صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 10 من 12
الموضوع:

الحافلة المظلمة بثمان اجزاء

الزوار من محركات البحث: 15 المشاهدات : 483 الردود: 11
جميع روابطنا، مشاركاتنا، صورنا متاحة للزوار دون الحاجة إلى التسجيل ، الابلاغ عن انتهاك - Report a violation
  1. #1
    من المشرفين القدامى
    بلداوي وافتخر
    تاريخ التسجيل: May-2014
    الدولة: قضاء بلد سبع الدجيل
    الجنس: ذكر
    المشاركات: 8,381 المواضيع: 595
    صوتيات: 1 سوالف عراقية: 0
    التقييم: 10251
    مزاجي: مبتسم ببركة الله
    المهنة: طبيب اسنان Dentist
    أكلتي المفضلة: تشريب دجاج
    موبايلي: GALAXY A70
    آخر نشاط: منذ 2 يوم
    الاتصال: إرسال رسالة عبر Yahoo إلى نصرالدين البلداوي
    مقالات المدونة: 28

    الحافلة المظلمة بثمان اجزاء

    كانت الساعة التاسعة صباحاً , حينما أعلنت أبواق الحافلة (الصغيرة) انطلاق الرحلة نحو الوطن .. و بدأت سنوات الأحدَ عشر تمرّ أمام عيني مع بداية المسير... إلى أن قطع حبل أفكاري , صوت السائق يُعرّفنا (بمكبّر الصوت (الميكرفون)) عن اسمه : ((سلّوم عيسى !!)) .. ثم عرض لنا معلومات عن الرحلة ... و في هذه الأثناء , اقترب مني مساعده : حيث كان شاباً طويلاً قوي الجسم في الثلاثينات من عمره , يضع نظارات طبّية , فبدى لي كرجلٍ مثقف اكثر من كونه مساعد حافلة !
    و قدّم لي تذكرتي و هو يقول :
    - رحلة سعيدة يا آنسة !!
    - بإذن الله , و شكراً لك
    و بعد ان اخذت التذكرة , صرت أتأمّل رفقاء الرحلة , خاصة ان عددهم لا يتجاوز العشرين فرداً .
    ففي المقدمة : جلس السائق و مساعده .. حيث بدى سلّوم كرجل في نهاية الخمسينات او اواسط الستينات , خفيف الشعر مائل للبياض مُقطّب الجبين , يضع سيجارة في فمه .. لكنه أثار في نفسي بعض الخوف , حين تلاقت أعيننا (بعد أن نظر إليّ من خلال مرآته) مما جعلني التفت لبقية الركاب .
    أما في المقعد الذي امامي : فجلس رجل قدمه ملفوفة بالجبيرة , تساعده زوجته .. و في نفس الصف , جلس ابنيهما : الأول في الحادية عشر و الثاني بحدود الثماني سنوات , لكن يبدو إنه بسيط عقلياً ! و كان يلعب بلعبته الكترونية ..
    و جلست بجانبي (قرب النافذة) اختيهما (ذات السبع سنوات) و إسمها : ريم .. اما بجانب مقعدينا : فجلس رجلان في اواسط العمر , و كانا يتحدثان بأعمالهم التجارية .. و خلفهما (في وسط الحافلة) : جلست إمرأة عجوز , تاركة عصاها بجانبها .. اما خلفي (بصفّين من المقاعد) : جلست صبيتان .. و في المقاعد الأربعة الأخيرة للحافلة : يوجد رجلٌ عجوز و امامه ثلاثة شبان , كانوا يضحكون بصوتٍ عالٍ .. أما في نهاية الحافلة عند المقعد الطويل : فكان عليها فراش السائق , لأخذ راحته وقت تبادل القيادة مع مساعده .
    و قد انطلقت رحلتنا مع نغمات الموسيقى الهادئة , مما جعل الكثير منا يخلد للنوم .. اما انا , فكنت اتأمل السائق و مساعده و هما يتحدثان بصوتٍ منخفض .. لكن فضولي و كثرة قراءتي للقصص البوليسية جعلني أتوهم إن علاقتهما يشوبها الغرابة ! فأنّصت لحديثهما , و كان من بين ما سمعت : (( انت السبب !! اسكت !! هذا قدرك ! انا احق منك !!)) كلماتٌ غريبة ! لكن لم يسعفني الوقت لأفكر فيها , فقد غلبني النعاس .
    عند الساعة الحادية عشر ظهراً .. إستيقظنا جميعنا على اثر مشاجرة عنيفة حدثت بين السائق سلّوم و بين احدَ الشباب (في الخلف) , و عرفت لاحقاً : ان الشاب حاول مضايقة العجوز (الذي يجلس بجانبهم) مما اغضب سلّوم فصار يسبّ و يلعن الشاب .. فبادره الشاب (الذي إسمه صالح) بالشتائم أيضاً , و لم يحنّ وقتٌ طويل حتى تشابكت الأيدي ! و قام بعض الرجال لتهدئة الموقف , مما اضّطر جمال لإيقاف الحافلة امام سيارة للشرطة (متوقفة بجانب الطريق) .. ثم نزل وهو يقول :
    - مشاجرة في الداخل !!
    فركض الشرطي الى داخل الحافلة .. و قام على الفور !! بصفع صالح بقوة , جعلته يفقد صوابه , فصار يسبّ الشرطي و يلعنه .. فمسكه الأخير من يده و ارغمه على النزول... و كان الموقف على وشك التصاعد لدرجة اعتقاله , الاّ ان الجميع حاولوا حل الموقف .. و قد نجحوا بعد ساعة و نصف من بدء المشاجرة ! و عاد الجميع الى مكانه ..و منهم صالح , الذي عاد و نظرة الإنتقام ظاهرة في عينيه !
    فيالها من رحلة مشوقة !
    #يتبع

  2. #2
    من المشرفين القدامى
    بلداوي وافتخر
    .. لكن الحمد الله , لم يعد لهذه المشكلة من اثر بعد ان توقفنا عند أول استراحة..
    و بعد ساعة .. عدنا جميعنا الى الحافلة بعد ان سمعنا صافرتها العالية .. و قبل ان نكمل المسير , انتبهت لعدم وجود المرأة العجوز و اسمها : سلمى .. فطلبت من السائق التوقف حالاً !! لكن سرعان ما صبّ سلّوم غضبه عليها (و هي تصعد للحافلة) و لم يرحم كبر عمرها .. و قد لاحظت انهما تبادلا نظراتٍ قاسية و غريبة في نفس الوقت !
    و بالرغم انها عجوز , الا انني كنت رأيتها (في بداية الرحلة) و هي تحمل حقيبتها (المتوسطة الحجم) لوحدها , مما يدل على قوتها و هي بهذه السن !
    لكن ما ادهشني هي تلك النظرات الغريبة بينهما , فقد أحسست بأن ورائها سراً (او هكذا تهيأ لي) .. فأنا اذكر انني سمعتها (سابقاً) و هي تطلب من مسؤول السفريات : تغير الحافلة .. ربما بسبب رؤيتها لإحدى الركاب , او بسبب السائق نفسه ..من يدري ؟! لكن كما توقعت .. فسلّوم وراء كل مشكلة
    و بحلول الظلام , كان الجميع نائماً .. و قد حان الدور على جمال ليستلم القيادة .. و لأن الأضواء خافتة , فلم يرى سلّوم قدم الرجل المكسورة (لسعيد) و الممدودة خارج كرسيه , مما جعله يقع ارضاً .. و قد استيقظ الجميع على صرخة سعيد (المتألّم) ! و رغم إنه خطأ سلوم , الا أنه انهال بالسبّ على سعيد دون ان يراعي مشاعر عائلته .. و قد حاولت زوجة سعيد تهدئته (لزوجها) بصعوبة .. لكن هذه الواقعة كان لها اثرٌ كبير على اولاده الثلاثة , حيث خيّم على وجوههم الحزن الشديد ! اما سلوم فيبدو ان ارهاقه الشديد لم يسمح له بالتمادي اكثر , فلمّلم أغراضه و هو يتمتم و يشتم الحافلة بمن فيها ..
    ثم تمددَّ على المقاعد الخلفية (خلف الشباب) و غطى وجهه باللحاف السميك , و سرعان ما غطّ في نومٍ عميق... و رغم ان شخيره كان عالياً و مزعجاً الا أن الجميع تنفس الصعداء , و حمدنا ربنا على اننا اخيراً سننام بهدوء .
    نعم .. لقد كانت الرحلة بفضل سلوم مليئة بالمشاكل , مما جعل الرجل المتوسط في العمر(احمد) يتقدّم نحو جمال ليسأله :
    - بالله عليك !! كيف تعمل مع هذا الرجل العصبي ؟!
    فقال جمال :
    - هو لم يصبح هكذا , الا بعد حادثة قديمة حصلت له .. لكن اطمأن !! هذه آخر رحلة له , فقد كبر بالعمر .. (يتنهد) .. ليعيننا الله !
    - يا لحظنا الجميل .. الم نذهب الا برفقته ؟!
    - و ماذا أقول انا ؟
    - ماذا تقصد ؟
    - لا .. لا شيء .. اذهب و ارتح قليلاً , قبل أن يستيقظ سلوم
    - معك حق
    لكن احمد عاد الى مكانه ليأكل تفاحة , قام بتقشيرها بسكينته الكبيرة .. و بعد أن أكلها , نام ثانيةً
    أما عن نفسي .. فقد أخذ التعب مني كل مأخذ , مما جعلني اعود للنوم .. لكن رغم تعبي , إلا إنني احسست (بعد ساعة او ساعتين) بأن الحافلة توقفت ! فحاولت فتح عينايّ بصعوبة , و قد لاحظت عدة أشياء : كخيال يمرّ من قربي ببطء .. كما تناهى الى سمعي لحن اللعبة الإكترونية للولد (المعاق ذهنياً) .. و ايضاً سعال المرأة العجوز ..
    و قد حاولت مشاهدة الفيلم (في التلفاز المعلّق فوق السائق) و انتبهت على مشهدٍ واحد : كان فيه ولدٌ صغير يقتل رجلاً , و يصرخ غاضباً :
    -هذا من اجل والدي !!
    لكن التعب لم يجعلني أكمل الفيلم .. كما ان البرد كان شديداً , مما جعلني ارتدي القفازات .. واعود للنوم ثانيةً..
    #يتبع

  3. #3
    من المشرفين القدامى
    بلداوي وافتخر
    الا أنه لم يمرّ وقتٌ طويل , قبل ان تتعالى صيحات الركاب الواحد تلوّ الآخر .. و قد جاء دوري لأصرخ , بعد أن رأيت سلوم ساقطاً على الأرض , و السكينة الكبيرة مغروزة في ظهره !
    (يا الهي !! لقد قُتل سلوم... ماهذه الرحلة المشؤومة !).
    و بدأت خيوط الفجر بالظهور , بينما الخوف و الحزن يهيّمان على كل من في الحافلة .. اما الشاب صالح فكان أشدنا فزعاً , فوجهه مصّفر من الرعب ..مما جعلني أقول في نفسي :
    (اما ان تكون بريئاً , او انك ممثلٌ بارع !)
    لكن الإرتباك كان واضحاً ايضاً على سعيد و على احمد ! اما المرأة العجوز فلم يبدي وجهها الا بعض الإستغراب ليس الا .
    و في هذا الظرف الصعب ..كان اسامة اخو ريم (البسيط ذهنياً) يلعب بلعبته و هو يضحك ! مما جعلنا نحسده , و نقول في أنفسنا :
    (انك في عالمٍ آخر !)
    و بعد فترة من الصمت القاتل .. ركض جمال نحو المقود , و سار بنا بسرعة نحو شرطة المدينة (التي كنا نمرّ بها)..
    و كان هناك خارج المركز : مجموعة من الشرطة و من بينهم محقق جنائي يتسامرون و يشربون القهوة , فأوقف الحافلة ليركض اليهم .
    و بعد عشر دقائق .. دخل علينا رجال الشرطة , و على وجههم علامات عدم التصديق , الا أنهم فوجئوا بالجثة مغطاة باللحاف (الذي تحول لونه الأبيض الى الأحمر) و السكينة بظهر سلوم !
    ثم بدأ التحقيق المزعج ..فقد سألني المحقق الكثير من الأسئلة : اجبت عليها , كما أجاب عليها بقية الركاب .. كما اخذوا بصماتنا و البصمات التي على السكين .. و كنت قد اخبرت المحقق بما رأيته : كخيال الشخص الذي مرّ امامي ليلاً .. لكن لم أخبره عن الباقي , لأني لم اظنه مهماً .
    و بعد ساعة , امر المحقق بإنزال الجثة الى المركز ..لكن منظر الدم جعلني اشعر بالغثيان , فنزلت من الحافلة و ابتعدت عنها مسافة .. و بعد أن انتهيت , و قبل ان اصعد اليها .. و جدت المحقق يتحدث مع جمال .. فأقتربت منهما بحذر , و اختبأت خلف الشجرة ..و سمعتهما يقولان :
    - المحقق : و اين كنت وقت ارتكاب الجريمة ؟
    - جمال : كما قلت لك .. فبعد ساعتين من نوم سلوم , شعرت بإن إحدى العجلات تحتاج لشدّ البراغي .. فأوقفت الحافلة على جانب الطريق , و نزلت لأتفحّصها .. و بعد ربع ساعة تقريباً , عدت للداخل و جلست بمقعدي .. و قبل ان اسير , عدّلت المرآة الكبيرة لأنتبه على سلوم واقعاً على الأرض ! فمشيت اليه .. و كان تماماً كما وجدتموه , فأنا لم احركه .. بل اكتفيت بالصراخ , فاستيقظ الجميع .. ثم اتيت اليكم ..و هذا كل ما حصل .
    و بعد ان سمعت هذا الحوار , دخلت الحافلة من بابها الخلفي (كي لا يراني المحقق) .. و عندما دخلت , سمعت المرأة العجوز تسعل .. و تقول بعصبية :
    - لا تفتحوا البابين معاً !! فالجو بارد !
    فاعتذرت منها , ثم اغلقته (بالضغط على زر موجود بإسفل الباب).. ثم اقتربت منها..و سألتها :
    - هل انت بخير , يا خالة ؟
    فأجابت بتعب :
    - ما ان يفتح الباب الخلفي , حتى ابدأ بالسعال .. ليتني اخترت مكاناً بعيداً عنه .. على كلٍ .. انا بخير , لا تقلقي..
    #يتبع

  4. #4
    من المشرفين القدامى
    بلداوي وافتخر
    فعدت الى مكاني , و صرت افكر :
    (طالما انّي سمعت سعال العجوز ليلاً , فهذا يعني ان وقت ارتكاب الجريمة , كان بنفس التوقيت الذي خرج به جمال لتفقد العجلات .. لكن لماذا خرج من الباب الخلفي (القريب من العجوز) ؟... او ربما القاتل استغل غياب جمال و نوم الجميع ليقتل سلوم .. أمعقول ان يكون هو نفسه الخيال الذي مرّ بجانبي (ليلاً) ؟! اذا كان هذا صحيحاً .. فالقاتل يجلس امامي , و ليس بالمقاعد التي خلفي ! و بذلك اكون حصرت المشتبه بهم الى ثلاثة : الرجل المصاب و احمد و صديقه !)
    و شعرت وقتها بأنني اهتديت الى شيء .. فخرجت (من الباب الأمامي) لأخبر المحقق بما استنتجته ...
    و هذا ما جعل المحقق يُعيد التحقيق مع هؤلاء الأشخاص , كما انه طلب العجوز مجدداً .. فخرجت سلمى (و هي تستند الى عكازها) بعد ان رمقتني بنظرة : احسست من ورائها بأنها عرفت : من انني اخبرت المحقق بكل ما قالته لي ..
    آه نسيت ان اخبركم ببقية الحديث الذي دار بيني و بين العجوز : فبعد ان اخبرتني انها بخير , استأذنت بالجلوس امامها .. ثم سألتها : ان كانت تعرف سلوم سابقاً ؟
    ..فتعجبت من سؤالي , و قالت :
    - و لما هذا السؤال ؟!
    - لا ادري .. ربما نظراتكم القاسية لبعض ! او ربما لأني رأيتك ترغبين بشدّة تغير الحافلة ... فما القصة ؟
    - انت ذكية.... نعم .. انا أعرفه جيداً
    فتجمّدت في مكاني , و سألتها :
    - تقصدين .. انه قريبٌ لك , يا خالة ؟!
    فأشارت لي بأن اخفض صوتي ..و دنت مني و قالت بصوتٍ منخفض :
    - هو طليق ابنتي
    - آه ...انت حماته ! الهذا كنت تريدين تغير الحافلة , بعد أن رأيته ؟
    - نعم.. لأني كنت السبب وراء طلاقه من ابنتي .. لهذا عرفت بأنه سيشتمني بأول فرصة سانحة له
    - بصراحة لا الومك على تطليق ابنتك منه , فهو رجلٌ عصبي و اخلاقه سيئة !
    - عندما تزوج إبنتي , كان رجلاً خلوقاً
    - سلوم خلوق ؟!
    - نعم .. لكنه تغير تماماً بعد الحادثة
    - ما الذي حصل ؟
    - بعد سنتين من زواجهما , و في احدى سفرياته .. قام سلوم بتحدي اصدقائه (سائقي الحافلات) : بأنه يستطيع تولي امر سفرية لوحده دون مساعد ... و قد حدث كما اراد , رغم معارضة إبنتي للموضوع لأن السفرية كانت طويلة .. و بعد خمسة عشر ساعة من القيادة المتواصلة , احس بالتعب و النعاس .. لكن كبريائه منعه من أن يُوقف الحافلة لينام , فأكمل المسير لساعةٍ أخرى ..الى أن غفى للحظات ... فانحرفت الحافلة و اصطدمت بالرصيف ثم انقلبت .. و قد مات اربعة من اصل ثلاثين راكباً و اصيب الباقون... اما هو , فكان أشدّهم إصابة .. فقد تكسّرت اضلاعه و تأذى سمعه , كما حصلت له بعض التشوّهات .. و لكثرة العمليات و الأدوية و المنشطات , زاد وزنه .. و الأسوأ ان اخلاقه تغيرت تماماً , و اصبح لئيماً و ناقماً على الجميع ... و صار يضرب ابنتي كثيراً .. و ظلت المسكينة صابرة الى أن قبلت نصيحتي اخيراً , و طلبت الطلاق منه.. و بعد شهور في المحاكم , قبِل مُرغماً .. و تخلّصنا منه و من شرّه !! لكن هاهو القدر يجمعني به مرّة اخرى ! و لو لم اكن مستعجلة , لألغيت الرحلة .. لكن ابنتي على وشك الولادة , بعد أن تزوجت من رجلٍ آخر في تلك البلدة (المسافرين اليها) .
    - قصة غريبة ! على كلٍ ..شكراً لأنك شاركتني همومك , يا خالة .
    و من ثم نقلت هذه المحادثة الى المحقق .. و الذي تبعاً له , اخذ الخالة للإستجواب من جديد ..
    #يتبع

  5. #5
    من المشرفين القدامى
    بلداوي وافتخر
    لكن الآن بعد ان اربكتني نظرة العجوز , فقد جلست بالمقعد الخطأ ! (خلف الصبيتين) و بدل ان اعود لمقعدي فضّلت ان أستمع لكلامهما , لأني رأيت احدى الفتاتين تتحدّث مع جمال (عندما توقفنا في احدى الإستراحات) ..فأرهفت السمع , لأسمع هذا الحوار :
    - سامية .. اجيبيني بصراحة .. هل تعرفين السائق جمال ؟
    - نعم ..هو صديق اخي
    - و اين تعرّف اخوك على هذا السائق ؟
    - لم يكن سائقاً , بل كان اذكى طالب في جامعة أخي .. و كان يتبقى له سنة واحدة ليتخرّج و يصبح مهندساً ..
    - و ماذا حصل ؟!
    - لم يعد ابوه قادراً على دفع أقساطه الجامعية , بعد أن أصيب بأزمة قلبية اتركته العمل.. فأبوه كان سائق سفريات أيضاً , و كان صديق سلوم الذي نصحه الأخير بأن يدع جمال يعمل معه , خاصة بعد الحادث الذي أصيب فيه سلوم .. و قد قبل جمال مُكرهاً بعد الحاح ابوه و امه عليه , فهو إبنهما الوحيد ... لكنه اخبر اخي بأنه سيكمل دراسته عند أول فرصة سانحة له , فحلمه الكبير أن يكون مهندساً .. لكن المسكين الى الآن لم يتسنى له الوقت للدراسة , فمنذ ان ترك الجامعة و هو يعمل مساعداً لسلوم
    - و ما الذي حصل في الإستراحة , جعله يغضب منك هكذا ؟َ!
    - ربما مباركتي له على الترقية ازعجته , لأن اخي اخبرني : بأن جمال سيتسلّم قيادة السفريات عن سلّوم , الذي سيتقاعد بعد هذه السفرية .. و بالفعل ! كانت الأخيرة له
    (فقلت في نفسي) آه ..إذاً هذا كان معنى الحوار الذي سمعته في بداية الرحلة بين سلوم وجمال..ثم دنوت أكثر الى الأمام (خلف مقعدهما) لأسمع بقية المحادثة ..فسمعت :
    - و لماذا غضب إذاً ؟!
    - لأن معنى هذه الترقية : بأنه سيتكفّل بكل السفريات .. و هناك سفرية كل ثلاثة ايام , اي لن يتبقى له وقت للدراسة
    - و مالذي تغير عليه , فذات الشيء ...
    - (مقاطعة) لا .. فمساعد السائق لديه سفرية واحدة كل الأسبوع
    - الم تقولي انه مساعد سلوم ؟
    - ليس في كل السفريات ..فهناك شابان آخران يساعدانه (سلوم) ... و المسكين كان يجمع قسط جامعته ليبدأ اول هذه السنه
    - إذاً فليترك العمل , ما الذي يمنعه ؟!
    - لا يستطيع ..صحيح ان والده توفي .. لكن تبقى امه المريضة .. كما إن أهل خطيبته فرحوا جداً بهذه الترقية , لذا لم يستطع رفضها !
    - الحق عليه ..كان عليه ان يركّز على التخرّج قبل ان يخطب
    - قلت له هذا.. لكنه قال : انه احبها !
    (و لم استطع سماع بقية المحادثة ..لأني شعرت بأن الفتاتين إنتبهتا عليّ .. فعدّلت جلستي للوراء , لأتسمّع على حديث الشباب (في الخلف) .. و من بين ما سمعت :
    - اخبرنا صدقاً .. هل انت يا صالح من ..
    (يقاطع صالح صديقه بغضب و خوف)
    - لا صدقوني !! كنت نائماً.. و لماذا اقتله أصلاً ؟!
    - (صديقه الثاني) : لأنك تشاجرت معه
    - هذا من سوء حظي !
    و قبل أن يُكمل ناداه الشرطي للتحقيق , فقد كنت أخبرت المحقق بالمشاجرة سابقاً... فخرج صالح و هو يرمق اصحابه بنظرة لا تخلو من الحزن و الخوف ...و بعد ان خرج جلست في مقعدي .. و مضت ساعة كاملة خيم فيها الهدوء المتوتر على كل من في الحافلة , و من بينهم سعيد الذي كان يتحدث مع زوجته بخوف و قلق واضحين ..ثم جاء الشرطي ليعيد صالح , و يطلب من سعيد النزول للتحقيق ...فنزل و هو يستند على عكازه الطبي..
    #يتبع

  6. #6
    من المشرفين القدامى
    بلداوي وافتخر
    يبدو انني الوحيدة التي اخبرت المحققّ بموضوع المشاجرات التي حصلت بين الركاب و بين المجني عليه سلوم !
    لكن هناك أمراً آخر ادهشني ..فأحمد خائفٌ أيضاً , لكن لماذا ؟!
    و قبل أن أفكر بالسبب... كانت ريم الصغيرة تطلب مني ان اقترب منها لتهمس في اذني : بأن القاتل امامنا !
    فقلت لها :
    - لم أفهم .. ماذا تقصدين ؟!
    - الا تذكرين عندما ضحكت على العم أحمد , لأنه يقشر تفاحة صغيرة بسكينة كبيرة .. اليست هي نفسها السكينة التي قُتل بها السائق ؟
    - فقلت بدهشة : يا الهي !! كم إنتِ ذكية ! نعم ..هي نفس السكين !
    و صرت افكر :
    (طيب لماذا قتله ؟ فلم تحدث ايّ مشادة بينهما !)
    فطلبت من ريم ان تنزل معي لتخبر المحقق بأمر السكين , لكنها خافت ..فنزلت وحدي ..
    و بعد أن اخبرته ...طلب المحقق من الشرطي إحضار أحمد للتحقيق معه مجدداً , بسبب المعلومة الجديدة ..
    لكن سرعان ما انهار أحمد امام الجميع , و صار يصرخ بهستيريا : بأنه ليس القاتل !!! و يحلف بأنه لا يدري كيف وصلت سكينته لظهر سلوم ... لكن الشرطي امسك بذراعه (بقسوة) و ارغمه على النزول ..
    و مرّت عشر ساعات على الحادثة , و لم نعد بإستطاعتنا التحمّل اكثر.. فطلبنا من المحقق ان يدعنا ننزل عند اقرب إستراحة , فقد جعنا كثيراً .. لكنه رفض و امرنا بالهدوء ..
    و بعد ساعة , قدموا لنا اطباقاً من البطاطا و اللحم من مطبخ المخفر .. وقد اضطررنا لأكلها , رغم ان الطعام لم يكن شهياً !
    و بعد أن انتهيت من الطعام , أحسست ببعض الملل ..فوجدت نفسي أقف قرب مقعد اسامة (البسيط عقلياً) .. (و كانت امه قد نزلت مع ريم الى الحمام الوحيد الموجود في المخفر) .. فسألته :
    - كيف كان فيلم الأمس , يا اسامة ؟
    - كان جميلاً !! فالبطل طفلٌ صغير , قتل رجلاً لأنه شتم والده ..
    - بطل يا أسامة ؟!
    فقال بحماس :
    - نعم , بطل !!
    (فأحسست إن وراء كلامه شيئاً مخيفاً) فجلست بجانبه و سألته :
    - ليلة الامس .. اقصد وقت عرض الفيلم .. هل كان هناك من يمشي في الممرّ , بعد أن توقفت الحافلة ؟
    - لا ادري... لكني صرت اسمع التلفاز بوضوح , بعد ان توقف شخير عمو سلّوم المزعج !
    - طيب هل سمعت اي شيء , قبل أن يتوقف الشخير ؟... ارجوك اسامة حاول ان تتذكّر
    - سمعت بعض الأصوات الغريبة
    - (فسألته بإهتمام) مثل ماذا؟
    - كأنه انين !
    و صار يقلّد لي الصوت (امممممممّ)
    ثم سكت , و انشغل ثانيةً بلعبته الكترونية
    فبدأت أفكر :
    (..سماعه لهذا الصوت يعني : بأن القاتل كان يقتل سلوم , بنفس الوقت الذي كان فيه جمال خارج الحافلة .. مما يعني ان جمال لم يقتله .. الا إذا كان يكذب , و اوقف الحافلة لكي يطعنه .. و ربما انتبه لإستيقاظ احد الركاب ففتح الباب الخلفي و نزل , ليقول لاحقاً : بأنه كان يصلح العجلة !
    ...لكني لا ارى بعد دافعاً قوياً لكي يقتله ! فهو سيستلم العمل عنه , بعد هذه الرحلة .. يعني بهذه السفرية ستنتهي علاقته بسلوم و يرتاح منه .. أيعقل انه اراد الإنتقام منه , لأن سلوم هو من ضغط على والده ليعمل معه , و بذلك اضاع مستقبله العلمي ؟!..الله أعلم , لكنها تبقى معلومات مهمة , و عليّ ان اخبرها للمحقق)
    #يتبع

  7. #7
    من المشرفين القدامى
    بلداوي وافتخر
    لكن قبل ان اقوم من جانب أسامة , فاجئني (و هو مازال يلعب بلعبته , دون أن ينظر الي) بقوله :
    - عمو سلوم رجلٌ شرير , و كان يجب ان يموت !!
    فتذكّرت الفيلم و سألته :
    - لو كنت مكان الطفل البطل (الذي كان بالفيلم) هل كنت فعلت مثله ؟
    فلم يجبني لكنه اكتفى بالإبتسامة .. و قبل ان استفسر اكثر , كانت امه و اخته قد صعدتا الى الحافلة .. فقالت والدته :
    - اشكرك ابنتي لأنك انتبهت عليه , فأبوه و اخوه مازالا نائمين
    - (بإرتباك) العفو !
    ثم نزلت بسرعة لأخبر المحقق بالمعلومات الجديدة .. و ماهي الا لحظات , حتى تفاجىء الجميع بالمحقق يأخذ الصبي (أسامة) للتحقيق !
    - فقالت أمه : لكنه ...أقصد الا ترى إنه.. (فهي لا تريد أن تقول عنه : معاق , خوفاً على مشاعره)
    لكن المحقق اصرّ على أخذه .. و بسرعة ايقظت الأم الأب لينزل مع إبنه , فرافقهما الوالد الذي كان مندهشاً من طلب المحقق !
    و مرّت نصف ساعة .. كنت اراقب فيها الأم و اخوه و ريم و هم قلقين جداً على اسامة , فأحسست بالكثير من الندم لما فعلت ! لكن لا أحد يعرف بأنني أنا من انقل المعلومات من داخل الحافلة للمحقق .. و ربما كان هذا بسبب حشريتي الزائدة , او عشقي للقصص البوليسية ..او بالأصح : لأني اريد لهذه القضية أن تنتهي بسرعة و يقبضوا على الجاني , لنعود جميعاً الى الوطن بعد أن اتعبنا التحقيق !
    و بعد قليل , عاد الرجل مع ابنه أسامة (و الذي إحتضنته أمه بقوة) ..لكن الغريب إن الأب عاد و على وجهه علامات التعجب و القلق !
    و بعد أن إنشغل أسامة باللعب مع أخوته , اقترب ابوه من زوجته .. و بدأ يهمس في أذنها عن ما قاله أسامة بالتحقيق ..و على الفور , اصفر وجهها قلقاً ! و مع إني حاولت أن أرهف السمع , الا إنني لم أسمع شيئاً !
    فهل اخبر أسامة المحقق بنفس الأشياء التي أخبرني بها ؟ ام قال شيئاً أخطر , مما جعل والداه مرتبكان هكذا !
    أمعقول لولد في مثل عمره ان .. لا !! غير معقول .. اصلاً ليست لديه القوة الجسدية لذلك , فمازال صغيراً .. ولوّ كان هناك احتمال بسيط بذلك , لما أعادوه الى الحافلة !
    أفّ !! ما أدراني.. ربما ينتظر المحقق ظهور نتيجة البصمات التي اُخذت من على السكين , و التي أرسلها مع الشرطي للمدينة المجاورة ... و أظن ان النتيجة قاربت على الوصول , بعد مرور كل هذا الوقت !
    و في المساء .. حاولت ان اريح رأسي من تلاعب الأفكار ... و كنت على وشك النوم الاّ أن صوت المحقق (بالميكرفون) إيقظني : و كان يطلب من الجميع العودة لمقاعدهم , لأنه وصل اخيراً تقرير البصمات
    فجلس الجميع , و هم يترقبون المحقق و هو يفتح الظرف
    فبدأ يتمتم ثم قال :
    - للأسف !! لم يتواجد ايّ بصمات على السكين ! يبدو إن القاتل ذكي
    و ما أن قال ذلك , حتى اصيب الركاب بخيبة أمل .. فقد كنا جميعاً نرغب في معرفة القاتل , و الإنتهاء من هذه المشكلة
    و فجأة !! دخل شرطياً الى الحافلة و وجهه مصفّر .. و صار يتلعّثم بكلامه , و لم نفهم منه حرفاً !
    فصرخ في وجهه المحقق , كي يفهمه القصة !!
    الاّ أن القصة أتت بنفسها !
    فقد دخل علينا رجلاً بالكاد يستطيع الوقوف... و الظلام لم يجعلنا نتبين من هو؟ ...الا أنه مع تقدمه خطوة بخطوة , أبان الضوء الخافت (في الحافلة) وجهه , فإذا هو سلوم !!
    #بتبع

  8. #8
    من المشرفين القدامى
    بلداوي وافتخر
    صُدم الجميع ! و كان بعضنا على وشك الأغماء , فسلوم لم يمت بعد ! و رغم تعجّب المحقق الا أنه تمالك نفسه , و ساعد سلوم الجريح على الوقوف .. فنظر الينا (سلوم) بعينيه الغائرتين , و كأنه خارجاً من مقبرة .. و قال بصوتٍ مرهق :
    - القاتل الجبان !! لم يجرأ على كشف اللحاف .. و يبدو ان سماكة الغطاء خفّفت من قوة الطعنة .... لكن الحقير لا يعلم بأنّي رأيته.. آخ !!! كم الألم شديد !
    و قبل أن يسقط مغشياً عليه , طلب المحقق منه أن يشير الى قاتله ...فأشار بإصبعه... و التفت الجميع نحو الشخص المشار إليه ... فإذا هو أنا !
    فوقفت و انا اضحك بهستيريا , و قلت له :
    - ألم تمت بعد أيها العجوز المشئوم !!
    و صعق المحقق قائلاً :
    - أنتي ؟!
    - فقلت : (( نعم , انا !! فغرور هذا اللعين و عناده على قيادة السفرية لوحده , حرمني من امي و ابي !! لكني احفظ اسمك جيداً يا ((سلوم عيسى)) !! و قد حاولت جاهدة أن اعثر عليك طوال السنوات الماضية .. و قبل ان ايأس , جمعني القدر مع قاتل والدايّ ! و ما ان عَرّفْتَ عن نفسك في بداية الرحلة , حتى بدأت اخطط للإنتقام !!
    و انتظرت المساء الى ان نام الجميع , و ارتديت القفازين .. و من حسن حظي إن جمال نزل من الحافلة .. فمشيت بخفّة كي لا يلاحظ اسامة وجودي (الوحيد المستيقظ) , و أخذت السكين التي نبهتني عليها ريم من حقيبة أحمد , و مشيت حتى وصلت للمقاعد الخلفية ...
    لكن الخوف تملّكني و اصابني الذعر , فلم اكشف اللحاف عنك , و طعنتك بكل قوتي .. و قد اربكني الموقف لدرجة انني فتحت الباب الخلفي لأهرب من هذه الرحلة , خاصة اننا دخلنا هذه المدينة .. لكني لمحت جمال يعود , فأسرعت الى مقعدي .. و نسيت اغلاق الباب من جديد ! ثم ازلت قفازاتي و تظاهرت بالنوم ..
    و بعد أن بدأت التحقيقات .. سارعت في تشكيك أيها المحقق بكل شخص هنا , كي أبعد التهمة عن نفسي... و كنت على وشك الإفلات من العقاب لولا هذا اللعين !!!))
    و صرت أضحك بهستيريا و بصوتٍ عالي ...فأمسكني المحقق من يدي بغضب , و انزلني من الحافلة
    وها أنا ذا أكتب قصتي في زنزانتي المقرفة , التي سأمضي فيها عشر سنوات بتهمة الشروع في القتل و تضليل العدالة... و قد كلفتني اتعاب المحامي الكثير لأحصل على هذا الحكم المخففّ .. اتمنى أن استردّ بعضاً من هذا المبلغ , بعد نشر قصتي هذه !
    #تمت

  9. #9
    من أهل الدار
    اسيرة الحياه
    تاريخ التسجيل: September-2014
    الدولة: في قلب ابي
    الجنس: أنثى
    المشاركات: 975 المواضيع: 35
    التقييم: 233
    مزاجي: طاكة روحك
    المهنة: طالبه
    أكلتي المفضلة: باميه
    آخر نشاط: 26/February/2021
    مقالات المدونة: 1
    يعني انته القاتل حكمت محكمتي باطلاق سراحك لانك نقلت الخبر رفعت الجلسه

  10. #10
    من المشرفين القدامى
    بلداوي وافتخر
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة صوت الورد مشاهدة المشاركة
    يعني انته القاتل حكمت محكمتي باطلاق سراحك لانك نقلت الخبر رفعت الجلسه
    ههههههه
    يلا هاهية اطلقتي سراحي هذا اهم شيء

صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
تم تطوير موقع درر العراق بواسطة Samer

قوانين المنتديات العامة

Google+

متصفح Chrome هو الأفضل لتصفح الانترنت في الجوال