على صعيد دراسة السلوك الإنساني، إنّ التعلّق هو نوع من الارتباط العاطفي إذ يشعر الفرد أثناء وجود الشريك بإحساس خاصّ بالأمان و"القاعدة الآمنة". وينبع هذا الشعور بالأمان من التعلقّ الأول الذي ينشأ بين الوالدين والطفل والذي يُعتبر العنصر الأكثر تأثيرًا في تكوين شخصية الطفل. وتمّ تصنيف اختلافات هذا التعلّق الأول على صعيد عالمي باستخدام نظام التصنيف الذي أوجدته ماري اينسورث في العام 1978، وقد فرّقت بين التعلّق الآمن وغير الآمن أو القلق الذي يرافق الفرد خلال حياته ولغاية مرحلة بلوغه.
• التعلّق الآمن: وهو عندما ينفصل الطفل عن أمّه بسهولة وينشغل باستكشاف المحيط من حوله. وعندما يشعر الطفل بالتهديد أو الخوف يسعى بنشاط الى التواصل مع مقدّم الرعاية ويميل الى الهدوء بسهولة. ولا يتجنّب الطفل أو يقاوم أي تواصل عندما تكون أمّه هي المبادرة. وما أن يلتقي مجدّدًا أمّه بعد غيابها، يرحبّ بها بإيجابية أو يهدأ بسرعة إن كان غاضبًا. وهو يفضّل بشكل واضح أمه على أي شخص غريب.
• التعلّق غير الآمن (أو التعلّق التجنّبي): عندما يتجنّب الطفل النظر الى أمّه عند عودتها. فهو لا يقاوم جهود أمه للتقرّب منه ولكن لا يسعى الى التواصل معها. ولا يفضّل أمّه على الغرباء.
• التعلّق غير الآمن (المقاوم أو المتناقض): يُظهر الطفل القليل من الرغبة في الاستكشاف ويكون حذرًا من الغرباء. ينزعج كثيرًا عندما تغادر أمّه ويبقى كذلك حتى بعد عودتها ولا يستجيب لجهدوها في تهدئته. ويسعى الطفل على حدّ سواء الى التواصل مع أمّه كما يتجنّب التواصل معها في أوقات مختلفة. وقد يغضب من أمّه عندما يحصل التواصل ويقاوم مواساة الغرباء له أو التواصل معهم.
• التعلّق غير الآمن (غير المنظّم/المشوش): هو عبارة عن التشوش أو الارتباك أو الخوف. قد تظهر على الطفل أنماط السلوك المتناقض في آن واحد إ إذ يحاول الاقتراب من أمه ولكنه يتجنّب النظر إليها.
يمكن لهذه السلوكيات المختلفة أن تعطيك فكرة حول طبيعة تعلّق طفلك بك وإن كان يحتاج الى مزيد من الجهد من أجل تحسين هذا الرابط بينكما. كما يجب أن تحرصي على بناء تعلّق آمن معه كي ينعكس هذا التعلّق السليم على علاقاته المستقبلية وإلاّ سينتهي به الأمر في بناء علاقات فاشلة وغير مستقرة أثناء مرحلة البلوغ.