دائمًا ما يكون العرب خارج حسابات جائزة الأوسكار “الأشهر في عالم السينما والأفلام”، ليس لعنصريتهم، ولكن لكون أفلامنا تكون دائمًا أقل من كونها ضمن الأفضل، إلا أن فيلم “ذيب” الأردني هو ضوء نجاة لأفلامنا بعد ترشحه لجائزة لأوسكار في فئة أفضل فيلم أجنبي.
تتحكم عوامل كثيرة في نجاح الفيلم من أجل ترشيحه للجوائز المختلفة، وفيما يلي نرصد أبرز 5 أسباب اسقطت أفلامنا من حسابات الأوسكار.

الإنتاج



لعلّ الإنتاج هو “الساحر” بالنسبة للعمل، بالفعل إنه المحرك الأساسي للعمل فقد ترتبط ضخامة الإنتاج بجودة العمل، من حيث عدد الكاميرات التي تشارك في العمل، والأماكن التي يمكن التصوير فيها، والسفر، وما إلى غيره.
بجانب استقدام فنانين بعضهم قد يحصل على أجور عالية، إلا أن ذلك لا يُعدّ عائقًا، ولكن استخدام أساليب متطورة في العمل، قد تحتاج لتكاليف إنتاجية ضخمة، والجرافيك والمؤثرات المُستخدمة في العمل.. لكن ما علاقة ما أتحدث عنه بكون الأفلام العربية لا تصل للأوسكار؟ سأخبركم الآن..
لا تستطيع الأفلام العربية تحمّل تكاليف الإنتاج الضخمة، التي تصرفها الأعمال الغربية، وخاصة الأمريكية “هوليوود”، ففي بلادنا العربية لا يمكن تحمّل تكاليف ما يزيد عن 30 مليون جنية لصنع فيلم.
كما أن السينما في الغرب تُعدّ صناعة، أما في بلادنا العربية تُعدّ أقل ما يقال عنه أنه صناعة، فلا نعرف كيفية التسويق لأعمالنا، وكيف يمكننا تحمل تكاليف إنتاج ضخمة.
وجود شركات إنتاج “ليس بالضرورة ضخمة” قد تعني المزيد من الأفلام، والمزيد من التمويل الذي قد يحتاجه حتى صُنّاع الأفلام المستقلّة، ولكن أيضاً بسبب ضعف السوق السينمائية العربيّة يُحال مشاهدة هذه الأمثلة، وخاصةً في الفترة المتوترة الأخيرة.

الإخراج



إلى جانب أهميّة الإنتاج في العمل، يأتي المخرج كالمحرك الرئيسي للفيلم، فيستطيع ضمن الأدوات المخوّلة له أن يتحرك كما يشاء، ويقدّم نوعيات جديدة في أساليب الإخراج، فأعطني المال ودعني أبدع.
بالرغم من عظمة أفلام تاريخيّة مثل Godfather مروراً بفيلم Titanic وحتى فيلم Birdman الجديد، جميعها أفلام امتازت بإخراج مميز، ولكن المخرجين كان ضمن أيديهم ميزانية اتاحت لهم التحرّك كما يريدون، ويبدعون كما يريدون، فلم يسقط يومًا أحد مخرجي تلك الأعمال في كسر خطوط الإنتباه، أو تسببوا في شرود القارئ، عكس مخرجينا العرب.
بالفعل عند مشاهدة العمل العربي استطيع أن أؤكد لك وجود ما لا يقلّ عن 20 خطأ إخراجي “فج” لا يمكن أن يسقط فيه مخرج جيّد، ولكن دائمًا التفاصيل تقتل مخرجينا العرب، بعيدًا عن “التكنيك” الذين يتبعونه فقد ولّى عليه الزمن، وعفا.

التصوير



ينقسم حديثنا في التصوير عن شقّين، الأول هو تكنيك التصوير واستخدام حركات الكاميرات، والآخر المبادرة الإبداعية، في البداية دائماً ما يتم استخدام تكنيك تصوير قديم لأعتمادنا في البداية على كاميرا واحدة للتصوير في بعض الأحيان، والأعتماد على لقطات تصوّر على فترة للحصول على مشهد واحد.
في حين أن الغرب يستخدمون في بعض الأحيان كاميرات في إطارات السيارات، لرغبتهم في رصد تفاصيل التفاصيل، كما إنهم يعتمدون على 3 كاميرات على أقل تقدير، ويتركون الباقي على المحرر الذي عليه الاختيار أي لقطة تُناسب هذا المشاهد.
يأتي موضوع حركة الكاميرا، والتي أحيانًا تقتل مشاهد بدلًا من إبرازها، ولكن في “هوليوود” يصل الأمر للتصوير بعدد من الطائرات، وتتحرك الكاميرات كل منها في اتجاه حتى لا ترَ الكاميرات بعضها البعض.
في نفس الوقت، ولدينا أمثلة عظيمة لمشاهدة الأعمال التي أبرزت فيمة الفَنّ التصويري وآخرها فيلم The Revenant، الذي استخدم تكنيك تصوير رائع استطاع إظهار التفاصيل من داخل الأشجار.. إنهم حقًا يعرفون كيف يستخدمون الإمكانات المتوافرة ويسخّرونها لصالحهم.



أما عن الأفكار الإبداعيّة في التصوير كتلك اللقطة الواحدة، فلم أشاهد فيلمًا عربيًا تم تصويره بتلك الطريقة أو بأي طريقة خارجة عن المألوف، ربما لصعوبتها البالغة.. فهي تعتمد تصوير المشهد كاملًا، والتغيير من الكادرات، والتكوينات، وحجم اللقطات من خلال حركة الفنانين داخل المشهد، دون تقطيع المشهد على أكثر من لقطة.
ومن أبرز الأفلام التي تم تصويرها بهذه الطريقة هو فيلم Victoria الألماني، الذي لم يحتاج حتى لميزانية هائلة من أجل صنعه، فقط إبداعٌ في إبداع، إلا اننا نسقط دائمًا في فخ عدم مجارات طرق وأساليب التصوير الغربي، بل وعدم الإبتكار في أساليبنا للتصوير، وأحيانا تظهر طرق تصوير واهية، إلا أن الفترة الأخيرة شهدت تطور قليلاً في التصوير، ولعل أبرزها فيلم الفيلم الأزرق.

السيناريو



“الحبكة” إنها ما تُفقِد العمل رونقه، أو تدفعه دفعاً كافياً ليصبح أحد أعظم الأعمال، توصف الحبكة بأنها التسلسل المنطقي للأحداث، وعلى الرغم من بساطة المصطلح، إلا أن الأعمال العربية لم تستطع الوصول لعظمة تلك الجملة البسيطة.
ليس الموضوع بتلك البساطة، ولا بكمّ الإستحالة الذي يتوقعه البعض، ولكن هناك أهداف ظاهرة من قصتك، وأخرى مخفية، هناك عظة دائمًا يجب أن يطرحها الفيلم.
ومن اعظم الأفلام التي قدمت ذلك كمثال فيلم Life of Pi .. رائع، وعميق، إنه عمل يُحقّ أن يقال من أعظم الأعمال التي كُتِب لها سيناريو، وعلى الرغم من بساطته حول شاب وأسد، إلا أن العظة فيما وراء الرحل حقًا عظيمة.
انتبه الغرب لضرورة تقديم سيناريو جيد، فبدأوا في تشكيل “ورش كتابة السيناريو”، منذ ما يتاجوز الـ 15 سنة، إلا أننا لم ندرك ذلك إلا مؤخرًا ولا نستخدمه سوى في الدراما، وأما من ناحية الأفلام فلم نرها بعد تقدم لنا سيناريو يستحق أن يحترمه العالم، ويرشح ليكون ضمن ترشيحات الأوسكار.

الجرافيك والمؤثرات الخاصة



حين تعجز عن تجسيد مشهد، به وحوش خارقة مثلًا، أو عصر لا يمكن الرجوع له، ويستحيل أن تجد بديل، شخص يقفز من ناطحة سحاب، فماذا نفعل أنخسر كل يوم فنان؟ لا بالطبع فالجرافيك والمؤثرات حاضرة، للمساعدة في أن نضع على الشاشة ما لا يمكن تصويره.
وحين تشاهد تلك الإضافات “العربية”، أستطيع أن أضع لك رهان أنك ستقفز من مكانك ضحكًا على البدائية، فقد وصل الغرب إلى المريخ من خلال جرافيك “مبدع”، أمثال فيلم The Martian والذي بالمناسبة ضمن عدد كبير من ترشيحات الأوسكار لهذا العام.

خارج السرب



بعيدًا عن إخفاقنا الدائم، لا يمكننا تناسي فيلم ذيب الأدرني، والذي دخل ضمن ترشيحات الأوسكار لعام 2016، حيث استطاع الفيلم أن يتفوّق في كل العوامل التي تحدثنا عنها سابقًا، بخلاف “الجرافيك”.
استطاع العمل أن يُقدّم حبكة لا بأس بها، وتكنيك تصوير مختلف جيّد، فهذا الفيلم الأردني قد يكون نواة الإنتصار على اخفاقنا، القصة مميّزة تقاسم تأليفها كل من ناجي أبو نوار، وباسل غندور، والإخراج كان من قبل المخرج الذي يبدوا أنه يشق طريقه نحو العالمية ناجي أبو نوار.
في النهاية، نُخفق دائمًا – متفقين على ذلك – ففي بلدنا.. تتواجد السينما “بشكل خاص”، والفَنّ “بشكل عام”، فقط لأجل التسلية، ويبتعدا كُلّ البعد عن كونهما أداة تغيّر في الشعوب، لم نستطع أن نجعل من السينما صناعة، فتهاوى وتهاوينا، وبتنا ضيف الشرف الدائم الذي يتواجد في أي مهرجان ولكن حتى بلا تمثيل مُشرّف.

المصدر
www.arageek.com