كان الموقف صعب والذهول كبير و نظراتي شاخصة نحو الحيوانيين وهما يسرعان نحوي لم تبقى الا مسافة 400 متر
بيني وبينهما فلم أكن اتجهز للقتال معهم بل فكرة الاستسلام لفكييهما والمخالب كانت أقرب و أسهل للخلاص من هذا
الموقف سيئ اللحظات وفجأة .. أنطلق صوت عالي جداً كأنه صوت منبه القطار بل كان أعلى و أشد صخب كنت أعتقدت
انه صوت من السماء مما أثار الرعب بالحيوانيين وبقلبي ايضاً و غيروا اتجاه الركض نحو الجهة اليسرى بزاوية 90 درجة ..كان
الصوت العالي لم يستمر الا بضع ثوان وبما ان طبيعة الصحراء هادئة في الساعات الاولى من النهار مما أتاح له ان يكون بهذا
الصخب فلم اكن مهتم بمعرفة مصدر الصوت بقدر اهتمامي وفرحتي لهروب الحيوانيين و بعد فترة وعندما ألتفت صوب مصدر
الصوت في الجهة اليمنى تبين انه صوت المعدات لتشغيل برج أستخراج النفط الذي كان يبعد عني بحوالي كيلو متر واحد والاكثر
انه كان من النوع الروسي لانه البرج الوحيد الذي يصدر ضوضاء عند التشغيل ... شكراً لــ الله وشكراً لبرج روسيا .. موقف الحادثة
لم يمنعني بالاستمرار بالسير بخط مستقيم وما هي الا أمتار و عثرت على عين ماء التي كانت الطيور تتجمع عنده .. كان الماء
بارد فشربت واغتسلت من الدماء والرمل العالقان على وجهي وملابسي وارتحت قليلاً فأنتبهت لأثار حيوانات حول عين الماء
فعرفت ان المكان غير أمن فأكملت المسير بأمل الخلاص من الحوادث المتكرره والعثور على من ينتشلني من الصحراء ... مشيت
لحوالي ساعتين بأتجاه واحد وكان جل تفكيري ان يحل الظلام دون ان اعثر على وسيلة للنقل او خيمة للبدو او مزرعه فسيكون الوضع
سيئ للغاية ... وفجأة رأيت عجلات تسير ذهاب واياب بسرعة فعرفت انه طريق عام وبحذر شديد أقتربت من الطريق فتبين انه الطريق
القديم بين محافظتي ذي قار والبصرة عندها أحسست اني نجوت لكن فكرة الكمين لافراد الرفاق البعثيين والشرطة كانت برأسي تنذرني
بالحذر ... أستلقيت بجانب الطريق مختبئ بأحد الحفر القريبة لحتى شاهدت سيارة حمل صغيرة كانت قادمة من مدينة الزبير بأتجاه
الناصرية ... خرجت من الحفرة و أومأت للسائق فتوقف وركبت ... كان وحيداً .. و لأن حالتي كانت مزرية جداً فكانت عيونه تسأل ألف
سؤال وكانت نظرتي أليه تطلب الأمان ومن خلال الحديث عرفت انه رجل طيب من احدى القبائل الكبيرة في الجنوب فأخبرته بكل القصة
فتأثر كثيراً و دعاني ان امكث بمزرعته الواقعه بمنطقة ( أم عنيج ) الواقعه قرب طريق ناصرية _ البصرة فمكثت عنده مايقارب 3 ايام
و أكرمني جداً وبعد ذلك أوصلني الى أقرب نقطة من تجمع اصدقائي ... انتهت
المفارقه
بعد انجلاء غمام الحكم الجائر وبعد استفساري من السيطرة والمفرزة المطارده تبين ان الذي ضربني على رأسي كان رفيق بعثي برتبة
عضو فرقة من اهالي الناصرية وبعد سقوط الحكم ما بعد عام 2003 عرفت انه أنتقل مع عائلته الى قضاء الزبير وانه يعمل الان
مسؤول كبير بحزب الفضيلة ... والطامة انه حصل على هوية وامتيازات السجناء السياسيين بفضل شقيق زوجته المسؤول في الحزب
وربما سيترشح للبرلمان ويسانده الحزب ليفوز ليمثل شريحة الظالمين في البرلمان .