تعطينا درسا بان لا نثق في اي شخصا لا نعرفه جيدا ، ولا نستمع الي الكلام المعسول لانه يمكن ان يؤدي الى الكثير الي المشاكل في النهاية ، فتحكي لنا هذه القصة " انه كان هناك اسد يعيش في الغابة ، وكان يرافقه باستمرار صديقه الثعلب ، وذات يوم، اصيب الاسد بجروح خطيرة نتيجة معركة شرسة بينه وبين فيل ضخم ، ادت في النهاية الي اصابة الاسد ، لدرجة انه كان لا يستطيع المشي بشكل صحيح، ولا يستطيع حتي مطاردة فريسة .
ونتيجة لذلك، لم يجد كل من الاسد والثعلب اي طعام لكي يأكلونه ، ومرت الايام من دون اي طعام ، وهنا قال الثعلب للاسد "يا سيدي ، انا اصبحت غير قادرا على خدمتك لانني اصبحت ضعيفا جدا ، فلم اذق الطعام منذ عدة ايام " ، فاجابه الاسد قائلا "ايها الثعلب ، يجب عليك ان تجد لي حيوانا ويمكنني وقتها ان اقوم بقتله حتى في حالتي هذه ، فاذا لم نفعل هذا فسنموت جوعا " .
وهكذا، ذهب الثعلب خارجا من الكهف لكي يبحث عن الطعام ، وبينما كان يتجول في الغابة واقترب قليلا من القرية ، لاحظ الثعلب وجود حمار من الواضح انه اتى من القرية الى داخل حدود الغابة ليأكل العشب الاخضر ، فرح الثعلب كثيرا واستقبل الحمار استقبالا حارا قائلا له" مرحبا بك يا ابن العم ، اراك متعبا وهزيلا ، لماذا ذلك؟ " ، اجابه الحمار " الرجل الذي يمتلكني رجلا قاسيا ، فهو يجعلني اعمل طوال اليوم مع اعباء ثقيلة جدا، وبالكاد يوفر لي حفنة من العشب الاخضر ، وعلى الرغم من ان الغابة تعتبر خطر هنا، الا انني لم استطع منع نفسي من المجئ لاكل هذه الاعشاب الخضراء " .
وهنا اخذ الثعلب يفكر كيف يأخذه معه الى الاسد ، فقال له " ايها الحمار المسكين ، تعال معي الى داخل الغابة ، فسيدي هناك يحمي جميع الحيوانات من قسوة البشر ، كما انك ستجد هناك الكثير من الاعشاب الخضراء في جميع انحاء الغابة ، فهي منتشرة مثل الزمرد ، فهناك ستجد حياة الاسترخاء التي لطالما حلمت بها طوال حياتك " .
كان يحاول الثعلب ان يقوم باغراء الحمار وقد نجح بالفعل في ذلك ، فتبعه الحمار الي كهف الاسد ، وعندما رأهم الاسد كان يشعر بالفرح الشديد ، واخذ ينتظر حتى اقتربوا عليه لكي ينقض على الحمار ويقوم بافتراسه ، ولكن لم ينجح الاسد في ذلك فكان اضعف من ان يفعل ذلك ، فوقع الاسد على الارض من شدة جروحه وضعفه ، ولما رأي الحمار ما تعرض له ، ركض باسرع ما يستطيع، لانقاذ حياته .
خجل الاسد كثيرا من افعاله هذه ، كيف ملك الغابة يصبح بهذا الضعف ، وقال للثعلب " لقد جاء اليوم الذي يستطيع حمارا ان يهرب مني ، حاول ان تعيده مرة اخرى ، وساحاول قتله بدون القفز عليه مثلما حدث المرة السابقة " ، وبالفعل ذهب الثعلب مرة اخرى للبحث عن الحمار وجلبه من جديد الى كهف الاسد .
وقد ساعد الثعلب في الحصول على الحمار بسهولة هو انه يعرف الغابة جيدا ، وعندما وجده ، اخذ الحمار يقول له " هذا هو المكان الجميل الذي قلت لي عنه؟ ، انت تريد ان تأخذني الى الموت ، وما هذا الحيوان الذي حاول القفز عليَّ " ، وهنا خطرت على بال الثعلب فكرة ماكرة ، فاخذ يقول للحمار " ايها الحمار لقد اسأت فهم الامور يا صديقي ، كان هذا الحيوان الذي حاول القفز عليك هو انثى الحمار وارادت ان تلاطفك فهي لم ترى حميرا ذكورا منذ سنوات ، فلا تشعر بالخوف لانه لو كان هذا الحيوان اسد او نمر بالتأكيد لم يكن ليسمح لك بالهروب دون ان يأكلك " .
وهكذا اقتنع الحمار بكلام الثعلب المعسول ، وتبعه مرة اخرى الى كهف الاسد ، ولكن هذه المرة، لم يخطأ الاسد في الهجوم على الحمار ، وبالفعل استطاع ان يقضي عليه ، وكان الاسد يشعر بالتعب الشديد ، لذلك طلب من الثعلب ان يحرس ذبيحة الحمار حتي يذهب الي النهر ليغتسل ويشرب الماء ثم يرجع لكي يأكل فريسته .
ولكن الثعلب لم يمكن يستطيع ان يتحمل الجوع اكثر من ذلك ، فهو لم يأكل لعدة ايام، وكان امامه ذبيحة وهو يتضور جوعا ، لذلك قرر ان يأكل دماغ الحمار ،وعندما عاد الاسد، ورأى ان دماغ الحمار ليست متواجدة ، غضب كثيرا وطلب من الثعلب ان يشرح الموقف له ومن تجرأ ان يمس طعامه ، فاجابه الثعلب قائلا " لا تكن غاضبا يا سيدي ، فقد كان هذا الحمار بدون عقل على الاطلاق ، فاذا كان لديه دماغا حقا لما عاد معي مرة اخرى بعد ان هاجمته في المرة الاولى " ، اقتنع الاسد بكلام الثعلب ، وكلاهما في النهاية تناولوا وجبة جيدة بعد عدة ايام من الجوع .
والحكمة في هذه القصة تقول ان الخداع بالكلام الحلو والمعسول يمكن ان ينجح الي ابعد الحدود