النكاح بين الانس والجن
إن عالم الجن يختلفبطبعه وخصائصه عن عالم الإنس ، ومن ثم كان لكل منهما عالمه الخاص به وقوانينه التييعيش فيها
وظاهر الأمر أن التجانس بينهما أمر مستبعد ، لكنه ليس بمستحيل عقلا أو واقعا .
أما شرعا فإنني لم أجد نصا قاطعا في المسألة يجيز التناكح بين الإنس والجن أويمنعه .
والظاهر أن التناكح بين الجن والإنس بالرغم مما بينهما من الاختلاف ، أمر ممكنعقلا ، بل هو الواقع ، وقد اختلف العلماء في هذه المسألة ، فمنهم من رأى إمكانيةذلك ، ومنهم من رأى المنع ، والراجح إمكانية حدوث ذلك في نطاق محدود ، بل هو نادرالحدوث والله أعلم 0
وقد قال بهذا الرأي جماعة من العلماء منهم :
مجاهد والأعمش ، وهو أحد الروايتين عن الحسن وقتادة ، وبه قال جماعة من الحنابلةوالحنفية ، والإمام مالك وغيرهم ( أنظر الأشباه والنظائر لابن نجيم - 327 - 328 ،والفتاوى الحديثية للهيتمي - 68 - 69 ، ومجموع فتاوى ابن تيمية - 19 / 39 ، وتفسيرالقرطبي 13 / 182 ، وآكام المرجان في أحكام الجان - 66 ) 0
* قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - : ( وقد يتناكح الإنس والجن ... وهذاكثير معروف ، وقد ذكر العلماء ذلك وتكلموا عنه ، وكره أكثر العلماء مناكحة الجن .
وهذا يكون وهو كثير أو الأكثر عن بغض ومجازاة ) ( مجموع الفتاوى - 19 / 39 )
* قال الطبري : ( معقبا على قوله تعالى : ( فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَمْيَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ ) ( سورة الرحمن – الآية 56 ) وعنيبالطمث هنا أنه لم يجامعهن إنس قبلهم ولا جان ) ( جامع البيان في تأويل القرآن -27 / 87 )
* وذكر الطبري روايات على ذلك فقال : عن ابن عباس في قوله تعالى : ( لَمْيَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ ) يقول : لم يدمهن إنس ولا جان ،وذكر نحو هذا عن علي بن أبي طالب وعكرمة ومجاهد ، وذكر رواية عن عاصم عن أبيالعالية تدل على إمكان وقوع النكاح بين الجن والإنس وفيها : فإن قال قائل : وهليجامع النساء الجن ؟ فيقال : لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان ) ( جامع البيان فيتأويل القرآن - 27 / 87 ، 88 )
* قال الألوسي : ( ونفي طمثهن عن الإنس ظاهر ، وأما عن الجن فقال مجاهد والحسن :قد تجامع الجن نساء البشر مع أزواجهن إذا لم يذكر الزوج اسم الله تعالى ، فنفى هناجميع المجامعين ، وقيل : لا حاجة إلى ذلك ، إذ يكفي في نفي الطمث عن الجن إمكانهمنهم ، ولا شك في إمكان جماع الجني إنسية ، بدون أن يكون مع زوجها غير الذاكر اسمالله تعالى ) ( روح المعاني – 27 / 119 ) 0
* قال الفخر الرازي : ( ما الفائدة في ذكر الجان ، مع أن الجان لا يجامع ؟ فنقول :ليس كذلك ، بل الجن لهم أولاد وذريات ، وإنما الخلاف في أنهم : هل يواقعون الإنسأم لا ؟ والمشهور أنهم يواقعون ، وإلا لما كان في الجنة أحساب ولا أنساب ، فكانمواقعة الإنس إياهن كمواقعة الجن من حيث الإشارة إلى نفيها ) ( التفسير الكبير –29 / 130 ) 0
* قال ابن الجوزي في قوله تعالى : ( لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلاجَانٌّ ) وفي الآية على أن الجني يغشى المرأة كالإنسي ) ( زاد المسير في علمالتفسير - 8 / 122 ) 0
* قال الشبلي : ( هذا وقد سئل أنس بن مالك - رضي الله عنه - عن مناكحة الجن ، فقال: ما أرى بذلك بأسا في الدين ، ولكن أكره إذا وجدت امرأة حامل قيل لها : من زوجك ؟قالت : من الجن فيكثر الفساد في الإسلام ) ( غرائب وعجائب الجن - ص 86 ) 0
* قال جلال الدين السيوطي : ( وفي المسائل التي سأل الشيخ جمال الدين الأسنوي عنهاقاضي القضاة شرف الدين البارزي إذا أراد أن يتزوج بامرأة من الجن - عند فرض إمكانه- فهل يجوز ذلك أو يمتنع فإن الله تعالى قال : ( وَمِنْ ءايَاتِهِ أَنْ خَلَقَلَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا ) ( سورة الروم – الآية 21 ) فامتن الباريتعالى بأن جعل ذلك من جنس ما يؤلف 0
فإن جوزنا ذلك - وهو المذكور في شرح الوجيز لابن يونس – فهل يجبرها على ملازمةالمسكن أم لا ؟ وهل له منعها من التشكل في غير صور الآدميين عند القدرة عليه ؟لأنه قد تحصل النفرة أو لا ، وهل يعتمد عليها فيما يتعلق بشروط صحة النكاح من أمروليها وخلوها من الموانع أم لا ، وهل يجوز قبول ذلك من قاضيهم أم لا ، وهل إذارآها في صورة غير
التي ألفها وادعت أنها هي ، فهل يعتمد عليها ويجوز له وطؤها أم لا ؟ وهل يكلفالإتيان بما يألفونه من قوتهم ، كالعظم وغيره إذا أمكن الاقتيات بغيره أم لا ؟
فأجاب : لا يجوز أن يتزوج بامرأة من الجن ، لمفهوم الآيتين الكريمتين ، قوله تعالىفي سورة النحل : ( وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنفسِكُمْ أَزْوَاجًا ) ( سورةالنحل – الآية 72 ) وقوله في سورة الروم : ( وَمِنْ ءايَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْمِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا ) ( سورة الروم – الآية 21 ) 0
قال المفسرون في معنى الآيتين ( جعل لكم من أنفسكم ) أي من جنسكم ونوعكم وعلىخلقكم ، كما قال تعالى : ( لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنفُسِكُمْ ) ( سورةالتوبة – الآية 128 ) أي من الآدميين ، ولأن الآتي يحل نكاحهن : بنات العمومةوبنات الخؤولة ، فدخل في ذلك من هي في نهاية البعد كما هو المفهوم من آية الأحزاب: ( وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِخَالاتِكَ ) ( سورة الأحزاب – الآية 50 ) والمحرمات غيرهن ، وهن الأصول والفروع ،وفروع أول الأصول وأول الفروع من باقي الأصول ، كما في آية التحريم في النساء ،فهذا كله في النسب ، وليس بين الآدميين والجن نسب 0
ثم قال : وهذا جواب البارزي 0 فإن قلت : ما عنـدك من ذلك ؟ قلت : الذي اعتقدهالتحريم لوجوه :
1- منها ما تقدم في الآيتين 0
2- ومنها ما روى الكرماني من ( نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نكاح الجن ) (لم أقف على درجة الحديث من خلال المراجع المتوفرة لدي ، وكذلك من خلال الموسوعاتالخاصة بالكمبيوتر ) والحديث وإن كان مرسلا فقد اعتضد بأقوال العلماء 0
3- ومنها أن النكاح شرع للألفة والسكون والاستئناس والمودة ، وذلك غير موجود بينالإنس والجن ، حيث أن الموجود بينهم عكس ذلك ، وهو الخصومة المستمرة 0
4- ومنها أنه لم يرد الإذن من الشرع في ذلك ، فإن الله يقول : ( فَانكِحُوا مَاطَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ ) ( سورة النساء – الآية 3 ) 0 والنساء اسم للإناثمن بنات آدم خاصة ، فبقي ما عداهن على التحريم 0 لأن الأصل في الإبضاع الحرمة حتىيرد دليل على الحل 0
5- ومنها أنه قد منع من نكاح الحر للأمة ، لما يحصل للولد من الضرر بالإرقاق ،فمنع نكاح الجن من باب أولى ! ) ( الأشباه والنظائر - 256 ، 257 ) 0
يقول الدكتور الشيخ ابراهيم البريكان – حفظه الله – معقباً على الحديث آنف الذكر :( إن كان المقصود أنه يستأنس به فحق ، وإن قصد أن يرقى الى درجة الاحتجاج به فلاقائل به فيما أعلم ) ( القول المبين في مرتكزات معالجي الصرع والسحر والعين ) 0
* قال فضيلة الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين - حفظه الله - : ( إن بعض الجنيتصور للإنسي في صورة امرأة ثم يجامعها الإنسي ، وكذا يتصور الجني بصورة رجلويجامع المرأة من الإنس كجماع الرجل للمرأة وعلاج ذلك التحفظ منهم ذكورا وإناثابالأدعية والأوراد المأثورة وقراءة الآيات التي تشتمل على الحفظ والحراسة منهمبإذن الله ) ( الفتاوى الذهبية – جزء من فتوى – ص 196 ) 0
* قال صاحبا فتح الحق المبين : ( والذي نراه أن هذه المسألة نادرة الوقوع إن لمتكن ممتنعة ، وحتى لو وقعت فقد تكون بغير اختيار ، وإلا لو فتح الباب لترتب عليهمفاسد عظيمة لا يعلم مداها إلا الله ، فسد الباب من باب سد الذرائع ، وحسم بابالشر والفتنة 00 والله المستعان 0 وقد علق سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز – رحمهالله - على ذلك قائلا : " هذا هو الصواب ولا يجوز لأسباب كثيرة " ) (فتح الحق المبين في علاج الصرع والسحر والعين - ص 29 ) 0
* قال الأستاذ ولي زار بن شاهز الدين في أطروحته العلمية " الجن في القرآنوالسنة " : ( أما القضية من حيث الواقع فالكل قد جوز وقوعها . وحيث أن النصوصليست قاطعة في ذلك - جوازا أو منعا - فإننا نميل إلى عدم الجواز شرعا لما يترتبعلى جوازه من المخاطر التي تتمثل في :
1- وقوع الفواحش بين بني البشر ونسبة ذلك إلى عالم الجن إذ هو غيب لا يمكن التحققمن صدقه ، والإسلام حريص على حفظ الأعراض وصيانتها و ( درء المفاسد مقدم على جلبالمصالح ) كما هو مقرر في الشريعة الإسلامية .
2- ما يترتب على التناكح بينهما من الذرية والحياة الزوجية ( الأبناء لمن يكوننسبهم ؟ وكيف تكون خلقتهم ؟ وهل تلزم الزوجة من الجن بعدم التشكل؟ ) إلى آخرالمشاكل التي أثيرت في سؤال الأسنوي السابق .
3- إن التعامل مع الجن على هذا النحو لا يسلم فيه عالم الإنس من الأذى ، والإسلامحريص على سلامة البشر وصيانتهم من الأذى .
وبهذا نخلص إلى أن فتح الباب سيجر إلى مشكلات لا نهاية لها وتستعصي على الحل ، أضفإلى ذلك أن الأضرار المترتبة على ذلك يقينية في النفس والعقل والعرض ، وذلك من أهمما يحرص الإسلام على صيانته ، كما أن جواز التناكح بينهما لا يأتي بأية فائدة .
ولذلك فنحن نميل إلى منع ذلك شرعا ، وإن كان الوقوع محتملا .
وإذا حدث ذلك أو ظهرت إحدى المشكلات من هذا الطراز ، فيمكن اعتبارها حالة مرضيةتعالج بقدرها 0 ولا يفتح الباب في ذلك ) ( الجن في القرآن والسنة - ص 206 )
قال الأستاذ عبد الخالق العطار تحت عنوان حرمة زواج الإنس بالجن : ( ذلك أن الأصلفي الأمور الإباحة إلا إذا ورد نص على التحريم إلا أنه لم يثبت أن تزوج إنس بجنيةأو العكس لا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولا على عهد الصحابة أو التابعين .
أيضا فإنه أذن للإنس بالزواج من الإنس ولم يرد الإذن بزواج الإنس من الجن وسنةالله في خلقه أن يأنس ويسكن ويستريح وينشرح كل جنس بجنسه .
أيضا فإن القول بزواج الإنس بالجن يفوت تحقيق مقاصد الزواج الأصلية .
أيضا فإن نكاح الإنس للجن يعتبر تعد وتجاوز للحدود التي رسمها لنا الشرع الحنيف ،
قال تعالى أول سورة المؤمنون : ( وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ *إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُمَلُومِينَ * فَمَنْ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْعَادُونَ )" سورة المؤمنون – الآية 5 ، 7 " )
( حقائق ودقائق وعجائب وغرائب عالم الجن والشياطين - ص 117 )
قال الأستاذ زهير حموي ولا شك في أن منع التزاوج بين الجن والإنس هو الأقرب إلىروح الشريعة ونصوصها ، كما أنه يسد كثيرا من الذرائع ، ويقطع الطريق على المفسدينوالمشعوذين .
علما بأن الأولى ترك الانشغال بمثل هذه الأمور وعدم التوسع في مثل هذه المواضيع )( الإنسان بين السحر والعين والجان – ص 192 )
قلت : وهذا هو الصواب في هذه المسألة ، حيث أن المفاسد التي قد تترتب عن المناكحةأو التزاوج أو نشر ذلك بين الناس مفاسد عظيمة لا يعلم مداها وضررها إلا الله ،وكذلك وقوع بعض الأمور المشكلة من جراء حصول ذلك الأمر ، كما أشار قاضي القضاة شرفالدين البارزي - رحمه الله -
هل التناكح بين الإنس والجن يوجب الغسل أم لا ؟؟؟
لقد تمت الإشارة آنفا إلى أن هذا الأمر نادر الوقوع ، ولكنه ممكن الحصول وقد يقعأحيانا ، والسؤال الذي يطرح نفسه تحت هذا العنوان ( هل التناكح الذي يقع بين الإنسوالجن يوجب الغسل ، قياسا بنكاح الإنس بعضهم لبعض ؟ )
ثبت من حديث عائشة وابن عمرو – رضي الله عنهما – أن رسول الله صلى الله عليه وسلمقال : ( إذا التقى الختانان ، فقد وجب الغسل ) ( صحيح الجامع 385 )
قال المناوي : ( " إذا التقى الختانان " أي تحاذيا لا تماسا والمرادختان الرجل وخفاض المرأة فجمعهما بلفظ واحد تغليبا " فقد وجب الغسل " أيعلى الفاعل والمفعول وإن لم يحصل إنزال كما صرح في رواية فالموجب تغييب الحشفة ) (فيض القدير - 1 / 301 )
فهل الأمر يتعلق بالإنس والجن أم أن الحديث خاص بالإنس فقط ؟؟؟
ذهب بعض أهل العلم إلى أن الوطء والإيلاج يوجب الغسل :
قال الهيثمي : ( فقد قال بعض الحنابلة والحنفية : لا غسل بوطء الجني ، والحق خلافهإن تحقق الإيلاج ) ( الفتاوى الحديثية – ص 69 )
وذهب البعض الآخر إلى أن الوطء والإيلاج لا يوجب الغسل إلا في حالة حصول الإنزال :
قال محمد بن مفلح : ( لو قالت امرأة : لي جني يجامعني كالرجل ، فلا غسل عليها لعدمالإيلاج والاحتلام ، ذكره أبو المعالي ، وفيه نظر ) ( المبدع شرح المقنع – ص 234 )
قال زين العابدين بن نجيم : ( قال قاضيخان في فتاواه : امرأة قالت : معي جنييأتيني في النوم مرارا وأجد في نفسي ما أجد لو جامعني زوجي ، لا غسل عليها ، وقيدهالكمال بما إذا لم تنزل ، أما إذا أنزلت وجب كأنه احتلام ) ( الأشباه والنظائر -328 )
قال مصطفى عاشور : ( قال بعض الحنفية : لا غسل .. ذلك أن أبا المعالي بن منجيالحنبلي في كتاب " شرح الهداية " لابن الخطاب الحنبلي – ذكر في امرأةقالت : إن جنيا يأتيني كما يأتي الرجل المرأة ، فهل يجب عليها غسل ؟ قال بعضالحنفية : لا غسل عليها
قال أبو المعالي : لو قالت امرأة : ( جامعني جني كالرجل ) لا غسل عليها ؛ لانعدامسببه ، وهو الإيلاج والاحتلام ، فهو كالمنام بغير إنزال ) ( عالم الجن أسرارهوخفاياه – ص 44 )
سئل فضيلة الشيخ عبدالله بن عبد الرحمن الجبرين السؤال التالي :
التناكح بين الإنس والجن أمر واقع فعلا ، ولكنه نادر الوقوع ، والسؤال هل حصول ذلكالأمر بين الجن والإنس يوجب الغسل أم لا ؟؟؟
فأجاب – حفظه الله – : ( معلوم أن الجن أرواح مستغنية عن أجساد تقوم بها ولكن اللهأقدرهم على الكلام المسموع وعلى التشكل بصور ومظاهر متنوعة كما أقدرهم على الدخولفي أجساد الإنس بحيث تغلب روح الجني على روح الإنسي والغالب أن الذكر منهم لايلابس إلا الأنثى من البشر والأنثى تلابس الذكر من البشر ، ويجدون لذة وشهوة وقدذكر التناكح بين الإنس والجن بحيث أن الجن يظهرون بصورة بشر ويكلمون الإنسي الذييعشقونه ثم يعقدون له عقدا شرعيا على امرأة منهم ، ويدلونه على كيفية الحصول عليهابندائها أو ضرب موضع معين بيده أو بعصا ونحوها ، فتخرج له متمثلة في صورة امرأة منالإنس فيباشرها كما يباشر زوجته من البشر ، ويجد لذلك لذة محسوسة ، ويحصل منهالإنزال المعروف ، ولا أدري هل يحصل التوالد أم لا ، وهذا ما حكاه لنا من نثق به ،ولكن ذلك نادر ، وهكذا قد يخطفون الأنثى من البشر وتغيب عندهم ويفتقدها أهلهاوتتزوج منهم ويباشرها كما يباشر الرجل امرأته وهكذا ، وقد حكى بعض النساء أنهاتبتلى بشخص من الجن يكلمها ويخلو بها ويجامعها قهرا كزوجها ولا يراه غيرها بحيثيختفي متى كان هناك أحد من أهل البيت ، ولا شك أنه متى حصل الوطء المعروف من الرجللامرأة من الجن أو وطئ رجل منهم المرأة من الإنس حصلت الجنابة ووجب الغسل لوجودسببين وهو الإيلاج الحقيقي والإنزال والله أعلم ) ( القول المبين في مرتكزاتمعالجي الصرع والسحر والعين ) 0
قلت معقباً على قول العلامة الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين " معلوم أنالجن أرواح مستغنية عن أجساد تقوم بها " قوله – حفظه الله – فيه نظر ، حيث أنإجماع الأمة يقوم على أن للجن أرواح وأجساد وأن الكيفية الخاصة بتلك الأرواحوالأجساد لا يعلمها إلا الله سبحانه وتعالى وهذا من الغيب الذي لا يجوز التكلم فيهدون مصدر تشريعي من الكتاب والسنة
قلت : وبعد استعراض أقوال أهل العلم بخصوص هذا الأمر الدقيق والحساس وتعلقـهبمسألة فقهية هامة تهم البعض ممن تعرض لمثل ذلك الأمر ، أخلص إلى النتائج التالية:
1)- إذا كان الجني أو الجنية متشكل أو متشكلة بأشكال الإنس :
عند ذلك ينطبق الحكم والوصف في هذه المسألة على جماع الإنس بعضهم ببعض ، وفي هذهالحالة تحصل الجنابة لتحقق الإيلاج الحقيقي والإنزال كما أشار لذلك فضيلة الشيخعبدالله بن عبد الرحمن الجبرين - حفظه الله - ، وكذلك يحصل فض للبكارة .
وفي إمكانية الجماع بين الإنس والجن من خلال هذا النوع يقول فضيلة الشيخ عبداللهبن عبدالرحمن الجبرين – حفظه الله - : ( هذا ممكن في الرجال والنساء ، وذلك أنالجني قد يتشكل بصورة إنسان كامل الأعضاء ولا مانع يمنعه من وطء الإنسية إلابالتحصن بالذكر والدعاء والأوراد المأثورة ، وقد يغلب على بعض النساء ولو استعاذتمنه حيث يلابسها ويخالطها ، ولا مانع أيضاً أن الجنية تظهر بصورة امرأة كاملةالأعضاء وتلابس الرجل حتى تثور شهوته ويحس بأنه يجامعها وينزل منه المني ويحسبالإنزال ، وطريق التحصن من شرها التحفظ والدعاء والذكر واستعمال الأوراد المأثورةوالمحافظة على الأعمال الصالحة ، والبعد عن المحرمات ، والله أعلم ) ( القولالمبين في مرتكزات معالجي الصرع والسحر والعين ) .
2)- إذا كان اعتداء الجن دون التشكل :
وحصول ذلك عند نوم الإنسي سواء كان ذكرا أو أنثى ، وهذا الأمر مشاهد محسوس تواترتبه الروايات ، فالقول في هذه المسألة يعتمد على عملية الإنزال ، فإن حصل إنزالسواء كان المعتدى عليه رجل أو امرأة وجب الغسل وإلا فلا ، وهذا هو ظاهر أقوال أهلالعلم في هذه المسألة الفقهية والله تعالى أعلم .
أما طريقة علاج ما قد تؤدي إليه بعض الأرواح الخبيثة من حدوث آلام شديدة في منطقةالأرحام عند النساء ، وربما أدى ذلك لحدوث نزيف مستمر ، وقد يتعدى ذلك إلى تحرشاتأو اعتداءات جنسية ، وفي هذه الحالة ينصح المعالِج باتباع الخطوات التالية :
1- المحافظة على قراءة سورة البقرة في البيت قدر المستطاع .
2- وضع اليد من قبل المريض على المنطقة والتسمية والدعاء :
وذلك بالأدعية المأثورة والتي تم ذكرها سابقا ، مع الاستمرار في الرقية الشرعية .
3- المحافظة على دعاء إتيان الرجل أهله قبل الوطء والجماع :
كما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم على النحو التالي : ( اللهم جنبنا الشيطانوجنب الشيطان ما رزقتنا ) .
4- دهن الأعضاء التناسلية بالزيت بعد القراءة عليه وذلك قبل عملية الوطء والجماع .
5- دهن منطقة ما بين السرة والركبة بالمسك الأبيض المخلوط مع ماء الورد أو الوردالطائفي :
بعد القراءة عليه ؛ فإنه مجرب ونافع خاصة لمن يتعرض للاعتداءات أو التحرشاتالجنسية من قبل الأرواح الخبيثة .
6- الاحتشاء بالكرفس ( القطن ) في منطقة الأرحام :
والذي يحتوي على نسبة معقولة من زيت الزيتون بعد القراءة عليه ، أو المسك الأبيضمع ماء الورد