إعتدنا من الإمارات ان تفاجئنا بين الحين والآخر بخبر ما، ولطالما كان مبهرًا ومشرفًا إلى أقصى حد، ولا نكاد ننتهي منه حتى تفاجئنا بما هو أكبر وأجمل، وكأنها تصيح بنا أن أفيقوا، لكن لا حياة لمن تنادي !
في أغسطس الماضي فاجئتنا بإعلانها البدء في إنشاء وكالة فضائية خاصة بها، لتصبح بذلك أول وكالة فضائية عربية، ولم يمض الكثير حتى أذهلتنا بإطلاق مسبار الأمل، أول مسبار عربي يسافر إلى المريخ، وها هى تعود الآن لتضرب على أكثر الأوتار حساسية في مجتمعنا العربي، الشباب، الشباب المكبّل بالبطالة ومحاط بخيبات الأمل ..
مطلوب وزير تحت سن الـ 25 !
أعلن الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات ورئيس مجلس الوزراء وحاكم دبي، في تغريدة له على موقع التواصل الإجتماعي “تويتر”، عن رغبته في تمكين الشباب من خلال تنصيبهم بالحكومة الإماراتية لشغل منصب وزير، بحجة أن الوزير الشاب المنتظر سيكون أفضل ممثل عن جيله، لأنه يفهم متطلبات الجيل الجديد لكونه جزءًا منه، كما سيكون ملم بقضاياه وأفكاره والصعوبات التي يواجهها إلخ.
وقام الشيخ محمد بن راشد بتحديد مواصفات هذا الوزير المنشود والتي تنحصر في ألا يزيد سنه عن الـ 25، حيث طلب من كل جامعة ترشيح أفضل 3 شباب و3 شابات لديها، أو حتى ممن تخرجوا في آخر عامين، ليتم إختبارهم لوظيفة وزير.
كما عبّر أيضًا عن مدى أهمية دور الشباب في المجتمع، وحث على ضرورة النظر إلى كونهم يمثلون نصف من المجتمعات العربية تقريبًا، ما يعني ضرورة إستثمار مواهبهم، ومنحهم الفرصة لإحداث تغيير حقيقي والنهوض بالمجتمع.
كنز أم عبء ؟!
ربما أوضحت هذه الكلمات البسيطة الفرق الهائل بين دولة تؤمن بأن ثروتها الحقيقية هى الشباب، وبين أخرى تنظر لهم بعين السخط واللوم، وكأنها تتساءل من أي جحيم جاءوا !
للأسف معظم الدول العربية تتعامل مع شبابها كما لو كانوا حملًا ثقيلًا، عبئًا زائدًا عليها، وتتجاهل تمامًا حقيقة انهم جزء من نسيج المجتمع، بل أحد أهم أعمدته، وكما عليهم واجبات لهم حقوق أيضًا، وأن الأمر يتجاوز بكثير كونهم رقم في تعداد، إنما هم قلب المجتمع وروحه، وبنيته الأساسية التي إن فسدت فسد كل شيء.
خطوات مبدئية



فور إعلان الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم عن عزمه لتعيين الشباب في الهيكل الإداري للدولة، سارعت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي بالإعلان عن بدئها في مناقشة وبحث مجموعة من القرارات التي تضمن للطلاب الوصول إلى أعلى مستوى من الكفاءة، بالإضافة إلى تأهيلهم للقيادة، من خلال صقل شخصياتهم بالممارسة والتدريب، والتي ستجعل منهم قادة على مستوى مميز.
أما عن الطلاب أنفسهم فقد سادت روح التنافس والحماس بينهم، والكل بدا مترقب للحظة التي يصل فيها إلى هذا المنصب الرفيع، وبلا شك ان روح التحدي هذه الحاضرة بين الطلاب وبعضهم، وبين حتى الجامعات وبعضها البعض، ستؤدي قطعًا إلى قفزة هائلة في منظومة التعليم ككل، وستذهب بها إلى مراتب أعلى وأكثر تميزًا.

وأخيرًا؛ هناك مقولة إنجليزية تقول: أن تصل متأخرا خير لك من ألا تصل، ونأمل أن يكون هذا هو الحال في بلادنا العربية، أن تصل حتى ولو تأخرت .. ولو تأخرت كثيرًا، المهم أن تصل في النهاية وتنتهي حالة التهميش هذه والتجاهل المتعمد للشباب..
ويبقى السؤال: هل لنا في الإمارات عبرة ؟!

المصدر
www.arageek.com