ليس هناك أي تشابه بين ما يحدث في الأرض وما يحدث في الفضاء. فحتى لو كان الحدث واحدًا فطريقة حدوثه تصبح مزدوجة؛ واحدة خاصة بالأرض و ثانية خاصة بالفضاء. ولو سألتك مثلًا عن غليان الماء فإنك ستخبرني بطريقة حدوثه على الأرض في إناء داخل مطبخك، ولكنني أراهن أنك لا تعلم كيف يغلي الماء هناك في الفضاء الخارجي! و هذا شيئ بديهي نوعًا! وفيما يلي نتعرف معا على أشياء يومية تحدث في الفضاء بشكل غريب.
1. الشُّعلة في الفَضاء كُروية
هل تلاحظ الفرق بين الشُّعلتين؟ انت تعرف جيدا أن الشعلة التي على اليسار هي عادية و نراها كل يوم ، أما الشعلة على اليمين فهي غريبة لأنها فضائية!
على الأرض، ترتفع ألسنة اللهب. في الفضاء، و تتحرك خارج مصدرها في كل الاتجاهات ، هنا لماذا:
كلما اقترنا من سطح الأرض، تزداد جزيئات الهواء و ذلك بفضل جاذبية الكوكب، بينما على العكس، يصبح الغلاف الجوي أرق وأرق و أنت تتحرك عموديا، مما يؤدي إلى انخفاض تدريجي في الضغط ، و رغم أن الفرق الضغط الجوي على ارتفاع بوصة واحدة طفيف جدا إلا أنه يكفي لتشكيل لهب شمعة.
و اختلاف الضغط يسبب تأثيرا يسمى الحمل الحراري الطبيعي،و كلما ارتفعت درجة حرارة الهواء حول الشعلة كلما توسعت لتصبح أقل كثافة من الهواء البارد المحيط بها، و بما أن جزيئات الهواء الساخن تتوسع إلى الخارج،فإن جزيئات الهواء الباردة تعمل على إبعادها ، و لأن جزيئات الهواء الباردة تدفع أكثر ضد الجزيئات الساخنة في الجزء السفلي من الشعلة و في قمتها، فإن الشعلة ترتفع إلى الأعلى حيث تواجه مقاومة أقل ، و عندما تنعدم الجاذبية و على الرغم من توسع الهواء الساخن الخبرات فإنه يواجه مقاومة متساوية في جميع الاتجاهات، و بالتالي يتحرك كرويا خارج مصدره.
2. البكتيريا تنمو أكثر … وتصبح أكثر فتكًا
أظهرت ثلاثين عاما من التجارب أن المستعمرات البكتيرية تنمو بشكل أسرع بكثير في الفضاء فعلى سبيل المثال وجدت الأبحاث أن بكتيريا إي -كولاي الشائعة على الأرض تنمو أسرع مرتين في الفضاء ، إضافة إلى أن بعض البكتيريا تصبح مميتة ، و أظهرت تجربة أُجريت في عام 2007 حول نمو السالمونيلا على مكوك الفضاء اتلانتيس أن بيئة الفضاء غيرت التعبير من 167 من جينات البكتيريا ، كما وجدت الدراسات التي أجريت بعد الرحلة أن هذه التغيرات الوراثية جعلت السالمونيلا أكثر عرضة لتسبب المرض لدى الفئران ثلاث مرات أكثر من البكتيريا التي نمت على الأرض، و يفسّر العلماء هذا الأمر بأن البكتيريا حين تنمو في مكان تنعدم الجاذبية ، فإن هذا الأمر يعطيها الفرصة و المساحة لتنمو بشكل أكبر، حيث يبدو أن الجاذبية تحدّ من نموها بشكل أو بآخر.
3. لا يمكنك التجشؤ في الفضاء
انعدام الجاذبية يعني أن قانون الطفو ينعدم أيضا و بالتالي لا يوجد ما يدفع الغازات الموجودة في المشروبات الغازية للخروج من المعدة، أي أن التجشؤ و هو عملية إخراج الغازات من البطن ليس لها وجود، و النتيجة هي أن شرب المشروبات الغازية يمكن أن يكون مؤلمًا جدًّا بسبب احتباس هذه الغازات في الجهاز الهضمي.
4. رائحة الزهور في الفضاء مختلفة
الزهور تنتج مركبات عطرية مختلفة عندما تنمو في الفضاء ،ونتيجة لذلك، فإنها تعطي رائحة مختلفة عن تلك التي نشمها عادة في نفس الزهور على الأرض ، بعبارة أخرى عند زراعة الزهور في الفضاء، وجد الباحثون أن المركبات العطرية التي تنتجها تختلف عن تلك المركبات التي تنتجها نفس الزهور عندما تُزرع على الأرض، و بالتالي فإن رائحتها تختلف،و السبب على ما يبدو راجع إلى أن الزيوت الطيارة التي تنتجها النباتات و التي تحمل العطر تتاثر بشدة بالعوامل البيئية مثل درجة الحرارة و الرطوبة و عمر الزهرة و بالتالي فليس من المستغرب أن هذه الزيوت ستتاثر بالجاذبية الصغرى كذلك.
5. العرق يتضاعف في الفضاء
هنا أيضا تلعب الجاذبية دورا كبيرا فكما أسلفنا في حديثنا عن لهيب الشمعة فإن انعدام الجاذبية يعني أيضا انعدام الحمل الحراري و هذا يعني أن الجسم يفقد وسيلة هامة من وسائل التبريد، و الحل هو إنتاج العرق بشكل كبير ليقلل من درجة حرارته، إضافة إلى أن العرق في الفضاء لا يتبخر و لا يسقط عن الجسم بل يتراكم على الجسم بشكل مستمر ، لذلك إذا كنت لا تحب رائحة العرق و الإحساس بالبلل الذي يصاحبه فلا تحجز مكانك في الرحلة القادمة إلى الفضاء !!!
6. عيون رواد الفضاء تُسحق في الفضاء
مقل عيون بعض الرواد تصبح مسحوقة بعض الشيء مما يؤثر على الرؤية لديهم و يتركز الضغط على الجزء الخلفي من مقلة العين،كما يتعرض عصب العين لبعض الانحناءات الغير طبيعية ، و يبدو أن انعدام الجاذبية يجعل السوائل تصعد إلى الأعلى و بالتالي يحدث ضغط كبير على الجزء العلوي من جسم الإنسان بما فيها الرأس بسبب كثرة السوائل .
7. لا وجود لضغط الدم في الفضاء
الفضاء له آثار رهيبة على الجسم البشري. داخليا و خارجيا، فهو معرض للإنتفاخ و الإلتواء و الإمتداد و نتيجة لذلك، فإن الجسم يجد صعوبة في الحفاظ على ضغط الدم الطبيعي ، كما أن القلب لا يكون قادرا على ضخ الدم عبر الأوردة الموسعة، مما قد يؤدي إلى انخفاض ضغط الدم بشكل فعال إلى الصفر، و من تم الموت.
8. التبريد السريع
في يوم حار،تنتج أجسامنا العرق للتبريد كما أن تبخر العرق من على سطح الجلد يستهلك الطاقة الحرارية و يسبب تأثير التبريد، و لكن هذا التأثير مبالغ فيه إلى حد كبير في الفضاء الخارجي حيث أن انعدام الرطوبة يسرع عملية التبريد التبخيري، مما يُعرض كل السوائل في الجسم للخطر بما فيها السوائل الموجودة في العينين و الفم و الجهاز التنفسي .
9. الاختناق بواسطة نقص الأكسجة
عندما تتعرض لفراغ الفضاء، سيتم حرمان الشخص تماما من الأكسجين، و لكن ليس بالطريقة التي قد تعتقد ، و هذه الحالة معروفة باسم نقص الأكسجة فماذا يحدث بالضبط ؟؟
بدون وجود ضغط شبيه بالضغط الموجود على الأرض، يبدا الأكسجين بالإنسحاب و الهروب من مجرى الدم، و هذا يجعل نظام القلب و الأوعية الدموية عديم الفائدة، و لا يمكنها نقل الأوكسجين إلى العضلات والأعضاء الحيوية، و أول علامات الإختناق هي تحول لون الجلد إلى الأزرق .
10. الماء يغلي في فقاعة كبيرة
على الأرض تؤدي عملية غلي الماء إلى تكوّن آلاف الفقاقيع الصغيرة؛ لكن في الفضاء تتكون فقاعة واحدة ضخمة!
ديناميكية السوائل معقدة حتى أن الفيزيائيين لا يعرفون على وجه اليقين ماذا سيحدث للماء المغلي في الجاذبية الصغرى حتى تم إجراء التجربة في عام 1992 على متن مكوك الفضاء.
بعد ذلك، قرر علماء الفيزياء أن تكون فقاعة واحدة عملاقة يرجع إلى غياب الحمل الحراري و قانون الطفو و هما ظاهرتان مرتبطتان بالجاذبية.
هناك الكثير مما يمكن تعلمه من هذه التجارب وفقا لNASA Science News حيث أنها ستساعد على تزويد المركبة الفضائية بأنظمة تبريد أكثر كفاءة ، ويمكن أيضا أن تستخدم في يوم من الأيام لتصميم محطات توليد الطاقة الكهربائية لمحطات الفضاء التي تستخدم أشعة الشمس لغلي السائل لخلق البخار الذي يستعمل لتشغيل التوربينات لإنتاج الكهرباء .
فيديو يوضح طريقة غليان الماء في الفضاء مقارنة بالأرض
المصادر
– 1