بعد ان انطلقت أحدث أجزاء سلسلة حرب النجوم الشهيرة تحت اسم “Star Wars: The Force Awakens” أو “حرب النجوم: القوة تنهض” وسط احتفاء وحماس عالمي أراه ويراه الكثيرون مبالغًا به. عن نفسي لم أكن يومًا من هواة هذه السلسلة الضاربة في القدم، لكني مع هذا لا أستطيع إلا تقدير وتفهم مدى الحب والهيام الواقع فيه محبو هذه السلسلة التي تربوا عليها منذ الصغر وتلاحقت عليها الأجيال في الغرب. قد يحدث معي ذات التأثير لو تحولت ثلاثية سيد الخواتم مثلًا لسلسلة لا تنتهي من الأفلام والمسلسلات والقصص المصورة و … يا للهول، لا يجب التفكيرفي هذا حرصًا على سلامتي العقلية!

لكن حتى ولو تكن من عشاق سلسلة حرب النجوم Star Wars، فبالتأكيد يبدو سيف الضوء Lightsaber مألوفًا بالنسبة لك كونه أروع سلاح ظهر على الشاشة الكبيرة والصغيرة! لكن مهلًا، لماذا لم أسميه “سيف الليزر” كما هو متعارف ومنتشر بين الجميع؟ حسنًا … لأنه لا يمكن صنع واحد باستخدام الليزر؛ كما سنرى في مقالنا هذا!

فلنبدأ أولًا بتفسير الاسم! يتكون مصطلح Lightsaber من كلمتين كما هو واضح: Light أي الضوء و Saber أي سيف المبارزة. وهكذا أصبح لدينا سيف الضوء! يتبقى في هذه الفقرة السريعة أن نذكر كيف تنطق هذه الكلمة الرائعة: لايت سِيبر (بكسر السين)، ولأن هناك حركة خفيفة في نهاية الكلمة التي تنتهي بحرف R فستجد نطقها أقرب إلى لايت سيبا! لم أستطيع تفويت شرح هذه النقطة التي أجدها مفيدة على أية حال!

الفكرة وراء سيف الضوء بسيطة لحد العبقرية: سلاح خفيف الوزن ومدمر يستخدم شفرة من الطاقة، ليس فقط لتمزيق أوصال الأعداء، وإنما كدرع فعال يصد طلقات الليزر القاتلة! لكن، لماذا لا يوجد سيف ضوء حقيقي على أرض الواقع إلى الآن؟ بالتأكيد هناك آلاف العلماء والفيزيائيين من مهووسي سلسلة حرب النجوم … مهووسين يتمتعون بالقدرة والشغف اللازمين لصنع واحد من هذه الأسلحة الخلابة! لمَ التأخير إذن؟

حسنًا، الطريقة المنطقية والواضحة لصنع سيف ضوء هي بالاستعانة بأشعة الليزر؛ شعاع ليزر براق وموجه. لكن على الرغم من أن تقنيات الليزر في تحسن وتقدم مستمرين لصنع خيوط وأشعة ليزر أكثر فعالية وعملية، فلا زلنا أبعد ما يكون عن صنع سيف ضوء من الليزر. ولنفند معًا معوقات ذلك.

التحدي الأول هو جعل طول شفرة سيف الضوء مناسبًا؛ فلنقل مترًا أو أقصر قليلًا. لفعل هذا، يجب أن نجبر شعاع الليزر على التوقف عند نقطة معينة بعد انطلاقه؛ وهو أمر ليس بالسهل على الإطلاق لأن الضوء يحب الانطلاق والسفر في الفراغ بلا توقف طالما لم يقابل ما يعيق تقدمه. أحد الحلول بالطبع قد يكون وضع مرآة صغيرة في نهاية الشفرة، لكن بعيدًا عن حجم الإحراج الذي سيواجهه حامل سيف الضوء بينما يلوح بدعامة طويلة تنتهي بمرآة يتألق الليزر بداخلها؛ سيكون هذا السيف هشًا لا يؤذي أحدًا!

المشكلة الثانية هي أن مثل هذه الشفرة اللامعة ستحتاج إلى الكثير من الطاقة حتى تصبح قادرة على شق المواد واختراقها. يستطيع الليزر المستخدم في الصناعة واللحام فعل هذا لكنه يتطلب عشرات الكيلو واطات من الطاقة! لذا، فمصادر طاقة هذه الآلات ضخمة للغاية ولن يمكن تقليص واحد ليلائم مقبض سيف الضوء الذي يجب أن تمسك به اليد الواحدة. بالإضافة إلى أنك ستحتاج إلى آلية تبريد لا يستهان بها لمقبض السيف حتى لا تحترق يدك!

الأهم هنا هو أن مبارزات سيوف الضوء لن تكون بالإمتاع التي تبدو عليه في الأفلام كذلك؛ لأنه إذا تلاقى سيفان أثناء المبارزة فإنهما لن يصطدما سويًا ويتناثر الشرر والضوء المبهر كما نرى في الأفلام! بل سيعبر كل منهما الآخر بسلام وسلاسة، لأنهما في النهاية مجرد ضوء! كذلك، فالليزر يسلط ويركز الضوء في اتجاه واحد بشكل مكثف حتى أن الناظر لن يستطيع رؤية الشعاع نفسه إلا إذا نظر إليه بشكل رأسي إلى نقطة انبعاثه! وهذا هو نفسه السبب الذي يجعلنا نستعين بالدخان أو الضباب الاصطناعي عند إطلاق خيوط الليزر في الحفلات حتى يمكن رؤيته. هنا، تلعب جزيئات الدخان كعواكس دقيقة الحجم تنشر ضوء الليزر وتجعله مرئيًا للناظرين.

لكن ألا يوجد طريقة لصنع سيف ضوء حقًا؟
لا تفقدوا الأمل لأن هناك بديل أفضل وأقوى بكثير!
البديل الجاهز هو البلازما! الغاز الحار كقلب الشمس، والذي يبلغ من حرارته أن تتفتت الذرات إلى مكوناتها الرئيسية: الإلكترونات والأنوية. يتم توليد البلازما بتعريض غاز خامل لشحنات كهربية قوية ما يكسبها درجات حرارة صاهرة تصل لملايين الدرجات السيليزية!

كيف يمكن أن يعمل سيف ضوء بلازمي بشكل عملي؟
بوضع مصدر طاقة صغير لكن قوي في مقبض السيف ووصله بأنبوب رفيع وطويل مشحون كهربيًا ويطلق زخات من الغاز حوله. عند تشغيل سيف الضوء البلازمي، سيتوهج الأنبوب ويتحول الغاز المحيط به إلى بلازما تشع ضوئها في كل صوب. ستتكفل حرارة البلازما الصاهرة بإذابة كل ما يلامسها وشق أي جسم بشكل نظيف وسريع!

الشيء المثير للاهتمام هنا هو أن البلازما تشع ألوانًا مختلفة وفقًا للغاز المصنوعة منه! على سبيل المثال، ضوء النيون الأبيض الذي نراه في مصابيحنا التقليدية ما هو إلا غاز النيون في حالة البلازما داخل أنبوب الإضاءة! على نفس المنوال، يمكن صنع سيف ضوء أخضر باستخدام غاز الكلور، بينما سنستخدم غاز الهيليوم لصنع سيف ضوء أحمر أخاذ! هكذا يمكننا تمييز الأعداء من الحلفاء حال اندلاع أي حرب مستقبلية!

بالطبع هناك عدد من العقبات لصنع أول سيف ضوء بلازمي، كالطريقة التي سنخزن بها الغاز في مقبض السيف كي يتم ضخه باستمرار عبر الأنبوب، وكذلك الطريقة التي ستجعله ثابتًا كي يتحمل صدة مناوئة من الخصم. لكنها بداية جيدة على أية حال! ونحن لم نعدم استخدام أي من أسحلة التدمير والقتل الأخرى التي تملأ عالمنا!

تبقى هنا فقط أن أذكر أنه عند كتابتي لهذا المقال، فكرت في مطالعة كيف تتم ترجمة كلمة Lightsaber عند العموم، فبدأت بجوجل، لأفاجأ بالترجمة العجيبة التالية …


هل هي رسالة سرية ما؟!

منقووول