النتائج 1 إلى 1 من 1
الموضوع:

ثقافة العشيرة والهم الوطني كوردستانيا

الزوار من محركات البحث: 8 المشاهدات : 338 الردود: 0
جميع روابطنا، مشاركاتنا، صورنا متاحة للزوار دون الحاجة إلى التسجيل ، الابلاغ عن انتهاك - Report a violation
  1. #1
    من أهل الدار
    تاريخ التسجيل: October-2013
    الجنس: ذكر
    المشاركات: 82,350 المواضيع: 79,015
    التقييم: 20707
    مزاجي: الحمد لله
    موبايلي: samsung j 7
    آخر نشاط: منذ دقيقة واحدة

    ثقافة العشيرة والهم الوطني كوردستانيا

    تعتبر مؤسسة العشيرة من أهم مقومات تكوين المجتمع الكوردي تاريخيا و حتى وقتنا الحاضر. هذه الحقيقة التاريخية لها جذور عميقة في تكوين نفسية الفرد الكوردي. ساهم ويساهم في تسير دفة نمطية الهيمنة الفكرية على مجمل أعراف وتقاليد المجتمع الكوردي المعاصر. تلك التفاعلية تمثل اليوم الحجر الأساس في سلوكية الفرد وتنعكس على مجمل الحياة والنشاط الاجتماعي.ان هيمنة فكر مؤسسة العشيرة لها تأثيرات ايجابية واخرى سلبية على الفرد والمجتمع. ان تلك المساهمة الايجابية والاجتماعية لها فوائدها من ناحية تقوية أواصر السلم الاجتماعي ونشر روح التسامح بين الناس.
    سآتي لاحقا في مادتي هذا على ذكر تلك الايجابيات والسلبيات في محاولة جادة لتقيم أداء تلك مؤسسة العشيرة ونتائج استمرارية وجودها وتأثيرها داخل المجتمع الكوردستاني خاصة في العراق.

    لا شك ان معظم الحركات السياسية في الشرق تعتمد على مؤسسة العشيرة ومنذ بدايات تأسيسهم ولأول مرة. لذلك نرى ان هذه المؤسسة تبقى وباستمرار فاعلة ونشطة تحافظ على قوتها وحيويتها في التأثير على القرار السياسي بجميع أبعاده. اما دورها في المجتمعات الغربية المتطورة والمتقدمة فإننا نرى ان تأثير تلك المؤسسة تختفي لتحل محلها اليوم مؤسسة العائلة القيادية والتي سادت الساحة السياسية بجميع اتجاهاتها الفكرية والدينية من اليسار الى اليمين ومن الشرق الى الغرب. كذلك نرى ان تلك الاتجاهات في السياسة العالمية تنعكس على الهيكل التنظيمي لتكوين مجمل الحركات السياسية في عموم دول الشرق. فليس من الغريب ان يورث الابن الأب في قيادة الحزب والدولة رغم اختلاف النظام الفكري للحزب الحاكم من دولة الى اخرى. إلا أن مؤسسة الدولة الملكية بقت محافظة على تكوينها الهرمي أينما وجدت ورغم تطورها عبر الزمن وعلى مراحل وبإشكال مختلفة كما هي عليها المؤسسة الملكية في الدول الأوربية التي تعتمد على العائلة الحاكمة وتوارثها للسلطة ابا عن جد. كما نرى ان هذا النوذج الهرمي والعائلي هي نفسها كنظام في مؤسسة العائلة الملكية الحاكمة في الشرق كذلك. رغم ان هناك اختلافات في شمولية السلطة ومدى صلاحيات التي تمنح للملك وللعائلة المالكة خاصة تلك الصلاحيات التي تشمل على السيطرة على قرارات وامور السلطة التشريعية والتنفيذية والقضائية. نرى مثلا ان لملكة انكلترا صلاحيات معينة ومحددة حيث ان هناك خلفية تاريخية لتلك الصلاحيات التي تقلصت بصورة كبيرة بينما نرى ان ملك السويد لا يوجد له أي صلاحيات ولا يتدخل في أمور الدولة والسياسة والحكومة بل هو رمز للدولة والشعب.
    الأحزاب السياسية في الوقت الحاضر تغيرت كث ولكنها شبيه بمؤسسة الملكية حيث هناك قيادات حزبية تبقى على قمة القيادة مدى الحياة رغم ان تلك الأحزاب لها مناهج حزبية تعتمد على المبادئ الديمقراطية في الوصول الى دفة الحكم وبرامج تنظيمية تعتمد التعددية والانتخابات. هنا نرى ان المؤسسة الأبوية فكريا السائدة كمنهج تنظيمي تجد جذورها في تكوين العشيرة وزعيمها المفدى الذي يتوارث فيه السلطة أبناء العائلة الواحدة.
    هناك اختلاف جذري في تكوين العشيرة عند الأكراد حيث نرى ان الشخص قد يكون فقيرا وكان جده او ابيه زعيما للعشيرة ولكن الضر وف تغيرت ودار الزمن برحاه فبات فقيرا. يبقى ان نعلم ان مكانة هذا الشخص الاجتماعية تبقى عند العامة على حالها فهو يحترم في كل مكان ويذكر باسم الجد والعائلة ويلقب بالشيخ كذلك.
    هذا التركيبة قد لا نجدها في الشعوب الأخرى ولكن العشيرة عند عرب العراق قد وجد نهضة جديدة خاصة بعد سقوط النظام وبقت تلك المؤسسة في حالة سبات بعد إعلان الجمهورية تموز عام 1958 ولكنها بقت فاعلة ونشطة فيما يخص دورها الاجتماعي وبقى الشيخ محافظا على مكانته الاجتماعية في حين اختفى الإقطاعي بعد زوال ملكه وهفوة سلطته وجبروته. وكما نعرف بان شيخ العشيرة مؤسسة اجتماعية ذو تاريخ طو بينما الإقطاعي اعتمد في الأساس على قوته وبطشه وسيطرته على الأراضي وعلى الكسب الغير مشروع. هنا نرى ان هناك مؤسسة توازي مؤسسة العشيرة تعتمد على الانتماء او الانتساب الى عائلة رسول الله صلى الله عليه وسلم يلقبون بالسادة ولهم وجود بين المجتمع الكوردي المسلم حيث كان للتصاهر والتناسب مع العرب القادمين من الحجاز إبان الفتح الإسلامي للعراق وبعد ذلك الأثر الأعظم في انتشار الدين الحنيف بين أبناء شعوب العراق القديم.
    من المؤكد ان حسنات مؤسسة العشيرة تسمو على سلبياته حيث تعتمد هذه المؤسسة العريقة على التقاليد والاعراق والقيم السماوية والاخلاق النبيلة والشهامة والنخوة وما الى ذلك من صفات انسانية طيبة في حين تبقى انشارها كمؤسسة تعتمد بالدرجة الاولى على مدى انتشار التعليم ودرجة الوعي بين الناس و درجة تطور المجتمع نفسه ومن كافة النواحي. فالمجتمعات الصناعية اختفت منها تلك المؤسسة بينما لا اثر له في المجتمعات المعلوماتية المعاصرة. يبقى ان نعلم ان المجتمعات المحافظة بقت دائما محافظة على طبقة من رجال العشيرة رغم تطورها الكبير ونرى لهم وجود واضح في ما يسمى بمؤسسة مجلس الشيوخ او الأعيان في العديد من دول العالم. وهي مؤسسة توفيقية واستشارية تعتمد على الأعراف والتقاليد في حل النزاعات وإسداء المشورة والنصيحة للحكومات والمؤسسات والأشخاص دون ان تدخل او تصبح جزءا من المؤسسة السياسية. هذه المهمة النبيلة مهمة جدا في استمرارية المؤسسة نفسها من ناحية ومن ناحية اخرى تعتبر صمام أمان امام التطرف والظلم والغدر. بالطبع هناك دوما أشخاص ذو نوازع عدوانية يغيرون مسار المجتمعات بأفكارهم العدوانية رغم انهم ينتمون الى هذه المجموعة الطيبة سآتي الى ذكرهم فيما بعد عند تقيمي لسلبيات المؤسسة.
    ان السياسة التوافقية التي يحكمها التعقل والفكر القويم أفادت المجتمعات وعلى جميع الأصعدة والأزمنة. هذه السياسة تمثل القاسم المشترك لهذه المؤسسة التي قدمت خدمات جليلة في المجتمعات التي تواجدت فيها. ان الارستقراطية كطبقة حاكمة برجوازية غنية قدمت الكثير من الخدمات في مجتمعا واجدها قبل ان تتحول الى مؤسسة هرمة طفيلية همها جمع المال والعيش الرغيد على حساب الاخرين. وكنت قد أشرت سابقا الى وجود شيوخ في المجتمع الكوردستاني كفيفين قد يعيشون في حالة من الفقر والحاجة ولكنهم ذو نفس عزيزة وكريمة لم يفقدوا عنصر الخير في فكرهم الحكيم. لا يزال العمة وكما ذكرت يقدمون لهم آيات الاحترام والتقدير ويذكرون أجدادهم بخير.
    أما فيما يخص سلبيات المؤسسة فإنها نابعة بالدرجة الأولى من وجود شخصيات سلبية ضمن المؤسسة نفسها من ناحية ومن ناحية اخرى نابع من ماهية المؤسسة نفسها في كونها سلطوية قيادية وشمولية قد تدفع بالعامة الى التهلكة حين ينفذون أوامرها دون العودة الى الحكمة والعقل وكمجرد طاعة وولاء للشيخ نفسه وبغياب كامل للوعي بالمسؤولية تجاه قوميته وآماله في تأسيس كيانه الوطني المستقل. هذا التوجه الأخير استغلها جميع الأنظمة العنصرية التي حكمت شعب كوردستان. بذلك اختفى الانتماء الوطني ليحل محله الانتماء الى شخص الشيخ او العشيرة فكانت العشائر تحمل الحراب لتحارب بني جلدتها وأحيانا بشراسة و في معظم الأحيان تحت إمرة حاقد ظالم،.في حين بقى العيد من الشيوخ رغم انطوائهم تحت راية الظالم يدافعون عن أهلهم ويهونون من اثر الهجمة الفاشية الظالمة و الشرسة لجلاوزة تلك الأنظمة القمعية.
    كما نرى ان هناك شخصيات تحمل العداء والعدوانية في سلوكها الشخصية تكون أكثر ظلما من الظالم نفسه فيخربون الديار ويقتلون النفس التي حرم الله قتلها إلا بالحق. هؤلاء يمثلون حالة سلبية استثنائية همهم الوحيد جمع المال حتى لو كان حساب المشاركة في المجازر وقتل أبناء شعوبهم.
    كما أشرت ان تأثير مؤسسة العشيرة على الفكر الاستقلالي للكورد نابع من ولاء الفرد للعشيرة وتنفيذه لأوامر الشيخ دون الرجوع الى الهم الوطني ومصلحة القوم. فالانتماء الى الجزء يحكم فكر الفرد ويع الشيخ وينفذ اوامرة حتى لو كان عدوه من بني قومه وأهله. باعتبار ان العشيرة تحميه عند الشدائد وعليه الدفاع عن زعيم القوم على حساب الفكر الاستقلالي. لذا نجد العديد من النماذج في تاريخ الكوردي ضاع فيه الهم الوطني على حساب تصفية حسابات شخصية بين شيوخ العشائر او خصامات جانبية شخصية ذو نظرة ضيقة وانية. استغل كل ذلك وبحذاقة من قبل أعداء الشعب واستخدمت تلك الخلافات في تصفية الشعب نفسه وقبر طموحاته وآماله وهدر طاقاته ونشر اليأس في النفوس وصولا الى عمليات التهجير ألقسري والأنفال وانتهاء بحلبجة الشهيدة.
    ان غياب الإستراتيجية الوطنية وهم الاستقلال مع غياب الوعي بأهمية الأمن القومي عند بعض زعماء الشيوخ ساهم تاريخيا وبسلبية في عدم تميز وتبلور الفكر الاستقلالي الموحد عند عامة الناس نتيجة سطوة هؤلاء الشيوخ على رقاب الناس ومصادرة إرادتهم الحرة ناهيك عن نظرتهم القصيرة والضيقة للامور. لا ريب وكما ذكرت ان لشخصية الشيخ الأثر الأكبر على أفعال وتوجهات القوم او مريديه ومؤيديه.
    فلو كان للشيخ (مؤنث ومذكر) نهجا وتوجها وطنيا استقلاليا لتحول أبناء تلك العشيرة الى وطنيين يدافعون عن كل فرد من افراد شعبهم دون استثناء والعكس صحيح. وهناك العديد من الأمثلة الايجابية من الوطنيين من شيوخ العشائر يعتبرون اليوم من الرياديين من حملة نبراس الحرية في تاريخ الشعب الكوردي. هؤلاء النخبة الطيبة لا يمكن حصرهم حتى في كتاب بل انهم رموز وطنية يتغنى بأسمائهم جميع أبناء الشعب الكوردي وأينما تواجدوا.
    ان مسار الحركة الوطنية التحررية الكوردية تحمل اليوم ومضات مضيئة تحمل الأمل ويثلج صدور أبناء الشعب من الغيارى الطيبين رغم ان هناك الكثير الذي يجب فعله في تخطيط استباقي في عمليه تصفية الآثار السلبية للماضي من النفوس وتصفية النوايا وحمل شعلة هم الاستقلال الوطني وإعلاءه فوق كل الحدود والمصالح الشخصية الضيقة والحواجز الاجتماعية، السياسية والعشائرية وصولا الى غد أفضل ومستقبل مشرق للأجيال القادمة.


    المصدر جريدة شمس الحرية

تم تطوير موقع درر العراق بواسطة Samer

قوانين المنتديات العامة

Google+

متصفح Chrome هو الأفضل لتصفح الانترنت في الجوال