا بها ، وهناك شاهدت الاميرة امير وسيم ، كان يحضر ايضا المهرجان ، ووقعت الاميرة في حب الامير على الفور ، وطلبت من خادمتها ان تجد لها وسيلة لارسال رسالة الى الامير الوسيم ، وبالفعل كتبت الخادمة ملاحظة للامير على لسان الاميرة قائلة " لقد وقعت في حبك منذ النظرة الاولى ، وبالرجاء تلبية طلبي للانضمام الي في القلعة الخاصة بوالدي ، وسترى حبل يتدلى من احدى النوافذ، ما عليك سوى تسلق الحبل لكي تصل الى غرفتي " ، واذا بهذه الملاحظة تقع بطريق الخطأ في ايدي ابن التاجر الشاب .
تفاجأ ابن التاجر كثيرا لما يقرأه ، ولكنه ذهب لرؤية الاميرة ، وصعد الحبل، ودخل غرفة الاميرة، وكانت الغرفة مظلمة للغاية ، وظنت الاميرة انه الامير المنتظر واستقبلته بحرارة شديدة ، واحضرت له الطعام والشراب واخذت قائلة له " لقد وقعت في حبك ، ولن اكون لاي رجل آخر غيرك ، فانا اريدك ان تكون زوجي، من فضلك قل لي ماذا تشعر اتجاهي " ، وهنا اجابها ابن التاجر الوسيم " انكي لن تحصلي الا على ما هو مقدر لكي " ، وهنا اكتشفت الاميرة انه ليس هو الامير نفسه الذي وقعت في حبه وكانت غاضبة للغاية وامرته ان يخرج من غرفتها فورا .
وكان الشاب الوسيم حزين للغاية بسبب ما حدث ، وبسبب معاملة الاميرة السيئة له دون ان يفعل لها اي شئ ، ومشي الى معبد قريب ، وقرر قضاء ليلة هناك الى ان يرتب اموره من جديد ، وسقط نائما من الارهاق ، ولكن وجده الحارس وشعر بالاسى من اجله ، لذلك قرر ان يدعوه لكي ينام في بيته ، وهكذا، ذهب الشاب الوسيم الى منزل الحارس ، ولكنه ارتكب خطأ بدخوله الى الغرفة الخاطئة، حيث هذه هي غرفة ابنة الحارس وكانت تنتظر حبيبها ليصل اثناء غياب والدها ، وكانت الغرفة مظلمة للغاية ، وتوقعت ابنة الحارس انه حبيبها وتبادلا اكاليل الزواج ، وبالتالي، وفقا للتقاليد في هذه القرية تزوجا ، وهنا قال الشاب الوسيم جملته الشهيرة ، "انك لن تحصل الا على ما هو مقدر لك" ، وعندما سمعت ابنة الحارس صوته ، ادركت ان هناك خطأ فادح وانه ليس حبيبها كما كانت تظن ، وبدون تفكير قامت الابنة بشتمه على وقاحته وطردته خارج المنزل .
وللمرة الثانية حزن بسبب الطريقة التي يعامله الجميع بها وهو لم يخطأ في شئ ، واخذ يسير ببطئ ، حتى رأى موكب زواج يقترب منه ، وكان لدى الشاب ملابس رائعة ومجوهرات ثمينة ، ارتدى كل هذا ، واتبع الموكب لكي يحتفل معهم ويفرح ، فقد كان احتفالا ضخما .
ولكن بالرغم من جمال الاحتفال الا انه لم ينتهي كما هو متوقع ، ففجأة جن جنون فيل وهرع نحو الموكب وهرب الجميع بما فيهم العريس ، هرب ليترك العروس واقفة وحيدة خائفة في وسط كل هذه الاضطرابات، فلما رأى الشاب الوسيم ذلك، هرع لانقاذ العروس وقام بوخز الفيل في رأسه بمسمار ضخم ، بعدها ، عاد كل من العروس والاصدقاء والاقارب سالمين ، وقالت العروس : "في هذه اللحظة عندما كانت حياتي في خطر، كان لا يوجد هناك اي شخص لمساعدتي سوي هذا الغريب الشجاع ، لذلك انا قررت ان اتزوجه هو " ، غضب العريس والاصدقاء والاقارب عند سماع هذه الكلمات، وكان هناك نقاش حاد فيما بينهم ، وهنا تتدخل الملك لكي يعمل على تهدئة الجميع وايجاد حل ، وقام باستدعاء الشاب على الفور لسؤاله قائلا " لقد كنت حاضرا في الحفل ، وقمت بانقاذ العروس والجميع من الفيل الثائر ، وعلى ما يقال هذا ، فانا اطلب منك ان توضح لي كل شئ " ، وهنا لم يرد الشاب سوي بجملته الشهيرة " انك لن تحصل الا على ما هو مقدر لك " ، وكانت واقفة ضمن المجلس الاميرة وابنه الحارس وعندما سمعوا هذا الكلام شعروا بالحرج الشديد ، فقد تذكروا هذا الشاب .
عندما رأى الملك احمرار وجهيهما ، طالب بمعرفة الحقيقة وما هي قصة هذا الشاب ، وهنا شهدت كل من الاميرة وابنة الحارس بالحقيقة وبما حدث ، فاعترفت ابنة الحارس انها تزوجت بهذا الشاب عن طريق الخطأ ، ورد الشاب على كلامها ان ذلك كان قدره وهو لا يستطيع ان يهرب منه .
وجاء اعتراف الاميرة هي الاخرى قائلة انها قضت وقتا معه عن طريق الخطأ ايضا ، ورد الشاب قائلا " لقد كان قدري ايضا ، وانا لست نادما على ذلك! ، وهنا وبعد ان استمع الملك الى الجميع واخذ العديد من استشارات وزرائه القرباء منه ، رتب احتفالا كبيرا لهذا الشاب الموهوب ، واعطاه الكثير من الذهب والميداليات ، بل ووافق علي ان يتزوج من الاميرة الشابة، وجعله خليفته على العرش ، وكانت ابنة الحارس ايضا في عصمته، وفي نفس الحفل ، بنى الملك له القلعة الخاصة به ، وبالفعل رتب الشاب وارسل الى والديه واقاربه لكي يقدموا الى مكانه، وعاشوا جميعا في سعادة دائمة .