يلجأ الانسان في عمله وحياته إلى الكذب أحياناً. مع أن الجميع يتفق على أن الكذب أمر مؤذي إلى أننا نقع في فخه دوماً. في بعض الأحيان يكون الدافع داخلي لاخفاء معلومات محرجة. وفي البعض الآخر يكون الدافع خارجي للتخلص من ضغوط اجتماعية. والغريب أنه في بعض الأحيان لا يؤدي الكذب إلى نتائج سيئة وهذا ما يدفع البعض لتسميته بالكذب الأبيض. كما أننا نشعر أن الصدق في بعض المواقف يمكن أن تكون له آثار سلبية أكثر. ما هو السبب وكيف يمكن أن نكون صادقين دون أن نشعر بخيبة من الصدق؟
المشكلة لا تكمن في الصدق وحده كميزة مجردة. لأن كل ما يقوم به الانسان لا يمكن أن يكون مجرداً عما حوله. الصدق هو صفة ثانوية لا تصلح كمعيار للحكم.
الشخص الذي ينقل تصرف قام به شخص آخر يمكن أن يعتبر شخصاً غير جدير بالثقة. كما أن الشخص الذي يفضي بكل الجوانب الخاصة في حياته يمكن أن يعتبر شخصاً مهزوزاً. في حين أن الشخص الذي يدعي بأنه لا يعرف (كذباً) يمكن أن يعطي انطباعاً بأنه حريص على سمعة الآخرين. وكذبه يمكن أن يبدو أفضل من صدق غيره.
العنصر الأساسي الذي يميز تصرف شخص عن آخر هو الدافع الذي يقوده لما يفعله. عندما يكون قول الحقيقة عنصراً ايجابياً في حل مشكلة ما يكون الصدق أفضل ميزة يمكن أن يتحلى بها انسان. أما عندما يؤدي قول الحقيقة إلى غاية غير نبيلة فالصدق يمكن أن ينقلب إلى صفة سيئة.
للأسف نحاول جميعاً إخفاء الدوافع التي تكمن وراء تصرفاتنا في أحيان كثيرة لكي نبدو وكأننا أشخاص جيدون. لكننا نكتشف لاحقاً أن دوافعنا المخفية تؤدي إلى نتائج سيئة. والأسوأ هو أننا نقنع أنفسنا بأننا كنا صادقين في ما فعلناه.
التصرف بدافع ايجابي هو الضمان الوحيد لتجنب العواقب السيئة. الاختباء وراء الخصال الحميدة لتبرير تصرفاتنا هو كمن يحاول اخفاء وجهه عن طريق غمض عينيه. الدافع الايجابي هو ما نسميه عادة المصلحة العامة. لكن المصلحة العامة تبدو في كثير من الأحيان كمفهوم مجرد غير قابل للتحقيق، بل إنه يدعو للسخرية. لكن إذا أدركنا تأثير الدافع الايجابي لتصرفاتنا على كل ما هو حولنا يمكن أن نصل إلى هذه الغاية المجردة. ويمكن أن نتحلى بالصفات الحميدة دون أن نخجل منها.