بإرادته وعلو همته، استطاع أن يحقق العديد من الإنجازات ويحظى بالنجاح، ورغم أنه لا يملك إلا ربع جسد استطاع “غانم المفتاح” أو “معجزة الخليج” كما يُلقب أن يتفوق على إعاقته، ويثبت للعديدين أن الإعاقة الحقيقية هي إعاقة الروح واستكانتها لظلمة العجز واستسلامها لشبح المستحيل.
غانم الرابح دوماً
“اسمي غانم، طفل قطري.. ولدت بدوحة الخير عاصمة قطر في الخامس من مايو 2002، تنسمت ربيع بلادي في لغتي.. يعني اسمي.. الرابح دوماً، فلاسمي معنى ومغزى.
“
كانت هذه بداية إصدار “غانم الرابح دوماً”، والتي جاءت من إيمان عائلة الطفل القطري بضرورة عرض تجارب ذوي الإعاقة ومحاولة القضاء بشكل أو بآخر على ظاهرة الخجل الاجتماعي منهم ومحاولة دمجهم في المجتمع.
وبالفعل استطاع غانم بابتسامة لا تفارق محياه، وبثقته القوية بنفسه أن يثبت أن له هو الآخر حق في هذه الحياة، ذلك رغم العديد من الصعوبات التي واجهته وعائلته في سبيل دمجه وتقبله في المجتمع من حوله.
الأم التي هزمت إعاقة ابنها
لست أدري من الرابح، أنا أم أنت؟ ولكني أجزم بأني رابحة كوني أمك وفخورة بأنك ابني.
إيمان العبيدلي
لعبت أسرة الطفل دور كبير في زرع الثقة والإرادة في نفسه، وفي حوار مع جريدة الأنباء تقول السيدة “إيمان العبيدلي” والدة غانم:
” عندما حملت بطفليّ أحمد وغانم وهما توءمان أبلغني الطبيب المشرف على حالتي آنذاك أنني حامل بتوءمين، أحدهما طفل طبيعي والآخر يعاني من تشوه كبير وضمور في عموده الفقري ويفتقر لوجود حوض كما أنه مصاب بمتلازمة التراجع الذيلي. وفي هذه الأثناء كنت أمام خيارين لا ثالث لهما، إما أن أحتفظ بهذا الجنين الذي تشير التقارير إلى أنه لن يبقى على قيد الحياة، وإن بقي فستكون حياته قاسية للغاية، وكان الخيار الثاني الإجهاض وهو الأمر الذي حاول الكثير من حولي إقناعي به وكنت أرفض وبشدة، فقررت وأنا أعرف صعوبة قراري أن أحتفظ بهذا الجنين، لأن قلب الأم مختلف عن جميع القلوب، فلا يمكن للأم أن تتخلى عن طفلها بل الأم تناضل من أجله.”
وتضيف إلى أن وجود غانم في حياتها غيرها تماماً، فتحولت من امرأة عادية إلى امرأة مخترعة ومبتكرة ومثقفة.
كانت بداية الصعوبات التي واجهتها العائلة، هي تلك العمليات الجراحية الدقيقة، وقرار الأطباء ببتر أرجل الطفل، الأمر الذي تركته الأم للصغير حتى يكبر، فكان قراره بأن خضع فعلاً لهذه العملية.
حتى عندما وصل غانم لسن يسمح له بدخول المدرسة، لم تجد العائلة أي مدرسة تقبل بالطفل لتخوفهم من تحمل نفقات تجهيز المدرسة بما يتناسب وحالته، فما كان من العائلة إلا أن تكفلت بتجهيز إحدى المدارس – على نفقتهم الخاصة – بكل الوسائل التي تمكن ابنهم من التعلم والانضمام إلى المدرسة.
مرض نادر الحدوث
ويعرف هذا النوع من الإعاقة بـ “متلازمة التراجع الذيلي”
Caudal regression syndrome، وهو عيب خلقي نادر الحدوث يغيب فيه كل من العجز والعصعص وتتشوه الفقرات القطنية، ويحدث هذا المرض بمعدل حوالي واحد لكل 25،000 ولادة حية.
ويعتقد أن من أسبابه هو إصابة الأم بمرض السكري، وتشير بعض الدراسات إلى أن السبب هو طفرة في جين HB9.
مؤسسة غانم وإنجازات أخرى
مؤسسة غانم المفتاح للكراسي المتحركة، هي مؤسسة أنشأتها الأسرة داخل المنزل، ولا تملك أي صفة رسمية، هدفها توزيع الكراسي المتحركة على المحتاجين، وكذلك طباعة كتيبات وبروشورات وقصص قصيرة تتحدث عن تحدي غانم لأزمته.
اختارته مؤسسة
“ أيادي الخير نحو آسيا” “روتا” ليكون ثالث وأصغر سفرائها للنوايا الحسنة، وخلال إعلانه سفيراً للمؤسسة قال السيد عيسى المناعي – المدير التنفيذي للمؤسسة – إن الفتى غانم المفتاح استطاع أن يتغلب على إعاقته الجسدية، وأن يواصل حياته متحدياً هذه الإعاقة؛ ليصنع نجاحاً لنفسه من خلال أفكاره الإبداعية ومبادراته التي ألهمت الكثيرين.
بعد عرض إحدى الإعلانات التلفزيونية الملهمة له، اختاره مركز قطر للمال كسفير لحملاته الدعائية ومبادرته التي تهدف لدمج ذوي الإعاقة في الحياة العملية وتنمية مهاراتهم.
غانم المفتاح يلعب مع الأطفال اللاجئين الفلسطينيين في لبنان
قام بزيارة لمخيم
“نهر البارد“ للاجئين الفلسطينيين بلبنان، لافتتاح أحد المراكز الرياضية هناك، ضمن مبادرة “تطوير التعليم غير التقليدي لأطفال اللاجئين الفلسطينيين في شمال لبنان”. كما أطلق مبادرة لإغاثة اللاجئين السوريين في الأردن تحت مظلة الهلال الأحمر القطري. وبعد تصويره للفيلم الوثائقي “رحلة الأعماق” والذي يعرض فيه تجربته في رياضة الغوص، اختاره بنك بروة ليكون سفيراً لهم لما يمثله من سمات إنسانية يحتذى بها.
غانم التحدي والفوز
لا شيء اسمه مستحيل.. بقوة الإرادة والتحدي أحقق جميع أهدافي.
غانم المفتاح
ظهر غانم في عدة برامج تلفزيونية وتم تكريمه في مؤتمرات عديدة، وعن طموحه يقول: “أرغب بأن أكون عالم بحار لأنني أحب البحر، وحالياً أتدرب على الغوص، وأطمح كذلك أن أكون وزير خارجية لأنني أحب السفر والدبلوماسية، وأن أكون إنساناً إيجابياً وأحمل رسالة وحباً وسلاماً لأطوف بهم العالم، حتى وإن كنت صغيراً فأعتقد أنني أستطيع أن أقدم شيئاً للمجتمع”.
يوميات غانم على انستغرام
صور ومقاطع فيديو مليئة بالإيجابية والتفاؤل ليومياته وإنجازاته، ينشرها غانم بين الحين والآخر على حسابه الشخصي على انستغرام والذي يضم ما يقارب المليون متابع، هؤلاء الذين يبدون سعادتهم بوجود طفل ملهم كغانم.
ذلك الكم الكبير من الفصاحة وبشاشة الوجه، ناهيك عن الهمة العالية والثقة القوية بالنفس، جعلت من “غانم المفتاح” طفلاً استثنائياً فعلاً، وجعلت من أي فكرة سلبية أو شعور بالتقاعس يجول في خاطرنا هو أمر مخجل للغاية.
المصدر
آراجيك