دورة الحياة التي نمر بها قد تكون قصرة وقد تكون طويلة حسب مايقدر للإنسان من عمر وكلا العمرين قصير جدا لايقارن بخلود المؤمن هناك كما قال تعالى:
(وَمَا هَـذِهِ الحَيَوةُ الدُّنْيَا إلاَّ لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَاِنَّ الدَّارَ الاَْخِرَةَ لَهِىَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ )(64سورة العنكبوت)
تبين لنا هذه الآيات الكريمات كيفية الحياة الدنيا قياساً إلى الحياة الأُخرى الخالدة
فالقرآن في هذا الصدد يشرح حال الدنيا وحال الآخرة، مبيناً أن الحياة الدنيا هي نوع من الإنشغال واللعب يجتمع الناس فيها وينشدّون إلى تصورات قلوبهم وأنفسهم، وبعد أيّام يتفرقون ويختفون تحت التراب، ثمّ يطوى كل شيء ويغدو في سلة النسيان.
أمّا الحياة الحقيقية التي لافناء بعدها، ولا ألم فيها، ولا قلق ولاخوف ولا تضاد ولا تزاحم، فهي الحياة الآخرة فحسب... لو كان الإنسان يعرف ذلك، وكان أهلا للتدقيق والتحقيق!
أمّا الذين تعلقت قلوبهم بهذه الحياة، وفتنوا برزقها وزخرفها وزبرجها، ويأنسون بها، فهم أطفال لا غير وإن امتدت أعمارهم سنين طويلة.
وينبغي الإلتفات إلى أنّ المراد من "الحيوان" على زنة "خفقان" هو الحياة، فهذه الكلمة تحمل معنى مصدرياً (1)(وهذا التعبير (وإن الدار الآخرة لهي الحيوان) إشارة إلى أن الحياة الحقيقية هي في الأخرى، لا في هذه الدار الدنيا - فكأنّ الحياة في الأُخرى تفور من جميع أبعادها، ولا شيء هناك إلاّ الحياة.
وبديهي أن القرآن لا يريد أن ينسى وينفي مواهب الله في هذه الدار الدنيا، بل يريد أن يجسد قيمة هذه الدنيا بالقياس إلى الأُخرى قياساً صريحاً وواضحاً... وإضافةً إلى كل ذلك فإنّه ينذر الإنسان لئلا يكون أسيراً لهذه المواهب، بل ينبغي أن يكون أميراً عليها، ولا يؤثرها على القيم الأصيلة أبداً.000تفسير الأمثل
بعضنا يعيش ليأكل وبعضناياكل ليعيش والوقت محسوب من عمرنا يركض كما لو هبت رياح بسرعة فائقة كلمح البصر غادرت مكانها وكأن لم تمر
أما الذي يعيش ليأكل فهو في خضم مشاغل الحياة لايعبأ بغير ذلك وقد يكون ذلك في مرحلة الطفولة والمراهقة وممكن يكون أبعد من ذلك والآخر انما يلبي حاجته من الوقود اللازم لاجتياح العقبات المبعثرة لمخزونه العملي المجموع لسنوات عديدة فهو قريب من دار الحيوان وقد أخذ بنصيب وافر موفر
من جانب آخر الابتلاء جناح منخفض يلين جانبه للركوب والطيران في هذه الحياة المؤقتة وأنواعه مختلفة المشارب ومن أخذ منه فهو في محك اختبار الاهي قد ينجح فيه وقد يخسروالصح هو النجاج لا الخسران
لأن في النجاح قرب الاهي ونتيجة إيجابية قوامها الصبر الجميل
والصبر لايعني اغلاق الطريق وعدم الحركة انما الصبر مفتاح لحل جيد مناسب بعد أخذ نفس يمهد لفتح نافذة جديدة من شأنه امتطاء طريق موصل لنتيجة أفضل
فالابتلاء لايعني النهاية بل هو معزز للإرتقاء الى ماهو أعلى بعد خوض معمعة المصيبة والا كانت النهاية دون نتيجة مفيدة
الحياة الخالدة مقر جميل فيه المؤمنون يجدون السير بعد خوض غمرات الحياة الدنيا بكل ايجابياتها وسلبياتها حزنها وفرحها جمالها وقبحهاّ
و للدمعة الساخنة في ظلام الليل جلاء لأغطية البلاء والحزن كسحاب ممطر يأتي بعد عاصفة ورعد وبرق ليغسل أدران الغبار والأتربة الواردة للإرتواء من زلاله دواء شافيا باذن الله
ولاننسى أن تلك الأيام القليلة التي عشناها تاتي بأكلها الدائم كنهاية جميلة كجمال ورد الربيع
والا هناك لاقياس في النعيم الدائم الذي لايزول بل باق خالد وهو فضل من الله نسأله جميعا أن يرزقنا من فضله الواسع انه على كل شيء قدير وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين
************************************************** *********************
1-أصل الكلمة مشتق من "حيي" ومصدرها "حييان" ثمّ أبدلت الياء الثّانية واواً فصارت حيوان.