النشأة والتأسيس: نشأت السيخية في شمالي الهند في إقليم البنجاب، في أجواء لم تكن منفصلة، ولا مغايرة لمفاهيم كثيرة تنتشر في بلد النشأة، والسيخية هي مزيجٌ من مؤثرات هندوسية ومؤثرات إسلامية، خاصة من قبل الصوفية.
المؤسس الأول لهذه الديانة هو «ناناك» المولود سنة 1469م، الذي عاش في ظلّ مناخ ديني هندوسي إسلامي، من أبوين هندوسيين وفي ظلّ جوّ إسلامي. ولـم يكن ناناك هو أوّل من قام بمحاولات إصلاحية، بل سبقه إلى ذلك Kabir «كبير» (1440ـ1518) الذي تأثّر بالتراث الهندوسي وبالقرآن الكريـم.
ولد ناناك في البنجاب من عائلة هندوسية وضيعة الشأن ضمن التصنيف الهندوسي للطبقات الاجتماعية، وطبقته كانت دون طبقة كشاتريا طبقة العسكر. عمل ناناك في مطلع شبابه في خدمة حاكم سلطانبور Sultanpur، في المحاسبة مما أكسبه خبـرة في الحياة العملية، واغتنم وجوده في سلطانبور، وحصل ثقافة أولية في الهندوسية والاسلام، وتعرف على عامل مسلم يدعى ماردانا (Mardana)، وكان ماردانا هذا عازف ربابة، وبرفقته بدأ ناناك ينظّم بعض الأناشيد التي كان ينشدها على ألحان ربابة ماردانا، وأسسا معاً فرقة للإنشاد الديني، وتعاونا في إقامة مطعم صغير شعبي كان يقصده مسلمون وهندوس من مختلف الفئات، كلّ ذلك وفَّر للمعلم ناناك أوسع اتصال مع النّاس. وعندما بلغ الغورو ناناك الثلاثين من العمر، اختفى عن الأنظار بعض الأيام ليظهر مدَّعياً أنَّه مكلّف بدعوة من الإله، «لقد زعم، وهو مقتنع بذلك بأنَّه، وبناءً لنداء إلهي علوي، بات الرسول المبعوث للمسلمين والهندوس ولكلّ الطبقات الاجتماعية وكذلك للفضلاء من النّاس والصالحين. ودعوته لها قواعد أساسية كالكد والعناء والتقشف، وممارسة الإحسان والبرّ، والتأمّل الذي تصدر عنه مدائح مؤلفه من قبل الغورو، وأهمية التأمّل لأنَّه يوفر للإنسان غذاءً روحياً مـمّا يمكنه من رؤية اللّه في وجوه كلّ أبناء الإنسانية، على حد تعبيرClarke . وعلى هذا الأساس كما يقول بارندر جفري بدأ رحلته إلى البعيد، أهم الحواضر والبلدان كمكة، وبغداد والتيبت ومختلف أرجاء الهند وشرقي آسيا. ومن هنا اكتسب ناناك علومه من مشارب متعدّدة، وهو وإن لـم يكن في نيته بالأصل أن يؤسس ديناً أو مذهباً خاصاً به، إلاَّ أنَّه بعد فترة أصبح صاحب دين جديد، ولكنَّ الغزو المغولي لبلاد الهند دفعه لأن يوقف رحلاته، وقضى معظم سنوات حياته المتبقية في قرية كارتربور Kartur Pur إلى أن مات هناك قرب نهاية العقد الرابع من القرن السادس عشر حوالي شهر سبتمبر 1539»، وفي هذه القرية أقام ناناك أوّل معبد للسيخ والقرية تقع اليوم في باكستان.