لم ولن يتوان العلماء لحظة في البحث عن كل ما يساعد البشرية في تيسير أمور حياتهم، تخيّل معي كيف هي الحياة قبل وجود الإنترنت في بداية التسعينات مثلاً، حيث كانت الشبكة العنكبوتية بلا محركات بحث أو شبكات تواصل اجتماعي بارزة مثل هذه الأيام، ولا كاميرا ويب.
الآن، أصبحت كاميرا الويب أساسًا في الكثير من التعامل اليومي بين الأصدقاء والعائلة، وأُطلقت ثورة مكالمات حيّة سهّلت التواصل بين البشرية أجمع، وتطبيقًا للمقولة الشهيرة “الحاجة أم الاختراع” قام مجموعة من العلماء في جامعة كامبريدج بابتكار كاميرا جديدة التي عُرفت بعد ذلك بكاميرا الويب.
ما هي كاميرا الويب؟
نوع من الكاميرات المتخصصة في نقل صور لحظية أو مقاطع فيديو عبر الإنترنت من خلال ارتباطها بحاسوب ما، يتم اتصال الكاميرا بالحاسوب عن طريق كابل USB وقد تطوّرت الكاميرا كثيراً لتكون عوناً للملايين الآن عبر الإنترنت، بدأت بالتقاط صور حية وتطوّرت لتلتقط مقاطع فيديو حية بين المستخدمين.
ما هي الحاجة التي دعت إلى ابتكار كاميرا الويب؟
عانى مجموعة من المرضى من الذهاب والإياب إلى آلة القهوة التي أدمنوا على شرابها وبالتحديد عندما يقطعون مسافات لكي يحصلوا على قدحهم ويجدون الوعاء فارغاً من القهوة، مما جعلهم يعودون بخفي حنين في كثير من المرّات، لكن لم تقف هذه المشكلة عائقاً أمام العلماء حيث بدأوا في حل تلك المشكلة بإحدي كاميرات فليكس الصغيرة، والتي تعرض مستوى القهوة في الوعاء لكل المرضى، وقامت الكاميرا حينذاك بمراقبة مستوى القهوة في الوعاء وذلك بالتقاط ثلاث صور لكل دقيقة، عرض تلك الصور على شبكة الحاسب الداخلية، هذا ما جنّب المرضى النهوض من مكانه في الأساس لمعرفة مستوى القهوة كي يحصل على قدحه الخاص، كان ذلك في أواخر عام 1993.
لم يكن للدكتور مارتن جونسون، أحد أعضاء فريق التطوير، أهلية في الولوج إلى الشبكة الداخلية للحاسوب في معمل جامعة كامبريدج، وبالتالي لم يكن قادراً على تشغيلها في البداية لمراقبة وعاء القهوة، لذلك قام بالعديد من الدراسات حول قدرة شبكة الإنترنت وقدرة الخادم على استقبال تلك الصور، حتى طُبقت عليها.
ويقول الدكتور مارتن جونسون:
“لقد بنيت السيناريو الأول لالتقاط الصور، قد كانت النسخة الأولى عبارة عن 12 سطر برمجي، وربما أقل، وهي ببساطة تقوم بعرض آخر الصور المُلتقطة لطالب الخدمة عندما يسأل عن مستوى القهوة في الوعاء، على الرغم من تشويشها قليلاً إلّا أنها كانت مفيدة نوعاً ما لتكون أول كاميرا ويب في ذلك الوقت”.
وفي بداية الأمر ولصعوبة عمل التقنية كما يُريد المستخدمين كانت هناك موجة من الاحتجاجات بشأن الكاميرا حول العالم وتم توقيفها في نهاية المطاف، لكنّها تطوّرت بعد ذلك لتعرض صورة لحظية في الثانية الواحدة، وقد عرضت الكاميرا بعد ذلك في مزاد على موقع eBay بقيمة أكثر من 5000 دولار، لتشتريها مجلة دير شبيجل الألمانية وقد تم تجديدها وإعادة استخدامها لنفس الغرض تقريباً.
بعض استخدامات كاميرا الويب في الحياة العملية الآن
أكثر الخدمات التي تُقدمها كاميرا الويب شيوعاً هي توفير روابط فيديو لتكون بمثابة هواتف للاتصال المرئي، لكن هناك استخدامات أخرى لها في عمليات المراقبة الأمنية، بث الفيديو المباشر، تسجيل مقاطع الفيديو عبر وسائل التواصل الاجتماعي، دخلت العديد من المجالات الأخرى كالرعاية الصحية الدورية ورصد المستحدثات الحالية في جميع المكاتب والمحلات التجارية ومناطق الأنشطة الاجتماعية الكثيرة، كما سهّلت كاميرا الويب أيضاً الاتصال المرئي وعقد الاجتماعات الإلكترونية المباشرة، كما تم دمجها في العديد من التقنيات الحالية من ألعاب افتراضية ومراقبة حركة الجسد وإصدار ردود الفعل المباشرة.
بعد معرفة ما قمت بتفصيله أعلاه يتبيّن أن القهوة هي سبب وجود ابتكار لا يُمكن الاستغناء عنه في حياتنا اليومية، ولولا وجود مشكلة ما في وعاء القهوة لما كان لكاميرا الويب وجوداً هذه الأيام، أو ربما كانت تأخّرت في ظهورها قليلاً.
المصادر
bbc || wikipedia || ehow