تعرّفنا في الجزء السابق من هذا الموضوع عن طائفة الأميش وتاريخ نشأتها وجذورها. لكن كيف تمارس هذه الطائفة طقوسها الدينية من عبادة وصلاة؟ وكيف هي الحياة الاجتماعية بالنسبة إليها؟
العبادة والصلاة
تمارس طائفة الأميش شعائرها الدينية حيث يتم تقديم خدمات العبادة والصلاة كل يوم أحد داخل منازل أفرادها. وكل منطقة تقريبًا تتكون من 80 بالغًا و90 طفلًا تحت سن 19 عامًا. تبدأ الصلاة بخطبة قصيرة من عدة خطباء أو أسقف الكنيسة. وتليها قراءة الكتاب المقدّس، والصلاة التي قد تكون صامتة في بعض المجتمعات، ويلي ذلك خطبة مطولة. تليها تراتيل عادية دون موسيقى؛ لأن التركيز يجب أن يكون على ما قيل، وليس كيف قيل.
فيتم القدّاس دون شموع أو صلبان أو زهور أو عروض أو أجهزة كما يكون الحال لدى الطوائف الأخرى. فالمصلين يكرّسون أنفسهم للصلاة بروح التواضع. وتغني المجموعة التراتيل الألمانية دون نوتات موسيقية والتي تعود للقرن السادس عشر. ويروي الخطباء قصصًا من الكتاب المقدّس، وكذلك الدروس المستفادة من حياة المزرعة، كما يدعون الناس للالتزام بتعاليم الأميش.
ويكون الترتيل والغناء بطيئًا، وكل ترتيلة قد تستغرق 15 دقيقة أو أطول. وتتم إما قراءة العهد القديم، أو قراءة الترجمة الألمانية لمارتن لوثر. وتتبع الصلاة تناول الغداء والتواصل الاجتماعي، وذلك بعد ثلاث ساعات قضوها في الصلاة. ويعد يوم الأحد إجازة رسمية للأميش، حيث لا يذهبون إلى أعمالهم باستثناء العناية بالحيوانات.
الطرد من الكنيسة
المعمودية والعبادة هي شعائر مقدسة تحافظ وتعيد إحياء تعاليم أوردنونج. لكن الأميش كغيرهم من البشر، ينسون، ويخطئون، ويتمردون، وينحرفون. ويجب الاعتراف بالخطايا خلال اللقاءات التي تتبع الصلاة. قد تشمل الانتهاكات لتعاليم أوردنونج: استخدام الجرار الزراعي في الحقل، أو مشاهدة التلفاز، أو ركوب الطائرات، أو رفع دعوى قضائية، أو الانضمام لجماعة سياسية، أو البدء بعمل مشكوك فيه. فالاعتراف بالذنوب أمام الجماعة يُذكّرها بالقيم العليا، ويعيد الضال إلى مجتمع الإيمان، ويؤكد على خطوط الإخلاص التي يجب أن تحيط بالمجتمع.
أما أولئك الذين يرفضون الاعتراف بخطاياهم فإنهم يوضعون تحت المراقبة لمدة ستة أسابيع. وإذا لم يرجع الشخص عن عناده وخطاياه فإنه يصبح منبوذًا في مجتمع الأميش والذين عليهم إنهاء أية تعاملات اجتماعية معه، وإذا أصر على العناد فإنه سيواجه الطرد الكنسي.
اللغة
يتحدث الأميش الإنجليزية والألمانية، ولهجة تعرف بـ “هاي جيرمان” و “بنسلفانيا داتش” وهذه اللهجات هي اللغات الأساسية للأميش ويجب ألا يتم خلطها مع اللغة الهولندية المستخدمة في هولندا.
يعيش أطفال الأميش بين أهاليهم ويتعلمون لغتهم الأساسية، وحين ينتقلون إلى التعليم فإنهم يتعلمون الإنجليزية في مدارس الأميش، حيث يتعلمون القراءة والكتابة والحديث باللغة الإنجليزية على يد معلمين أميش، والذين سبق وأن تعلموا اللغة في إطار مدارس الأميش. وقد يتم أحيانًا الحديث بالمزج بين الإنجليزية ولهجة الأميش الألمانية.
ويستخدم الأميش بعض التعبيرات الاجتماعية بلغة بنسلفانيا داتش، مثل: “Gude Mariye” أي صباح الخير، “Gut-n-Owed” أي مساء الخير، “?Wie geht’s” أي كيف حالك؟
أدوار النوع الاجتماعي
مجتمع الأميش مجتمع أبوي، فغالبًا معلمي المدارس من النساء، أما الرجال فلهم الأدوار الأكثر قيادية. قد تختار المرأة الرجال ليكونوا في مناصب معينة، إلا أن النساء مستثنيات من القيام بأية أدوار رسمية في الكنيسة. لكن لهن الحق في التصويت في لقاءات أعمال الكنيسة. وفي السنوات الأخيرة بدأت المرأة العمل في متاجر الأغذية والحرف المختلفة.
قد يتقاسم الزوجان الأعمال، فقد تطلب المرأة من زوجها مساعدتها في الحديقة، وقد يطلب الزوج من زوجته مساعدته في الحظيرة أو الحقل. ونادرًا ما تجد ربات البيوت منعزلات في مجتمع الأميش. للزوج السلطة الروحية لكن للزوجات كامل الحرية في مجالات متميزة.
الزواج
موسم الزواج هو وقت احتفالي في حياة الأميش، يأتي في أعقاب موسم الحصاد. ويتم في أيام الثلاثاء والخميس من أواخر شهر أكتوبر إلى مطلع شهر ديسمبر. وقد تكون لمجتمعات الأميش الكبيرة حوالي 150 زواجًا في موسم معين. ويجب أن يكون هناك 15 زواجًا في اليوم الواحد في مجتمع ما من الأميش. وتنَظَّم هذه المناسبات في منزل العروس، وتتم دعوة 350 شخصًا، ويتم تقديم وجبتي طعام، والوجبات الخفيفة، والغناء، والاحتفالات، وتختلف هذه الأنشطة من مستوطنة أميش لأخرى.
يتزوج الأميش في مراحل عمرية مبكرة، أي في العشرينات من العمر. قد يتواعد الشاب والفتاة قبل إعلان الخطوبة بعامين لكن دون أية علاقات جنسية قبل الزواج. يقوم الأسقف بتزويج أعضاء الكنيسة فقط. ولا تقوم الكنيسة بتنظيم حفلات الزفاف إنما تبارك الزواج من خلال طقوس قديمة. يبدأ الشاب المقبل على الزواج بإطلاق لحيته وهي ما تعادل خاتم الزواج.
وفي يوم الزفاف يتجمّع أهل العروس والأصدقاء ويقومون بأعمال التنظيف، وطلاء الغرف، وإصلاح الأثاث، وتحضير الطعام لمئات المدعوين، وقبل الزفاف بيوم يتم ذبح الدجاج لتجهيز الوجبات.
ويكون هناك قدّاس يستمر لثلاث ساعات وهو مشابه لقدّاس الصلاة بدون ورود أو آلات موسيقية أو غناء. ويتم الزفاف بعد ذلك بالتجمع الغنائي، والصلاة، وعهود الزواج، وخُطبتين.
لا يذهب العروسان إلى إجازة شهر العسل كما الآخرين، بل يقومان بزيارة الأقارب في إجازات نهاية الأسبوع خلال أشهر الشتاء. وخلال هذه الزيارات تقدم العائلات والأصدقاء الهدايا لهما، والتي قد تشمل الأثاث.
المصدر: 1 ، 2