العقاب البدني يزيد من عدوانية الطفل
على الأهل تخفيف الانتقاد لابنائهم، وتجنب الضرب الذي أكدت التجارب آثاره التدميرية على سلوك وشخصية الطفل.
يخطئ الأطفال كثيرا، ويتراوح الخطأ بين الصغير والكبير. لكن هذا الأمر طبيعي جداً، فمهمة الأهل هي تصحيح الأخطاء المتكررة وتعديلها ليكبر الطفل بتربية سليمة ويصبح إنساناً جيداً في الحياة.
وتختلف وسيلة تصحيح الخطأ بين عائلةٍ وأخرى وأحياناً يكون هذا الاختلاف كبيراً جدا، فالكثير من الأهالي يبالغون في عقاب أبنائهم أثناء الخطأ، ولا يهتمون إذا كانت العقوبة تأتي بنتيجة أم لا. المهم بالنسبة إليهم أن يواصلوا العقاب لإرضاء أخلاقياتهم ومبادئهم القائمة على ضرورة العقاب.
وإذا بحثنا عن التصرف الواجب فعله إذا تصرف الطفل بطريقةٍ غير مناسبة، أو عندما لا نوافق على طلباته، نجد طريقةً مثالية أثبتت صحتها مع الكثير من التجارب الواضحة، وتبدأ هذه الطريقة بتخفيف سقف الانتقاد والملامة للطفل لأسباب عديدة أهمها أن الطفل إذا ما شعر أنه من الصعب إرضاءنا سيتوقف عن أي فعل إيجابي من الممكن أن يقوم به، كذلك سيدير ظهره لانتقاداتنا غير آبه بها نظراً لكثرتها.
لذا فلنركز على الخطأ الأساسي أو الأكبر في كل فترة، ولننتبه إلى نبرة صوتنا أثناء الحديث معه، ويفضل أن تكون لطيفة وتحمل انفعال جسدي ولفظي بسيط، ولنحرص على وصول الرسالة بشكل سليم. فيمكن للكلام أن يكون أكثر فائدةً إذا لم يحمل أسلوب الإجبار والترهيب أو التهديد.
وأما العقاب البدني، فبرهنت التجارب على آثاره التدميرية على سلوك وشخصية الطفل. كما أنه على العكس مما يظن البعض قد يأتي بنتيجة معاكسة تماماً لما هو مطلوب.
فالعقاب الذي يقوم على إحداث ألم جسدي بغرض فرض الانضباط وتعديل السلوك، يزيد من عدوانية الطفل أكثر فأكثر ذلك لأن الشخص الذي يمثل قدوة بالنسبة له (الأب أو الأم) يعالج مشكلته بالضرب.
وهنا بالضبط يوصل الأهل لأطفالهم فكرة في غاية الخطورة تتمثل في أن الضرب أو التسبب بالألم هو وسيلة شرعية للسيطرة وضبط الأخلاقيات والأفعال تجاه أي كان. بالإضافة إلى معاقبة الطفل أحياناً بحرمانه من الطعام أو بحبسه داخل غرفة لا يستطيع الخروج منها. وغيرها من الأساليب التي ابتكرها الأهل، لكنها وبصراحة أثبتت فشلها عبر مرور السنين ومرور التجارب.
فالعقاب بشكلٍ عام يثير الغيظ والحنق عند الطرف الآخر مما يخلق ردة فعل عكسية دائماً. وعندما نلجأ إلى العقاب فإننا ندمر احتمال أن ينظر إلينا أطفالنا باعتبارنا الحضن الدافئ أو السند في الحياة.
كذلك يساهم العقاب وخاصة البدني بتشتيت فكر الطفل ودفعه إلى التفكير بالألم الذي يعانيه وبالغيظ الذي صار يكنه لأهله بدلاً من تفكيره في المشكلة التي سببها وبالخطا الذي أحدثه.
وعندما يحاول الأهل أن يصححوا الموقف بعد هدوئهم وزوال الغضب، وبعد أن يطبقوا عقاباً على أطفالهم أكبر من الخطأ الذي حدث، نجدهم مندفعين نحو الإسراف في الهدايا بمناسبة أو بدون مناسبة.
ولكن هذا خطأ حقيقي فالإكثار من الهدايا يقلل الإحساس بقيمتها لدى الطفل، ومن ناحية أخرى نجد بعض الأهالي يستخدمون الهدايا كمحفز للدراسة أو كجائزة لتصرفٍ جيد، أي كوقاية من الخطأ الذي ممكن ان يتسبب في عقابهم، وهذا أيضاً خطأ كبير، لأنه يدلّ على شرطية العلاقة بين الآباء والأبناء.
وما يجب أن يفهمه الطفل أنه إذا درس فهذا سينفعه هو وإذا تصرف بشكل لبق سيجعل منه شخصاً جيداً في الحياة والمجتمع، ولندع الهدايا بين فترة وأخرى لتكون دليلاً بسيطاً عن محبتنا لهم وعن رغبتنا فعلاً بإسعادهم عبرها.
إذاً فالعقاب بكل أشكاله هو مفهومٌ خاطئ، والوسيلة الأفضل لتقويم الخطأ هي النقاش والحوار مع الطفل فيما يخص الفعل السيء الذي ارتكبه.
وما يجب على الأهل أن يأخذوه بعين الاعتبار أثناء الحديث والنقاش مع الأولاد، هو عمر ابنهم، فالتصرف مع ابن الثلاث سنوات يختلف بالطبع عن التصرف مع ابن الست سنوات من حيث اللهجة والانفعال والمفردات الواجب استخدامها.