حَيَّا بَكُورُ الحَيا أرباعَ لُبنانِ |
وطالَعَ اليُمنُ مَن بالشَّأمِ حَيّاني |
أهلَ الشَّآمِ لقد طَوَّقتُمُ عُنُقي |
بِمنَّة ٍ خرجتْ عن طَوْقِ تبيانِي |
قُلْ للكريمِ الذي أَسْدَى إليَّ يدَّاً |
أّنَى نَزَحْتَ فأنتَ النازِحَ الدَاني |
ما إِنْ تَقَاضَيْتُ نَفْسِي ذِكْرَ عارِفَة ٍ |
هل يَحدثُ الذِّكرُ إلاّ بَعدَ نِسيانِ |
ولا عَتَبتُ على خِلٍّ يَضَنُّ بها |
ما دام يَزْهَدُ في شُكْرِي وعِرفاني |
أَقَرَّ عَيْنِيَ أنَّي قُمْتُ أنْشِدُكُمْ |
في مَعهَدٍ بحُلى العِرفانِ مُزدانِ |
وشاعَ فيَّ سُرورٌ لا يُعادِلُه |
رَدُّ الشَّبابِ إلى شَعْرِي وجُثمانِي |
لي مَوطِنٌ في رُبُوعِ النِّيلِ أعظِمُه |
ولِي هُنا في حِماكُمْ مَوْطنٌ ثانِي |
إنِّي رأيتُ على أهْرامِها حُلَلاً |
مِن الجَلالِ أراهَا فَوْقَ لبنانِ |
لم يَمحُ منها ولا من حُسنِ جِدَّتها |
على التَّعاقُبِ ما يَمحُو الجَديدانِ |
حَسِبتُ نَفسي نَزيلاً بينكم فإذا |
أهلي وصَحبي وأحبابي وجيراني |
مِنْ كلِّ أَبْلَجَ سامِي الطَّرْفِ مُضطلِعٍ |
بالخَطْبِ مُبْهَجٍ بالضَّيْفِ جَدْلانِ |
يَمشي إلى المَجدِ مُختالاً ومُبتَسِماً |
كأنّه حين يَبدُو عُودُ مُرّانِ |
سكنتمْ جنة فيحاء ليس بها |
عَيبٌ سوى أنّها في العالَمِ الفاني |
إذا تَأمَّلتَ في صُنعِ الإِله بها |
لَم تَلقَ في وَشْيهِ صُنعاً لإنسانِ |
في سَهْلِها وأعاليهَا وسَلْسَلِها |
بُرْءُ العليلِ وسَلْوَى العاشِقِ العانِي |
وفي تَضَوُّعِ أنفاسِ الرِّياضِ بها |
رَوْحٌ لكلِّ حَزِينِ القَلْبِ أَسْوانِ |
اَنَّى تَخَيَّرْتَ مِنْ لبنان مَنْزِلَة ً |
في كلِّ مَنزِلَة ٍ رَوضٌ وعَينانِ |
يا لَيتَني كنتُ من دُنيايَ في دَعَة ٍ |
قَلْبي جَميعٌ وأَمْرِي طَوْع وِجْدَانِي |
أقضي المَصِيفَ بلُبنانٍ على شَرَفٍ |
ولا أحُولُ عن المَشتى بحُلوانِ |
يا وقفة ً في جبالِ الأرزِ أَنْشُدُها |
بينَ الصنوبرِ والشربينِ والبانِ |
تَستِهبِطُ الوَحْيَ نَفسي من سَماوَتها |
ويَنثَني مَلَكاً في الشِّعرِ شَيطاني |
عَلِّي أُجاوِدُكُم في القَولِ مُقْتَدِياً |
بشاعِرِ الأرزِ في صُنعٍ وإتْقانِ |
لاَ بِدْعَ إنْ أخصبتْ فيها قرائحُكُمْ |
فأعجزتْ وأعادتْ عهدَحسَّانِ |
طيبُ الهَواءِ وطِيبُ الرَّوضِ قدْ صَقَلاَ |
لَوحَ الخَيالِ فأغراكُم وأغراني |
مَن رامَ أن يَشهَدَ الفِردَوسَ ماثِلة ً |
فليَغشَ أحياءَكُم في شهرِ نَيسانِ |
تاهتْ بقبرِصلاحِ الدِّيِنِتُرْبَتُهَا |
وتاهَ أحياؤُها تِيهاً بمَطرانِ |
يَبْنِي ويَهْدِمُ في الشَّعْرِ القدِيم وفي |
الشِّعر الحدِيثِ فَنعْمَ الهَادِمُ الباني |
إذا لَمَحْتُمْ بشِعْري وَمْضَ بَارِقَة ٍ |
فَبَعْضُ إحْسانِه في القَوْلِ إحْسانِي |
رَعياً لشاعِرِكُم، رَعياً لكاتِبِكُم |
جَزاهُما اللهُ عَنِّي ما يَقُولانِ |
ارَى رِجالاً مِن الدُّنيا الجَدِيدَة ِ في |
الدُّنيا القَدِيمَة ِ تَبْنِي خَيْرَ بُنْيانِ |
قد شيَّدواآية ً بالشَّامِ خالِدَة ً |
شَتَّى المَناهلِ تَروي كلَّ ظَمآنِ |
لئِن هَدَوْكُم لقد كانت أوائِلُكُم |
تَهْدِي أَوائلَهُمْ أَزمْانَ أَزْمانِ |
لا غَرَو إنْ عَمَّروا في الأرضِ وابتَكَروا |
فيها افَانِينَ إصْلاحٍ وعُمْرانِ |
فتِلْكَ دُنْياهُمُ في الجَوِّ قد نَزَعَتْ |
أعِنّة َ الرِّيحِ مِنْ دُنْيا سُلَيْمانِ |
أَبَتْ أُمَيّة ُ أَنْ تَفْنَي محَامِدُها |
على المَدى وأبى أبناءُ غَسّانِ |
فمِن غَطارِفَة ٍ في جِلِّقٍ نُجُبٍ |
ومِنْ غَطَارِفَة ٍ في أَرْضِحَوْرانِ |
عافُوا المَذَلَّة َ في الدّنيا فعندهمُ |
عِزُّ الحياة ِ وعِزُّ المَوْتَ سِيّانِ |
لا يَصْبِرُونَ على ضَيْمٍ يُحاوِلُه |
باغٍ مِنَ الإنسِ أو طاغٍ من الجانِ |
شَقَقْتُ أسْواقَبَيرُوتٍفما أَخَذَتْ |
عينايَ في ساحِهَا حانوتَ يونانِي |
فقلتُ في غِبطَة ٍ: للهِ دَرُّهُمُ |
وَلَّوْا سِراعاً وخَلَّوْا ذلك الواني |
تَيَمَّمُوا أرضَ كُولُمبٍ فما شَعَرَت |
منهم بَوطءِ غَريبِ الدارِ حَيرانِ |
سادُوا وشادُوا وأبلَوا في مَناكِبِها |
بلاءَ مُضظَلِعٍ بالأمرِ مَعوانِ |
إنْ ضاقَ ميدانُ سبقٍ منْ عزائمِهِمْ |
صاحتْ بهمْ فأروهَا الفَ ميدانِ |
لا يستشيرونَ إِن همّوا سوى همَهم |
تأبَى المُقامَ على ذّلٍّ وإِذعانِ |
ولا يُبالونَ إنْ كانت قُبُورُهُمْ |
ذُرا الشَّوامِخ أو أجوافَ حِيتانِ |
في الكونِ مورقهمْ في الشامِ مغرسهمْ |
والغرسُ يزكو نقالاً بينَ بلدانِ |
إنْ لم يَفُوزا بسلطانٍ يُقِرُّهُمُ |
ففي المُهاجَرِقد عَزُّوا بسلطانِ |
أو ضاقتِ الشأمُ عن برهانِ قدرتهَمْ |
ففي المُهاجَرِ قد جاءُوا ببرهانِ |
إنّا رأينا كراماً من رجالهمُ |
كانوا عليهمْ لدينا خير عنوانِ |
أنّى التقينا التقَى في كلِ مجتمعٍ |
أهلٌ بأهلٍ وإخوانٌ باخوانِ |
كمْ في نواحي ربوعِ النّيلِ من طرفٍ |
لليازجيِّ وصروفٍ وزيدانِ |
وكم لأحيائِهِم في الصُّحفِ من أثَرٍ |
له المقطّمُ والأهرامُ رنانِ |
متى أرى الشّرقَ أدناهُ أبعده |
عن مَطمَعِ الغَرب فيه غيرَ وَسْنانِ |
تجري المودّة من أعراقه طلقاً |
كجرية ِ الماءِ في أثناءِ أفنانِ |
لافرقَ بين بوذيِّ يعيشُ به |
ومسلمٍ ويهوديٍ ونصرانِي |
مابالُ دُنياهُ لمّا فاءَ وارِفُها |
عليه أدبرتْ من غيرِ إيذانِ |
عهدُ الرشيدِ ببغدادَ عفا ومَضَى |
وفي دِمَشق انطوى عهدُ ابنِ مروانِ |
لاتسلْ بعده عن عهدِ قرطبة ٍ |
كيف انمحى ْ بين أسيافٍ ونيرانِ |
فعَلِّموا كلَّ حَيٍّ عندَ مَولِدِه |
عليكَ للهِ والأوطانِ دينانِ |
حَتمٌ قَضاؤُهُما حَتمٌ جَزاؤُهُما |
فآربأ بنفسكَ أن تمنَى بخسرانِ |
النَّيلُ وهو إلى الأُردُنِّ في شَغَفٍ |
يُهدي إلى بَرَدى أشواقَ وَلهانِ |
وفي العِراقِ به وَجدٌ بدِجلَتِه |
وبالفراتِ وتحنانٌ لسيحانِ |
إنْ دامَ مانحن فيه من مُدابَرَة ٍ |
رأيتُ رأى َ المعرّي حين أرهقَه |
ما حلّ بالناسِ من بغيٍ وعدوانِ |
لا تظهرُ الأرضَ من رجسٍ ومن درنٍ |
حتى يُعاوِدَها نُوحٌ بطُوفانِ |
ولّى الشبابُ وجازتني فتوتُه |
وهَدَّمَ السُّقمُ بعدَ السُّقمِ أركاني |
|
أسوّفت أم أعدّت حرَّ أكفاني |
شاهَدتُ مَصرَعَ أترابي فَبَشَّرَني |
بضجعة ٍ عندها روحي وريحاني |
كم منْ قريبٍ نأى عنّي فأوجَعَني |
وكم عَزيزٍ مَضَى قبلي فأبكاني |
من كانَ يسألُ عن قومي فإنّهمُ |
إني مللّتُ وقوفي في كلِ آونة ٍ |
أبكي وأنظِمُ أحزاناً بأحزانِ |
إذا تَصَفَّحتَ ديواني لتَقَرأَني |
وجدتَ شعرَ المراثي نصفَ ديواني |
أتيتُ مستشفياً والشوقُ يدفعُ بي |
إلى رُباكُم وعودِي غيرُ فينانِ |
فأنزِلُوني مَكاناً أستَجِمُّ به |
ويَنجلي عن فؤادي بَرحُ أحزاني |
وجنبّوني على شكرٍ موائدكُم |
بما حَوَتْ من أفاوِيهٍ وألوانِ |
حسبي وحسبُ النُّهى ما نلتُ من كرمٍ |
قد كدتُ أنسى به أَهلي وخُلاّني |