تنقسم المسيحية الى ثلاثة طوائف رئيسية كبرى، الارثودوكس والكاثوليك والبروتستانت.......
مع ما لا يحصى من الطوائف الصغيرة الفرعية، خصوصا في داخل الكنائس البروتستانية. طبعا ثمة خلافات تاريخية وعقائدية وسياسية كثيرة، ولكن يظل الفرق العقائدي الاساسي الاول يتمحور حول (ماهية السيد المسيح)، هل هو اله ام ابن الله ام روح الله، مع تنظيرات تفصيلية معقدة جدا ومملة وحتى مضحكة احيانا، وهذه القضية لا يفهمها حتى المؤمنين بها، ولكنها بالحقيقة خلافات شكلية مصطنعة تخفي خلافات تاريخية وسياسية ووطنية عميقة.
هناك عصر في اوروبا اسمه عصر الحروب الدينية استمرت مائة و واحدا و ثلاثين عاما, جرت هذه الحروب في سويسرا و فرنسا و المانيا و النمسا و بوهيميا و هولندا و انجلترا و سكوتلاندا وايرلندا و الدنمارك و اسبانيا, قتلت هذه الحروب في اقل التقديرات (2) مليون نسمة, في فرنسا استمرت ضمن ثماني موجات متتالية, كان جلها بين البروتستانت و الكاثوليك. خسرت المانيا في حرب الثلاثين عاما نصف عدد سكانها, دمر الجيش السويدي في المانيا 2000 قلعة و ثمانية عشر الف قرية والف و خمسمائة مدينة حتى اصبح هناك وفرة في النساء و قلة في الرجال, الحرب الأهلية في اسبانيا قتلت (6485) رجل دين, و حوالي ثلاثمائة و ستون الف ضحية.
كيف بدات تلك الحروب :
بدأت اولا كمواجهة دينية اندلعت عام 1606 في مدينة دوناوفورتالحرة إحدى مدن ألمانيا التابعة للإمبراطور الروماني الكاثوليكي، حيث حاولت الأغلبية البروتستانتية منع الكاثوليك من أداء موكب ديني مسببين اضطرابات عنيفة، مما دعى تدخل ماكسيمليان الأول حاكم (بافاريا ـ جنوب المانيا) مساندا الكاثوليك لاعادة الوضع إلى حاله. هذه السلسة من الأحداث أوجدت لدى البروتستان (الذين ظلوا أقلية في المنطقة) شعورا بوجود مؤامرة كاثوليكية لاجتثاثهم، وإزاء هذا التهديد قاموا في عام 1608 بتأسيس الإتحاد الإنجيلي بقيادة( فريدريك الرابع) ملك اسبانيا الذي كان يحكم أجزاء من المانيا ووسط اوربا. فرد الألمان الكاثوليك عام 1609 بانشاء الرابطة الكاثوليكية تحت قيادة الامير ماكسيمليان الأول. عند هذه النقطة أصبح الوضع
في الجزء الثاني من فترة الحرب امتدت المعارك إلى فرنسا والأراضي المنخفضة وشمال إيطاليا وكاتالونيا . خلال سنواتها الثلاثين تغيرت تدريجيا طبيعة ودوافع الحرب : فقد اندلعت الحرب في البداية كصراع ديني بين الكاثوليك والبروتستانت وانتهت كصراع سياسي من أجل السيطرة على الدول الأخرى بين فرنسا والنمسا، بل ويعد السبب الرئيسي في نظر البعض، ففرنسا الكاثوليكية تحت حكم الكردينال ريشيليو في ذلك الوقت ساندت الجانب البروتستانتي في الحرب لإضعاف منافسيهم آل هابسبورغ لتعزيز موقف فرنسا كقوة أوروبية بارزة، فزاد هذا من حدة التناحر بينهما، مما أدى لاحقا إلى حرب مباشرة بين فرنسا وإسبانيا.
كان الأثر الرئيسي لحرب الثلاثين عاما والتي استخدمت فيها جيوش مرتزقة على نطاق واسع ، تدمير مناطق بأكملها تركت جرداء من نهب الجيوش . وانتشرت خلالها المجاعات والأمراض وهلاك العديد من سكان الولايات الألمانية وبشكل أقل حدة الأراضي المنخفضة وإيطاليا، بينما أُفقرت العديد من القوى المتورطة في الصراع . استمرت الحرب ثلاثين عاما ولكن الصراعات التي فجرتها ظلت قائمة بدون حل لزمن أطول بكثير. انتهت الحرب بمعاهدة مونستر وهي جزء من صلح فستفاليا الأوسع عام 1648 م . وخلال الحرب انخفض عدد سكان ألمانيا بمقدار 30 ٪ في المتوسط ؛ و في أراضي براندنبورغ بلغت الخسائر النصف، في حين أنه في بعض المناطق مات مايقدر بثلثي السكان وانخفض عدد سكان ألمانيا من الذكور بمقدار النصف تقريبا . كما انخفض عدد سكان الأراضي التشيكية بمقدار الثلث . وقد دمر الجيش السويدي(البروتستاني) لوحده اثناء تغلغله في المناطق الالمانية الكاثوليكية 2000 قلعة مع سكانها ، 18000 قرية و 1500 مدينة في ألمانيا، أي ثلث عدد جميع المدن الالمانية .هبطت حرب الثلاثون عام بسكان ألمانيا من عشرين مليونا إلى ثلاثة عشر ونصف مليونا، وبعد عام أفاقت التربة التي روتها دماء البشر، ولكنها ظلت تنتظر مجيء الرجال. وكان هناك وفرة في النساء وندرة في الرجال. وعالج الأمراء الظافرون هذه الأزمة البيولوجية بالعودة إلى تعدد الزوجات كما ورد في العهد القديم. ففي مؤتمر فرانكونيا المنعقد في فبراير 1650 بمدينة نورنبيرغ اتخذوا القرار الآتي:- "لا يقبل في الأديار الرجال دون الستين... وعلى القساوسة ومساعديهم (إذا لم يكونوا قد رسموا)، وكهنة المؤسسات الدينية، أن يتزوجوا... ويسمح لكل ذكر بأن يتزوج زوجتين، ويذكر كل رجل تذكيراً جدياً، وينبه مراراً من منبر الكنيسة، إلى التصرف على هذا النحو في هذه المسألة".
التاريخ يعيد نفسه :
هناك أجزاء من العالم الإسلامي اليوم، تجدها في الواقع تتشابه وبشكل غريب مع شمال غرب أوروبا قبل 450 سنة، خلال ما يسمى بالحروب الدينية. وكما هو الحال الآن، موجة التمرد الديني تنتشر في منطقة واسعة وتجتاح عدة دول وتهدد المنطقة بالمزيد من التفتيت.
يقول كيسنجر عراب السياسه الخارجيه الامريكيه إن الصراع حاليا فى الشرق الأوسط ديني وسياسي وجغرافي في آن واحد. ويقول إن الكتلة السنية، المكونة من السعودية والخليج وإلى حد ما مصر وتركيا، تواجه كتلة تقودها إيران التي تدعم نظام الرئيس السورى بشار الأسد فى سوريا وعددا من الجماعات الشيعية العراقية وحزب الله في لبنان وحماس فى غزة.
ويرى كيسنجر أنه فى عصر الإرهاب الانتحارى وانتشار أسلحة الدمار الشامل، يجب النظر إلى النزاع الطائفى الإقليمى على أنه تهديد للاستقرار العالمى، وأن عدم تحقيق ذلك الاستقرار يهدد مناطق شاسعة بالفوضى وبانتشار التطرف إلى مناطق أخرى كالنار فى الهشيم.