يقول الدكتور ديريك كابريرا أنه حينما بدأ بالتدريس في Ivy League، وهي مجموعة تضم أشهر وأقدم 8 جامعات في شرق الولايات المتحدة الأمريكية منها جامعة هارفارد وجامعة ييل وجامعة بنسلفانيا، كانت لديه توقعات عالية بخصوص الطلبة، لأنهم بالطبع صفوة المجتمع وأكثرهم تقدّمًأ في الدرجات العلمية، وبالتأكيد الأذكى بين الطلبة.
بعدما بدأ الدكتور ديريك في التدريس لاحظ الآتي
أنه حينما يُطلب من طلبته التحضير لأي اختبار مع اعطائهم بعض التعليمات بخصوص الاختبار كنظام الاسئلة (هل الأسئلة اختيار من متعدد أم مقال) كانت النتيجة أن أغلب الطلبة أحرزوا تقدّم في الاختبار بتقييم ممتاز.
ولكن، عندما قرّر أن يعطيهم اختبار بدون أي تعليمات كانت النتيجة أن مستوى الصعوبة بالنسبة للطلبة قد ازداد، والبعض لم يحرز تقدمه المعهود..
استنتج دكتور ديريك أن الطلبة لديهم مهارة.. وهي كيفية الحصول على الدرجات العالية في أي اختبار، لكن ينقصهم شيء هام، وهو تطبيق ما يتعلمونه على الواقع والاستفادة منه في حياتهم اليومية.
ومن هنا بدأ يطرح لنا معنى التفكير
التفكير هو القدرة على معالجة المعلومات التي نحصل عليها للوصول إلى شيء جديد ومفيد، وأنواع التفكير ستة:
1- تفكير نقدي
2- تفكير إبداعي
3- تفكير علمي
4- تفكير اجتماعي
5- تفكير في أكثر من تخصص وربط العلوم
6- تطوير الجانب العاطفي والاجتماعي
يقول الدكتور أيضاً أنه من المفترض ألّا نفرّق بين أنواع التفكير وأن نعرف كيفية التعامل مع الأحداث بهذه الطريقة، وأن مدارسنا وجامعاتنا لا تُفرّق بينهم .. بل تقتلهم جميعًا!!
ومن الممكن أن تلاحظ ذلك من خلاص هذا المثال
عندما كنا صغارًا، كان لدى كل منا ألعاب التركيب – الليغو، وقديمًا، عندما كنا نشتريها لم يكن معها أي تعليمات، فيضطر الطفل إلى فرد القطع على الأرض والبدء في الابداع .. أما حديثًا ترى الألعاب تأتي بتعليمات، وإن لم تسر وراءها لن تكتمل الأحجية، ولن يُحَلّ اللغز..
قد يقول البعض أن الألعاب التي تحمل التعليمات لا تعطِ أي مجال للتفكير، في الواقع إن هذه الألعاب تحمل كمًّا هائلًا من المعلومات والأفكار، لكن السؤال هنا لمن؟ لقد اتاحت هذه الألعاب مجال التفكير للمُصمّم فقط، وهو على مكتبه.. إنما الطفل نفسه فلا يأتي اليه بأي أفكار على مكتبه.
والحلّ هنا هو أن نُرجع الطفل إلى التفكير على مكتبه مرة أخرى، ورغم المبالغ الطائلة التي تنفقها شركة بيل جايتسGates Foundation على تطوير التعليم والأبحاث إلا أنهم توصلوا إلى أن أهم خطوة في عملية التعليم هي تدريس مهارات التفكير.
المشكلة الكبرى التي نواجهها هي ظنّ البعض أنه كلما زاد كمّ المعلومات التي يتلقاها الطالب فسيصبح في المستقبل مفكرًا؟!! إن هذا يتطلب معجزة في الواقع، واستنكر الدكتور ديريك قائلًأ أنه مرّ بما يمرّ به الطلاب حاليًأ وهو يمثل ما سيصلون إليه في المستقبل وأن الجواب: لا، لن يصبحوا مفكرين
واردف قائلاً: باختصار شديد .. طلاب الجامعة لا يفكروا!
إننا لا نحتاج إلى معجزة، بل نحتاج إلى طريقة .. طريقة تُعلّم الطلاب التفكير، ومن ثم قوموا بإعطائهم المعلومات بأيّ كمية تريدونها
هناك أربعة طرق عالمية للتفكير، إذا قمت بجمعهم فقد وضعت الأساس لطرق التفكير الستة، وهي:
Distinction – التميّز
أن تتمكن من تمييز الأفكار والمعلومات والأشياء التي تتعامل معها، وهذا يُمكّنك من أن تُصنّف كل فكرة كجزء خاص بها ويساعدك على استيعابها، ويخلق تفكير مُنظّم أكثر دراية بأوجة الشبه والاختلاف بين المعلومات، ويمكّنك من التعمّق في فهم المعلومة.
Systems – المنظومة
هنا يجب أن نعلم أن هناك نوعان من العلماء، الأول هو
Splitters وهم من يقوموا بتفكيك المعلومة إلى أجزاء أصغر فأصغر ..إلخ، والنوع الآخر هو Lumpers وهم من يقوموا بتجميع الأشياء الصغيرة لجزء كبير كامل ويصبح لديهم قدر من المرونة في التعامل مع المعلومة.
Relationships – العلاقات
وهو أن تتمكن من خلق علاقة بين الأفكار والمعلومات، وأن تتمكن من ربط المواضيع ببعضها .. مشكلة جامعاتنا هي أنها تفصل الموضوعات، ولا تربط بين العلوم المختلفة، وبالتالي فرصتك في نسيان المعلومة تصبح أسرع.
Perspectives – وجهات النظر
من المعروف أن كل شيء في حياتنا يصبح مختلفًا عندما نُفكّر فيه بمنظور مختلف، ومن الأشياء المتعلقة بالتعليم هي أن تنظر إليه بطريقة مختلفة، أن تزيد من شغفك تجاهه، وأن تتحكم في عواطفك وتفكيرك الإجتماعي.
يرى الدكتور ديريك أن هذه الطرق الأربعة ستعيد الطلبة إلى التفكير مرّة أخرى، وأن يتلقوا المعلومة بطريقة مختلفة، ويحسنوا في معالجتها والخروج منها بفائدة في حياتهم الشخصية قبل المنحني التعليمي.
في عصرنا الحالي، تأتيك المعلومات من كل مكان. في الواقع، إن تدفق المعلومات هائل في ظلّ تكنولوجيا العصر، كلنا نمتلك كمّ هائل من المعلومات، ولكن ما لا نمتلكه هو طريقة تعاملنا مع هذه المعلومات وكيفية تسخيرها لخدمتنا.
وإذا لم نتعلّم كيف نفكر، سنجد من يُرحّب بكل سعادة أن يفكّر لنا وأن يقودنا معه في سفينته .. لا تعطِ لأحد فرصة أن يتحكّم في عقلك وبالتالي مستقبلك!
المصدر
www.youtube.com